ذكريات من أيام الجامعة

mohamedbarziخرجت في أحد الأيام من مبنى الجامعة ، وأنا مفعم بنشوة من الأمل والتفاؤل ، وأنا لا أعرف كيف أسير على الأرض من شدة الفرح ، ولا ادري كيف تكوّرت أمامي الكرة الأرضية الى كرة قدم ، أو كرة مضرب ، وربما الى كرة بنبون …. وأثناء مسيري العشوائي ، حيث لاخطة ولا هدف ، وفي حالة نشطة من تداعي الأفكار ، لفت نظري إعلان في إحدى واجهات المكتبات ، يروّج لآخر انتاج أدبي لأديبة وكاتبة للقصة ، فدفعني الفضول للوقوف أمامه ، وبعد فترة من فقدان القدرة على التركيز مابين قراءة الإعلان وعلى الصورة المرفقة معه ، استطعت أن أدرك بأن صاحبة الاعلان بحاجة الى نوع من دعاية للظهور في الوسط الأدبي ، وبرقت في ذهني فرصة لإجراء مقابلة معها ونشرها في الجريدة التي كنت أعمل فيها ، وبذلك أكون قد جمعت المجد من طرفيه ، تحقيقات رياضية .. وتحقيقات أدبية ، ولِمَ لا ؟ فاستعنت بالله واشتريت نسخة من الكتاب واتجهت للبيت ، وفي المساء حاولت قراءته ، ولكنني اضررت لإكمال القراءة ، خوفاً من أن يسبقني أحد الزملاء ويلطش صداقتها قبلي بلقاء مزيف ؟ في اليوم التالي اتصلت بها :
– ألو … الأديبة ……..
– نعم
– أنا ….. من جريدة ……. هل من الممكن تحديد موعد للقاء صحفي حول انتاجك الأخير ؟
– نعم وبكل سرور .. وهذا مايسعدني
– وبعد تحديد الموعد والمكان ، سلام .. سلام
وفي الموعد المحدد ، التقينا وعرفتها بنفسي كما عرفتني بنفسها ، وبعد حديث مجاملة مع احتساء القهوة ، والتطرق للأدب والأدباء والفنانين والمبدعين ، وأمور من الشرق والغرب ، تذكرت ان لقاءنا هذا لإجراء مقابلة ، فطرحت أمامها أول سؤال من الاسئلة التي انتقيتها بعناية ، مقلداً بذلك كبار الصحفيين ( على أساس ؟) وقلت لها :
١ استاذة : إذا كانت القوانين في الرياضيات تتناول العالم الخارجي على نحو غير مباشر بالفعل ، فكيف تتناول القوانين في الأدب العالم الخارجي ؟
– وقبل أن انتبه الى الخطأ الذي حدث من خلال طرح سؤال عليها هو في الاساس مخصص لمدرسة الرياضة ! قالت وعلامات الاستفهام غيّرت ملامح وجهها :
– غريب …هي أوّل مرة بيطرحوا عليّ هيك أسئلة ؟
– هل من الممكن أن أعرف ماهي طبيعة الاسئلة التي كانت تطرح عليك ؟
– والله كانوا يسألوني عن الطبخ والمطبخ ، وكأنني لم أخلق إلّا لمثل هذه الأعمال ؟
– وأنت ماهو رأيك ؟
– أنا أرى أن العالم قد يكون داخلي وقد يكون خارجي ، وعلى كل حال لكل عالم قوانينه .
ولكن يجب أن نكون منفتحين على كل العوالم … الأدبية والفنية والكلاسيكية والحداثية …
– هل تتابعين الأخبار الفنية ؟
– نعم وأحب الطرب القديم وبعض المطربين الجدد .
– شو رأيك بالغرام ؟
– شو غرام ما غرام ؟… ما أنت قلت لي تحقيق حول انتاجي الأدبي .
– قصدي الغرام الرياضي ، مثلاً الغرام بين بيليه والكرة ، كلاي وحلبة الملاكمة ؟
– آه …آسفة … شيء طبيعي .
قصدك الغرام بين الناس والأشياء ، شيء طبيعي ؟
بالتأكيد ، هناك معاني كثيرة للغرام ، وكل واحد هو وذوقه .
– إذا كنت تقرئين قصيدة شعرية ، وظهر لك فجأة في أحد ابياتها بحر ؟ فكيف تعبرينه ؟
– أنسج من الخيال زورقاً رومانسياً ، أشرعته قصائد غرامية ، بوصلته الأمل ، يندفع بالشوق ، على أنغام الحنين ، يتهاوى على أمواج الأحلام ، و… قاطعتها قائلاً :
– وهل زورقك هذا يتسع لشخص ، أو شخصين ؟
– جحظت عيناها ، جفّ ريقها ، اصطبغ وجهها بحمرة على زرقة على خضرة ، وقالت لي :
– شو انت بتحب تمزح ؟
وهنا شعرت بضرورة انهاء اللقاء ، راضياً من النصر مجرد الإياب ، ولعنت الحب وساعته .

About محمد برازي

الدكتور محمد برازي باحث في العلوم الاسلامية والقانونية من دمشق ، مجاز من كلية الشريعة بجامعة دمشق ، دكتوراة في عقد الصيانة وتكييفه الفقهي والقانوني ، مقيم في ستوكهولم .
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.