سبت لعازر الصاعد من الجحيم

إنها معجزة تصور علناً ما سيحدث في الخفاء وقت الفداء.كان لابد من إثباتها لنعرف أن مسيحنا بيده مفاتيح الموت و الحياة.لهذا أطال يوحنا الحبيب في شرح توقيت و مكان و شخصيات المعجزة و وضع لها شهود و براهين لأن التيقن منها يقود إلى قيامة مخلصنا دائساً الموت .بدأت المعجزة في خمسة آيات متواصلة يذكر الوحى الإلهى تفاصيل و اسماء هم شهود حاضرون يؤكدون أن المسيح إله الحياة و قاهر الموت و ماسك في يده مفاتيح الهاوية.كانت أسرة لعازر محبوبة مثالاً لمحبة الله للعالم لأن القيامة لا تتم بغير المحبة.كان يسوع يحب مرثا(الأمة اليهودية الخادمة) و أختها (الأمم التي بلا إسم هنا) و لعازر الذى هو جنس البشر .
كان إنسانا مريضاً هو كل إنسان ليس لعازر وحده . الخطية مرض معدى أفسد الجميع أفسد الطبيعة .لذلك لم يكن صدفة أن يقول التوأم (توما) لنذهب نحن أيضاً لنموت معه.لأننا بالحقيقة متنا كلنا حين مات آدم.كنا توأماً في الموت لم ينج من الخطية و لا واحد. آدم لم يمت جسدياً فور سقوطه.هكذا مرض لعازر و لم يمت في التو.تركه المسيح قليلاً لكي يظهر جبروته على الموت.أرسلت الأختان الأمة اليهودية و الأمم يقولان حبيبك الإنسان مريض لكن المسيح تركه مريضاً يومين ثم ميتاً أربعة ايام ثم أتي لأن البشرية قد ماتت.و مات عنها المسيح في الساعة السادسة في اليوم السادس و خلصنا بموته.
لنذهب إلى اليهودية
مراراً كثيرة كان يكرر أن ساعته لم تأت بعد لذلك كان لا يسمح بالإمساك به يو 2: 4 و يو7: 30 ,يو 8 : 20 ,الآن قرر مخلصنا الصالح أن يظهر نفسه علانية.الآن يصرح أنه سيذهب لمن يريدون قتله. الآن أتت ساعة إبن الإنسان يو 13: 1.في اليهودية يتربص كل القتلة.لكن ما دام طريق الخلاص يمر من هناك فإلي هناك يذهب الفادى لأنه يشتهي خلاصنا.
الذهاب إلى اليهودية يعني قبول الصليب و الموت بإرادته وحده و تحقق الفداء.لذلك متى أمكنك الذهاب إلى اليهودية لا تتردد فهناك الصيد الثمين وهناك الإنتصار .وإن كان في اليهودية موت لعازر ففى اليهودية أيضاً سحق الموت فلا تخش الكرازة فى اليهودية.
مرثا رمزاً (اليهود)
الأحداث رمزية.العبارات رمزية.خلف كل كلمة قصة.حتى الأرقام رمزية.فوراء لعازر كانت تكمن قصص الموت لكل البشر.و كلمات السيد الرب لكل الأطراف تحمل لنا كنز بشارة العهد الجديد كله.القراءة الرمزية لا تعني أن نتناسى أن مرثا و مريم و لعازر اسرة من القديسين أحبهم المخلص و سكن بيتهم مراراً . إذا قرأت أوصافاً لا تليق لحلاوة مرثا و مريم و لعازر فليس هذا إقلالاً لهؤلاء القديسين لكنها رمزية تعبر عن حال البشر و موتهم .لذلك نأخذ من الرمزية ما يفيدنا و نأخذ من الواقعية ما نؤمن به أيضاً.
مرثا أى (ربة) وصفت بأنها تهتم بأمور كثيرة هكذا وصفت الأمة اليهودية أيضاً .مرثا آمنت بالمسيح كإنسان مبارك فأكرمته بوليمة من أطعمة الناس.هذا كان إيمان اليهود في المسيح و ما زال حتي اليوم ظانين أنه النبى الإنسان .مرثا قابلت المسيح في الطريق بين البيت و بين القبر.هكذا الأمة اليهودية خرجت من الهيكل و إعترضت طريق المسيح كان خلافها معه بين البيت هل البيت هيكل سليمان أم هيكل المسيح؟ و بين قبر الموت إذ إختلف اليهود على موته و كذبوا قبره .لكن المسيح لم يدع مرثا ميتة في إيمانها إذ أقام إيمانها حتي شهدت أنه المسيح إبن الله الآتى إلى العالم.كذلك شهدت اليهود لاحقاً عند الصليب بعد موته قائلين حقاً كان هذا إبن الله.المعجزة لم تهدف إلى إقامة لعازر فحسب بل إقامة إيمان ميت أو قاصر عن معرفة حقيقة شخص مسيحنا المتجسد.جاء المسيح ليقيم اليهود من موت إيمانهم.ذهبت مرثا من نفسها لأنها كاليهود مدعوة شعب الله أما مريم فإنتظرت أن يدعوها المعلم لتذهب لأنها رمز للأمم فدعاها و ذهبت. لم يقل الكتاب أن مرثا بكت و هى تخاطب المعلم و هي رمز في ذلك لقساوة اليهود حتي عند الموت.
مريم رمزاً (الأمم)
كانت الأمم في حالة نهم روحى. جوع ليس له نظير إلى إله,إلى حضن يحتوى أوجاعها.كانت الأمم تعيش العصيان و كان إسم مريم يعني (عصيان) أيضاً.فجلس العصيان تحت قدمي المسيح و تحول إلى حمل وديع.أطاعت الأمم ما لم تستطع اليهود أن تفعله.ربحت الأمم النصيب الأوفر إذ لم تنشغل بأحد آخر بعد المسيح.و كما أحب الرب مرثا أحب مريم .و كما أحب الأختين أحب لعازر فهو رجل بشارة.بقيت مريم جالسة في بيتها لم تنهض لتقابل المسيح كما فعلت مرثا لأنه لم يكن للأمم بيت حتي جاء المسيح و صنع الإنسان هيكلاً.لم يذكر الكتاب إسم مريم حين ذكر البيت بل قال مرثا و أختها و لعازر لأن الأمم (أخت اليهود) ليس لهم سبط و لا إسم كما قيل عنهم خراف مشتتة لا راع لها.إذ كان هذا حال الجميع.إنتظرت مريم في البيت حتي أخبرت اليهود الأمم أن المسيح يدعوكم إليه.هكذا أخبرت مرثا أختها أن المعلم يدعوها.و كما بدأت كرازة الأمم سراً ثم صارت علناً هكذا دعت مرثا أختها سراً حتي قابلته علناً.لم يناقش المسيح مريم في شيء.حين جائت خرت عند قدميه باكية تمثلنا نحن الأمم إذ لم يكن لنا إيمان نناقشه مع المعلم بل كان لنا موت نرتجى الخلاص منه.لو كنت ههنا لم يمت أخى. لو كنت ههنا لم يمت كل الناس.كانت كلمات الأمم دموع.و دموع الأمم صلوات.كنا نقلد عبارات الصلاة التي قالتها مرثا اليهودية.قالتها مرثا بنبرة معتادة و قالتها مريم بدموع منسكبة. بدموع المحرومين من حضن المحبة .دموع الأمم أبكت المسيح فبكي لبكائنا.ها نحن شيئاُ فشيئاً نكتشف قيمتنا في قلب المخلص.
عند القبر بعد ستة ايام
جاء خبر مرض لعازر للمسيح و بقي يومين لم يترك أورشليم.ثم صرح لتلاميذه بعد يومين أن لعازر قد مات.و لما وصل إلى القبر كان له أربعة ايام ميتاً في القبر فيكون المسيح قد إنتظر ستة ايام منذ مرض لعازر حتى موته منهم أربعة ايام في القبر حيث وصل في اليوم السادس الذى كان لخلقة الإنسان و أيضاً كان اليوم السادس لخلاص الإنسان بموت المسيح.لذلك لما إعترض التلاميذ على الذهاب لليهودية خوفاً على المسيح من الرجم أجابهم بكلام يبدو بعيداً عن تعليقهم لكنه في صميم الخلاص إذ اجاب يسوع:«اليست ساعات النهار اثنتي عشرة؟ (عاش آدم نصفها في الجنة و لم يكملها لأنه سقط و عاش له المسيح نصفها الآخر متجسداً).ان كان احد يمشي في النهار لا يعثر لانه ينظر نور هذا العالم،(المسيح جاء و صار لنا النهار الذى فقدناه بالموت و الطريق لنمشى فيه ) 10 ولكن ان كان احد يمشي في الليل يعثر، لان النور ليس فيه». 11( المسيح يتكلم عن الجحيم) ثم قال لهم:«لعازر حبيبنا قد نام. لكني اذهب لاوقظه».لعازر حبيبنا هى نفسها (هكذا أحب الله العالم حتي بذل إبنه الوحيد) أما قوله أنا أوقظه فهي إعلان عن قدرة المسيح كإله من ذاته و أن مهمته محددة و خطة خلاصه معلنة و قوة قيامته ساكنة فيه و الموت قدامه كالنوم. أما كلمة لأذهب فلا تفهمها أنه سيذهب إلى قبر لعازر لأن لعازر لم يكن في القبر بل في الجحيم.إن المسيح ذهب أبعد من ذلك جداَ حتي إلى الجحيم ليوقظ لعازر و كل الراقدين على رجاء القيامة.كان ذهاب المسيح بعيداً بعيداً عن كل تصور.هنا تصريح المسيح عما سيحدث بعد صلبه و موته فهو يقول إن كان لعازر إبن اليوم السادس قد مات فالمسيح مخلص جنس اليوم السادس سيوقظه.إنها معجزة تزيل الحجاب عن الأعين فنرى كما بالنهار ما سيحدث في ليل الجحيم بشروق المسيح له المجد هناك.الآن نعرف لماذا أنتظر ملء الزمان.قيامة المسيح يسوع هى المدخل الحقيقي للنور.
لعازر الكارز
بشارات كثيرة سبقت فأخبرتنا عن تجسد الإبن بإرساله جبرائيل الملاك .و أرسل ملائكته تبشر الرعاة بمولده و بشر المجوس بالنجم السماوي .بشر المعمدان بالذى يجد الروح نازلا و مستقرا عليه.بشر عنه النبى إشعياء 54 أنه سيصلب قارئاً لنا بعيني النبوة كل تفاصيل الصلب. أما داود الملك فقد بشر بعدم بقاءه طويلا في الجحيم و أن القدوس لن ير فساداً.و سيأت إيليا و أخنوخ يبشران بمجيئه الثاني.أما لعازر فكان كارزاً منفرداً في كرازته. كانت كرازة في الجحيم فيها أخبر الأرواح البارة من آدم إلى آخر من نزل منهم إلي هناك أن الفادى قد قارب على إتمام الفداء. كان المسيح يبيت كثيراً في بيت لعازر المحبوب و ما يدرك أحد أي حديث كان يدور بين المسيح و لعازر حين بات عنده كثيراً.هل كلفه بهذه المهمة؟ هل أخبره أنه سيرسله إلى الجحيم و من الجحيم سيصعده مجدداً ؟ هل وضع في فمه ما هي لغة البشارة في الجحيم؟هل علمه كيف يكرز الأرواح لا الأجساد؟ هل أخبره اين مكان الراقدين على رجاء؟ هل أخبره أن كرازته هناك تستلزم موته ثم طمأنه على قيامته و أن موته لن يشبه موت الهالكين.و شرح له كيف سيكون موته لمجد الرب بالكرازة في الجحيم . و أن قيامته ذاتها على الأرض ستكون كرازة صامتة أخرى للأرضيين؟ كلنا علمنا أن موت لعازركان لمجد الرب أما لعازر فعاش المجد بنفسه و شهد لمجد الرب في الجحيم..و كرز المسيح أيضاً بإخراج روح لعازر من اسافل الأرض. صرخ المسيح بصوت عظيم كان يأمر متاريس الجحيم أن تنفتح قدام روح لعازر حينئذ سمع كل الراقدين على رجاء القيامة نفس الصوت و عرفوا أن نجاتهم قريبة و أن صعودهم من هناك اوشك على التحقيق.فكانت كرازة لعازر مؤيدة بقيامته من هناك.لهذا لم نسمع لعازر يتكلم بعد قيامته كثيراً.فأربعة ايام من الكرازة للأرواح تكفي لإبقاءه صامتاً عن لغة الأجساد طويلاً طويلاً.
لم يكن صراخ المسيح العظيم لكي ينهض لعازر في القبر فهذه اسهل المهام لكنها أمرإلهى وصل إلى أعماق الأرض السفلي .لقد كان المسيح الإله يخاطب عالماً آخر.يثبت إتساع سلطانه من السماء إلى الجحيم مروراً بالأرض.كان و هو يصرخ بصوت عظيم يصنع مشهداً سنراه مكرراً فوق الصليب بعد أسبوع فنتذكر قدراته و لا نشك في سلطانه على الموت.كان يخاطب الأرواح الساكنة منذ دهور كأنها حاضرة لم تمت هكذا هو يمهد لهم كرازته التى ستتم بعد الصليب بروحه 1بط 3. بصوته العظيم كان يخلص روح لعازر من الأسر لكي لا تفتك به أباطرة الموت الجنود الأشرار.كان صوت المسيح الصارخ دليل قوته على الجحيم.برهان سلطانه على العالمين بأسرها.كانت كرازة للأرض و الجحيم قدام السماء.لهذا كان لعازر حبيبه لأنه كارز مبارك هذا الصاعد من الجحيم.
واهب القيامة
يا من وهبت لعازر لغة الأرواح لا يصعب عليك أن تهبنا قوة القيامة فهى اللغة الجديدة التي لم تعرفها الأرواح قبل موتك الخلاصى.أصرخ بصوت عظيم و زلزل ضمائرنا فتذوب المتاريس الصدئة التى تقفل قلوبنا و ينفتح القلب قدامك فتدخل و تشرق بنورك و تصعد بنا من تحت التحت إلى فوق الفوق.وقفت إرادتنا عاجزة أمام الخطية التي تراكمت حتى صارت حجراً عظيماً.لكننا لن نسأل من يدحرج لنا الحجر إذ نؤمن بك يا ربنا يسوع أنك أنت القيامة و الحياة. نؤمن بصوتك العظيم تشق أحجار الخطية مهما تعاظمت و تفتتها و تسحقها لأنك صخرة الدهور القائم من بين الأموات.نسألك أن تبيت عندنا و تحلو معك العشرة و نعتاد حديثك عما لا يرى.نتباهى بحبك قدام إبليس فيختف من قدامنا خوفاً من حبك.كما لم يستطع مقاومة لعازر .كان لعازر يسمع صوتك مبتهجاً في الجحيم و إبليس يسمع صوتك مرتجفاً في الجحيم فإجعل إبليس تحت أقدامنا منهزماً بقوة قيامتك فينا. ليكن فينا إيمان القديستين مرثا و مريم لنرتاح في سكناك فينا.علمتنا أن عندك للموت مخارج فضع فينا هذا الرجاء طوال الأيام فلا ننكسر حتى في أقسى التجارب.يا حبيب لعازر و مرثا و مريم يا حبيبنا الرب يسوع القدوس إصنع منا محبوبين لشخصك الإلهى الكلى النقاوة.
#Oliver_the_writer

About Oliver

كاتب مصري قبطي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.