روبرت فورد: تسليح المعارضة السورية

روبرت س. فورد: النيويورك تايمزford

في شباط قدمت استقالتي كسفير الويلات المتحدة الأميركية في سوريا بعد 30 عاماً من الخدمة في الخارجية في إفريقية والشرق الأوسط. مع تدهور الوضع في سوريا، وجدت من الصعوبة تبرير سياستنا. حان الوقت لي لاستقيل.

ليس اهتمام الإعلام باستقالتي النقطة الأهم. ما هو مهم هو أن باستطاعة نظام الرئيس بشار الأسد اسقاط البراميل المتفجرة على المدنيين وإجراء مسرحية انتخابات في أجزاء من دمش، ولكنه لا يستطيع تخليص سوريا من المجموعات الإرهابية التي باتت الآن مزروعة في المناطق الخارجة عن حكمه في شرق ووسط سوريا.

يمثل كلاً من السيد الأسد والجهاديين تحدٍ للمصالح الأساسية للولايات المتحدة. يترأس السيد الأسد نظاماً معيباً على القيم الإنسانية، تسببت أساليبه الوحشية في تدفق فيضان من اللاجئين ربما يزعزع المنطقة.

تشكل فروع القاعدة المشاركة في الحرب خطراً كامناً على أمننا كما نبه مدراء الاستخبارات الوطنية وجهاز التحقيقات الفيدرالية. يتمتع هؤلاء الإرهابيين بملاذ الآمن يستطيعون استخدامه لشن هجمات ضد أوروبا أو الولايات المتحدة.

يمكن للأميركيين أن يفخروا بأننا قدمنا ما يزيد على مليارين من الدولارات من المساعدات الإنسانية لمساعدة اللاجئين السوريين. لكن هذا يعالج الأعراض وليس المرض. يجب علينا اتخاذ استراتيجية للتعامل مع كلاً من الأسد والإرهابيين.

لا نريد تنفيذ ضربات جوية أميركية في سوريا، وبالتأكيد لا نريد جنود أميركيين هناك. ولكن مع شركائنا من الدول في مجموعة أصدقاء سوريا مثل فرنسا ،بريطانيا، ألمانيا، تركيا، قطر والسعودية علينا تصعيد ومضاعفة المساعدات المادية والتدريب للمعتدليين في المعارضة المسلحة.

في السنتين الماضيين قابلت مرات عديدة مقاتلين من الجيش السوري الحر. هؤلاء الرجال ليسوا بملائكة: الكثيرون منهم كانوا ضباط لدي النظام؛ لدى جميعهم خبرات عسكرية. في اجتماع مميز في تشرين الثاني من العام الفائت تضاربنا الأخماس والأسداس لساعات، لكنهم أكدوا بوضوح أنهم لا يقبلون فلسفة القاعدة. أقروا أن عليهم محاربة القاعدة والمجاهديين الأجانب في نهاية المطاف.

وافقوا على التفاوض مع النظام مع إصرارهم أن على الأسد الرحيل. لكنهم كانوا يشكون في مدى قدرتهم على الحصول على تنازلات بسبب مستوى الدعم المادي لهم. وقد أكدت المحادثات في جينيفا في كانو الثاني وشباط شكوكهم. الرسالة من انتخابات الأسبوع الماضي هو أن حكم دمشق وجزء من دولة منهارة يعتبر انتصاراً للسيد الأسد حتى لو أن تطلعاته للقضاء على المعارضة شبه مستحيلة.

يقول البعض أن الطريق الأسهل هو التسليم بأن الأسد محصن في العاصمة والعمل مع نظامه لمحاصرة المجموعات الإرهابية في سوريا والتخلص منها. هذا لن ينفع الأمن الأميركي البتة.

قابلت السيد الأسد مرتين. كان لبقاً، ولكن بعد مرور ثلاث سنوات على بداية المظاهرات السلمية، بات سجله في اللجوء إلى وحشية مرعبة للمحافظة على السلطة واضحاً. علاوة على ذلك، لدى نظامه سجل في التعاون المستتر مع القاعدة، كما شهدنا في العراق. لاينبغي على الولايات المتحدة الوقوف إلى جانب رجل كهذا.

يعتمد الأسد الآن على إيران وحزب الله لنجاته وعلى الأرجح سيستمر النفوذ الإيراني في سوريا طالما بقي السيد الأسد في سدة الحكم. لكنه ليس من الوارد أن يحارب حزب الله في شرق سوريا لإخراج الجهاديين.كلا الأمرين لا يصب في نطاق المصالح الأميركية.

بالتأكيد ليس هناك حل عسكري ولكنه من الممكن إنقاذ شيء من سوريا بتهييء ظروف لمفاوضات حقيقية من أجل تشكيل إدارة جديدة. وهذا يحتاج لتقوية مقاتلي المعارضة المعتدليين.

أولاً، يحتاج الجيش السوري الحر لدعم وتدريب أكثر بكثير ليستطيع القيام بحرب عصابات فعالة. عوضاً عن محاولة التمسك بمواقع في بلدات يستطيع طيران ومدفعية النظام اثر ذلك تسويتها إلى الأرض، تحتاج المعارضة المسلحة مساعدة للتوصل إلى تكتيكات تؤدي لقطع طرق الإمداد على قوافل النظام واجتياح دفاعاته الثابتة.

لتحقيق ذلك، يجب أن يمتلك الجيش السوري المزيد من العتاد العسكري بما في ذلك قذائف الهاون والصواريخ لقصف المطارات والمدرجات لتعطيل عمليات الدعم الجوي للنظام، بالإضافة إلى ذلك صواريخ أرض-جو يخضع تسليمها لضوابط معقولة. إعطاء المعارضة المسلحة هذه الإمكانيات الجديدة سيهز ثقة المقا تلين في جيش الأسد.

حتى أنه سيتحتم على إيران إعادة النظر في سلامة رحلات الدعم بطيرانها. قد يدفع هذا التهديد إيران إلى التفكير مجددا وقد يحركها للانضمام لنا في الدفع باتجاه مفواضات جدية.

المال لرواتب رمزية، بالإضافة لامدادات مستمرة من الأغذية، الطبابة والذخيرة سيضع القوات المسلحة المعتدلة على نفس مستوى مجموعات القاعدة التي تقدم هذه الحوافز لاستدراج مقاتليين سوريين منذ مدة. ترجاني قادة الجيش السوري الحر مراراً لهذه المواد الأساسية.

مضاعفة الدعم يجب أن يكون جزء من إدراك المعارضة أن عليها اتخاذ تغييرات كبيرة أيضاَ. النقطة الأهم هي أن الطائفية في صفوف المعارضة السورية تعيق الوصول إلى إتفاق سياسي. معاقبة المقاتلين الذين قتلوا وخطفوا على أساس طائفي سيساعد في إقناع مؤيدي الأسد المترددين بأن بإبمكانهم الوثوق بالمعارضة التي تمد لهم اليد على طاولة المفاوضات.

أيضاً على المعارضة السياسية خارج سوريا التنسيق بشكل أفضل مع الناشطين والمقاتلين على الأرض. خدمت كدبلوماسي في العراق خمس سنوات عاينت خلالها كم كان تأثير المعارضيين المغتربين قليلاً

لم يعد لدينا خيارات جيدة بالنسبة لسوريا. لكنه من الواضح أن بعضها أفضل من الآخر. استمرار التردد والإحجام عن الالتزام بتمكين مقاتلي المعارضة المعتدليين لمحاربة كلا من الجهاديين والنظام بشكل فعال، ببساطة ، يعجل قدوم اليوم الذي سيتوجب فيه على القوات الأميركية التدخل ضد القاعدة في سوريا.

روبرت س. فورد

Robert S. Ford

هو باحث مقيم في معهد الشرق الأوسط

Middle East Institute

في واشنطن وكان سفير الولايات المتحدة في سوريا من 2010 إلى 2014.

ترجمة: المترجمون السوريون الأحرار

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.