الآن، واميركا على وشك القيام بضربة عسكرية ضد النظام السوري لا يعرف أحد بالضبط ما الذي ستتمخض عنه، وان كانت مؤشرات كــثيرة توحــي بان نتائجها يرجح ان تكون خطيرة العواقب على سوريا الدولة والمجتمع كما على المنطقة العربية وموازين القوى بين دولها، وبان روســيا لن تســتطيع أو تقدر على التصدي لها، وجر اميركا إلى صراع لا نهاية له، في منطقة هي الأكثر حساسية وحيوية في العالم، يصير من الضروري القيام بشيء اسعــافي يجنب سوريا ضربة قد تكون قاضية، ستتلقاها خلال ايام على يد القوة العسكرية الأعظم في التاريخ، بعد أن انزل نظامها بها كارثة وطنية وإنسانية شاملة لا سابقة لها في تاريخها وتاريخ المنطقة العربية والعالم الحديث .
لهذه الاعتبارات، ولافتراضي بأن موقفكم من سوريا، الذي انحاز إلى نظامها وتجاهل تماما شعبها ومصيره البائس، وفهم الأزمة بطريقة خاطئة يحار المراقب في إيجاد مسوغات له، اود أن اتقدم منكم باقتراح قد يخرجنا جميعا من معادلات قاتلة ربما فقدنا خلال الايام والاسابيع القادمة السيطرة عليها، يقوم على ما يلي: تخرجون انتم بشار الاسد ومجموعته السياسية والعائلية من السلطة وسوريا، ونطلب نحن من الولايات المتحدة الامتناع عن تسديد ضربتها إلى النظام، إلى السلطة القائمة وجيشها، فإن لم تستجب اعلنا بكل صراحة ووضوح معارضتنا لاي عمل عسكري تقوم به، وطلبنا من شعبنا وجيشنا الحر مقاومتها، في حال اصرت على القيام بما لا نريد.
السيد الرئيس: اعتقد أن هذا الاقتراح يحفظ ماء وجهكم، ويوفر عليكم حرج الامتناع عن نصرة بشار الاسد ونظامه، وقد يبقي على شيء من علاقاتكم ومصالحكم في بلادنا بعد زوال حكمها الحالي، ويحول بين الأصولية، التي تخشونها ونرفضها، وبين زج وطننا في فوضى مسلحة لن يكون من السهل تصديكم لها حتى في بلادكم، ويحفظ بعض توازن العلاقات والمصالح بينكم وبين الولايات المتحدة في منطقتنا وخارجها، ويحول بين واشنطن وبين جني ثمار أخطائكم السورية وإزاحتكم إلى خارج بلادنا وبقية بلدان المنطقة، إن هي تدخلت عسكريا واحرزت انتصاراً ساحقاً على نظام مهلهل، لم يعد يقوى حتى على مقاتلة «الجيش الحر» إلا بشق الأنفس، وفي مناطق بعينها، ولعلكم راقبتم بذعر تهاوي حلقة جيشه القيادية في خان العسل ومطار منغ ولمعركة الساحل وما تلاها من معارك، وفهمتم أنه بدأ انحداره النهائي، وأن الخلاص من الشخص الذي تسبب بهزيمتكم في بلادنا ربما كان افضل الحلول لبلوغ حل سياسي نرحب به ونتعهد بتنفيذه، إن قام على تطبيق البنود الستة التي توافقتم عليها في جنيف واحد، وهي البنود التي كانت قد قدمتها المعارضة السورية للنظام، ثم قُبِلت من الجامعة العربية قبل ان يتبناها في ما بعد كوفي عنان، وعلى قيام حكومة انتقاية تتولى صلاحيات الاسد، تنقل سوريا من نظامها الحالي إلى نظام ديموقراطية وحريات بديل هو مطلب الشعب السوري وهدف ثورته، والحل الحقيقي والمنشود لمعضلة تهدد وطننا ومنطقتنا وامن وسلام العالم، لن يكون لكم أي دور فيها، إن انتم واصلتم دعم الأسد ونظامه، وواظبتم على تحدي شعبنا المصصم على بلوغ حريته، مهما تطلب ذلك من تضحيات.
يقول الاميركيون إن الضربة ستقع خلال ايام. هذا يعني أن لديكم اياما قليلة كي تلعبوا دورا ايجابيا يسهم في خروجنا جميعا من مأزق طال واستحال حله باسلوبكم العنيف، الذي لم يحترم حقوق السوريين ولم يتفق مع مسؤولياتكم كقوة عظمى تجاه شعوب العالم عامة وشعبنا بصورة خاصة. بادروا إلى العمل، رحلوا الاسد وبطانته من سوريا إلى حيث تريدون، وسنقوم من جانبنا باعلان قبول حل سياسي يضع حدا لمأساة طالت وحان إخماد نارها المستعرة، التي شرعت تلتهم كل شيء عندنا، ويمكن لشررها ان يصل الى كل مكان من العالم، بما في ذلك بلادكم.
السيد الرئيس: هذا افضل خيار لكم، وليس من يخاطبكم محبا لبلادكم ومؤيدا لسياساتكم أو معجبا بنظامكم، لكن العقلانية السياسية تدفعه إلى مخاطبتكم، كي لا تسقط بلاده بين ايدي اميركا ويكون لكم دور في المحافظة على استقلالها وسيادتها، وبالتالي على شيء من مصالحكم فيها.
منقول عن السفير اللبنانية