خطيب بدلة يكتب عن ثلاثة قصص تبين مستوى حافظ الاسد

خطيب بدلة : زمان الوصلmuf7

الحكاية الأولى (ملامح الشخصية):

كتب الصديق سمير سعيفان في مشروع كتابه المهم «منهج حافظ الأسد في الحفاظ على السلطة»، نقلاً عن المحامي المرحوم «سميح عطية» الذي عَرَفَ الأسد شخصياً على مدار عدة سنوات كان فيها وزيراً للمواصلات في النصف الثاني من ستينات القرن العشرين، بينما كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع ما يلي:

كان حافظ الأسد يتسم بالهدوء وعدم رد الفعل الفوري، ولكنه يتسم باللؤم الشديد، ويضمر الانتقام، ولا يسامح أبداً، ولا يقبل من لا يقف معه بدون تحفظ، وهو يؤجل انتقامه إلى الوقت المناسب.

***

الحكاية الثانية (انتقاد شخص الرئيس):

في سنة 1991، حينما كان «حافظ الأسد» ذاهباً بقوات سورية رمزية، تحت إمرة أمريكا، (أمريكا الإمبريالية وليس سواها!) لمحاربة قطر عربي شقيق، مناضل، لا يقل «مناضَلَةً» عن قطرنا، هو العراق، برئاسة قائد لا يقل «صموداً»، و«عظمة»، و«تاريخية»، و«إلهاماً»، عن قائدنا، هو صدام حسين،.. وبينما كان الإعلام السوري يصل الليل بالنهار وهو يضخ نفحاته والتماعاته القائلة بأن حافظ الأسد لو لم يكن عظيماً جداً لما رضي بالذهاب إلى الغزو تحت هذه الراية الأميركية! في تلك الأيام شرعَ بعضُ السوريين، وخاصة أولئك المتشبعين بالفكر القومي العروبي، يتململون في مجالسهم، ويتهامسون قائلين:

يا ساتر.. إن هذا الإعلام الحقير يصور «خيانة» حافظ الأسد للقضية القومية العربية على أنها «بطولة»؟!.. لقد بلغ السيل الزبى!

وبدأت التقارير تنهمر على الأفرع الأمنية المنتشرة في الجسد السوري كالشرايين والأوردة.. ترصد حَنَق الشعب وشعورَه بالذل والهوان حيال تصرف هذا الرجل المستبد، وبدأ الناس، من ثم، يُسْحَبُون من بيوتهم، عند الفجر، مثلما تسحب الشعرة من العجين.

يومها.. ومن خلال هذه «الهوشة»، كتب أحدُ المخبرين تقريراً أكبر من الـشرشف «السبعاوي» بحق اثنين من المثقفين البعثيين، ملخصُهُ أنهما انتقدا السيد الرئيس حافظ الأسد وقالا بحقه كلاماً يدل على حقارتهما وصَغَارهما أولاً، وعلى عظمته هو، ثانياً.

وكعلاج فوري سريع لهذا الاجتراء الفظيع على شخصية القائد، اعْتُقِلَ الرجلان، من قبل فرع الأمن العسكري، (مع أنهما ليسا عسكريين، بل إن أحدهما معفى من الخدمة لكونه وحيداً لأبويه)، وأهينا بالكلام والسباب على محارمهما، وضُرِبَا لا كما تُضرب الحمير، بل أشد وأقسى،.. تلا ذلك (سَوْقُهما) إلى تدمر، حيث السجن الرهيب الشهير، ووضع كل منهما في «منفردة» مساحتها أربعة أمتار مربعة، لمدة سنة، ومع انتهاء السنة سيقا إلى سجن صيدنايا الأقل سوءاً من سابقه، فأمضيا هناك سنة أخرى.. ثم خرجا.. وكل أرض شربت ماءها.

أهل الرجلين المعتقلين لم يتركوا، خلال هاتيك السنتين، باباً من أبواب السلطة الأسدية إلا وطرقوه، وقد وصلت مساعيهم، أكثر من مرة، إلى مكتب حافظ الأسد شخصياً، فكان يأتيهم الجواب:

لو أنهما اتصلا بإسرائيل، من الممكن أن يعفو الرئيس عنهما، وأما أن يتطاولا على شخصيته فهو غير مستعد حتى لمناقشة هذا الأمر.

***

الحكاية الثانية (تسعيرة الحد الأدنى):

حينما علم الشيخ المتنفذ (نون نون) بأن ابنه (عين) مطلوب لشعبة المخابرات العامة بدمشق، سارع إلى عقد اجتماع عائلي أجرى فيه تحقيقاً مصغراً مع ابنه، ليعرف ما عسى أن تكون تهمته.. ولكن الفتى لم يستطع أن يتذكر أنه ارتكب فعلة يمكن يؤاخَذ عليها أمنياً.

قال الشيخ: حسناً.

وقرر أن يختفي (عين) تحت طقاطيق الأرض لا يخرج منها حتى يعود هو من جولته.

يدخل الشيخ (نون نون)، عادةً، إلى أي فرع، أو هيئة، أو مبنى، تابع للنظام مباشرة، ومن دون تفتيش أو سؤال عن الجهة التي يقصدها.. وقد بدأ جولته في مدينة إدلب، ثم تابع طريقه إلى الشام، ومنها سافر إلى القرداحة، ثم إلى الشام، ثم إلى إدلب، ثم إلى القرية..

خلال غيابه كانت قلوب امرأته ووالدته وحماته وأولاده وإخوته وأخواته كلها على نار، وكانوا يُجرون اتصالات مع معارفهم هنا وهناك، وتصلهم أخبار متضاربة تنص على أن تهمة (عين) خطيرة جداً، وممكن يروح فيها عشر سنين أو خمس عشرة سنة في تدمر، أو حتى إعدام!..

حينما وصل الشيخ (نون نون) القرية كانت عائلته كلها محتشدة أمام الباب، وبمجرد ما وصلت سيارته تحركوا نحوها متلهفين.. سدوا أمامه الطريق وقالوا له:

بشر!

قال: بسيطة. حضرة ابننا المحترم (عين) حاكي لرفاقه نكتة بايخة عن السيد الرئيس. والشباب كاتبين فيه تقرير. والتقرير لو كان من الورق كنا شقيناه، المشكلة في جهاز تسجيل، والرئيس نفسه سمع التسجيل.

أي. وأيش بدنا نساوي؟ (قالوا بصوت واحد).

قال: بسيطة. أخذنا له حكم بالحد الأدنى. غداً أصحبه إلى فرع أمن الدولة بإدلب وأسلمهم إياه.

قالوا له: والحد الأدنى أيش يعني؟

قال: ستة أشهر في المنفردة. وهذه التسعيرة لا تعطى إلا لمن كان مثلي!

ههنا انفرجت أسارير الجميع.. وأخت الفتى المطلوب، من دون أن تدري، وجدت نفسها تزغرد!

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.