“يا ربيّ وربّهم، أنا لم أكذب، ولم أسرق، ولم أقتل، ولم أتسبب في دموع إنسان. أنا يا ربي لم ألوّث مياه النهر أبداً، ولم أوقف جريان ماء. أنا يا ربي لم أعذب حيوانًا ولم أقتل روحاً وإن كانت روح فراشة صغيرة. أنا لم أعذب نباتاً بأن نسيت أن أسقيه. أنا يا ربُّ لم أنشر البغضاء بين الناس، بل أشعت السلام من حولي وكتبت عن الجمال وعن حتمية شيوع قيم المحبة بين البشر. أنا يا ربي أحببتك بملء قلبي فما عاد في قلبي مكانٌ لكراهية إنسان، حتى أعدائي لم أقبض على نفسي متلبسةً بكراهيتهم. حكموا عليّ بالسجن جوار اللصوص والقتلة وخونة الأوطان وتجّار الجسد لأنني طالبتُ بالرحمة للحيوان إن قدّموه قرباناً لك، وأنت غنيٌّ عنّا وعن قرابيننا. أفزعتني نهارُ الدماء في طرقات بلادي تُهرق من أضحية عذّبوها قبل نحرها، فلم يحدّوا نصالَهم كما أمرت تعاليمُك، ولم يحسنوا إليها بأن منعوها أن ترى رفيقاتها تُذبح أمام عيونها، ولم يرحموا الأطفال لئلا تشهد تعذيب مخلوقاتك العجماء تُنحر بقسوة الفاشيين وبرودة قلوب النازيين. لم يحسنوا الذبح كما أمرتنا أن نفعل، فغضبوا مني حين ناشدتُهم بحسن الذبح كما أمرتنا أن نفعل يا ربي. أشفقتُ على أضحية العيد، فجعلوا مني أضحية كل عيد. فلا هم نحروا أضحية العيد برحمة، ولا هم نحروني بشرف. ولله الأمر من قبل ومن بعد”.
فاطمة ناعوت