اشتهر أهل دمشق باستخدام عبارات تحتمل أكثر من معنى وتربك المتلقي. هذه البراعة في التواصل الاجتماعي أعيت دائماً الفهم الدقيق لما يقصدون.
ويمكنني في سبيل التسلية التي نفتقدها هذه الأيام، إعطاء ثلاثة أمثلة يستحسن فهمها.
١- الله يرحم أبوك- ويمكن ان تعني ثلاثة أمور:
– ترحم بريء لا قصد من ورائه.
– سامحه الله على إنجاب غليظ مثلك أو غبي مثلك.
– أنت خير خلف لخير سلف.
جوابك يجب أن يكون ‘ وهل يليق بي ان أكون ولده’ وطبعاً يجيبك بصدق أو أدباً (لا يهم)، أنت خير خلف لخير سلف. وهكذا يزول الغموض، بالنسبة للحاضرين على الأقل.
٢- ‘بالله عليك’ – عبارة في غاية الحنكة.
يتعرف عليك شخص بمرتبة أبيك قد يؤثر بشكل ما على تقييمك بين الناس.
يسألك أولا في موضوع تفهم فيه وتجيد في جوابك ويقابلك بعد كل فكرة بعبارة ‘ بالله عليك’ لتحفيزك على الحديث أكثر ويكتشف أنك على ما يبدو تفهم في اختصاصك أو مهنتك.
ثم يسألك السؤال الفخ في موضوع من الصعب أن تلم به. مثلاً ‘ ما رأيك بأزمة الأرز في تايلند’ أو ‘هل تعتقد يا بني أن علينا زرع مشمش أكثر في الغوطة’. وهنا تسترسل في الإجابة في موضوع لا تفهم فيه معجباً بتفوقك عليه لقلة معلوماته. وهو يقابلك بعدد من آل ‘بالله عليك’ لتحفيزك على التخبيص أكثر. ويكتشف أنك مدع لا خير فيك.
لذلك ينبغي التنبه والاجابة بما تعرفه فقط والاعتذار بأنك غير مطلع على الموضوع الذي لا تفهم فيه، وهكذا تنجح في امتحان ‘بالله عليك’.
٣- النميمة:
أحياناً في مجالس النساء تقول إحداهن وهي تمتدح أحدهم ‘ ان الدكتور سامي طبيب بارع ومرضاه يمتدحونه كثيرا، ما شاء الله عليه. ويقولون أن الأطباء أصدقاؤه بارعون جداً أيضاً فالطبيب أحمد شاطر كتير ويقولون ربما أشطر منه’
معنى الكلام أن أحمد هو الطبيب البارع، أما سامي فمتوسط الحال. لكن أيا من اللواتي حضرن المجلس، لا تستطيع نقل أن فلانة انتقدت الطبيب سامي فهي قد امتدحته وهناك شهود على ذلك.
أما الطبيب سامي فيجب أن يفهم اذا وصله الكلام أن السيدة انتقدته بأناقة. والأناقة من سمات الحضارة.
ثلاثة أمثلة وهناك العشرات. هذه البراعة تستحق منا التأمل وليس بالضرورة التجنب.
أحبك يا شام.