درس في الأخلاق السياسية تحريض أهوج لمحمد المدني على رئيس بلدية الناصرة علي سلام

nabilaudehأثار رئيس اللجنة الفلسطينية للتواصل مع المجتمع الاسرائيلي محمد المدني في حديث له مع الإعلامي نادر أبو تامر في برنامجه “أجندة” الذي يذاع من صوت اسرائيل بالعربية ، عاصفة يمكن وصفها بانها مقياس للغباء السياسي والتحريض الشخصي للسيد محمد المدني، اذ أنكر عبر صوت اسرائيل ما كان قد قاله السيد علي سلام رئيس بلدية الناصرة من أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن ) اتصل به يوم انتخابات الكنيست العام الماضي، وطلب منه استغلال نفوذه لاقناع سكان المدينة التصويت للقائمة المشتركة.
اولا الغباء والكذب في اسلوب المدني يتجاوز ليس للمنطق السياسي فقط، بل للاحترام في التعامل مع رئيس اكبر بلدية عربية في اسرائيل، رئيس بلدية مدينة الناصرة السيد علي سلام، العاصمة السياسية للجماهير العربية. كان باستطاعته ان ينكر ببساطة موضوع الاتصال ، بدون ان يضيف كلمات لا تليق بمكانة رئيس بلدية الناصرة ، اذ قال في تصريحه الغبي، الكاذب وغير الأخلاقي ان علي سلام غير موفق “ويسعى من خلاله الى تأكيد شعبيته واستعراض بطولته في الناصرة وانه لا يوجد اي تدخل فلسطيني من قبل الرئيس محمود عباس في الشؤون السياسية الاسرائيلية الداخلية وخاصة فيما يتعلق بالمواطنين العرب في اسرائيل ، بغض النظر اننا شعب واحد “.
لو اكتفي السيد المدني بالشطر الثاني من التصريح بان السيد محمود عباس “لا يتدخل فيما يتعلق بالمواطنين العرب” لقلنا له اجدت، وهذا أمر طبيعي ان لا تعترف السلطة الفلسطينية بتدخل رئيسها لحث رئيس بلدية الناصرة ، عاصمة جماهير العربية ان يستغل نفوذه لاقناع سكان المدينة التصويت للقائمة المشتركة.. واسفر تدخل علي سلام الى زيادة التصويت بنسبة مئوية كبيرة جدا.
لكن السيد المدني سقط في لسانة سقطة مخجلة مقدما خدمة كبيرة لقوى تتصيد بالماء العكر. افهم تماما ان انكار تدخل السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس هام وضروري، لكننا كما قال المدني شعب واحد، ولسنا شعبين. وتوجه السيد ابو مازن للسيد علي سلام ليس موضوعا للنشر واذا نشر يجب انكاره وعدم المزايدة لأنها تتجاوز الانكار الى التحريض الشخصي، الانكار وضبط اللسان مقبول على كل عاقل. الخطأ في تصريحات المدني هي سقطته البشعة بالتهجم بصيغة شخصية ضد رئيس بلدية الناصرة. هذا مرفوض ومخجل من شخصية تدعي المعرفة ويتبين انه مجرد خادم للإعلام الاسرائيلي.. ولا اريد ان استنتج ما هو ابعد من ذلك.
اضطرار علي سلام للرد جاء ليؤكد الموقف الانساني المسؤول والعقلاني الذي يرفض ان يسمح باستغلال موضوع العلاقة بين ابناء الشعب الواحد في المزايدات العلنية. علي سلام اجاد برده حين تعامل مع المدني بمنطق يسقط الزوبعة الغبية التي أثارها والتي لن تخدم لا الناصرة والشعب الفلسطيني ولا القائمة المشتركة . قال سلام في رده: ” شكرا لـ محمد المدني، لم يكن اتصال ولم يتدخل أحد .. لا اريد الدخول بالتفاصيل لكني أعد محمد المدني بأني سوف احضر الى رام الله لنجتمع معا وسأحضر من كانوا معي خلال اللقاءات السابقة”. واضاف علي سلام باتصال مع برنامج نادر ابو تامر:” آسف لتصريحات محمد المدني التي قال بها اني أحاول ان استعراض عضلات، عيب هذا الحكي وانا لن اسكت عليه، تصريحات محمد المدني غير مقبولة “.
امام هذا الأسلوب التافه للسيد المدني اضطر رئيس بلدية الناصرة لكشف ما كان افضل ان لا يكشف، احتراما ليس لعلي سلام، فاحترامه محفوظ، انما احتراما للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. اذ رد على سؤال “هل كان اتصال فعلا؟” بقوله: ” كان اكثر من اتصال ، ومحمد المدني كان في الجلسة” واوضح علي سلام بعض التفاصيل حين كشف انه حتى الساعة (14.00) من يوم الانتخابات لم يتدخل وبعدها فقط (أي بعد اتصال ابو مازن) قال:”تدخلت .. وازيد ان السلطة تدخلت في انتخابات بلدية الناصرة من اجل دخول الجبهة في الائتلاف”.
وكان علي سلام قد صرح في مقابلة مع “موقع بانيت” عشية الانتخابات قبل عام ونصف، ان محمود عباس استدعاه لجلسة معه اكد خلالها علي سلام انه سيدعم القائمة المشتركة، لأن معلومات وصلت للسيد محمود عباس تشير ان علي سلام سيقاطع الانتخابات.
السيد محمد المدني ارتكب ليس خطا سياسيا فقط، بل استغل مكانته ومنصبه ليشوه مكانة رئيس بلدية الناصرة، أي خطا سياسي بشع واخلاقي أكثر بشاعة ويستحسن ان يعتذر عن فعلته.
بصراحة انا كنت من اجل مقاطعة الانتخابات رغم اني محسوب على الجبهة في وقته، ولكني قررت التصويت في الساعات الأخير ليس استجابة لعلي سلام، بل من تقديري ان فشل القائمة المشتركة، التي لي عليها ملاحظات سلبية كثيرة جدا، سيكون ضرره كبيرا على واقع الجماهير العربية.
nabiloudeh@gmail.com

About نبيل عودة

نبذة عن سيرة الكاتب نبيل عودة نبيل عودة - ولدت في مدينة الناصرة (فلسطين 48) عام 1947. درست سنتين هندسة ميكانيكيات ، ثم انتقلت لدرسة الفلسفة والعلوم السياسية في معهد العلوم الاجتماعية في موسكو . أكتب وأنشر القصص منذ عام1962. عانيت من حرماني من الحصول على عمل وظيفي في التعليم مثلا، في فترة سيطرة الحكم العسكري الاسرائيلي على المجتمع العربي في اسرائيل. اضطررت للعمل في مهنة الحدادة ( الصناعات المعدنية الثقيلة) 35 سنة ، منها 30 سنة كمدير عمل ومديرا للإنتاج...وواصلت الكتابة الأدبية والفكرية، ثم النقد الأدبي والمقالة السياسية. تركت عملي اثر إصابة عمل مطلع العام 2000 ..حيث عملت نائبا لرئيس تحرير صحيفة " الاهالي "مع الشاعر، المفكر والاعلامي البارز سالم جبران (من شعراء المقاومة). وكانت تجربة صحفية مثيرة وثرية بكل المقاييس ، بالنسبة لي كانت جامعتي الاعلامية الهامة التي اثرتني فكريا وثقافيا واعلاميا واثرت لغتي الصحفية وقدراتي التعبيرية واللغوية . شاركت سالم جبران باصدار وتحرير مجلة "المستقبل" الثقافية الفكرية، منذ تشرين اول 2010 استلمت رئاسة تحرير جريدة " المساء" اليومية، أحرر الآن صحيفة يومية "عرب بوست". منشوراتي : 1- نهاية الزمن العاقر (قصص عن انتفاضة الحجارة) 1988 2-يوميات الفلسطيني الذي لم يعد تائها ( بانوراما قصصية فلسطينية ) 1990 3-حازم يعود هذا المساء - حكاية سيزيف الفلسطيني (رواية) 1994 4 – المستحيل ( رواية ) 1995 5- الملح الفاسد ( مسرحية )2001 6 – بين نقد الفكر وفكر النقد ( نقد ادبي وفكري ) 2001 7 – امرأة بالطرف الآخر ( رواية ) 2001 8- الانطلاقة ( نقد ادبي ومراجعات ثقافية )2002 9 – الشيطان الذي في نفسي ( يشمل ثلاث مجموعات قصصية ) 2002 10- نبيل عودة يروي قصص الديوك (دار انهار) كتاب الكتروني في الانترنت 11- انتفاضة – مجموعة قصص – (اتحاد كتاب الانترنت المغاربية) كتاب الكتروني في الانترنت ومئات كثيرة من الأعمال القصصية والمقالات والنقد التي لم تجمع بكتب بعد ، لأسباب تتعلق اساسا بغياب دار للنشر، تأخذ على عاتقها الطباعة والتوزيع.
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.