Anton Ramsis
هل تعرفون المثل الشعبى الذى يقول “زى جوازة النصارى” ؟؟…. أو عندما يقول والد العروس لعريسها أو لأهله “احنا الجواز عندنا يابنى جواز نصارى “…. فى إشارة واضحة لأن يعنى القائل أنه لايقبل لابنته أن يتزوج زوجها عليها كما أنه لن يسمح بالطلاق ابدا …
فى الحقيقة وقفت عند هذا المثل الشعبى كثيرا لأنه كشف لى بعد تأمل كيف يمكن لثقافة الناس اثناء تكونها ونشأتها أن تحفر طريقها بيدها عبر القرون الطويلة لتثبت وتترسخ .
هذا المثل بالطبع نطق به للمرة الأولى ذات يوم شخص مسلم مصرى ليعلن للسامع عن توجهه فى تزويج بناته ولما عجبت الفكرة مسلمين آخرين عملوا بها وهكذا إلى أن صارت العبارة مسلكا شعبيا ثم مثلا شعبيا ….. هنا نجد شيئا غريبا حيث يستبدل المسلم العادى ثقافته الدينية الاصلية التى يتمسك بها بثقافة أخرى بديلة هى أيضا دينية فى الاساس وتنتمى لدين ملاصق او مجاور يتهم من آن لآخر بفساد عقيدته وتحريف نصوصه …. وبرغم النظرة الاستعلائية الفوقية التى يتعامل بها المسلم مع من سواه والتى هى ترجمة لفكرة أن الأسلام يعلو ولا يعلى عليه وأن أمته خير أمة أخرجت للناس برغم هذا كله لم يجد المسلم المصرى البسيط العادى مانعا من عملية الاستبدال .
لسان حال المسلم هنا يقول لصاحب الثقافة البديلة :
“أنا مسلم نعم …. غير انى عند تزويج بناتى سأستعمل المبدأ المسيحى فى الزواج …. “
” أنت كافر فاسد العقيدة غير أنى سأستعمل مصباحك لينير لى الطريق …. انت مريض تحتاج إلى علاج غير انى سأستعمل دوائك …. انت ضال تحتاج إلى هداية غير أنى سأطبق نظريتك “
لم يحدث عبر التاريخ أن فردا قبطيا أو جماعة عرضت فكرة الزواج المسيحى لتكون النمط السائد فى المجتمع المسلم فالاقباط أجبن كثيرا من السلوك فى هذا المسلك بل إن المجتمع المسلم نفسه اختار سواده الأعظم فكرة الزواج المسيحى طوعا واختيارا وإعجابا ….. واستبدال ثقافة الزواج المسيحى بثقافة التعدد والطلاق هنا لم يأت بشكل رسمى أو من سلطة دينية بل جاء شعبيا من الشارع ليفرض نفسه على السلطة الدينية التى وان ظلت تسمح بالتعدد والطلاق استنادا على نصوص صحيحة لم تستطع أن تمنع أنتشار فكرة الزواج المسيحى وصياغتها فى مثل شعبى معبر من كلمتين أو ثلاث ……. !