لا ينفك عدد من المغالين في مواقفهم السياسية التي لا يدركوا أبعادها، أو المعتاشين من الإحتراب الدائم، يعطوني دروساً في الوطنية ويشفقون على سذاجتي في طرح ما يوحد السوريين.
إلى هؤلاء تَحْضُرُني قصة لطيفة جرت بين ظريف الكهنة الموارنة في لبنان الخوري يوسف عون والشاعر عمر أبو ريشة رحمهما الله.
أُصيب الخوري عون بأزمة قلبية قادته في ستينات القرن الماضي إلى المستشفى حيث عولج وتماثل للشفاء.
وقد كان من الزجَّالين المشهود لهم بالبراعة في نظم الزجل. وعاد الشاعر أبو ريشة في أول زيارة إلى بيروت يومها، وعَلِم بأن صديقه المقرب الخوري يوسف عون في المستشفى فأسرع إلى زيارته.
وبعد اللقاء والمعانقة والحديث الودي اللطيف، أخرج أبو ريشة علبة سجائره من جيبه وعرض على الخوري سيجارة قائلاً:
‘ لا بد أنك خرمان فتفضل !’
أجابه الخوري عون بِأبياتٍ من الزجل، ظَلَّ أبو ريشة يرددها إلى آخر حياته:
عمر بو ريشة بَطَّل تدخين ——- بِيضَيِفْني سيجارة
قلت القحبة بعد الخمسين—— بْتْحِب تعمل سمسارة
أقول لمن يتنطح بإعطائي الدروس المجانية في الوطنية: لا تُسَمْسِروا لغيركم، فقد أصبحنا جميعاً وقود هذه الحرب القذرة. إعملوا على توحيد شعبنا ضد التكفيريين ومن أجل الوصول إلى سوريا الموحدة، دولة القانون والمواطنة والكرامة الإنسانية.
عودوا إلى رشدكم، لا تكرروا الشعارات الفارغة، بَشِّروا بالمحبة والسلام.
سوريا تناديكم …