خارطة طريق خامنئي للعام الجديد

سنابرق زاهديwalifaqih
أصبح خامنئي زعيم نظام الملالي نشطاً هذه الأيام أكثر من المعتاد حيث ظهر وتكلّم خلال خمسة أيام ثلاث مرات في طهران ومشهد وخوزستان. ففي اليوم الأول من السنة الإيرانية الجديدة بعث برسالة رسمية. وفي اليوم نفسه ذهب إلى مدينة مشهد في أقصى شمال الغرب للبلاد ليشرح في خطابه هناك الظروف التي يعيشها نظامه. وبعد ذلك بخمسة أيام ذهب إلى دارخوين أقصى الجنوب في منطقة شادكان بمحافظة خوزستان.

مجرّد هذا التحرك يحمل رسالة.
في رسالته السنوية صرّح بأن الشعارين الإثنين اللذين طرحهما في بداية العام الماضي كانا «الملمحة السياسية والملحمة الاقتصادية»- كذا- وأكد أن واحداً منهما، أي الملحمة السياسية، تحقق من خلال إجراء الأنتخابات الرئاسية ومظاهرة 11 شباط، ولكن الشعار الثاني، أي الملحمة الاقتصادية، لم يتحقق. و من الواضح أنه أراد بذلك أن روحاني هو المسؤول عن عدم تحقق النجاح الإقتصادي. وفي خطابه في مدينة مشهد شرح تفاصيل رسالته السنوية.

وكانت الرسالة السنوية وخطابه في مشهد من الاعتيادات السنوية لزعيم نظام الملالي.
لكن حضوره في منطقة دارت فيها معارك الحرب الإيرانية العراقية قبل حوالي ثلاثين عاماً لم يكن من المعتاد، حيث أنه لم يذهب إلي هذه المنطقة في «نوروز» منذ عهد خاتمي، أي قبل حوالي عشرسنوات.

وأهمية هذه الزيارة تكمن في شيئين: أولاً الزيارة نفسها، لأن النظام يرسل كل عام في مناسبة نوروز بعض الناس المحسوبين له إلى مناطق جبهات الحرب الايرانية العراقية. والهدف من هذه العملية إحياء ذكرى الحرب و«ثقافة التضحية والفداء» حسب تعبير النظام. ومع أن أيام النوروز وبدء السنة هي أيام السرور والفرح وتبادل الزيارات العائلية، لكن تعمّد النظام هذا العام في مزيد من التركيزعلى هذا النسك نكاية ببعض الأطراف في النظام الذين يرون حلّ مشاكل النظام في التقارب مع الغرب ومع أمريكا بشكل خاص.

وعند ما ذهب خامنئي شخصياً إلى هذه المنطقة وأثناء حديثه هناك بدلاً أن يجلس على منصة خطاب رسمي اوعلى كرسي، تقمّص حالة الحرب بجلوسه خلف خندق من أكياس الرمل ووضع فوق رأسه السواتر الخاصة بالتمويه في أيام الحرب! كل ذلك له مدلول سياسي معين. أقلّه أنه يريد من ذلك بعث روح الحرب في أتباعه وتذكيرهم بأنه معهم، وأكثره أنه بذلك يتخذ موقفا جديداَ أمام الغرب وأمام دول المنطقة. لأن السؤال هو: عندما يتخذ خامنئي هذا الموقف ويظهر في مظهر رجل حرب وفي الخندق فالحرب ضد من؟ ومن هو الطرف الذي يريد خامنئي أن يتقاتل معه. لأن حكم العراق الذي كان معاديا له انتهى قبل 11 عاماً وصدام حسين أعدم. والحكم العراقي اليوم هو أقرب حكم في العالم بحكم خامنئي بل يمكن القول أن العراق يدار من قبل ولاية الفقيه. فالحرب لن تكون مع العراق. فهل يريد أن يقول إنه في حالة حرب مع الغرب ومع الأمريكان؟ فلما ذا يتفاوض ممثلوه معهم؟ لاشكّ إنه في حالة حرب مع أبناء الشعب الإيراني ورسالته موجهّة إلى أبناء الشعب بأن الحرب مازالت قائمة. ومن هنا يمكن فهم مغزى ما دار في مخيم أشرف في الاول من ايلول من العام الماضي حيث قامت القوات العراقية التابعة لولاية الفقيه بإعدام 52 من مجاهدي خلق وخطف سبعة أخرين، وكذلك الهجمات الصاروخية على ليبرتي كلّها إشارات لمواصلة هذه الحرب بين النظام القائم وأبناء الشعب الإيراني.

لكن الحرب القائمة ضد أبناء الشعب ليس جديداً وليس هناك خلاف في هذا المجال بين خامنئي ورفسنجاني وغيرهما. فيجب أن تكون هناك رسالة أخرى.
اطالة أمد الحرب الإيرانية العراقية برواية خامنئي.

وفي حديثه لأتباعه في منطقة دارخوين شرقي نهر كارون قال خامنئي كلاماً جديداً بشأن أسباب إطالة الحرب الأيرانية العراقية بعد انسحاب القوات العراقية من الأراضي الإيرانية عام 1982، حيث صرّح في هذا المجال: « جبهة أعداء النظام الإسلامي، و هي الحكومات الأوربية و الحكومة الأمريكية، منحت الإمكانيات و المعدات الجديدة و المتطورة لنظام صدام البعثي، و شجّعته على مواصلة الحرب، و هذا ما أدى إلى أن تستمر الحرب المفروضة مدة ثمانية أعوام..»

الحقيقة هي أن بعد خروج القوات العراقية من الأراضي الإيرانية أعلن العراق استعداده لوقف إطلاق النار وكان العالم ينتظر بفارغ الصبر أن يقبل نظام خميني قرار مجلس الأمن الداعي لوقف الحرب لكن خميني هو الذي قرر استمرار الحرب ورفع شعاراً جديداً لحربه ست سنوات أخرى: « الطريق إلى فتح القدس يمرّ بكربلاء».
بعد ذلك حتى العديد من زعماء النظام نفسه أيضاً تحدثوا بأنهم كانوا معارضين لمواصلة الحرب لكن خميني كان مصرًّا لها.

وقال محسن رضائي، قائد قوات الحرس آنذاك، في خطاب القاه في 18 تموز 1998: «بعد تحرير خرّمشهر، حضرنا جلسة أو جلستين عند الامام، وحضرت الثانية وكان السيد هاشمي[رفسنجاني] حاضراً والمقام المعظم للقيادة[خامنئي]، والسيد احمد (نجل خميني) والسيد [ميرحسين]موسوي رئيس الوزراء، والسيد موسوي اردبيلي، وسأل الامام يومها لماذا تريدون ان تعبروا الحدود؟ وقدم البعض استدلالاتهم السياسية، كما قدم الاخوان العسكريون، استدلالاتهم العسكرية، وقلنا اذا ما وصلنا الشاطيء الآخر من شط العرب، واذا ما فرضت حالة اللاحرب واللاسلم، فان قوتنا الدفاعية ستزداد. وقال السياسيون، اننا لم نحصل على شيء حتى الان. استمع الامام الى كل تلك الاستدلالات وقال: طيب، اذا نستعد لعبور الحدود، وهناك كثيرون يقولون ان الامام كان يعارض مواصلة الحرب بعد تحرير خرمشهر، بينما كان الامام يريد ان يعرف مدى جدية هذه المجموعة في اقتراحاتها، وعندما قدموا اقتراحاتهم، فان الامام اتخذ القرار النهائي». (صحيفة ”جامعة” الايرانية -20تموز 1998).
ويعرف الجميع أن خميني أكد مئات المرات أنه لن يقبل وقف الحرب قبل سقوط «النظام البعثي» حتى ولو أدى ذلك إلي هدم جميع البيوت في طهران، وصرّح بأن السلام دفن للإسلام. وفي الأيام الأخيرة من الحرب وبعد ما شاهد أن ليس لديه إمكانية مواصلة الحرب، وفي مواصلة الحرب ستأتي قوات جيش التحرير الوطني الإيراني إلى طهران، أعلن أنه يقبل وقف إطلاق النار ويشعر بأنه يتجرّع السمّ الزعاف.

هذه هي حقائق تاريخية ثابتة ودامغة، لكن اليوم نرى أن خامنئي جاء ليقول أن المسؤول عن استمرار الحرب كان القوى العالمية التي ساندت صدام حسين في الحرب ضد إيران.
قبل كل شئي من هنا يمكن فهم مدى صدقية زعيم نظام الملالي أمام أركان نظامه وأمام الشعب وأمام العالم.
شعار خامنئي لهذا العام؟

رفع خامنئي في رسالته لمناسبة نوروز وفي خطابه في مشهد و… أن شعار النظام لهذا العام هو «الاقتصاد والثقافة بعزيمة وطنية وإدارة جهادية»، وأكد أن يرى الثقافة أهمّ من الاقتصاد، ولاشك أن «الثقافة» معناها كبت الحريات العامة في داخل البلاد وسيطرة القوى القمعية على مختلف مناحي الحياة وفي الخارج التركيز على نشر الفكرة الضيقة الدينية وإثارة الحروب الطائفية كما فعله هذا النظام خلال هذه الأعوام في العراق وفي سوريا والبحرين واليمن وغيرها من البلدان العربية والاسلامية.

ولاشك أن لامعنى «للوطنية» في فكر الملالي وفي نظام ولاية الفقيه لأن الوطنية في هذا المنهج كفر وضلال وارتداد. لكن التعبير الأخير مهم للغاية حيث قال أن تحقيق شعار الاقتصاد والثقافة يجب أن يكون تحت «إرادة جهادية».

من هنا يمكن فهم مغزى زيارة خامنئي لمناطق جبهات الحرب الإيرانية العراقية وخطابه في قوافل «السائرين إلى النور»! وتأكيده على أن:
«العامل الأساسي في شموخ شعب وعزته بين الشعوب وكذلك على مدى التاريخ هو الجهاد والسعي الدؤوب في شتى الميادين العلمية والاقتصادية والتعاون الاجتماعي، والأهم من كل ذلك في مضمار الاستعداد للتضحية بالأرواح.» وأضاف أن« طريق الوصول للمطامح السامية يتمثل بالجهاد والتضحية بالنفس والصمود وعدم التراجع عن المبادئ والمطامح… ويجب دوماً إحياء ذكرى فترة الدفاع المقدس.»
وحذّر قائلاً:« أصحاب النوايا السيئة للشعب الإيراني وبعض التابعين لهم يريدون لتضحيات فترة الدفاع المقدس وشخصياتها ذات الدور أن تُنسى، وهم على هذا الأساس يسعون لتخطئة تضحيات الدفاع المقدس»
ماذا يقول خامنئي لبطانته الداخلية؟

في اجتماع خاص لقادة قوات الحرس في محافظة فارس تحدث المحافظ محمد أحمدي بعد مشاركته في لقاء خاص بخامنئي وشرح لقادة الحرس ما قاله خامنئي في الاجتماع بقوله: «قد دعيت هذا العام من خلال دعوة رسمية إلى الاجتماع. وكانت هذه المرة دعوة رسمية خلافاً للمرات السابقة وفهمت أن المشاركة تأتي في إطار تطبيق أوامر لاستماع كلمة الفصل…وفي هذا الاجتماع شرح القائد فشل خطط رئيس الجمهورية لرفع العقوبات وحل المشاكل الاقتصادية وصرّح بأن الحلّ يكمن في «الاقتصاد المقاوم»، وهذه العملية يجب أن يقومه بها أبناء الثورة. وصرح القائد «أن الحرس والبسيج يعملون بكل جهد في هذا البلد دون صراخ او عويل وفي اضطهاد تام». القائد تكلم في مشهد في اليوم الاول من رأس السنة عن «الاقتصاد والثقافة بعزيمة وطنية وإدارة جهادية» بشكل عام دون أن يشير إلى فشل خطط رئيس الجمهورية في رفع العقوبات، لكنه قد شرح الموضوع في هذا الاجتماع وشدّد على أن الثقافة هو المحور الأول وهو الفكر والعبودية التي هي من عمل قوات الحرس والبسيج والإدارة الجهادية هي إدارة البلاد من قبل الحرس. ولمّح أن تجربة ثمانية أشهر من حكومة روحاني تقول لنا إن التبعية لن تؤدى إلا إلي هلاك النظام، وبذلك قد أتمّ الحجة علينا بأننا بدلاً من أي شعار أخر أن نبقى تابعين لكم أنتم أعزاء القائد. إذن من اليوم فصاعداً «سيكون مكتبي للحرس ومبنى المحافظة مكتبكم»…انتهي كلام محافظ فارس. ووصلت الرسالة!

About حسن محمودي

منظمة مجاهدي خلق الايرانية, ناشط و معارض ايراني
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.