استَوقفتْني صورة لإعلان يعرض حواجب النساء بالوشم وصورة تكبير شفاههن بالنفخ على إحدى الصفحات في حين كان يراودني سؤال من فترة طويلة وهو لماذا نُسوّق البشاعة ونُشوّه الجَمال؟
واقع الحال أنهم أو أنهنّ ليس فقط يساهمن في الإساءة لأجسادهن أو لناحية جمالية فيهن؛ بل أيضاً في تسويق ونشر هذه الثقافة على أنها شيء مطلوب ومرغوب بل وجميل!
أتفهّم تماماً نزوع المرأة أو الإنسان عموماً للتحسين بهدف الجمال أو الحفاظ على الجمال؛ وهو وارد ومشروع، لكن لا أفهم كيف لا ترى المرأة نفسَها في المرآة بعد عمليات تكبير الشفاه القبيحة جداً وغيرها؛ كيف لا ترى أنها ليس فقط لم تُضفِ على جمالها شيئاً؛ بل الكارثة أنها أضافت بشاعةً واضحةً جداً، والكارثة الأكبر أنها لا ترى هذا التغيُّر للأسوأ.
أصبحت النساء خاليات من رونق الإحساس الذي كان يترافق مع كل حركة في الوجه؛ واستُبدِل هذا بوجه يبدو كله اصطناعي قد طغى أيضاً على الروح فباتَتْ المرأة منهنّ تبدو كالدمية وللأسف الساذجة.
ما يؤلمني ليس قراراً شخصياً تتّخذه امرأة بفعل هكذا إضافات للقباحة؛ بل ما يؤلمني هو حين يتمّ تسويق هذا العمل مجتمعياً وإعلامياً والإصرار على ممارسته وإقحامه في عقول النساء والبنات وتشويه لصورة الجمال الحقيقية.
(لستُ ضد أي عمل تجميلي جراحي أو غيره؛ (بل ومعه في حال كان للتحسين والتجميل حقاً)، وهناك مَن يضطررن لإجراء عمل تجميلي في حال كان هذا ضرورياً وهنا لا بأس إطلاقاً بل وجميل، لكن على أن يُجمِّل هذا العمل ويُحسِّن وليس أن يُشوّه).
عزيزتي المرأة، عمليات تكبير الشفاه تظهر وكأنّ لديكِ “ورم” في شفتيكِ وكأنكِ تعرّضتِ لضربة على فمكِ أو لمرض، ولا أعرف مَن أقنعكِ وأتى بفكرة أنّ هذا المنظر جميل!؟ وكذا عمليات البوتوكس “المُبالَغ بها” النافخة للوجه وحيث يبدو الوجه مُتورِّما ومتنفِّخا وبحالة غير طبيعية تصل حدَّ التشوُّه، ومع هذا يتم تسويقه على أنه ظاهرة جمالية تماماً كما تمّ تسويق أشكال الحواجب السميكة جداً والداكنة اللون جداً على أنها مظهر للجَمال بدلاً من البشاعة.
إنّ تسويق البشاعة على هذا النحو هو شكل من أشكال تسويق الإنحلال الفِكري والثقافي والإنساني والداعي للقلق بكل جدية وأرى في معالجته ضرورة إنسانية ومجتمعية. لنحافظ على الإنسان.
الكاتبة ريم شطيح