بدايةً لا تقل إني ضدك فشخصك عزيزٌ جداً حتي لو لم تؤمن بإلهي ، فأنت وكل أحد هو – أو هي – صنعة يديه و قد خلقك علي صورته . فكيف لا أحبك وأنت تحمل صورة إلهي التي وإن تشوهت حيناً في الإنسان فهي لا تزول ، بل تدوم في إنتظار المُخَلِّص يسوع المسيح ليُجَدّدها، فهو رَسْم جوهر الله ( صورة الله ) الذي عليه خُلِقنا . جُل ما قصدت هو نداء محبةٍ إليك و نصيحة للمعجبين و المفتونين بما يعتقدونه جديداً تقدمه لهم . أقول مَرحبا ببدعة جديدة تُضاف الي ما هو موجود في العالم من بِدع هي من إنتاج العقل . إن محرك السيارة الجيّد يصبح آلة قاتلة إذا لم تَصحبه فرامل وعجلة قيادة جيدة. لقد سبقك الكثيرون و صاروا عبيداً لفكرهم . وهذا حال الإنسان الذي يقتحم الله بدون أن يَطلُب أن يُعلِن الله له ذاته . الله لا نَصِل إليه بفضل الفكر وحده . لأن الله هو الذي يُعلِن ذاته لمَن يريد. ولا يستطيع أحدٌ أن يَعْرفه إلا مَن يُعلِن الله له ذاته . وإلا لَصَار الله إختراع إنساني . و أنت الآن تقتحمه بقوة العقل فقط لتصنع إلهاً من إختراع فكرك . في القديم قالت الحية لحواء ، تشجعها علي الأكل من شجرة معرفة الخير والشر ” لا لن تموتا ، بل تصيران مثل الله عارفين الخير والشر”. و قول الحية هنا هو مَنشَأ تعدد الأديان و مصدره : أن معرفة الإنسان تُنشِئ الحياة ( والإله ضِمناً ). بينما الأصل أن الحياة ( والله ضِمناً ) تسبق معرفة الإنسان وتُنشِئها. الإله الحقيقي خيرٌ فقط ، أمَّا العقل وحده بدون إعلان الله فإنه يقود إلي إله غير حقيقي يختلط شرُّه ببعض الخير بغرض الخداع . لذلك ” فكل آلهة الأمم شياطين” كما قال الكتاب المقدس. وما توصلتَ اليه يا أخي من إله صَنعَه فكرك هو الشيطان في ثوبٍ من نور. أما عن المعجبين بالإله الذي اخترعته، فأقول لهم ” أعمي يقود أعمي يسقطان كلاهما في الحفرة “ . هنيئا لك بإلهك الذي أخترعته . فإن كنتَ واثقا من قدرتك علي الإختراع و مِن الإختراع نفسه ، فلتحتفظ بحق الإختراع ولا تدعوه بالإسم المبارك يسوع المسيح ، بل إسم آخر. و ليكن لك قدوة في ثقة الإسلام بنفسه، فدعاه ” عيسي ابن مريم “ وليس يسوع المسيح ، لأنه شخصية أخري لا يعرفها المسيحيون . و علي الرغم من أن الإسلام و معظم الأديان لابد وأن ترتبط بطريقة أو أخري بيسوع المسيح – و هو شئ ذو دلالة خطيرة ليس هو مجال حديثنا الآن – إلا أن يسوع المسيح إله المسيحيين هو غريب عمَّن يؤمنون به . فمسيح المسيحيين هو : إبن الله الوحيد الجنس لأنه جوهرٌ واحدٌ مع الله ؛ و هو كلمة الله الذي ظهر في الجسد من أجل محبته للبشر ؛ و هو واحدٌ في الجوهر مع الآب والروح القدس . فالمسيحيين يؤمنون بالله الواحد في ثالوث ( الآب والإبن والروح القدس ) . ثلاثة أقانيم/ أشخاص في طبيعة الله الواحد. وهم لا يقولون بأحد الأقانيم أنه الله بمعزل عن الآخر . لذلك فلا مجال للقول بتعدد الآلهة في المسيحية بل هو غِنَي و عُمق و إقتراب أكثر من الذات الإلهية أعلنه الله الواحد إله إبراهيم و موسي كدلالة حب يتوالي إستعلانه للإنسان إلي أن يصير الله ” الكل في الكل ( البشر جميعاً ) “. الله جوهرٌ واحد أي طبيعة إلهية واحدة . هذا هو التوحيد المسيحي . هذا أتي به موسي ولا يحتاج إلي دينٍ آخر ليُعلنه. أما عن التثليث المسيحي في الله الواحد، فهو أن الطبيعة الإلهية الواحدة توجد في ثلاثة أقانيم / أشخاص ليس بمفهوم تعدد الله الواحد و لكن بمفهوم التمايز في الله الواحد. فمن غير المعقول أن يتمتع الإنسان – و هو صنعة يد الله نفسه – بالوحدانية والتمايز كإنسان، بينما نتكلم عن الله ونَصِفَه أنه – استغفر الله – وكأنه عنده توَّحد . الله مطلقٌ في الحب . و الحب لا يوجد في التوَّحد بل بين المتمايزين . لذلك فإن الله الواحد عنده الإكتفاء المطلق في الحب في ذاته بين الأقانيم . و الإنسان يحمل قبس من خالقه ، فتجد أن البشر أقانيم/ أشخاص متمايزة ولكن تتحد في طبيعة إنسانية واحدة لا تختلف من إنسان لآخر. إن كلامك عن يسوع المسيح أنه ليس الله و لكنه إله متوسط خلقه الله ، هو نفس ما يدَّعيه شهود يهوه قبلك بعشرات السنين . و سواء هذا أو ذاك المعتقد فقد دحَضدته تعاليم المسيح . والمراجع لا حصر لها للرّد علي تلك الترَّهات. ولكن لا وقت لديَّ ولا أنت تبحث عن الحق بل تدَّعيه لذلك لن أطيل . صدقني يا أخي ، لازال الشيطان هو” الكذاب وأبو الكذاب“ و هو” كان قَتَّال للناس منذ البدء“ كقول المسيح . ولا يكُف هذا المُضِّل عن أن يدعو كلَ أحدٍ إلي فتنة العقل و بهاء طلعته . فشجرة معرفة الخير والشر لازال ضحاياه يسقطون. ولو سألتني هل من دليلٍ علي قدسية كلمات الكتاب المقدس وعلي جدارتها بالإلتزام المطلق ؟ فأَحَب مالديَّ هي كلمات المطوَب الذكر الأب متي المسكين ” لو كانت صفات الله مثل صفات المسيح فإن الله عظيمٌ جدا “. فإن كلمات الرب يسوع المسيح في الإنجيل هي صفاته – له المجد- لذلك هي مستحقة كل قبول . وكلمة أخيرة اقولها ” الله محبة “. والحب لا يحتاج دليل . وهو عطاءٌ ثمنُه فيه لذلك لا ينتظر الرَّد وإلا لمَا كان حباً. من هنا كان الحب مجازفة. هذا أعلنه المسيح في مَثَل الإبن الضال ( لوقا ٢٥:١٥) : فالأب أحب إبنيه لذلك جازف فأعطاهما كل ماله رغم عصيانهما، كل أخٍ بطريقته. الأصغر أدار ظهره لأبوة أبيه ( الإلحاد لأسباب نفسية ، لا كإستنارة فكرية ) والأكبر إمتلك أبيه ( التدين لأسباب نفسية إجتماعية لا كإستنارة إلاهية ) . الله جازف بحبه للإنسان فخلقه و جعله خليفته كقول الإسلام ، أو ألَّهَهُ كقول المسيحية . وعصي الإنسان وسقط واستمرت المجازفة إلي حد الإخلاء اُلمطلق في التجسد الإلهي ( عند المسيحيين ) الذي لا يأتيه إلا إله لأنه مُطلق الحب و مُطلق القدرة . والخلاص المسيحي لا يؤمن به المسلمون . إلا أن النص المرادف لموقف الله تعالي من معصية الإنسان في القرآن الكريم قد يحمل نفس مضمون الخلاص المسيحي في قراءة و دراسة البعض من غير المسلمين للنص القرآني ” فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ ( الفعل يعود علي الله ) عَلَيْهِ ۚ( علي آدم ) إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ “ ( سورة البقرة ٣٧). و رجوعاً إلي الموضوع .. فإن إتّباع الرب يسوع المسيح لا يأتيه إنسان بالإقتناع العقلي وإلا أصبح الوصول إلي الله مقدرة بشرية بينما البشر عقلياً متفاوتون ولأن الله لا يُقتَحَم و لا يَخضَع لعقولنا بل هو فوقها ولكنه ليس ضدها. فإتّباع الرب هو إستجابة لمسلكه – تعالي – أولاً معنا : حب ومجازفة تعلو فوق العقل ولاتناقضه. وسفر نشيد الأناشيد يترجم ما سبق شرحه . لذلك تهتف عروس النشيد التي وجدت من تُحبه وقالت ” وَجَدتُ من تحبه نفسي . فأمسكته ولم أُرخِه“….. فلعلي أجبتك يا أخي ! سلامٌ لك من رب السلام مؤمناً به كنتَ أو غيرَ مؤمنٍ . بقلم د. رءوف إدوارد
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :