دروس تاريخية في الأخلاق

idesinvenالدكتور حكيم العبادي

مفاهيم … ( 21 ) أخطاء خمس نجوم 

في تموز 2012 ، قامت شيلا توماس النادلة في أحد كافتيريات لندن ، بتوبيخ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لتجاوزه الطابور وطلبه فنجانا ً من القهوة … مما إضطره للعودة للطابور والوقوف عشر دقائق بإنتظار دوره !!! .

خطأ الوزير ليس خطا ً فرديا ً :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في بداية الاربعينات من القرن الماضي … وكانت الحرب العالمية الثانية في أوجها … كان عدد القذائف التي يسقطها الطيران الألماني فوق لندن قد تجاوز مائتا ألف قذيفة في يوم واحد … حاول احد الوزراء الإنجليز ، وأظنه وزير العدل ( إذا لم تخني الذاكرة ) … حاول الإسراع بسيارته للوصول إلى إجتماع طاريء لمجلس الوزراء … في تلك اللجظة ، حاول عامل القمامة أن يعبر الشارع بعربته أمام سيارة الوزير … فإضطر الوزير الى أن يبطيء قليلا ً .
إرتبك العامل ، فدفع عربته بسرعة سببت سقوط بعض القمامة على أرضية الشارع … حاول العامل التوقف لإلتقاط الأوساخ الساقطة ، وإعادتها للعربة … مما سبب تأخر سيارة الوزير لثواني ، أو ربما دقائق !!! .
فقد الوزيد أعصابه فأخرج رأسه من نافذة السيارة وقال للعامل : (( أحمق )) .
إلتقط العامل رقم السيارة وقدم شكوى لبلدية لندن .
أصدرت البلدية أمرها بعدم رفع النفايات من امام بيت الوزير و رفعت الشكوى لرئاسة الوزراء .
طالب ونستون تشرشل ، رئيس وزراء بريطانيا حينها ، وزيره بالإعتذار للعامل … إستقال الوزير فورا ً وذهب ليقدم إعتذاره … رفض رئيس الوزراء الإستقالة !!! … أتعلمون لماذا ؟؟؟ .
قال للوزير : لقد أهنته وزيرا ً ولن أرضى أن تعتذر شخصا ً عاديا ً … إستقالتك معلقة حتى تعتذروأنت وزير … وحينها سأوافق !!! .
إعتذر الوزير … ثم قبلت إستقالته !!! .
خلال التسعة ايام التي إستغرقتها هذه القضية ، تجمعت القمامة أمام منزل الوزير تلالا ً … وصارت رائحة الشارع الذي يقطن فيه لا تطاق … مما جعله ينزل كل ليلة لينقل بسيارته الخاصة بعضا ً منها إلى خارج المدينة !!! .
هل أدركتم الآن أن اخطاء الوزراء والمسؤولين لا تسيء لأشخاصهم فقط … وإنما تسيء للحكومة وللشعب وللحزب الذي يمثله الوزيرأو المسؤول ؟؟؟؟ .
نعم المحترمون يدركون هذا !!! .

الشعب من يراقب لا الحكومة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يخطيء من يعتقد أن المواطن الاوربي ملاك !!! … ويخطيء تماما ً من يعتقد أنهم لا يخطؤون !!! .
يخطيء الأوربي ، و يخطيء الياباني مثلما نخطيء تماما ً ، ولو بنسبة أقل بكثير … لكنهم يخطؤون !!! .
ما الفرق إذن ؟؟؟ .
الفرق هو في وعي الناس … الفرق هو أن من يُرتكب بحقه الخطأ لا يسكت … ولا يسامح … ويطالب بحقه … ليس هذا فقط … بل يتضامن معه الجميع لحماية الجميع !!! … ولحماية المجتمع !!! .
الرقابة الحقيقية في مجتمعاتهم هي لوعي الإنسان … ولكرامة الشعب … ولإحترام الناس لمبدأ المساواة والعدل … وليس لرقابة الحكومة … ولذلك لا يهان في مجتمعاتهم احد … ولا يساء لأحد .
في مجتمعنا العربي … يكذب علينا المسؤول كل يوم ونحترمه !!! … يغشنا البقال كل يوم ونشتري منه !!! … يقوم المطعم بتسميمنا كل يوم ونرتاده !!! … يسرقنا الطبيب كل يوم ونحمل إليه اطفالنا !!! … يستهتر بنا المالك ونسكن في بنايته !!! … يمارس رجال الدين مختلف انواع العهر وندافع عنهم … ونمنع من ينتقدهم بحجة إن لحوم العلماء مسمومة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!! … ألا تلاحظون أن المشكلة فينا ؟؟؟ … ولن يحترمنا احد حين لا نستطيع فرض إحترامنا على أحد ؟؟؟ .

الوزير نموذجا ً :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الوزير الذي أعاد طائرة خطوط الشرق الأوسط اللبنانية من بغداد … ومسؤولوا المطار الذين رفضوا إستقبالها لعدم وجود إبن الوزير … ليسوا فاسدين أكثر منا … فالنفس أمارة بالسوء … والمتنبي العظيم يقول :
الظلم من شيم النفوس ، فإن تجد ذا عفـــة ٍ فلعلــة ٍ لا يظلـــــــم ُ
الفاسد الحقيقي هو الشعب الذي يصفق لهذا الأرعن !!! … والفاسد الحقيقي هو شيخ العشيرة الذي يرضى ان يحمل هذا الإنتهازي إسم عشيرته !!!… والفاسد الحقيقي هوصديق هذا الوزير الذي يرضى بالسلام عليه ، لأن الطيور على اشكالها تقع !!! … والفاسد الحقيقي هو الإعلام الذي لا يغلق صحفه و محطاته إحتجاجا ً على سلوك تافه كهذا !!! … والفاسد الحقيقي هو رجل الدين الذي يدافع عن هذا الفاسد ويسمح له بتقليده !!! … والفاسد الحقيقي هو الموظف الذي يرضى بتنفيذ أوامر تصدرعن وزير كهذا !!! … والفاسد الحقيقي هو رئيس الوزراء الذي يسكت عن سلوك متخلف عاهر كهذا … ويسمح له بأن يسيء لدولة إسمها العراق يمثلها رئيس الوزراء هذا!!! .
هل نضبت ارحام العراقيات ولم يتبق إلا كل متردية ونطيحة وموقوذة تجلبها المحاصصة لحكم العراق ؟؟؟ .
71 راكبا ً تتم إعادتهم إلى بيروت … لا يعلم إلا الله بظروفهم !!! … فليسوا جميعهم مثل إبن الوزير ذهبوا للمتعة بنقود العراقيين المسروقة !!! .
هل يتجرأ هذا النكرة على عمل ٍ كهذا لو كانت حكومته تحترم هؤلاء ال71 مواطنا ً ؟؟؟؟ .
هل يتجرأ على فعل ٍ كهذا لو كانت هناك حرمة لشيء إسمه وعي الشعب العراقي ؟؟؟؟ .
لقد صرنا فضيحة ً بين شعوب الأرض … ولن نعيد بعض القيمة لشعبنا ما لم نقف جميعا ً وبقوة بوجه هؤلاء المفسدين … بدءا ً من المرجع الذي عليه أن لا يسمح لهؤلاء بالصلاة خلفه … حتى زوجته التي يجب أن لا تسمح له بالإقتراب منها حتى يستعيد كرامته وسمعته !!! .
لن نسكت فقد وصلت الإهانة حتى النخاع … ولم يبق ثمة ما يستحق أن نصبر من اجله .
بهذا وحده سنعرف معنى الإحترام !!! … وسننتظر غدا ً يليق بالإنسان !!! .

ملاحظة :
ـــــــــــــــــ
للمرة الثالثة يضطرني موضوع طاريء إلى تأجيل مقال وكتابة مقال طاريء غيره .

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.