في مثل هذه الأيام من عام 67 قام سلاح الجو الإسرائيلي بضربة مفاجئة ساحقة على المطارات المصرية والسورية والأردنية اعتمدت على معلومات استخباراتية دقيقة، فباتت الجيوش العربية دون غطاء جوي فأعلنت القيادات السياسية انسحاب الجيوش من غزة وسيناء والجولان والقدس والضفة الغربية بحجة ساقطة قالها منظر العرب الأوحد الأستاذ هيكل ونسبها لقائد فرنسي ميت لم يسمع به أحد، والمقولة هي «إن الصحراء مقبرة لمن يدافع عنها»، وبما أن بلدان العرب أغلبها صحراء، لذا يجب على جيوشها أن تنسحب منها عند نشوب أي حرب كي لا تصبح مقبرة لها (!)، وبذا تحققت أكبر هزيمة للعرب في تاريخهم الحديث.
****
ومما يثبت كذب عدم قدرة الجيوش على الصمود بل والانتصار حتى دون غطاء جوي ما تم في الحرب الكونية الثانية عندما دمر سلاح الجو النازي بشكل مفاجئ الطائرات السوفييتية المحتشدة على الجبهة الغربية فسيطر على الجو إلا أنه خسر الحرب بسبب الصمود السوفييتي، ومثل ذلك انتصار الفيتناميين على أميركا وحلفائها في فيتنام رغم عدم وجود غطاء جوي لهم.
إن سبب نكسة 67 هو قرار الانسحاب المستعجل في اليوم الثاني للحرب والذي نحر المشير عامر كي لا يعلن للملأ خلفية إصداره لذلك القرار المدمر وهل كان بعلم ومشورة القيادة السياسية أو لا.
****
وقد كانت الخيانة العظمى على أعلى مستوى، وهي كذلك أحد أهم أسباب نكسة أو نكبة حزيران 67، حيث تم جر العرب لحرب لم يكونوا مستعدين لها وسلمت الأراضي على بعض الجبهات دون حرب، وضربت باخرة التجسس الأميركية «ليبرتي» في عز النهار من قبل الطيران الإسرائيلي كونها التقطت إشارات تسليم جبال الجولان المنيعة في 9/6/1967 والتي أعلن عن سقوطها قبل أن تسقط، ما جعل المدافعين عنها يخلونها على عجل ولم يتعلم أحد الدروس من تلك الهزيمة النكراء التي حولها الإعلام المضلل إلى انتصارات باهرة على معطى أكذوبة أن الحرب قامت لأجل إسقاط النظامين الثوريين في القاهرة ودمشق، وبما انهما بقيا «بقوة الحديد والمعتقلات» لذا جاز اعتبار تلك الحرب انتصارا آخر من سلسلة الانتصارات التي ابتليت بها الأمة!
٭ آخر محطة: 1- رغم أن تنظيم داعش الإرهابي لا يملك غطاء جويا بل تدك معاقله من قبل تحالف 60 دولة إضافة الى الجيشين العراقي والسوري ورغم أن منضويه هم هواة ومتطوعون، ورغم ان عمله هو في صحراء مكشوفة لا في الجبال والغابات التي تغطيها السحب والغيوم، فمع ذلك نشهد- ثانية- فرار الجيوش النظامية أمام متطوعيه، والقاسم المشترك بين نكسة حزيران 67 وانتصارات داعش 2014 ـ 2015 هو.. خيانات يا ربي خيانات.. دون محاسبات!
2- كي يضمن هتلر عنصر المفاجأة عند هجومه على الاتحاد السوفييتي عام 1940 ولضرب طائراته الجالسة على الأرض، أصدر أوامره للجيش النازي باستخدام اللباس الصيفي في مناوراته على الحدود كي يعتقد جواسيس ستالين أن الجيش النازي لن يهجم على روسيا وإلا لاستخدم اللباس الشتوي، وقد نجحت الخدعة، ولكن ما إن حل الشتاء حتى مات مئات الآلاف من الجيش الهتلري من البرد، وكان كثير منهم عند مماته يلبس الملابس النسائية للنساء الأوكرانيات والروسيات للتدفئة وما أبشع حروب الطواغيت هتلر وستالين حيث لم يهتما قط بأرواح جندهما وشعبهما.
* نقلا عن “الأنباء”