طلال عبدالله الخوري 3\9\2015 مفكر حر
من أبسط بديهيات السياسة هي:” خذ ما يعطى لك ثم اطلب المزيد”, الكل يعرف بأن سياسة الأسد وحلفائه الإيرانيين الروس هو ان لا يعطوا شيئا للمعارضة على الاطلاق, وهم مصرون على الانتصار العسكري الكامل, وسحق الثورة والمعارضة عن بكرة ابيها … وهنا يأتي دور العبقري المحنك ديمستورا الذي تعلم السياسة بارفع جامعات العالم ومارسها وطبقها عمليا, وهو يعرف بان الاسد لا يرد ان يعطي شيئا, فيهندس خطة بمخبره السياسي, تقضي بأن ينتزع من الاسد بالبداية الشئ القليل, اي شئ قليل, وغير مهم ما هو هذا الشئ, وبعد ان يحصل على هذا القليل … ينتقل للخطوة الثانية, وهي ان ينتزع منه شيئا ما ثانيا, ثم ثالثاً …. وهكذا.. وبفترة بضعة اشهر على هذه الطريقة يصبح الاسد على الحصيرة لا شئ لديه, وبهذه الطريقة يتم اسقاط الاسد من دون ان نخسر قطرة دم واحدة او ان يهدم حجر واحد بسوريا الحبيبة.
خطة ديمستورا هذه هي نفس خطة كاتب هذا المقال لاسقاط الاسد من خمس سنين قبل ان يظهر الجولاني ويعلن ولائه للقاعدة, حيث كنت احث على ان تقبل المعارضة بان تحصل على اي شئ من الاسد, ولو على مسمار جحا صغير بجدار النظام, ولكن يجب ان يكون هذا المسمار بضمانات دولية كاملة من اميركا والغرب والمجتمع الدولي ومجلس الامن وتحت البند السابع, وإنطلاقاً من هذا المسمار استطيع ان اسقط الاسد ببضعة شهور ومن دون ان تراق نقطة دم واحدة او ان يهدم حجر واحد.
الله يرحمك يا معاوية بن ابي سفيان, وعلى عكس ما تذكره امهات كتب التراث الاسلامي, فان علم التاريخ يقول بانه كان نصراني سوري وبطرك او (امير المؤمنين) بدمشق الذي استقال بسوريا عندما شعر بان الدولة البيزنطية هرمت وضعفت وتوقف عن دفع الجزية لها, بعد ان اتفق مع بطرك او (امير مؤمنين) المناذرة النصراني في العراق “علي بن ابي طالب” على تحاصص السلطة, ولكنه غدر به وانفرد بالسلطة, ليأتي بعد ذلك حفيد بني هاشم العباسي وينتقم له من الامويين وينشأ الخلافة في بغداد. هناك مقال قادم عن هذا الموضوع.
اما مسمار جحا الذي اراد ان يدخله ديمستورا بمؤخرة الاسد فيتبلور بالدعوة إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة مع استثناء للسلطات البروتوكولية، إضافة إلى تشكيل مجلس عسكري مشترك من النظام والمعارضة.
مونسيور ديمستورا, عذراً منك, هذا ليس مسمار جحا , وانما خازوق مبشم بمؤخرة الاسد ونظامه وحلفائه الروس والايرانيون, ولكن ماذا تفعل انت مع معارضة سورية من انصاف المثقفين المتدينين اليساريين, القوميين والاسلاميين, الذين لا يفقهون شيئا بعلم السياسة والاقتصاد, وكل ما تعلموه بحياتهم هو التقاط الفتات التي يرميها لهم الممول التركي والسعودي والقطري والايراني. وانت تعرف بان انصاف المثقفين هم اخطر من الجهلاء لانهم يظنون انفسهم بانهم فهماء.
الله يرحم ترابك يا معاوية بن ابي سفيان متت بكير وتركتنا يتامى مع انصاف المثقفين.
الأخ العزيز جبرييل انا سعيد جدا بمحاورتك, وهذا سبب كتاباتنا لكي نجمع مختلف الخبرات لتصب بالنهاية بمصلحة الوطن ككل… وبعد… انا اكثر ما اخشاه هو ان معلوماتك عن الإباء المؤسسين للولايات المتحدة الأميركية هي غير دقيقة على الاطلاق فجورج واشنطن وابراهام لينكولن كانوا آلهة الحنكة السياسة في العالم وحنكتهم تدرس بكتب علم السياسة والاقتصاد.. وانا أتمنى ان نستفيد منهم في بناء سوريا الحديثة.. اما معلوماتك عن تاريخ سوريا وخاصة الفترة بين نهاية الحقبة البيزنطية وبداية الحكم العربي الاموي السوري المستقل أيضا لا تعتمد على مراجع تاريخية حقيقية … ومع ذلك اسمح لي ان اصحح معلوماتك عن الثورات .. فالثورات هي ليست الهدف ولم تكن قط الهدف.. وانما هي وسيلة لتحقيق هدف وطني جامع يجمع كل السوريين من الطوائف والاعراق…ومن ثم بناء وطن متحضر يشعر فيه الجميع بان هذا وطنهم وليسوا غرباء ينتظرون الانقضاض على الفرص… اما بالنسبة للاكثرية الصامتة من السوريين الذين هم ضد نظام الأسد ولكنهم ليسوا مع دولة الجولاني ومشروعه الإسلامي المشوه…فلم تفعل المعارضة السورية للأسف أي شيء لتشجيعها للانضمام للثورة … وهذه جريمة كبيرة تقترفها المعارضة السياسة والمسلحة.. لا تقل جرما عن جرائم الأسد… وعدم بلورة مشروع وطني يجمع كل السوريين هو أيضا جريمة بحق السوريين ترتتكبه المعارضة السياسة والمسلحة وأيضا لا تقل جرما عن جرائم عائلة الاسد