رسالة من سيدة ايرانية الى الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند

ترجمة عن الفرنسية لنص رسالة ارسلتها سيدة ايرانية الاصل استوطنت فرنسا منذ عدة سنوات. الرسالة موجهة الى الرئيس fwالفرنسي فرانسوا أولاند يوم الاربعاء المصادف الخامس من آذار 2014 اسم السيدة حاليًا في فرنسا فابيين. عنوان الرسالة هو : مستقبل اولادنا هو من صنع ايدينا.

ارسلت هذه الرسالة للتذكير برسالة سابقة ارسلتها نفس السيدة بتاريخ 26 تموز عام 2013 وبنفس العـنوان. لغرض التحذير وقبل اجراء الانتخابات البلدية التي ستجري خلال هذا الشهر اي آذار عام 2014.
تقول هذه السيدة:
“كم أتمنى من كل قلبي ان يقرأ اغلب الفرنسيين هذه الرسالة، بغـض النظر عن معتقدهم، حيث هم في عالم تطحنه الحروب الدينية او المذهبية.
على كلِّ، ان ما هو غير اعتيادي ومدهش في موضوع هذه الرسالة هو انَّها ارسلت من قبل سيدة مثقفة فرنسية مخلصة ، جذورها ايرانية اصيلة. انها تستوعب المستقبل بثقابة فكر وحكمة. توجه الرسالة بالنص التالي:
“من السيدة شهلا ٻـهلوي – اسم السيدة القديم في ايران/ المترجم – إلى السيد رئيس الجمهورية الفرنسية في القصر الرئاسي في الاليزييه. رقم المسكن 55. شارع فوبورخ سان(ت) هونوربه – 75008 – باريس.

فخامة السيد الرئيس
إني سيدة من اصول ايرانية، من مواليد عام 1964. ولدتُ في محافظة “المركز” وصلتُ إلى فرنسا عام 1982 هاربة من جمهورية خميني الاسلامية. انني بكر مجموعة اخوتي واخواتي المتكونة من اربعة اولاد. اجبرنا على الهرب من ظلم نظام خميني. اعتقل والدي من قبل تنظيم حرس الثورة. عـُذّب وحوكم وشوِّه ثم قُطع رأسه ذبحًا بالسكين. اوقفت والدتي واغتصبت 54 مرة فخسرت مبايضها. كان عمري آنذاك 14 عامًا، وكان عمر اختي 12 عامًا. اما اخوتي فكان عمرهما على التوالي 10 و8 سنوات / اغتصبتُ وكذلك اختي عشر مرات. على اثر ذلك ماتت اختي. انهم سلبوا كل اموالنا واستولوا على كل ممتلكاتنا واجبرونا على وضع النقاب.
استطاعت والدتي واخوتي وانا الهرب من طهران فالتجأنا عند احد ابناء عمومتنا الذي كان يُقيم حينذاك في احدى المحافظات الاسلامية.
على اثر اندلاع ازمة العراق، أُتيحت الفرصة لعائلتي مع ابن عمنا لنهرب من ايران عبر تركيا. لحسن حظنا كان ابن عمنا رجل اعمال وذو علاقات قوية مع الكثير من رجال الاعمال، كان بعض منهم يقيمون في تركيا.
حاليًا أنا فرنسية ومنذ العام 1996. انني فخورة باني فرنسية. تمكنتُ من مواصلة دراستي العالية، ولي الآن موقع اجتماعي محترم، وعائلة مكونة من زوجي الفرنسي وولدين. في استطاعتي ان أؤكـّد ان اغلب الفرنسيين ليسوا عنصريين.
السيد الرئيس،
اني اكتب لكم هذه الرسالة لأجلب انتباهكم إلى الأخطاء التي ترتكبونها في ما يخص الاسلاميين. انكم تلعبون لعبتهم ذات الغايات الحزبية ولأغراض انتخابية. أنا مسلمة لكني لا امارس واجباتي الدينية. من واجبي ان انذركم من التطرف الاسلامي الذي من طبعه الانتشار كانتشار وباء الطاعون وهذا ما يحصل في بلدنا.
عندما الاحظ تزايد عدد النسوة المحجبات في بلدنا تتجمد الدماء في عروقي، واتذكر الذكريات المؤلمة. الحجاب نكبة تصيب كرامة المرأة رغم انَّ جموع النساء تصرح امامكم وامام الكاميرات انهن يلبسن الحجاب بمحض ارادتهن وباختيارهن الشخصي. ادعاؤهن غير صحيح وليس سوى خداع وتشويه. اعرف العديد من المحجبات . انهنَّ يلبسنه تحت الضغط والاكراه. انهنّ ضحية التهديد بالقتل والابتزاز. فقـدتُ ثمانٍ من صديقاتي لأنهن رفضن لبس الحجاب. الزيجات غصبًا ازداد عددها عام 2012 بنسبة 20%، قـُدّر عددها 80 الف حالة.

السيد الرئيس
من الواجب عليكم ان لا تخضعوا البتة لأي تهديد او ابتزاز يمارسه المسلمون عليكم حتى وان كان لأغراض انتخابية او تحـزّب. استقبال السيد “Valls” مجموعة من المحجبات فضيحة كان بطلها الازواج انفسهم. وانتقاص صارخ لحرية المرأة الاساسية.
كذلك، استقبال السيدة “نجاة ڤالود يلقاسم” وزيرة حقوق المرأة لنفس مجموعة المحجبات تصرف شائن بحق كرامة المرأة، وان كان تبريرها مؤسس على الرغبة في اعطائها لهن الحق في ان يكون لهن حضور في المجتمع، وللدفاع عن الاصوليين. انني قد كتبتُ لها اربع رسائل، لكنها بقيت دون إجابات، كما اني طلبت منها لقاء فكان الجواب رفض مقابلتي,
ما هو مؤكـّد هو انَّ 85 % من المسلمين صـوتوا لكم، لكن المفروض ان لا تعـوضوا هذه النتائج الانتخابية بتلبية كل رغباتهم. الدين والسياسة لا يتعايشان أبـدًا. بعملكم هذا تجعلون حرية المرأة تواجه خطرًا جسيمًا. انكم تجبرون مواطنيكم على أكل لحم “حلال”، وتفرضون عليهم في الاخبار المتلفزة “الرمضان” الذي لا يتمتع باهتمام كبير من قبل الصحافة، تفرضون في المدارس وجبات تحتوي لحم “حلال”، تلغون في رياض الاطفال والحضانات رسم الخنزير حتى ان كان كحيوانٍ صغير بادعاء انه حيوان محرّم في الشريعة الاسلامية. اجراءاتكم هذه كلها اجراءات غير معقولة وخطرة تهدد ديموقراطيتنا.
انني اجازف واقول، رغم انّ ذلك قد يُغيظكم، هؤلاء الناس نوع من المتلاعبين/المحتالين المتخفين وراء العنصرية والاسلام. ان ما يريدونه فعلاً هو ان يفرضوا علينا دينهم وعاداتهم وتقاليدهم. الوقت بالنسبة لهم مفهوم غير واضح، لذا امر تحديده او التقيد به غير مهم، انهم قد يصرفون عشر سنوات او عشرين او اكثر لتحقيق هدفهم. المهم عندهم الوصول إلى الهدف. هـذا الواقع ينطبق خاصة على فرنسا حيث انتم منشغلون يا سياسيينا المحترمين ومهتمون بمناصبكم اكثر من اهتمامكم بمستقبل وطنكم فرنسا.
أنَّ نشاطكم الحزبي لا يؤدي إلا إلى تضخم الحقد وتأجيج نيران الصراع العنصري. الناس متحفزون، لأنهم لا يرون سوى الجماعات التي تتخذ الاسلام عقيدة موضع اهتمام السلطة. هذا الواقع يُثير المواطنين الفرنسيين الاصليين ويبعث فيهم الغضب والكره.
ان السياسيين الذين صنعتموهم او صنعهم السياسيون الذين سبقوكم والذين تصفونهم اليوم بــ “السياسيين المندمجين” هم شريحة تستحق الرثاء. ان المنطق يفرض اندماج القادمين الغرباء في المجتمع الذي يستقبلهم ويفتح احضانه لهم بمحبة وسخاء، لا العكس، اي اندماج اهل البلد الاصليين في مجتمع غريب عنهم ولم يعرفوه البتة ولا عاشوا فيه. اننا نعيش حالة من التقهقر وانكفاء الهوية مرفقة بعودة عنيفة إلى منابع الثقافة المنتشرة في اغلب مجتمعات بلدان المهاجرين. ترجمة هذه العودة نجد اثارها اليوم على ارض الواقع في البلدان المستقبِلة للمهاجرين الوافدين. عدا ذلك هناك امر آخر جدير بالملاحظة، ذلك هو الرأي القائل: ” الاندماج دعوة موجهة للجميع” لكن تحقيق ذلك محال. بسبب ان المهاجرين انفسهم لا يريدون او اقله لا يستطيعون ذلك مهما بذلوا من الجهد. علينا ان نصرح وبصوت عال دون خوف :” ان اغلب المهاجرين القادمين، جاؤا إلى فرنسا ليستفيدوا من سياسة الضمان الاجتماعي، التي علينا ان نصفها في فرنسا بأنها ذات مردود اقتصادي أكبر وفائدة للمستفيدين مقارنة بالبلدان الاخرى.
إضافة لذلك، عند مراجعة سجل الولادات والتمعن في خلاصة الاحصائيات سنستنتج انَّه من الممكن ان يحقق الولد الذي تربى في احضان عائلة لها العديد من الاولاد، والوالدان فيها لا يملكان الاسس التربوية الاساسية ولا معرفة لهما حتى بالقوانين السارية في المجتمع الفرنسي النجاح وبدرجة قد تضاهي نجاح ولد آخر تربى في احضان عائلة لها عدد معقول من الاولاد، وللوالدين فيها تعليم وتأهيل كافٍ لتربية الاولاد، التي من أهمها تلبية رغبات الولد والاستماع له والاستجابة لما يحتاجه كي ما يتناغم نموه مع تطور البلد وتقدمه. ونعني بذلك فخامة الرئيس فنقول وان كان ذلك حقيقة لا تعجبك: ” بالنسبة لهؤلاء، انَّ موضوع انجاب اولاد عديدين يعني ايراد دخلً مالي ضخم ذي اهمية محترمة، حيث قد يصل دخـل البعض منهم الشهري الـ 20 ألف يورو تأتيه كمساعدات من جميع الاصناف.
على العكس من ذلك، نلاحظ ان ما حصل للمهاجرين من داخل اوروبا قد انتهوا بنتائج تستحق التأمل، خاصة اذا ما اشّرنا انه قد مضى عليهم اجيال عديدة ولأن تنازل اعداد المهاجرين مع مرور الزمن حقيقة واقعية نستطيع قياسها كل يوم من خلال رفض استعمال اللغة الفرنسية في الحياة اليومية وبضمنها فترات الراحة بين الحصص الدراسية. نستطيع قياسها أيضًا عندما نتأمل الحيادية التي نتعامل بها في ما يعني الاديان في مجتمعات الجامعات او في الشركات او المستشفيات. كذلك قد تُقاس من خلال الحرب العشائرية الحاصلة في المدن ذات الأثنيات المتعددة التي قد تصل حدتها القتل. لاحظ بعض الباحثين تنازل العدد وانتبهوا إلى واقعه واشروه. منهم:

Hugues Lagrange

الذي انكر ذلك في بحثه فكتب: “اننا شهود لحصول عودة إلى الاصول القديمة وتجذير جديد في نفوس ابناء الاجيال الثالثة او الرابعة من المهاجرين. هذا الواقع هو ما يُعرف اليوم بــ ” بعث ثقافة الاجداد واحياء تراث وتقاليد الموطن الاصلي”.
ان ما يُثير الفرنسيين ايضًا في نطاق الدين هو لا فقط الفرض عليهم اكل اللحم من النوع الذي يوصف بــ “حلال” ، بل ايضًا القيام بهدم الكنائس بحجة ارتفاع كلف صيانتها بالنسبة لميزانيات الدوائر البلدية التي تعود إليها مسؤولية صيانة تلك الكنائس، علمًا انَّ نفس الدوائر تقوم في نفس الوقت ببناء الجوامع والمساجد المكلفة والتي تضاهي كلف صيانتها أيضًا نفس كلف صيانة الكنائس التي تُهدم والتي حتمًا ستتحملها دوائر البلدية ذاتها بكل رضى وسخاء.
سيدي الرئيس
ارجو ان لا تنسى الاحداث الجارية حاليًا في مصر وتونس حيث نشاهد الشبان والشابات يتقاتلون في صراع دامٍ من أجل الحرية وعدم لبس الحجاب، واستطاعة تبادل القبل (بين الجنسين) علانية والرقص والحياة وفق ضوابط الحياة في الغرب، هذا هو الواقع، أما انتم وحكومتكم فقد فتحتم الابواب على مصاريعها للتعتيمية (اعاقة التقدم ونشر المعرفة – المترجم) كل ذلك تفعلونه لأغـراضٍ انتخابية وشعبية. بمواصلتكم هـذه السياسة ستقودون بلدكم إلى ظلام النقاب الدامس وإلى حرب دينية غير معروفة نتائجها.
اني احب فرنسا لأنها البلد الذي استطعتُ ان اجد فيه حرية الرأي وحرية الفكر، كما اني فيه استطعتُ الدراسة وتحصيل العلوم والعمل والطعام المشبع.

السيد الرئيس
نصيحتي لكم هي القيام بالمزيد من القراءة والمطالعة في الكتب التي يصدرها فلاسفتنا الفرنسيين طالما لا زال هناك متسع من الوقت. كما ارجوكم التفكير الواعي في مستقبل فرنسا ومستقبل اولادنا اي ابنائنا وبناتنا. أرجوكم ان لا تفرضوا عليهم استنادًا على المهنية حياة مكرّسة للعتمة الدينية (معارضة تثقيف العامة – المترجم). انني لا اريد ان يهجر احفادي فرنسا خلال السنوات القليلة القادمة تمامًا كما حصل لي وأن اجبرتُ ان اهجر وطني “أيران” تخلـّصًا من حياةً يتسلـط عليها العنف والارهاب ونير دين اصولي.
أخيرًا تفضلوا سيدي الرئيس بقبول فائق تقديري واحترامي
السيدة ٻـاهلوي

ترجمة نافع توسا آذار 2014

This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.