” خادم الجن ”

بين أربعة جبال يوجد قصر كئيب المنظر ينقع فوقه غربان سوداء, تتقافز فوق طرقه الجرذان, لا تزوره الطيور الجميلة فهى تعلم سر القصر, مياة الينبوع التى تغذى الوادى آسنه و تخرج من القصر, بوابة القصر يحميها حراس يرتدون جُبَه فوق رؤؤسهم لا يظهر منها شكل الوجه يحملون فى ايديهم مناجل الحراثة و فى كل فترة تزورهم طيور الحوم لتلتقط الجيف و تأكلها و تمحوا آثار الجريمة. السماء دوما فوق تلك الجبال غيومها رمادية ترعد و لا تمطر إلا نادرا و كأن السماء لا تريد ان تعطى خيرها لذلك الوادى …

عندما وصل السندباد لتلك الجبال بعد ان ((طبعت)) السفينة (أى غرقت) فى جرف صخرى لم يرق له منظر تلك الجبال السوداء العالية الكئيبة و رائحة المحيط مقززة و لكن السندباد مكتشف البلاد و حبه بمعرفة احوال العباد لكى يعود للبصرة و يحكى لهم القصة, تسلق مع رجاله الى اعلى الجبال الأخرى و وضع السندباد و بحارته لفافة حول انوفهم فهنالك رائحة تزكم الأنوف ثم نزلوا عند سفح الجبل و تنكروا بزى الرعية و دُرس أحدهم ليعرف من يسكن القصر اللعين؟ فقال له غلام انه حائك السجاد و حائك السجاد يحتاج للصوف و الحائكين؟!

و بعد مرور الأيام دخل السندباد للقصر من ممر و دفع ثمن ذلك! و مكث لمدة من الزمن و خرج بصمت و رحل عن الوادى و صعد الى الجبل و لم يتكلم السندباد, و بعد مرور ليلة قال: انه حائك السجاد .. نعم سمعت قصة و سبحان الله اليوم انا على أرضه.

فقال له البحارة: و ما هى القصة؟

قال: هذا المخلوق شرير فقد تم استخدامه من قبل الحائك الكبير, فالحائك الكبير يسرق الأطفال من القرى المجاورة و يجعلهم عبيد عنده حتى الموت و يسرق الماشية من أجل الصوف و عندما يذبح المواشى يقدمها هدية للحائك الأكبر حتى تخلص يوماً منه و دس السم فى اللحوم المشوية و اصبح صاحب القصر, و كان يملك جبل واحد و لكنه طرد القوم من الجبال الأخرى و ضمها له و اللذى لم يهرب اصبح عبداً له و طلب منه الكاهن الأكبر سجادة من شعر البشر و لبى طلب الكاهن الكبير ففرح الكاهن.و أهداه الأرض المجاورة المطلة على الخليج, فالخليج وفير الخير و السمك و هكذا تمرد هذا الحائك و بدأ يحلم و استدعى الجن و قال لهم انا خادمكم المطيع و لكن لى طلب فرد عليه ما هو , قال: ” انى اريد كل ممالك الأرض و ابقى ممالك السماء لكم” .. فوافقوا.

و هكذا بدأ هذا الحائك بابتلاع البلدان الواحدة تلو الأخرى و تخم و اتخم … و لكن الجن لم يعجبهم شخصا واحدا يحكم البشر و يتحكم فى الممالك و فى الصباح دق الباب مجموعة من الجن و قدموا له طلب التفتيش عن المعادن الثمينة و الماس و الذهب, فرفض بشدة و قالوا له نحن الجن و نعرف كل شيء, إما ان تعطينا طلبنا او نرسل لك الجن الأسمر (( أوبى)) فى تلك اللحظة شعر بأن المياه بدأت تدور حول سرواله و فهم اللعبة و قال سوف افتح لكم المخازن, و فتح لهم المخازن و رجع حائك السجاد فقيراً و هذا هو ما اخبرنى به الهدهد اليوم فى المساء. أوبى سوف يذبح الحائك و يطلق السجادة التى سوف تطير لوحدها لكون علاء الدين هو سيد السجادة و تغادر وادى الحائك اللعين.

الحكمة تقول … ما تحوكه للغير سوف يحوكه الغير لك.

التوقيع,

حائك سعف النخيل,

‎هيثم هاشم – مفكر حر؟‎

About هيثم هاشم

ولد في العراق عام 1954 خريج علوم سياسية عمل كمدير لعدة شركات و مشاريع في العالم العربي مهتم بالفكر الانساني والشأن العربي و ازالة الوهم و الفهم الخاطئ و المقصود ضد الثقافة العربية و الاسلامية. يعتمد اسلوب المزج بين المعطيات التراثية و التطرق المرح للتأمل في السياق و اضهار المعاني الكامنة . يرى ان التراث و الفكر الانساني هو نهر متواصل و ان شعوب منطقتنا لها اثار و ا ضحة ولكنها مغيبة و مشوهة و يسعى لمعالجة هذا التمييز بتناول الصور من نواحي متعددة لرسم الصورة النهائية التي هي حالة مستمرة. يهدف الى تنوير الفكر و العقول من خلال دعوتهم الى ساحة النقاش ولاكن في نفس الوقت يحقنهم بجرعات من الارث الجميل الذي نسوه . تحياتي لك وشكرا تحياتي الى كل من يحب العراق العظيم والسلام عليكم
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.