في خضم استعداد الرئيس الإيراني حسن روحاني لزيارة العراق المثقل بالأزمات المالية والأمنية ، تأتي التساؤلات عن أسباب هذه الزيارة وما يحمله توقيتها من رسائل للحكومة العراقية التي تترنح تحت وطأة الغضب الجماهيري المتصاعد تجاه فشلها في تقديم الخدمات وتوفير الأمن وما تسببت به من انهيار شبه تام للاقتصاد العراقي ينذر بمجاعة قادمة .
روحاني سيزور العراق (العراق بنسخته الإيرانية) الغارق في مستنقع الخيبة والفشل على كافة الصعد ، سيزور بغداد التي علقت في ساحاتها وشوارعها صور المقبور خميني والإرهابي الخامنئي ، المدينة التي صنفت بأنها أسوأ مدينة في العالم ، سيزورها ليرى فيها وجه الملالي القبيح وبصمات الولي الفقيه في كل خرائبها ورائحة عفن الحرس الثوري في مستنقعاتها الضحلة وأزقتها الموبوءة التي تتجول فيها الميليشيات السائبة وفرق الموت المؤتمرة بأوامر المخابرات الإيرانية .ومن المرجح أن روحاني سيناقش مع عملائه في الحكومة قضية الاصلاحات الحكومية التي أعلنت عنها حكومة العبادي ، فالإصلاحات لابد أن تكون مفصلة على مقاس الولي الفقيه وأن لاتتعارض مع مصلحة النظام الإيراني .
فوفقاً للرؤى الإيرانية ، هناك ضغط من قبل الشارع العراقي على حكومة العبادي باستبدال وزرائه التابعين للأحزاب المدعومة من إيران بوزراء آخرين مستقين وتكنوقراط ، وهذا في حال تنفيذه سيجعل الأمور تبدأ بالانفلات من يد طهران تدريجياً ، في حين أن زمام الأمور في العراق يجب أن يكون بالكامل في يد طهران ، من حيث اختيار وتعيين الوزراء والمسؤولين الأمنيين وغير الأمنيين .
أيضا هناك مسألة حصر السلاح بيد الدولة ، والتي تحدث عنها العبادي في يوم تشكيل حكومته وأعاد الحديث عنها مؤخرا في وثيقة إصلاحاته ، وحصر السلاح بيد الدولة يعني إنهاء وجود الميليشيات التابعة لإيران ، وهذا بحد ذاته صفعة كبيرة على وجه الولي الفقيه خامنئي الذي يعتمد بشكل كبير على ميليشيات (العصائب وبدر وكتائب حزب الله والنجباء وسرايا السلام وغيرها …) في تثبيت السيطرة العسكرية الإيرانية على الدولة العراقية بكافة مفاصلها وعلى الشارع العراقي بالكامل .
وروحاني سيأتي لتدارك الأمر محاولاً أن يضمن على الأقل الإبقاء على الميليشيات العراقية وفرق الموت المدعومة من حكومة بلاده وعدم نزع سلاحها ، ليضمن عدم إحلال الأمن في العراق نهائياً وليضمن استمرار هذه الميليشيات في قتل المدنيين وإثارة الفتن الطائفية وزرع العبوات الناسفة في الأسواف والأماكن العامة وتفخيخ السيارات وتفجيرها في المناطق الشيعية والسنية وفقاً لتوجيهات المخابرات الإيرانية.
ومن هنا يتضح أن روحاني يعتزم زيارة بغداد ليعيد رسم السياسة الإيرانية في العراق ويملي توجيهاته الجديدة على الحكومة العراقية التي تواجه ضغطاً جماهيرياً وصل الى حد التهديد باقتحام المنطقة الخضراء التي تضم أهم مجلسي الوزراء والنواب وأهم مؤسسات الحكومة ، فروحاني لابد أن يلملم فضائح إيران في العراق المستباح ويحسن ما يمكن تحسينه من الوجه القبيح لنظام الملالي الحاكم في إيران والعراق .