محمد آل الشيخ
أنا -وأقولها بكل فخر واعتزاز- من أوائل الكتّاب الذين واجهوا بالقلم جماعة الإخوان المسلمين، وجماعة السروريين المتفرعة عنها، وهما أهم فرعين من أفرع جماعات التأسلم السياسي في المملكة, وقد دخلتُ معهم في خصومة شرسة طوال الخمس عشرة سنة الماضية، استخدموا فيها معي بخسة كل أساليبهم في تكفير المخالف، ورجمي بالزندقة، واتهموني بأنني ضد الدين؛ ومع ذلك تحملت، وقاومت، ولم أتزحزح عن مواقفي وقناعاتي قيد أنملة؛ فقد كنت مدركاً منذ البداية أنّ هؤلاء المسيسين (نصابون)، وأنهم سينفضحون حتماً، وتنكشف مراميهم المسيّسة ووسائلهم الوصولية.
والمنتمون لهذه الجماعة الإرهابية على قسمين: قسم يسعى لامتلاك المال والثروة والتذرع بجمع الصداقات وإغاثة المحتاجين، وبسبب غباء وسذاجة بعض أتباعهم ومريديهم أثروا ثراء فاحشاً، بأقل جهد وبكثير من النصب، والاحتيال والتلون، وإيهام الناس بأنهم عبادٌ صالحون، يراعون الله في القول والعمل.
القسم الآخر من هذه الجماعة، مسيّسون انتهازيون ميكافيليون حتى النخاع، يسعون إلى إقامة (دولة الخلافة)، بطريقة منهجية، طويلة المدى؛ ولتحقيقها سيطروا – أولاً – من ستينيات القرن الميلادي الماضي على التعليم العام – (ما قبل الجامعي) – وأيضاً على التعليم الأكاديمي في جامعاتنا؛ ومن خلال مُخرجات التعليم البشرية، استطاع بعضهم – ولا أقول جميعهم – على النفاذ إلى مفاصل الدولة، وسيطروا عليها بيروقراطياً شيئاً فشيئاً، وبطريقة سلسة، يغلب عليها التلون والنفاق، بحيث لا تستفز السلطات العليا. وقد تمكنوا – للأسف – بقدر كبير من النجاح في الوصول لأهدافهم. كما عملوا في الوقت نفسه للسيطرة على منابر الجُمع، وتحولت أغلب منابر المساجد في أغلب مناطق المملكة إلى منصات محض سياسية، تسمع فيها كثيراً من المماحكات السياسية، وقليلاً من الوعظ والحث على الخلق السوي؛ فصار المسجد أقرب إلى وكر للسياسة، والنقد، وتشجيع تمويل النشاطات الاجتماعية والإغاثية التي تصب في مصالحهم، وكذلك تحريض على الدولة وولاة الأمر، والحكومة، والنَّيل المتعمّد من هيبتها من خلال نقد بعض الممارسات الاجتماعية التي لا تتفق مع مراميهم السياسية البعيدة، إضافة إلى أنّ بعض المساجد كانوا يحرضون فيها علناً الشباب على الجهاد – (العنف والقتال) – ودفع المتحمسين منهم إلى شد الرحال لمَواطن الثورات والإرهاب والحروب والنزاعات بكل أنواعها، ليكونوا حطباً لحرائقها.
وكنت منذ أن بدأت بالكتابة، على يقين أنّ أغلبهم، وبالذات كبراؤهم، ليسوا طلاب علم وفقهاء دين، وإنما هم كوادر في حركات سياسية ثورجية، يتظاهرون في أقوالهم ومظاهرهم بطلاب العلم وبعضهم طلاب مال وثروة وجاه. لذلك كنت على يقين بانكشافهم لفساد نواياهم وخبث أهدافهم، فهم منافقون، كذابون، انتهازيون؛ وليس ثمة فرق بين حركة وأخرى، فحركات التأسلم السياسي كلها ملة واحدة.
فجماعة الإخوان – وهي الجماعة الأم – تنظيم سياسي محض، وهم يعترفون بذلك، ولا يخفونه، أما الذي يخفونه، وينكرونه، فهو ارتباطهم بالذراع العسكري للإرهاب، والذي تمثله القاعدة وداعش . ودعك من تبرؤهم من هاتين الحركتين العنيفتين، فهذه البراءة ليست إلاّ من متطلبات التكتيك التي تقتضيها الظروف الراهنة، أما في الحقيقة فهم منظومة متكاملة، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، وهدفهم واحد يتفقون عليه، وإن تظاهروا بأنهم جماعات شتى.
الخلية الجاسوسية التي تم القبض مؤخراً على أعضائها، أغلبيتهم إما إخونج أو سروريون، وكما تسرب إلى مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ لدى الجهات الأمنية أدلة جنائية لا يرقى إليها الشك، وتتجه بالتهمة إلى مستوى (الخيانة الوطنية العظمى)، الأمر الذي سيكشفهم قطعاً للمجتمع، ويحد من احترامهم وكذلك انتشارهم، مما سيحاصر قدرة أساطينهم على النفاذ إلى التشكلات المجتمعية.
* نقلا عن “الجزيرة”
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :