غيلان عيساوي:أورينت نت
“لا بد من عودة الدكتور رفعت الأسد إلى سورية بأسرع وقت من أجل إيجاد مخرج للأزمة التي تعصف بها و الأخطار المحدقة التي تهدد وجود الكيان السوري” .
ما كتب أعلاهُ نص لدريد لأسد، ابن رفعت الأسد أخو الرئيس السوري السابق حافظ الأسد . دريد هو الابن الذي اختار البقاء تحت جناح عمه حافظ، وقرر عدم الخروج من سوريا برفقة أبيه وأخوتهِ، الذين استحالوا من معارض الأسد المؤسس للنظام السوري ، بعد أن سرقوا ثروات سوريا وخيراتها. رفعت وأبنائه أحد أهم أغنياء العالم..!
يطلب دريد من أبيه العودة للبلاد لحل مشكلاتها، والطلب من رفعت العودة إلى البلد لإيجاد حل للأزمة كما ادعى دريد يحملُ وجهتي نظر الأولى: أن عنف الإبادة العسكرية التي يقوم بها بشار داخل الأراضي سورية غير كافية أو غير مجدية، فرفعت استطاع حل أزمة الإخوان في حماة خلال أيام، أما الأسد الابن فهو عاجز عن إدارة المعركة أو النجاح بها. فدريد يعي تماماً أن أبيه لم يكن يحمل أي فكر سياسي، ولم يكن سوى مرتزق رخيص في كتائب امن البعث منذ الستينيات. وإعداماتهِ الشهيرة للمعارضين الآمنين في السجون دليل كافٍ على عقلية رفعت السادية. والوجهة الثانية: أن دريد الأسد استعاد ذاته المخبوءة في عار الأب الذي انشق عن طاعة ابن حافظ الأسد بشار. فدريد يحاول البحث عن شخصية تتوافق مع عار أبيه وانتمائه للعائلة السلطانية. من هنا يُصدر دريد نفسه كفنان ودكتور، وإن علق أحد متابعي صفحة دريد على حائطه مخاطباً إياه على سبيل البساطة (يازلمة) وهي كلمة اعتيادية كلغة خطاب بين السوريين ردَ دُريد : ” زلمة بعينيك”. الهوس الذاتي والحاجة لتحسين الشخصية الاجتماعية دغدغت دريد من بوابة أبيهِ. رفعت يبدو للموالين عموماً، وللعلويين خصوصاً أحد اهم الشخصيات التي تستطيع وضع الحلول. فعنفه المُجرب كان قاسماً في التاريخ السوري، وكلماتهُ وجمله لا تخرج من آذان العلويين. فالشيوخ الذين استقدمهم للإفتاء، والقادة العسكريين المرتزقة الذين استفحلوا في إجرامهم المغطى إقليمياً ودولياً، جعل العلويين يشعرون أنه منقذ تاريخي للطائفة. والثمانينيات السورية السيئة السُمعة، وما فيها من تقتيل وتهجير وإجرام، توسمُ باسم رفعت الأسد، كنزعة خلاصية تطهيرية للأسد المؤسس حافظ، والمنظمة الأمنية التابعة للأسد نفذت عملية التطهير على أكمل وجه.
فيُقال أحياناً ” إن رفعت الذي قتل ودمر في حماة وغيرها وليس حافظ الرحوم…” تنقد التعليقات على حائط دريد الأسد هذه الأكذوبة التافهة، فيتشنج معجبي كتابات دريد الأسد نحو رفعت الأب، ويستذكرون رفعت الأسد كإلهٍ يوناني مُنقذ، وكأن عودته من أزمنة الموت السُفلية سَتُعيد لسوريا أمنها واستقرارها، والمعلقون ودريد نفسه لا يَذكرون العنف والتهور والسذج الذي يرافق شخصية رفعت الأسد، ويبدو استحضاره كذكرى مُجردة عن الواقع شكلاً رغبوياً مُرضياً لأغلب المعلقين والذين هم في الغالب علويون. فما استخدمه بشار من عنف لم يستخدمه رفعت، ولا كل زبانية حافظ الأسد، من ضباط ، وقد يكون الفارق الجلي بين الثورتين السوريتين على نظام الأسد العائلي كان الإعلام وطريقة إشهار المأساة السورية منذ أيامها الأولى. فالثورة الأخيرة على الأسد كان مُشهرة ومُبينة وعمومية، ولا يُمكن القبض عليها وتنحيتها عن الشعور العام السوري والعالمي.
يُمجد دريد الأسد أبيه، من باب أن عودة الأب هي عودة لفعله وأثره وقدرتهِ. في هذا يخطئ دريد الأسد، فما كان ليس كما صار وسيصير، أيدي السوريين وعقولهم وصورهم كانت اكبر من افتعال أي جريمة مسكوت عليها. ليس رفعت سوى مُجرم غُطت يديه عن دماء قُبل أن تسفك بكل برودة. الرغبة في عودة رفعت ليست سوى امنية لعودة ما اقترفته يداه، ليس تذكراً بمجد، بل ذكرى منسية كُسرت عتبتها ولا يمكن لأي قدمٍ أن تعول عليها.
الحميمية نحو رفعت هي حميمية علوية بامتياز، يتذكره العلويون اليوم كأميرٍ علوي رسخ الاستقرار والآمان، هنا يبدو فشل بشار الأسد ضعف شخصي فيه، وانتصار رفعت عظمة امتلكها العلويون كلهم من خلاله. بين هذا وذاك، يُبحث عن دور لماهر …..كم انتظرناه لينتزع البيجاما عنه ويُتحفنا كما اتحفنا رفعت بإجرامه.