سلاما حفيدة علوش

baghdadmerسلاما حفيدة علوش

صباح هذا اليوم استلمت منصبك الجديد ،امين عام العاصمة، وامس صرحت الى احدى القنوات الفضائية بانك ستجعلين بغداد نظيفة.

لا تتسرعي خوية ذكرى،سيمر عليك ردحا من السنين حتى ترين بغداد نظيفة فقد ورثت عهدا قمته صخرة عبعوب واسفله جلاوزته في ممرات الامانة.

لايريد اولاد الملحة منك الا خطوات في غاية البساطة:

1-لاتظهري كثيرا في القنوات الفضائية ودعي منجزاتك هي التي تحكي عنك.

2-ستواجهين اطنانا من النفايات بدءا من ثمثال شاعرنا المسكين معروف الرصافي وانتهاءا بشوارع السيدية وبغداد الجديدة ويرجوك هؤلاء الاولاد الا تظني ان اهلي في بغداد وسخين ويحبون القاذورات بل انهم لايحترمون القانون الذي لاينصفهم ولهذا تريهم لايأبهون بل ولايبالون في رمي زبالتهم في اي مكان ، انه داء العناد المعروف لدى الشعوب المقهورة ان بغداد لاتعنيهم اذا اصبحت مكانا للنفايات او لاطنان القمامة البلاستيكية فالذي يركض وراء لقمة العيش لايعجبه ترف النظافة.

النظافة تأتي للانسان الذي يعود من عمله وهو راض عن اداءه ليقص على اولاده حكايات اللصوص الذين سرقوا بغداد ذات يوم وهربوا الى غير رجعة،هذا الانسان الذي يكره المرتشي والحرامي والجندي الفضائي سيجد ان عليه ان يحترم القانون لا ان يخافه وبينهما بون كبير.

لعلك زرت ذات يوم بلدا من بلاد الكفار واكتشفتي ان الناس هناك لايخافون القانون بل يحترموه،الواحد منهم لايجرؤ على رمي منديل ورق في الشارع العام لأنه يخاف نظرات الناس حوله التي تؤنبه.

3-رغم اننا لم نلمس منك مايبعث على الفخر فاستلامك لهذه الوظيفة لم يتعد اليوم او اليومين ولكننا لانريدك ان تتجولي بدون حماية في شوارع بغداد فاولاد الشيطان كثيرون هذه الايام، ومن يدري ربما تأتيك طلقة كاتم صوت من مجهول لأنك تريدين بغداد ان تكون نظيفة.

4-تعاقدي مع الشركات النظيفة فهي موجودة بكثرة ليساعدوك في نظافة بغداد،واوعزي لشعبة الخدمات لتوزع اكياس البلاستيك على كل اهالي بغداد وضعي في كل شارع وحارة و(دربونة) براميل ملونة وكل لون له زبالته،ستجدين الامر في غاية الصعوبة بادىء ذي بدء اذ سيسرقون البراميل ويحتفظوا باكياس البلاستيك ليضعوا فيها ملابسهم الفصلية ولكن اصرارك على الاستمرار سيجعلهم ينصاعون اليك ويبدأوا معك في جعل بغداد نظيفة وسترين بعد لأي من الزمن انهم يحيوك ويدعون اليك بالرفاه والبنين وستريهم كذلك ينظرون شذرا الى كل من يرمي نفاياته في الشارع العام.

5-ناسنا طيبون ياذكرى ولايريدون اكثر من العيش بامان وسلام بعيدا عن الامراض التي تحملها النفايات وهي كثيرة.

5-غربلي كادرك الوظيفي واستغني عن مدراء عامين هم اقرب الى الفضائيين من ناس بغداد وزيدي من عدد المنظفين وامنحيهم الراتب المغري الذي يفوق مايتقاضاه رئيس الشعبة او سكرتير المدير العام,

6-قدرك ان تكوني اما صارمة وتحققي طموح الناس او ان يتناولك تيار اولاد الحرام ويجبروك على رفع شعار(مايصير لهم جارة عيني،شعب جاهل).

7-اسمعي صوت ضميرك فبغداد الان امانة في رقبتك وعساك ان تكوني قدر هذه الامانة.

8-ليس لاولاد الملحة جواسيس ولكنهم سيراقبون خطواتك واياك ان تتهاوني،فالواحد منهم سليط اللسان وكان له بعض الفضل في طرد عبعوب الذي يعاني الان من انهيار عصبي.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.