عام ١٩٦٩ كنت والأستاذ رياض العابد على مأدبة عشاء في بيروت, مع الاستاذ نصري سلهب المدير العام للجمارك في لبنان, واذكر انني شكوت من إجراءات الامن على الحدود ومن الازدحام وقلت كان الوضع افضل ايام الانتداب الفرنسي.
بعد أسابيع كنت في طريقي الى لبنان مع العاىلة فقال لي مكتب الامن ان أراجع الامن في شتورة وفعلا ذهبت الى داىرة الامن العام فرحبوا بي وأدخلوني الى غرفة مدير الامن العام وقالوا سياتي لاحقا, ثم جاءوا بالقهوة.
ما لفت نظري ان في الغرفة عدة احواض من الزهر والنباتات الخضراء وكان يوجد خمسة أقفاص من البلابل المتنوعة لا تتوقف عن الغناء. دخل مدير الامن واعتذر عن التأخير لانه كان يحلق ذقنه وقال لي ان نصري سلهب هاتفه وطلب منه تسهيل إجراءات مروري وقال ثقة الاستاذ نصري محل تقديرنا ولذلك سيعطينا بطاقة مرور لي وللعاىلة ولا تحتاج الا لإبرازها للحارس على الحدود فشكرته وقلت هل انت مدير أمن عام وهل هذه غرفة مدير امن عام؟ قال نعم لماذا الاستغراب ؟ قلت دهشت من نظافة المكان ومن هذا الجو الإنساني فنحن في سورية تختزن صورة اخرى. عن هذه المراكز التي تواجهك فيها أدوات التعذيب والوجوه المقطبة) وأحيانا تسمع أصوات المعذبين
قال الامن عندنا ليس بالسوط بل بالمعلومات وهذه هي الطريقة الحضارية
قلت وهذه البلابل والزهور ?
قال هذا الجو يساعدني على ضبط أعصابي يعني كما يقول المثل ( عد للعشرة ) أمور الامن تحتاج للروية اسهل شىء هو ان تحسم امورك بالعنف واذا تصرفت كذلك انقلب الى طاغية فيكرهني الناس.
قلت هذا امر راىع في مجتمعنا العربي المحكوم بالجزم, وقلت هذا تصرف حضاري
أعطاني البطاقة وودعني الى الباب وانا ودعته وقلت أمل تزورنا في حمص فمثلك يجب ان لا يزورنا فقط بل ان تتسع له عقولنا