كتبت هذه المقالة بتاريخ 24\2\2011
واعيد نشرها للمقارنة بين تصرف دهاة التاريخ وقلة حيلة بشار الأسد الذي يدمر سوريا واهلها وربما يتسبب في مصير اسود لطائفته؟
تزخر كتب التاريخ بالشخصيات السياسية, من الذين اظهروا براعة وحنكة بالقيادة والدبلوماسية باحلك الظروف واشدها سوادا, وانقذوا عروشهم وشعوبهم من الابادة المحتمة, باتخاذهم خطوات بسيطة ذكية وغير مكلفة على الاطلاق والتي ادت الى تغيير مجرى التاريخ.
سأستعرض بهذه المقالة بعض هذه الشخصيات, وكيف اثروا على مجرى التاريخ من وجهة نظري الشخصية, وكما اراها كباحث, ثم انتقل الى استخلاص العبر من هذه التجارب كما يراها الكاتب لهذا المقال, وانهي المقال بخاتمة.
ابو سفيان ابن حرب
كان لكل قبيلة عربية, قبل عصر الاسلام, آلهة تتعبد بها, وتتضرع لها لمساندتها بحروبها لاحراز النصر على اعدائها. وكانت عندما تغير قبيلة على اخرى, تقوم القبيلة المنتصرة بتحطيم آلهة القبيلة المهزومة, فتفقد القبيلة الخاسرة ثقتها بآلهتها, وتنضم للقبيلة المنتصرة, وتتحد معها وتصبح تتعبد بآلهتها, لانها حسب منطقهم انذاك, هي الآلهة الحقة الجديرة بالعبادة, لانها نصرت اتباعها بحربهم ضد قبيلتهم. وهذا بالضبط ما فعله ابو سفيان وغير مجرى التاريخ !
أبو سفيان، صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف (وأبو حنظلة) الأموي. ولد في مكة قبل عام الفيل بعشر سنين. تروي كتب التراث انه أسلم يوم فتح مكة, بعد ان تم تخيّره بين الاسلام او القتل, فاجاب ابو سفيان: لو كانت آلهتي هي الحقة لنصرتني عليك, ولكن الهتك هي الحقة لانها نصرتك علي, فقال عندها قولته الشهيرة, بابي وامي يا رسول الله!
هذا الداهية السياسي وزعيم قريش والعرب, لم يؤمن قط بالاسلام, ولكن حنكته السياسية جعلته يعلن اسلامه ويعلن ولائه رسميا للرسول ليعود بعد ذلك, عن طريق ابنه معاوية ويحكم العرب وكل الدول التي تم اخضاعها للاسلام. واول خطوة قام بها بعد موت الرسول هي التأكيد على عدم وصول الخلافة التي وعد بها الرسول لعلي ابن ابي طالب, الى اي شخص من بني هاشم وهي عائلة الرسول؟ وسنرى لا حقا كيف انتزع ابنه الخلافة من علي ابن ابي طالب بمنتهى الحنكة والدهاء السياسي.
وخير من عبر عن هذا الدهاء السياسي لزعيم قريش هو حفيده زيد الذي قال:
لعبت هاشـم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ما كان فعل
معاوية ابن ابي سفيان
بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان, رفض معاوية ابن ابي سفيان,وهو والي الشام, مبايعة على ابن ابي طالب وهو من بني هاشم, التي هي عائلة الرسول. فقام على ابن ابي طالب على رأس جيش لاخضاع والي الشام, وتصادم الجيشان بمعركة صفين, فأراد الداهية معاوية عدم التفريط بجيشه, (فرخ البط عوام, لنتذكر مما سبق حنكة والده زعيم قريش والعرب), فماذا ينفعه نصر يؤدي الى فقدان معظم قواته, فيأتي مغامر اخر , وكان المغامرون كثيرين بذلك الوقت, ويجمع جيشا ويتغلب عليه لأن جيشه اصبح ضعيفا, ويبعده عن السلطة؟؟
لذلك لجأ معاوية الى الحيلة ليحتفظ بقوته العسكرية, فاتفق مع امكر العرب وهو عمر بن العاص على خداع علي ابن ابي طالب, بحجة حقن دماء المسلمين, فأمر جنوده برفع المصاحف على الرماح, للاحتكام الى القرآن, ورتبوا مؤامرة, بان يرسل كل من علي بن ابي طالب ومعاوية من يمثله الى التحكيم بدل القتال. وقبل “علي” التحكيم فأرسل أبو موسى الأشعري نيابة عنه وأرسل معاوية عمرو بن العاص نيابة عنه فاقنع عمرو بن العاص أبو موسى أن يخلعا كل من علي ومعاوية, فوافق أبو موسى وخرج قائلا جملته الشهيرة “أنا اخلع صاحبي كما اخلع خاتمي هذا” فرد عمرو بن العاص قائلا: “وأنا اثبت صاحبي كما أثبت خاتمي هذا”, وهكذا اندلعت الحرب بعد ان اصبح معظم الجيش الى جانب معاوية لأنه حقن دماء المسلمين وقبل بعدل التحكيم, بينما ظهر علي ابن ابي طالب كرافض لعدالة التحكيم وحقن دماء المسلمين, مما أدى في النهاية إلى مقتل علي بن ابي طالب بكمين مرتب على يد أحد الخوارج. وبهذه الطريقة حافظ معاوية ابن ابي سفيان على جيشه قويا واستحوذ على الخلافة.
الخليفة العثماني عبد العزيز (مدة حكمه 15 سنة)
ولد سنة 1245هـ الموافق 1830م، استلم السلطة بعد وفاة أخيه عبد المجيد الأول سنة 1277هـ الموافق 1861م وكان عمره حينئذ 31 سنة. تقول كتب التاريخ التركية والعربية بان قواه العقلية اختلفت بعد ان تم عزله فانتحر, وهناك من يشكك بهذه الرواية, فهناك مصادر تقول بان الذين خلعوه قتلوه, والصحيح أكثر أنه خلع وقتل بسبب إنه اراد تغيير تحالفات الامبراطورية العثمانية مع دول التحالف الاوربي, بسبب التدخل الزائد لهذه الاخيرة في أمور الخلافة، وتحويل تحالف العثمانيين إلى روسيا القيصرية ضد الدول الأوروبية. وعندما كثرت اتصالاته مع روسيا ووصلت الامور الى توقيع معاهدات, تم تدبير مؤامرة لخلعه ثم قتله. وهو الذي تابع مسيرة التغريب تحت شعار الإصلاح والتحديث، وعلى عهده تم تشكيل جماعة تركية الفتاه أو الاتحاد والترقي سنة 1860م، ومعظمهم من رجال القصر، وجعل الحكم في مصر في عائلة خديوي مصر وفي أبنائه وكان على وفاق معه. وتضيف المصادربانه خلع من الخلافة بدعوى الجنون سنة 1293هـ الموافق 1876م وقتل بعد أربعة أيام من خلعه، وكان عمره 46 سنة.
أما المؤرخ الروسي قسطنطين بازيلي, في كتابه “تاريخ سوريا وفلسطين تحت الحكم العثماني”, يقول بان الخليفة عبد العزيز قد ذهب ابعد من التحالف مع روسيا بكثير, حيث كان مبهورا بروسيا القيصرية وبانتصاراتها العسكرية الدائمةعلى العثمانيين بكل المعارك التي جرت بينهما, وقد تحول للمسيحية بعد ان عرف زيف الاسلام وامتعض منه , واراد ان يحول دين السلطنة العثمانية الى المسيحية , فتمت تدبير مؤامرة جنونه وعزله وقتله.
نعم لقد تم قتل الخليفة عبدالعزيز ولكن فكرته لم تمت قط, فقد أتى بعده بستمائة عام ” آتاتورك”, “ابو الاتراك” ومؤسس الدولة التركية العلمانية الحديثة لكي يخلص كاهل تركيا من ارثها الاسلامي الذي اوصل الدولة العثمانية الى “الرجل المريض”, ويحولها للمسيحية, نعم للمسيحية, لان الاسلام مع العلمانية هي المسيحية بعينها, ولا فرق بين بين طريقة الخليفة عبدالعزيز واتاتورك الا الزمان الذي اتى به كل منهما, فبزمن عبدالعزيز كانت المسيحية ولم تكن العلمانية قد وجدت بعد.
خواطر الكاتب على هذه الاحداث السياسية
لنتصور لو ان ابوسفيان لم يعلن اسلامه ماذا كان سيحدث؟ لكانت انهكت الحروب القبائل العربية, ولمات الدين الاسلامي في مهده, ولما قامت لاي امبراطورية عربية اي قائمة, ولقتل ابناء ابو سفيان بالحروب مع المسلمين بدلا من ان يحكم اولاده واحفاده اكبر امبراطورية بالتاريخ تمتد من اسبانيا الى بلاد الهند والسند.
فكما نرى, فان السياسة هي فن الممكن! فحنكة ابو سفيان وحدسه السياسي, الهماه ان يعتنق الاسلام رسميا, لكي يعود ابنه معاوية, ويسترد الزعامة , لا بل اكثر من الزعامة وهي الخلافة.
معاوية هذا الذي ازاح علي ابن ابي طالب الهاشمي عن الحكم بلعبة سياسة بمنتهى المكر واصبح خليفة المسلمين والحاكم الابدي ومن بعده اولاده وأسرته مدى الحياة. لنتصور ايضا لو ان معاوية, قرر خوض الحرب ضد علي بن ابي طالب, لانهك جيشه فيصبح بذلك لديه جيشا ضعيفا ومكشوفا لاي طامع اخر بالخلافة, فيأتي هذا الاخر, وبجهد بسيط ويستولي على الخلافة , لان العمل الصعب قام به معاوية بالانتصار على جيش علي بن ابي طالب!
والجدير بالذكر هنا ان جميع الزعماء العرب بتبعون حنكة معاوية بن ابي سفيان, حيث انهم يتجنبون اي حرب لتحرير الاراضي العربية المحتلة, لكي لا تضعف وتنهك جيوشهم وبالتالي سلطتهم, وبالتالي يسهل الانقلاب عليهم من كل من تسول له نفسه للوصول الى السلطة وهم كثيرون؟ فالجيش وقوته وسلامته وبقائه تحت سيطرة الزعيم هو من اهم مقومات استقرار السلطة بالنسبة لأي زعيم عربي؟ وهم يكتفون بالمعارك الصوتية فقط لا غير لتحرير الاراضي المحتلة , والامثلة على ذلك اكثر من ان تحصى, نذكرمنها انسحاب الداهية حافظ الاسد من القنيطرة عام 1967 لكي يبقى حكم العسكر قويا ويقبض الثمن بان يصبح حاكم سوريا في ما بعد.
وفي الختام, لم يكن سبب كتابتي لهذا المقال هو استذكار نوادر من التاريخ وهي موجودة بكل المراجع, ولكن كان هدفي هو ان ارد على الذين انتقدوا مقالي الاخير والمنشور على النت ” ما هو الحل؟ “, من المعلقين ومن اصدقائي اليساريين والشيوعيين والملحدين والعلمانيين, والذين اتهموني بالتبشير والتنصير, وذلك لاني استعرضت به الحلول العملية المجربة والناجحة لمشاكل اوطاننا, وكانت احدى هذه الحلول والتي توصل اليها الباحث السوري المسلماني وهو التحول للمسيحية (راجع مقالنا).
كلا يا سادتي! فانا اخر ما يهمني هو التبشير, وانا ما يهمني هو ايجاد حلول لمشاكلنا ولو كانت حتى التحول للديانة الهندوسية, بنفس طريقة ابي سفيان والقبائل العربية قبل الاسلام. و انا لا اطلب منكم الايمان بالخرافات الدينية, ولكن انا اطلب القيام بخطوة عملية سياسية مؤثرة وفاعلة على طريق النجاح, وتغيير مجرى التاريخ كما فعل ابو سفيان واولاده وكما فعل الخليفة العثماني, وبعده أتاتورك! فالسياسة هي فن الممكن. وانا اصر على انه يجب علينا ان نتبنى حل عملي ناجح ومجرب مثل تجربة كوريا الجنوبية, وانا ادعوا المثقفين والقادة الى اتخاذ خطوة لتغيير التاريخ وترك الاسلام رسميا والدخول بالمسيحية رسميا دون حتى ايمان . لان الاجواء المسيحية هي الكفيلة بالانتقال الى العلمانية وحقوق الانسان, وبالتالي التقدم والازدهار, فالسياسة فن الممكن, وكل عربي يريد ان يقول “لا للاسلام ولا لمصائب الاسلام ” يجب من وجهة نظر الحنكة السياسية ان يصبح مسيحيا كما اسلم ابو سفيان والقبائل العربية و كما كان يريد ان يفعل الخليفة العثماني الذي اراد ان يجعل من المسيحية دينا للأمبراطورية العثمانية, وكما فعل اتاتورك بالتحول للعلمانية.
. هوامش:
كتاب”تاريخ سورية وفلسطين تحت الحكم العثماني” : تأليف قسطنطين بازيلي, الذي عمل قنصلا لروسيا القيصرية في كل من حلب ودمشق وبيروت والقدس, حيث سافر كثيرا بين هذه المدن, وكان شاهد عيان على هذه الحقبة.
قدم للكتاب صديقة الروائي الروسي المعروف نيكولاي جوجل صاحب رواية “المعطف” وهي من روائع الأدب العالمي. الكتاب صادر عن دار النشر بموسكو 1980 باللغة الروسية ومترجم للعربية.
كتاب “سيرة محمد رسول الله “: تأليف كاتبة روسية (لا اذكر اسمها) من لينينغراد (بطرسبرغ,حاليا) سافرت الى مكة وكثير من الاماكن التاريخية التي كان بها الرسول لتحقيق هذا الكتاب. وتوفيت قبل ان تتمه فقام شقيقها باتمامه ونشره, حصلت على موافقة مفتي المسلمين بالاتحاد السوفييتي لنشر هذا الكتاب. الكتاب باللغة الروسية , صادر عن دار النشر بلينينغراد 1985 , غير مترجم للعربية عندما قرأته سنة 1994 .
مقالة: ما هو الحل؟
ماقل ودل … والحل لكل ذي عقل ؟
١: منع الزواج بأكثر من المراءة واحدة ؟
٢: منع التفريخ لأكثر من ٣اطفال ، وتتكفل الدولة برعايتهم وتعليمهم حتى الكل الكلية ؟
٣: تشريع قانون المواطنة ( أليس حب الأوطان من الإيمان ) ؟
٤: تشريع قانون حرية العبادة ( أوليس الله من يهدي ومن ويظل) فلماذا السلب والنهب باسم الله وسفك الدماء ، اليس
مايفعله المسلمون اليوم كما الأمس عين الغباء ؟
٥: توحيد فترة حكم الرؤساء في كل الدول بأربعة سنوات فقط غير قابلة للتجديد ، ومن يفشل في مهمته يودع السجن الى الأبد ، والسبب حتى لا يتقدم الى المسؤولية كل احمق وغبي وجاهل ؟
٦: إعدام كل قاضي لا يحكم بالعدل ، وكل مسؤول مرتشي ؟
٧: منع إعدام اي مواطن من دون محاكمة علنية ، ولايصدر حكم الإعدام الى من قبل هيئة محلفين لاتقل عن ١٢ محلف وبالأغلبية ؟
٨: وأخيرا: سيبقى كل ماقلته مجرد احلام رومانسية ، لان من لم يتغير طيلة اكثر من ١٤٣٤عام يستحيل ان يتغير بأعوام مادام دينه الاسلام ، سلام ؟