هناك اتفاق بين الأديان الثلاث أن الله منح فلسطين لليهود ويشهد على هذا الكتب السماوية. ففي القرآن ورد أن الله وهب اليهود فلسطين في الآية “يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ” ( المائده ايه 21 ) كما ورد في التوراة “سأعطي نَسْلَكَ هذه الأرضَ من وادي العريش إلى النهر الكبير، نهر الفرات.” (سفر التكوين: الإصحاح 15، الآية 18). وكذلك، ورد في الإنجيل “ويكون متى أدخلك الرب ارض الكنعانيين والحثيين والأموريين والحويين واليبوسيين التي حلف لآبائك أن يعطيك أرضًا تفيض لبنًا وعسلًا أنك تصنع هذه الخدمة في هذا الشهر” (سفر الخروج 13:5)
وإذا جادلنا في حق الفلسطينيين في فلسطين من منطلق ديني، فإن هذا يعني أننا نقف في وجه معتنقي الديانتين المسيحية واليهودية إذ أن التوراة والإنجيل تنصان على أن الله منح فلسطين لليهود، كما أن القرآن ينص على أن بني إسرائيل فُضلوا على سائر الشعوب في قوله تعالى “يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين” (البقرة 47)
إذن ، حري بنا عدم التطرق إلى الديانات في معرض الدفاع عن الحق الفلسطيني، وتركز الجهود على الحق التاريخي، لأنه في هذه الحالة قد نجد من يبحث في الحق التاريخي من خلال أساليب علمية، أما إذا دخلنا من مدخل الديانات، فلا شك أننا سنقف على جانب مقابل والعالم كله في الجانب الآخر. ولا يمكننا اتهام أحد أن كتابه المقدس محرف، لأنهم سيكيلون لنا الاتهامات بالإرهاب والتخلف وقمع المرأة وقطع الأطراف وقتل غير المسلمين.
إن استعداء العالم كله لا يصب في مصلحة القضية الفلسطينية لأن المسيحيين واليهود متفوقون علينا بالعلم والتكنولوجيا والأسلحة الفتاكة كما أن المسيحيين في الدول الغربية متعاطفون مع اليهود ومؤيدون لدولة إسرائيل لأن الإنجيل هو العهد الجديد والتوراة هي العهد القديم، أي أن الإنجيل امتداد للتوراة. ويجب ألا ننسى العديد من الآيات القرآنية التي تحض على قتل غير المسلمين وإن كانوا يجهلون سياق تلك الآيات. كما أن معظمهم يعرفون ما المقصود بآية “ولا الضالين” من سورة الفاتحة. لذا فإن استعداء غير المسلمين ممن يمتلكون القوة العسكرية والشركات الإعلامية العملاقة لا يخدم القضية الفلسطينية بشيء.
إن على النخب المثقفة من أساتذة الجامعات ورجال السياسة استبدال الخطاب الديني بالأدلة التاريخية والبراهين العلمية من آثار ومخطوطات قديمة لإثبات الحق الفلسطيني والكف عن التحدث بالحق الديني، إذ يكفي هذا الشعب المسكين ما لاقاه من قتل ودمار. لقد نجح الكثير من المفكرين الفلسطينيين المغتربين في تعريف الشعوب الأخرى بالقضية الفلسطينية بأسلوب يفهمونه ويجعلهم يتعاطفون مع الفلسطينيين. ألم يخرج غالاوي على سفينة لكسر الحصار على غزة؟
ولعل أبرز من خدم القضية الفلسطينية هو المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد حين نادى بجمع الفلسطينيين واليهود في دولة واحدة وذلك في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 10 يناير1999 وهذا حل يصب في مصلحة الفلسطينيين بالنظر إلى أن امتزاج الشعبين يعود بالمنفعة عليهما، فالفلسطينيون سيتعلمون كيفية ممارسة الديمقراطية ويستفيدون من التقدم العلمي والتكنولوجي عند الإسرائيليين، والإسرائيليون سينبذون العنف ويضطرون إلى التعايش السلمي مع الفلسطينيين. وإذا ضاقوا ذرعا بهذه المساواة، لا بد أنهم سيرحلون ويعيدوا من حيث أتوا كما حدث في جنوب أفريقيا حيث ضاق البيض ذرعا بالمساواة مع السود وعادوا إلى بلادهم. كما أن هذه الدولة المشتركة ستنفتح على دول الجوار وتنشط الحركة فيما بينها وينتعش النشاط التجاري وبالتالي سيرتفع مستوى المعيشة للفلسطينيين الفقراء. وإذا عاد فلسطينيو الشتات بأموالهم وعقولهم، فإنهم سيسهمون في رفع مستوى الفلسطينيين علميا واقتصاديا، وسيصبح الفلسطينيون هم الأكثرية التي تفرض نفسها في الانتخابات وتداول السلطة.
وفي الحقيقة أن الترويج لهذا الحل قد يجد آذانا صاغية من قبل دول العالم، وخاصة الشعوب المحبة للسلام. فلماذا لا يتفق الفلسطينيون والإسرائيليون على هذا الحل بدلا من إراقة الدماء كل فترة وفترة. كما أن هذه الحملة تستطيع أن تستند إلى كثير من العوامل المشتركة بين الشعبين وخاصة جدهم الأكبر النبي إبراهيم كما أنها ستقلل من التطرف الديني والجماعات التي ترتكب الفظائع باسم الإسلام.
المصدر ايلاف