نزار نيوف يكتب
رغم وضعي الصعب ، آثرت أن أفتح صفحتي لمرة واحدة فقط، من أجل هذه المناسبة. فقد كان أشد صعوبة عليّ ، حتى من ظرفي الخاص، أن يمر هذا اليوم دون أن أرثي هلال الأسد على طريقتي!
اليوم هدأت أرواح شهداء “بلوطة” في قبورها:
مصرع شيخ الشبيحة في اللاذقية على أيدي بطلين من الجيش 24 مارس، 2014، الساعة 12:20 صباحاً لم أشمت بموت أحد في أي يوم من الأيام، حتى بشارون نفسه، بطل مجازر صبرا وشاتيلا، لأن الشماتة بأي إنسان على موته أو مرضه هي من بقايا الغرائز الحيوانية التي ورثها البشر من أجدادهم القردة الذين كانوا يعيشون على أعالي الأشجار في الغابات، أو في الكهوف. وهي ، إلى ذلك، إحدى غرائز الضباع والذئاب.
لكن حين يتعلق الأمر بموت أحد الفجرة والظلمة وكبار اللصوص، في بلد من المستحيل عليك أن تأخذ حقوق ضحاياه منه أمام القانون، في بلد تحكمه قوانين الغابة، لا يسعك إلا أن تسعد ، لا من أجل نفسك، ولكن من أجل أرواح ضحاياه في قبورهم. فحيثما يعجز” القضاء” عن استرجاع حقوق الناس من المجرمين، يتولى”القدر” انتقامه منهم!
اليوم مساء، وبدلا من يجري إعدامه من قبل محكمة عادلة، نفذ جنديان سوريان من أبطال الجيش السوري، الذين يدافعون عن الحدود الشمالية في وجه السلاجقة الجدد ومرتزقتهم، حكم الأرواح المعذبة في قبورها بالمجرم الأكبر في الساحل السوري وشيخ شبيحتهم هلال الأسد، الذي نصبه الطاغية الأكبر حاكما بأمره على المحافظة، فأمعن بأهلها قتلا ونهبا، ولم يعفّ حتى عن أسر الشهداء ولا عن أهالي “القرى العلوية العشر” التي ارتكبت فيها عصابات الثورة الوهابية مجازرها الصيف الماضي؛
فعمد مع مجرميه من عصابات”جيش الدفاع الوطني” الإسرائيلي في المحافظة إلى نهب ما وصلت إليه أيديهم من بيوت تلك القرى، لاسيما قرية “بلوطة”، التي كانت دفعت الثمن الأكبر من الشهداء والمختطفين على أيدي عصابات الثورة. إعلام سلطة الدجل الأسدي ،الرسمي منه والموازي، سارع كعادته إلى تلفيق كذبة كبيرة وحقيرة من أجل غسل القميص العفن والقذر لهذا المجرم واللص المافيوزي الكبير،
من خلال الزعم بأنه “استشهد” وهو يشتبك مع الغزاة في كسب ،
رغم أنه قتل مع عصابته من حرسه الشخصي برشاشات اثنين من الجنود البواسل وقنابلهما اليدوية وقذائفهما بينما كانوا يقومون بنهب بيوت الأهالي في “كسب” وما حولها، والتي قامت السلطة بإخلائها من سكانها قبل يومين، كما سبق وفعلوا في “بلوطة” وغيرها!
وقد نسي هذا الإعلام البغيض، وكل المجترات التي تتناول شعيره وتبنه، أن هذه العائلة المملوكية الساقطة لم تقدم طوال أربعين عاما شهيدا واحدا من أجل الوطن، حتى وإن كان حارسا ليليا أو ناطورا، ولم يؤد أحد منها حتى خدمة العلم! بل وصلت لصوصيتها حتى إلى سرقة لقب “الشهيد” وإطلاقه على باسل الأسد يوم قتل على طريق مطار دمشق الدولي بحادث سيارة مدبر من قبل زبانية علي دوبا ، في إطار حرب العصابات والتصفيات بين أجنحة المافيا الحاكمة،
بعد أن كانت فشلت محاولة قتله في ألمانيا، وجرت تصفية الآنسة “عائدة جبور أحمد” ، سكرتير السفير سليمان حداد، بعد أن اكتشفت المحاولة بمحض المصادفة!
وكان رجل أعمال من اللاذقية ، سبق أن اختطف مع رجال أعمال آخرين من قبل “هلال الأسد” العام الماضي من أجل الفدية وتشليحه ثروته، رصد جائزة مئة ألف دولار لكل جندي سوري أو مواطن يقوم بتصفية المجرم المذكور أوأي من أفراد عائلته، شريطة أن تكون العملية “لوجه الله”، وإحقاقا لحقوق أهالي “القرى العلوية العشر”، وأن لا يكون منتميا لأي من عصابات الثورة الوهابية، وأن لا يكون بينه وبينهم “ثأر شخصي”(*).
المجرم الأكبر في الساحل كان قائدا للشرطة العسكرية في الفرقة الرابعة قبل أن يعين رئيسا لفرع الإسكان العسكري في اللاذقية، الذي يدر أرباحا خرافية، لاسيما بسبب وجود “مكتب التخليص والشحن” التابع للمؤسسة، والذي يؤمن من الأسواق الدولية جميع الاحتياجات المستوردة للمؤسسة من مواد بناء لزوم مشاريعها في أنحاء سوريا المختلفة. مختارات من أبرز إنجازات فقيد المافيا: ـ مع بداية الأزمة ، وبعد أن قررت السلطة “تأطير” عصابات اللجان الشعبية من الشبيحة، جرى تعيين المجرم المذكور قائدا لما يسمى”جيش الدفاع الوطني” (الإسرائيلي) في المحافظة، فتحول مع ابنه المجرم “سليمان” إلى حاكمين فعليين بأمر الله للمحافظة : نهبا وقتلا وتشليحا وتشبيحا على غرار ما يقوم به جيش يشوع التلمودي في فلسطين. وبسبب خسته ودناءته الحقيرة، ككل أبناء عائلته النجسة، لم يعفّ حتى عن مخصصات عائلات وأسر الشهداء، حيث أقدم مع ربيبه وشريكه المجرم اللواء المتقاعد”راقي عمار”، رئيس مكتب الشهداء في المحافظة، على السطو على مئات الملايين من تعويضات تلك الأسر! ـ في آب من الصيف الماضي، وبعد أن قام الجيش السوري بتطهير “القرى العلوية” العشر التي هاجمتها عصابات “النصرة” و”أحرار الشام” وارتكبت فيها المجازر بحق النساء والأطفال قبل أن تخطف وتسبي العشرات منهن وتخطف العشرات من أطفالهن، قام المجرم القتيل ، فقيد أهله والشبيحة وعصابات المافيا واللصوص، بنهب جميع البيوت التي وصلتها أيديهم في القرى المذكورة، لا سيما قرية”بلوطة” التي كانت دفعت الثمن الأكبر من الشهداء والمخطوفين على أيدي الثوار الوهابيين القتلة. ـ حين عينت قيادة الجيش قائدا للمنطقة الساحلية (اللواء لؤي معلا) وقائدا لعملياتها (العقيد سهيل حسن)، وطلبت منهما تحرير القرى المذكورة، لاسيما بلدة “سلمى” حيث مقر عمليات العصابات الوهابية ومقر اعتقال رهائن القرى المذكورة، عمد الضابطان المذكوران إلى محاولة تقليم أظافر المجرم القتيل وتحجيمه، فما كان منه إلا أن هددهما بالقتل وطردهما من المحافظة . ومنذ ذلك الحين لم يتجرأ أي منهما على دخولها! وتعتبر هذه الواقعة فريدة من نوعها في العالم! فسوريا هي البلد الوحيد على وجه الكرة الأرضية التي يقوم فيها أحد أفراد العائلة الحاكمة، وتحت إشراف مباشر من رأس السلطة، بطرد كيار الضباط من منطقته، وتنصاع قيادة الجيش والدولة لأوامره! ولا تزال بلدة “سلمى” تحت احتلال العصابات الوهابية بالنظر لأن المسلحين الذين يحتلونها هم الشركاء التجاريون لهلال الأسد ، وبعضهم من أصدقائه منذ سنوات طويلة، مثل المجرم “نديم بالوش”. ـ قبل ذلك ، وبعده،
أقدم على اختطاف العشرات من الصناعيين ورجال الأعمال في المحافظة، ومعظمهم من المسيحيين، من أجل الحصول على “فدية” وتشليحهم أموالهم وثرواتهم. وقد عمدت سلطة البغي الأسدي إلى اتهام عصابات الثورة الوهابية بعليات الخطف هذه، رغم أنها كانت ـ على غير عادتها ـ بريئة من هذه الجرائم. ـ أقدم على افتتاح سجنين سريين لرهائنه وضحاياه ، أحدهما في المدينة الرياضية شمال اللاذقية، والآخر في مزرعة لجمعية البستان التي يملكها المافيوزي الآخر رامي مخلوف قرب القرداحة. وقد خصص السجنين لإيداع الرهائن الذين اختطفهم من أجل أموالهم. ومن سجن المدينة الرياضية أطلق مؤخرا سراح سيدتين “علويتين” طاعنتين في السن من قرية”بلوطة” بعد صفقة تحرير الراهبات ، من أجل تمليع الوجه القذر للمافيوزي القتيل. ـ أقدم صيف العام الماضي، بالتنسيق مع شريكه “نديم بالوش”، زعيم “كتيبة الريح الصرصر للسلاح الكيماوي في الجيش الحر”،على فبركة “شريط الأرانب” الشهير، الذي يظهر مسلحين وهم يجرون اختبارات كيميائية على أرانب ، وتهديد “العلويين” بالإبادة! وكان المجرم نديم بالوش أطلق سراحه من صيدنايا، حيث كان معتقلا بسبب علاقته بتنظيم”القاعدة” في تركيا، بتدخل من المافيوزي القتيل، الذي منحه مبلغا من المال فور إطلاق سراحه لتدشين عمل تجاري مشترك في اللاذقية! ـ كانت أنشطته الإجرامية كلها، وأنشطة ابنه،تحت رعاية وحماية شيخ الشبيحة الأكبر، بشار الأسد. وقد وصلت خسة ودناءة هذا الأخير وانحطاطه الأخلاقي الفريد من نوعه حد أنه ضرب عرض الحائط باستغاثات أهالي المحافظة لحمايتهم من بطش ولصوصية أبناء عمه، لاسيما المجرم سليمان هلال الأسد، الذي قتل وجرح برشاشه أكثر من عشرة أشخاص من الأبرياء وعابري السبيل منذ بداية الأزمة.ولم يفعل شيخ شبيحة قصر المهاجرين أيما شيء إلا بعد أن أقدم سليمان الأسد على قتل أحد أقرباء “أبو سليم دعبول”، فعمد إلى توقيفه لبضعة أيام في إحدى فيلات القصر الجمهوري قبل أن يطلق سراحه ، حيث عمد إلى إطلاق النار العشوائي وسط الأكاديمية البحرية في اللاذقية! اليوم، وقد جرى إعدام هذا المجرم على أيدي شجاعين من شجعان الجيش السوري، والذي لم يوفر من إجرامه حتى شقيق زوجته وابنه، ترتاح أرواح شهداء “القرى العشر”، وبقية الشهداء الذين سقطوا على يديه والضحايا الذين لا يزالون مفقودين في غياهب زنازينه. المجد لشهداء الجيش السوري وذكراهم، وللعسكريين البطلين اللذين انتقما لأرواح ضحايا المجرم القتيل واللعنة ، كل اللعنة، على كل ذكر لعائلة القتلة واللصوص من مماليك آل الأسد حتى اقتلاعهم واقتلاع ذكرهم من تاريخ هذا الوطن المنكوب بهم منذ أربعة عقود ـــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) ـ رغم وضعي الصعب ، آثرت أن أفتح صفحتي لمرة واحدة فقط، من أجل هذه المناسبة. فقد كان أشد صعوبة عليّ ، حتى من ظرفي الخاص، أن يمر هذا اليوم دون أن أرثي هلال الأسد على طريقتي! (*) ـ رابط لإعلان رجل الأعمال اللاذقي المنشور مطلع كانون الأول الماضي، والذي رصد فيه جائزة مئة ألف دولار لمن ينزل عقوبة الإعدام بالمجرم القتيل: