مدرسة صفا .. هع .. مدرسة إنتباه .. هع ، إعتدت منذ سنوات أن أبدأ يومي على كلمة الصباح للاذاعة المدرسية والتى يتم بثها من ميكروفونات مدرسة عبد العزيز جاويش الابتدائية الواقعة فى الحى الذى أسكن فيه والى جوار مسكنى مباشرة . حى ” رابعة العدوية ” الذي تم احتلاله لمدة ثمانية وأربعون يوما مرت دهرا تم فيها تخريب كل ما وصل إليه أيدي المحتل من مرافق عامة مثل الأرصفة والحدائق واعمدة الإضاءة والأسوار ، وكان للمدرسة الابتدائية الحكومية النصيب الأكبر من التدمير والتخريب فكانت تستخدم كمكان للنوم وكحمامات جماعية كما انها كانت تعتبر المجزر لجميع انواع الدواب بما فى ذلك الجمال بالاضافة إلى رص المواقد والأذانات لطهي اللحوم والماكولات التى كان يتم إعدادها يوميا لجحافل المتسولين الذين تم لمهم من إشارات المرور ومواقف السيارات ليُحتسَبوا ضمن الأعداد المعتصمة فيبدو العدد كبيرا لإقناع الرأى العام بأن عدد المعتصمين كبير.
كانت طقوس الصباح من استحمام وارتداء الملابس ووضع الماكياج وشرب النسكافيه كل منها مرتبط بفقرة فى طابور الصباح ، فهناك النداء الجهورى للمدرسين فى الميكروفونات بانتظام الصفوف والطوابير والمسافات وكذا تحية العلم ثم قراءة القرآن ثم فقرة الأخبار ويليها المواهب من قراءة مقطوعة شعرية فى الميكروفون أو الغناء بصوت طفولي حاد النبرات وبنغمات إيقاعها بسيط كدقات الساعة ثم السلام الجمهورى والذى كان يصاحبه دقات طبول تتسارع تدريجيا لتبدأ معها حركة الطوابير الى الفصول ومعها أبدأ فى وضع آخر لمسات الماكياج استعدادا للذهاب الى العمل.
اليوم كان اول أيام الدراسة للعام 2013 وقد مر شهر وأسبوع منذ رحل العدوان الاخواني وحتى أمس ، كان العمل على إصلاح الخراب والتدميرات يسير على قدم وساق رغم الحظر ورغم ضيق الوقت ولكنه تم، وقد قرأنا أخبارا ان هناك مدرسون ذهبوا ليمدوا يد المساعدة فى اعمال الاصلاحات إيمانا منهم ان هذا المكان هو الذى عملوا فيه لمدة خمسة عشر سنة وأقل أواكثر ، لذا فقد رأوا ان من واجبهم أن يساهموا فى إعادة إعمار مدرستهم التى ينتمون إليها .
وبدأ طابور الصباح بصراخ المدرسات كالعادة ليصطف التلاميذ الصغار فى طوابير الصباح ، إبتسمت وتمتمت : وحشتوني ، والله زمان.
مدرسة صفااااا
هاع
مدرسة إنتباه
هاع
ثم بدأت تحية العلم بصوت ملئ بالحماس ولكنه كان اليوم صوتا مختلطا ، كان مع صوت الأطفال هناك أصوات أخرى تحيي العلم وتبينت انها أصوات المدرسين الذين أخذتهم الحماسة فانطلقوا فى الصياح بتحية العلم مع تلاميذهم فاشتعل الحماس اكثر.
تم قراءة دعاء بصوت احد المدرسين الرجال وبعدها سمعت كلمة ” كل سنة وانتم طيبين ” ثم كلمة كلها بشر وبهجة وتشجيع على بدء العام الدراسي بنشاط وقوة ثم تمنيات بالنجاح والتوفيق، وقامت المتحدثة بتوجيه الشكر لرجال الجيش الذين يعود لهم الفضل فى الاصلاحات والخلاص من العدوان الأخوانى، ملأ أسماعي صوت المدرسات وخلفهن التلاميذ الصغار بأصواتهم الحادة الرنانة:
– تحيا مصر
وإذا بنغمات اوبريت ((تسلم الأيادي )) يبدأ وسط تهليل الجميع وإذا بالمدرسات يزغردن فى الميكروفونات يحتفلن بعرس مدرتهن فى يوم بدء العام الدراسي ، ويغنون مع الاوبريت وهو الذى حل اليوم محل السلام الجمهورى ليكون هو النغمات التى يصعد على إيقاعها التلاميذ إلى فصولهم وكانهم يزفون عريس.
ابتهج قلبي بهجة لا اعرف مصدرها وملأنى الانفعال وجاشت العواطف وسقطت دموعي .
غادرت المنزل واستقليت السيارة فوجدت السائق مبتسما فسألته :
– إيه ؟ بتضحك ليه ؟
قال وهو لا زال مبتسما :
– الضباط دخلوا المدرسة وحَيُّوا العلم مع التلاميذ!!
سقطت البقية الباقية من الدموع ، وفى طريقنا للخروج من الشارع الجانبي إلى الشارع العمومي مارين بمدرسة عبد العزيز جاويش الابتدائية ، رأيت الأهالى متجمهرين أمام المدرسة يحتوون بين تجمعاتهم سيارات الزِّل المميزة الخاصة بقوات الجيش والمنقوشة بالألوان البيج والكاكي على شكل زي قوات الصاعقة، يقف بجوارها عساكر وضباط الجيش وعلى وجوههم تعبير جدي ولكن الناس كانت تكاد تحتضنهم إمتنانا لوجودهم الذى يبعث فى القلوب الطمانينة .
خرجت السيارة من بين جموع الجماهير الى الشارع العمومي ومع إنطلاقها ، قفز لذهني كلمات المدرسين يملأون التلاميذ حبا وتقديرا للجيش ولا أريد ان أقول أنه يصل لحد التأليه لأني أعذرهم على العواطف الجياشة تجاه العمل الجبار الذى تم إنجازه فى وقت قياسي ولكنى فى المقابل تذكرت مدرستى فى الستينيات حين كان المدرسون يفعلون الشئ نفسه بشكل يومي ملــِّح ، وكم كان جمال عبد الناصر فى أذهاننا كأطفال شبه إله ، نتخيله كطائر خرافي يستطيع فعل المعجزات ، لدرجة أنى بكيت أثناء الرقص فى حفلة حضرها وقد أقيمت فى مسرح نقابة المعلمين للاحتفال بأعياد الطفولة ، وكاد قلبي الصغير فى ذاك الوقت أن ينخلع من صدري من شدة الانفعال .. وماذا كانت النتيجة !! صنعنا الديكتاتور وغزلنا نسيج الديكتاتورية يوما بعد يوم، عانينا منها لمدة ستين عاما .. لذا تمنيت من قلبى ان يتصرف المدرسون بتوازن حتى لا يخلقوا جيلا يعبد الحاكم وينسى ثورة راح ضحيتها الكثيرين ……… وتسلم الأيادي.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :