لم تكن العلاقات بين الرئيس الاتاسي والصحفين جيدة والود بينهما مفقود لا هم احبوا بخله ولا هو خاف ألسنتهم فلم يستطيعوا ان يذموه لانه فوق الشك في النظافة ولا احد كان بامكانه ان ينال من وطنيته او سلوكه السياسي.
اعتاد الصحفيون في ذلك الزمان ان يقبضوا من اهل السياسة الذين يدفعون لهم ليتخلصوا منهم او لتأمين الدعاية لهم ولكن مع الاتاسي باب رزقهم مسدود. في دمشق شطب الاتاسي كل مخصصات القصر التي منها كان الصحفيون يرتزقون في المناسبات والزيارات وفي حمص كانوا مع حبهم له يصطادون اتباعه من السياسين ولا يقربونه ابداً لذلك كان الحماصنة يرددون بعض قصص الصحفين معه ويضحكون من ضحكه عليهم :
– ذهب سري كالو صاحب مجلة الاصلاح مع عدد من الصحفين الحماصنة الى بيت هاشم الاتاسي الذي اعتاد ان يمضي بعض عطل الاعياد في حمص واعتقدوا انه بعد الرئاسة قد يكون تغير فيمنحهم مكافآت فاستقبلهم ببرود وودعهم ولم يدفع لاحدهم قرشا واحداً الامر الذي اغضب الاستاذ سري كالو فحين صاروا على باب الدار قال لهم: ” اذا حاكم لم يكن ذا هبة فدعه فدولته ذاهبة”.
بعد اشهر اطاح الشيشكلي بالرئيس الاتاسي بانقلاب عسكري فصار الصحفيون يتندرون وقالوا ان نبوءة ابو فيصل كالو لا يخيبها رب العالمين .!!
ومرة دخل الصحفي خالد دراق السباعي على الرئيس وقال سلفا ليطمن الرئيس انا جئت شاكيا ابنك عدنان فقد رجوته ان يساعدني في قضية ورفض مع انني من انصاركم فاستدعى الرئيس ابنه وسأله الخبر فقال عدنان جاءني طالبا رخصة يتزود بها حصة من مياه الساقية مع انه ليس مزارعا ولا صاحب أرض فرفضت خوفاً ان تكون وساطته تخفي منفعة له يقبضها من
صاحب ارض فيضعني موضع الشبهة.
سأل هاشم بك خالد الدراقي هل المعاملة لك ام لغيرك ؟ قال لغيري فقال مقابل كم من المال ستقبضه من صاحب الارض ؟ قال ثلاثماية ليرة صفن الرئيس لفترة ثم اخرج جزدانه على غير عادته واعطى خالد دراق ثلاثماية ليرة وقال له لاتعدها ثانية وانزل عن كتف عدنان لم يقصد الضرر بك بل دافع عن سمعته فكان هذا هو المبلغ الوحيد الذي دفعه هاشم الاتاسي لصحفي في كل حياته السياسية !
ومرة ذهب صفا حاكمي لزيارته وكان صاحب جريدة الهدى الحمصية الموالية لحزب الشعب الموالي للاتاسي فاعطى بطاقته للاذن ثم دخل الى القاعة وحين قرأ الرئيس البطاقة قام ولبس ثيابه على عجل ودخل القاعة فوجد صفا فقال له هذا انت يامنظوم ؟ فقال صفا نعم سيدي الرئيس لما الاستغراب ؟ فقال الرئيس عندما اعطوني البطاقة قراتها على عجل قبل ا ان البس نظارتي.
اختلط علي الامر وبدلا من ان اقرأ صفا حاكمي قراتها( حاكم صنعا ) فاستعجلت, فقال صفا: بشارة خير عسى ان تكون راضيا عن طلعتنا قال هاشم الاتاسي الله يرضى عليك الحق على الشيخوخة يقل السمع وينقص النظر .
20-12-2016