حيطان اللادقية صامدة صحيح، و لكنها حيطان من ورق

latakiashoreمن جملة الكتب المدرسية اللي مرّت علينا في الايام اللي قضيناها في انفرادية سجن البكالوريا ، كان كتاب قصة مدينتين..
قصة من روائع الأدب الاوروبي اللي حكي فيها الكاتب ديكنز عن الأحوال في باريس و نقيضها في لندن إبان و خلال الثورة الفرنسية و إرهاصاتها..
ابدع الكاتب برسم هالتناقضات وتصويرها ، و بحث في اسبابها و تداعياتها عالمدينتين بالرغم انو سكانها بيحكوا لغتين مختلفتين ، و بيدينوا أهاليها لكنيستين متصارعتين .. تكلم عن هالتناقض عالرغم من وجود بحر المانش الهائج و اللي بيفصل جغرافية فرنسا الثائرة بهداك الوقت عن شواطىء بريطانيا المتفرّجة..
شو كان عمل صاحبنا ديكنز لو وقّف على ابواب اللاذقية اليوم ، و شاف حالة الشيزوفرينيا اللي صايبة احياء واحدة من اعرق مدن العالم و أكثرها أصالة ؟؟ كان فجّر العالم بكتاب عنوانو قصة تلات مدن في مدينة..
الصمت و الفجر..
الخوف و البطر..
الحزن و الشماتة..
الموت و قلة الموت..
القلق و التطنيش..
الجوع و التخمة..
العطش و المسابح..
العفّة و الدعارة..
التهجير و الاستيطان..
هالمدينة اللي عبر تاريخها موصوفة انو قوتها بضعفها، غناها ببساطة أهلها ، ثقافتها بسلاسة مثقفيها ، و دورها البطولي بدور الكومبارس اللي لعبتو..
كيف لهيك مدينة انو تتحمّل جملة الشذوذ الطارئة على مجتمعها؟؟
و مع الأسف كل السوريين بينظروا لهالمدينة بأحد نظرتين بشعتين :
اما بيوصفوها بعاصمة الشبيحة و العلويين ، او بيوصفوها بأنها المدينة المحظوظة و اللي ما اتكسّرت على رؤوس أهاليها..
رح تنتهي الثورة، و رح يرجع اللاجئ في تركيا الى مدينتو حلب ليعمرها ، و رح يلم النازح اغراضو و يرجع الى مدينتو دمشق ليبنيها، و رح يضب المهاجر عفشو و يرجع لمدينتو في حمص و الدير و ادلب و درعا و الرقة ليوقّفها على رجليها..
حيطان كل المدن و شوارعها اتهدّمت صحيح ، و اللادقية ما زالت حيطانها صامدة ما وقعت ، كمان صحيح .. و لكن اللي انهدم في اللاذقية ما بحياتو بيتعمّر و لا تحت اي ظروف بيتصلّح..
يا ترى سألتوا نفسكون هالاسئلة ؟؟
هل مليون علوي مسلّح رح يرموا نفسهون بالبحر يوم سقوط الاسد او رح يرجعوا عاللادقية ؟؟
هل آلاف المرتزقة و الحرامية السنّة و المسيحيين رح ينتحروا باليوم الاول بعد سقوط الاسد ، او رح يلجؤوا لبيئتهون الحاضنة في اللاذقية؟؟
هل سألتو شو رح يصير بهاللادقاني المعتّر الصابر على جيرة قوم لوط؟؟
حيطان اللادقية صامدة صحيح، و لكنها حيطان من ورق ، رح تتهاوى مع اول نسمة سقوط لبشار الاسد ..
فلا تنسونا ..
و اتذكروا انو اهل اللاذقية الحقيقيين هنن اول مين رد على صرخات اهالي درعا..

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.