لنتبع المسيح إلي البرية و نتمتع بشركة إنتصار المسيح هناك .لأن إنتصاره في البرية متحد بإنتصاره علي الجلجثة.
في البرية كان المسيح يصلب روحياً و كانت الوحوش هناك عوض اليهود الهاتفين أصلبه. في البرية كان عطشاناً و جوعاناً كما كان عند الجلجثة. في البرية كان السؤال لو كنت إبن الله كما كان نفس السؤال علي الصليب بنفس الألفاظ لو كنت إبن الله خلص نفسك و إيانا.في البرية كانت الملائكة ترقب الأحداث دون تدخل تماماً كما فعلت عند الجلجثة. تعالوا في مسيرة الصليب نتتبع خطواته, هذا الذى تجسد -غالباً و لكي يغلب طوال فترة تجسده علي الأرض إنما كان إنتصاره علي الصليب هو المعركة القاضية التي جردت إبليس من كل قوته و اسلحته و سلطته. عند الصليب إشهار إنتصار المسيح لكي لا يدعي إبليس الكذاب أنه رئيس أو ذو سلطة فيما بعد .خرج غالباً من البرية و من الجلجثة.
لا نعجب من إمتلاء المسيح بالروح الذى به ندرك أن الغلبة علي إبليس لابد أن يسبقها الإمتلاء بالروح القدس.
الممتلئ بالروح
خرج يسوع من السماء ممتلئاً بروحه القدوس متحداً به ليأتي أرضنا.خرج بإرادته..و أيضاً خرج من الأردن ممتلئاً من الروح القدس متحداً به كما هو لم يتغير.لم تكن المعمودية إضافة للمسيح بل إعلان عن حقيقة الإبن و حقيقة الثالوث. هكذا كانت إنتصارات المسيح المتوالية إعلانات كاشفة لحقيقه الرب يسوع الإبن المتجسد الذي خرج ليغلب.
أتى إلي العالم بالروح القدس الذي حل علي العذراء مريم ثم أتى إلي الأردن بالروح القدس و الآن يأتى إلي البرية ممتلئاً بالروح القدس.يذهب واثقاً من نجاحه فيما أرسل لأجله .فقد إقتحم البرية (مسكن الشيطان) بثقة لكي يكون نصيبنا به في حياة الغلبة..
التجربة القديمة و التجربة الجديدة
1 – ضد الجسد
إن إدراك أسرار التجربة على يالجبل لا يمكن أن تعلن إلا في ضوء أول تجربة لآدم.التي فيها سقط ابوانا بحيلة إبليس.
لقد ذهب إبليس متسللاً إلي الجنة حيث أبوينا الأولين.لم يظهر إبليس بل لبس الحية.لم يذكر الكتاب دخوله الجنة بل ذكر أنه تحايل.و أما المسيح فقد ذهب بإرادته مثل ملك يسترد أرضه المسلوبة.ذهب شجاعاً ظاهراً غير متسلل إلي البرية حيث إبليس ليرد لنا ما سلبه منا.إنه المسيح المهاجم و ليس فقط الذي يدافع عنا.أربعون يوماً عاشها المسيح مع الوحوش و خرج منتصراً .مر1: 13 أربعون يوما يعيد للإنسان سلطته.
لما كان الشعب في القديم يقتات في البرية و يجمع المن من بين الحجارة كانت الحجارة تتراءي من بعيد مثل المن.و ها إبليس يعود يريد أن يخلط الخبز بالحجارة.فلا يعود يميز الإنسان بين الحجارة و بين المن.لكن المسيح وضع تمييزا واضحاً لكي لا يختلط علينا الحجر بالخبز.فإن الخبز حي و من يأكله يحيا به. لأن خبزنا هو المسيح.
حين تقرأ أُصعد يسوع إلي البرية من الروح ( الروح القدس) مت4 : 1 إعلم أنه كان يصعد بنا لأننا سقطنا أسفل حين عصينا.لقد أصعدنا معه لننتصر معه فيرد الإنسان من الهزيمة إلي النصرة
خرج أبوانا من الجنة مطرودين و خرج المسيح من أورشليم كأنه مطرود إلي البرية عوضاً عنا.
في التجربة القديمة بدأ إبليس سؤاله لحواء بالتشكيك فيما قاله الله.و هنا في التجربة الجديدة أراد أن يشكك في بنوية المسيح. إن تجارب إبليس قديمة جديدة لذلك لا نجهل حيله.في التجربة الأولي أعاد المسيح ما خسرناه في السقطة الأولى.لقد إستبدلت حواء الوصية بالأكل تك3: 6 و إستبدل المسيح الأكل بالوصية.و فوق هذا أضاف إعلاناً عن ذاته له المجد حين أجاب أن البنوة ليست بالخبز بل بكلمة الله. ها هو الأقنوم الكلمة يعلن عن نفسه أن البنوة تبدأ منه و تنتهي إليه لكن إبليس لا يدرك لغة المسيح .إبن الله هو أى إنسان يتحد بإبن الله الكلمة الذي خرج من عند الآب.
2 – ضد النفس
بمجرد أن أكلا آدم و حواء تشوهت النظرة (إنفتحت أعينهما) ضاعت البراءة و علما أنهما (عريانان) إنحدرت الأفكار و بدأ أبوانا يفكران في نفسيهما و إحتياجاهما إلي ثوب نظرا إلي اسفل حيث أوراق الشجر المتناثرة أوحت لهما بالفكرة أن يأخذا أوراق التين و يستترا.بدأت الأفكار تأتي من الداخل و ليس من الله.و الأفعال تترجم ما في الداخل.
هذه هي المرة الأولى التي يحتاجا فيه إلي شيء. و بكل ندامة إحتاجا و لم يطلبا من الله.ضاعت النظرة الصحيحة و البراءة وبدأ التفكير في النفس بعيداً عن الله .هذا حصاد الشوك. السقوط الأول المميت.فماذا صنع المسيح .
لقد تنازل المسيح حتي أمام الشيطان.لم يفكر في نفسه و سمح للشيطان أن يأخذه إلي أعلي التل. حسناً فعل لأن الشيطان إرتبك في لاهوت المسيح بسبب التواضع.و ها إبليس يأخذ المسيح إلي المرتفعات.يشير علي الممالك.و عينا المسيح علي مملكته هو.لم يفتح عينيه علي الممالك الشهية للنفس المبهجة للعيون كما فعل أبوانا.. هذه هي الثمرة التي أراد إبليس أن يكرر الخداع بها و لم يفلح.مصلح الطبيعة البشرية أغلق عينيه عن ممالك الأرض.لكي يعيد للإنسان النظرة الأولي قبل أن تنفتح عيناه عند الشجرة القديمة.ها المسيح لم تنفتح عيناه قدام الممالك.ها هو يصنع لنا أعيناً جديدة يسترد ما خسرناه في القديم و بها نعيش العهد الجديد.
لقد فعلها إبليس إنها تجربة اللحظة. في لحظة غفلة أغرى حواء ثم آدم.و ها هو( في لحظة) مجدداً يعرض الممالك و يريها للمسيح.لماذا في لحظة؟ إنها نفس اللحظة القديمة.لأن الشيطان يشك أنه أمام آدم الثانى.لذلك في لحظة من الزمان الشيطان يريد أن يقتنص و يغرينا أن نري الممالك بعيونه.تحت تأثيره. الغفلة عن حيله و لو للحظة كفيل بالسقوط.إبليس لا يطيل العرض لئلا تكتشف الخدعة أوتنتبه و تفكر و تعود إلي نفسك و تلجأ للرب إلهك و تسجد و تعبد فيخلصك.
منذ أيام قلائل كان يوحنا يصرح للجميع أن الذي هو ارضي من الأرض يتكلم.و الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع.و كأنه يفسر لنا لغة الحديث بين ابليس و المسيح له المجد. لغة السماء و الأرض هناك علي الجبل.
و فيما يعرض الشيطان علي المسيح ثوب المُلك و سلطانه الكاذب إذا بالمسيح يفسر لنا نحن أن الوجود في حضرة الله هو الملكوت.للرب إلهك تسجد لأن السجود و العبادة هي وجود في حضرة الله هذا هو ملكوت المسيح.هذه هي المملكة التي لا نتمتع بها للحظة بل إلي الأبد.ملكوت خضوع للآب.إلي هذا الوجود يقتادنا بعد أن كنا مطرودين.المسيح رفض ثوب الملك لكي تملك به القلوب الخاشعة و الأفكارالساجدة و المشاعر العابدة.المسيح يرد مفقوداتنا شيئاً فشيئاً.
سلم الإنتصارات
هذا هو الرب يسوع الجبار. عند السفح يحارب (لأجل الضعفاء) .عند التل يحارب (لأجل الأقوياء) و الآن فوق جناح الهيكل يحارب (لأجل الكاملين).
علي كل المستويات يدخل المسيح المعركة و يحارب لأجلنا.إنه يرتقي بنا.إنه الصعود المتدرج لبشرية كانت في أدني مستويات العلاقة بخالقها.
من أجل الجسد يحارب.من أجل النفس يحارب ثم ها هو يحارب من أجل الروح لكي يخلص الإنسان كله.
قدام الإغراء الصغير (الخبز) ينتصر.ثم الإغراء الأكبر (الممالك) ينتصر ثم لما يعرض إبليس عليه (الجميع) ينتصر.
عند السفح كانت تجربة الجسد (الخبز) و عند التل كانت تجربة النفس(الذات) و عند الهيكل كانت تجربة الروح (الإستغناء عن الله).
كان الإغراء الأول خبزاً و الثاني ممالك الأرض و الثالث يعرض الكل و يريد الكل في المقابل. يعرض الجميع قائلاً (الخبز و الممالك و الهيكل الذي صار خراباً) و يطلب السجود.أن تكون له عبداً و لكن هيهات فالمسيح الغالب في كل هذا إنتصر لنا.و صار لنا خبزاً و ملكوتاً و صرنا لروحه هيكلاً.
3-ضد الروح
لقد ظل المسيح متنازلاً قدام إبليس ليعلمنا أن الإتضاع أفضل وسيلة لكي تقهر حتي إضطر إبليس أن يخرج من جحره و يحارب علي أرض خصمه.هذه مؤشرات النجاح.لقد إستدرجه المسيح إلي أرض لا يجد له فيها راحة إلي أورشليم .ها إبليس يخرج من البرية إلي أورشليم.عندالهيكل المحبوب لكل يهودى هناك تبدأ الرسالة. فليكن إغراء للروح.لكن الرب يسوع المحارب الواعى يرفض إبليس كله. على جناح الهيكل علي أعلي القمة يقف و يستطيع أن يقف بنا جميعاً فوق قمة العالم ما دمنا فيه متحدون.
إبليس الخائب يغري المسيح بالإبهار الروحي و المناظر العجيبة لكي يلقى بنفسه من فوق الهيكل فيرفض فالمسيح لم يأت لكي ننبهر برؤية منظرا روحياً يظهر قليلاً ثم يختفي لكنه من أجل أن نعيش الأمجاد السماوية إلي الأبد قد جاء . أليس هذا الذي سقط فيه أبوانا.أنهما أرادا أن يصيرا مثل الله. ها المسيح يعيد لنا الفرصة لكي نصير مثل الله.في المسيح نصير مثل الله .نبقي في حالة المجد علي الدوام.أما إغراء إبليس فهو خداع للبصر,كل أمجاده لحظة زائفة..يغريه أن تحمله الملائكة( ملائكة الشيطان) بينما المسيح قد جاء ليحمل الصليب و يحمله الصليب. هذا مصدر فزع إبليس. صليب المسيح..ها هي قد جائت الملائكة السمائية الصادقة لتخدم الإله المتضع الذى رفض أن تحمله ملائكة الشيطان الكاذبة.
المسيح تمم رسالة الخلاص دون أن يسلك الطريق السهل . الذي رفض أن يلقي بنفسه من فوق جناح الهيكل ألقي بنفسه بين يدي الأثمة و القتلة (هؤلاء هم ملائكة إبليس الذين حملوه) وصلبوه و قتلوه ثم قام.للمسيح خطته للخلاص.الصليب طريقه.لكي كل من يريد المسيح يقبله بصليبه,بخطة خلاصه.فبهذه الطريقة إنتصر.و دحر إبليس.و بهذه الطريقة نربح و نغلب معه.