“لن تدعم إدارة الرئيس دونالد ترامب أي مشروع حل روسي للنزاع في سوريا يهدف الى فرض بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة والعمل على إلغاء المعارضة السورية الحقيقية المعتدلة المعترف بها عربياً وإقليمياً ودولياً على نطاق واسع.
وتركيز واشنطن على أولوية الحرب ضد “داعش” والإرهاب عموماً لن يدفعها الى التعاون مع الأسد في هذه الحرب والى تجاهل جوهر النزاع السوري الذي لن ينجح أي طرف في حلّه عسكرياً بل أن إنهاء النزاع يتطلب تطبيق تسوية سياسية حقيقية شاملة متفق عليها إقليمياً ودولياً”. هذا ما أكده لنا مسؤول أوروبي بارز وثيق الصلة بإدارة ترامب.
وأوضح أن الإدارة الأميركية الجديدة حدّدت أُسُس السياسة التي تنوي تطبيقها في سوريا وهي تشكل خطّة عمل لا مشروع حلّ أميركياً وتتضمن العناصر الرئيسية الآتية:
#أولاً، تدرك الإدارة الأميركية أنها لن تستطيع أن تخوض حرباً ناجحة ومثمرة ضد “داعش” والإرهاب عموماً، من غير أن يترافق ذلك مع العمل جدياً على وقف الحرب الداخلية وتطبيق حلّ سياسي حقيقي شامل للنزاع السوري. السوريون عاجزون وحدهم عن إنجاز هذا الحل، خصوصاً أن نظام الأسد يرفض التسوية الحقيقية الشاملة للنزاع، وهو المسؤول الأول عن الكوارث التي أصابت البلد.
#ثانياً، لن تضطلع أميركا وحدها بمسؤولية حلّ النزاع السوري، كما أن القيادة الروسية عاجزة وحدها عن إنجاز الحل المطلوب الذي يجب أن يكون ثمرة جهود إقليمية ودولية تساهم فيها أميركا. ويجب أن يرتكز الحل الحقيقي الشامل على تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخصوصاً القرار 2254 الذي صدر بالاجماع وشدّد على ضرورة انتقال السلطة الى نظام جديد تعدّدي غير طائفي يضمن الحقوق والمطالب المشروعة لكل مكونات الشعب وينهي الحرب.
#ثالثاً، تؤيد إدارة ترامب الصيغة التي حددتها القرارات والتفاهمات الدولية لطريقة تطبيق التسوية السياسية الشاملة، وهي ضرورة التفاوض في إشراف الأمم المتحدة ورعايتها بين ممثلين للنظام والمعارضة الحقيقية المعتدلة من أجل انجازها. وضمن هذا النطاق تدعم واشنطن مهمة المبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستافان دو ميستورا، وتؤيد جهوده الهادفة الى إدارة المفاوضات من أجل تطبيق خريطة الطريق المنصوص عليها في القرار 2254 التي تحدّد شروط انتقال السلطة الى نظام جديد بمساعدة دولية وإقليمية.
#رابعاً، ترحب إدارة ترامب بالتعاون مع القيادة الروسية في الحرب ضد الإرهاب ومن أجل تحقيق السلام في سوريا.
لكن التعاون الأميركي – الروسي يتطلب لكي يكون مجدياً أن تتخذ القيادة الروسية ثلاث خطوات أساسية هي: أن تمارس
أولاً الضغط على الأسد من أجل وقف حربه ضد المعارضة المعتدلة والانخراط جدياً في عملية التفاوض الهادفة الى تطبيق القرارات الدولية. ويجب،
ثانياً، أن تتعامل القيادة الروسية مع المعارضة المعتدلة على أساس أنها الشريك الضروري في أية عملية سلام، الأمر الذي يتطلب من موسكو أن تتخلى عن دعم موقف الأسد الذي يصف جميع المعارضين بأنهم إرهابيون يجب القضاء عليهم. وعلى القيادة الروسية،
ثالثاً، أن تعطي الأولوية للتعاون مع أميركا وليس مع إيران، التي تتمسك بالخيار العسكري وترفض تنفيذ القرارات والتفاهمات الدولية لتسوية النزاع.
رابعا ، تنوي إدارة ترامب التعاون مع قوى المعارضة المعتدلة التي تقاتل “داعش” منذ العام 2013، ومع جهات عربية وإقليمية معنية بالأمر ومؤثّرة في الحرب ضد الإرهاب، وأيضاً من أجل إنشاء مناطق آمنة للاجئين السوريين، وهي تعكف حالياً على وضع الخطط العسكرية الضرورية لتحقيق هذين الهدفين المهمّين، وهذا التوجّه ليس متناقضاً مع حرص واشنطن على التعاون مع موسكو ضمن الشروط المطلوبة، لأن الجهود الدولية – الأميركية – الروسية – الاقليمية ضرورية للقضاء على “داعش” والإرهاب عموماً، وتحقيق التسوية السلمية الشاملة في سوريا.
وخلص المسؤول الأوروبي الى القول: “أوضحت إدارة ترامب في تصريحات علنية في اتصالاتها مع موسكو أنها مستعدة للتعاون جدياً مع القيادة الروسية في ساحات ومجالات عدة، على أساس أن يحقق هذا التعاون الأهداف والمصالح الأميركية وليس الأهداف والمصالح الروسية وحدها.
واستراتيجية إدارة ترامب للتعامل مع النزاع السوري تعكس تماماً مفهوم واشنطن للعلاقة الجديدة التي تنوي بناءها مع موسكو”.
عبد الكريم أبو النصر
النهار