طلال عبدالله الخوري 19\2\2017
عندما كنت ناشطاً مع مجموعة من الليبراليين الأميركان, بالحملة الإنتخابية لجون كيري الذي خسر أمام جورج دبليو بوش, سألت أحد المزارعين الأميركيين الطيبين:” لماذا انت تقتني السلاح والبلاد بأمان منذ عشرات السنين”, فرد علي:” من أجل اولاد الكلبة”, وهو يقصد الحكومة الأميركية, والذي ينعتونهم ب” سنز اوف ذا بيتش”, ففي الثقافة الأميركية لا يوجد ثقة بالسياسيين, ويعتبرونهم أعداء, وهم على استعداد لحمل السلاح ضدهم اذا اقتضت الحاجة, (وهي تماماً عكس الثقافة الإسلامية التي تقول أطع ولي الأمر ولو جلد ظهرك).. هؤلاء هم الاميركيون القوميون الذين انتخبوا ترامب, ويعتبرونه منهم ويمثلهم ضد إستعمار الحكومات الأميركية لهم والكذب عليهم وسرقة ضرائبهم, وهم على استعداد بأن يشنوا حربا مسلحة من اجل ترامب, واي محاولة لإسقاطه سيعتبرونها إعلان حرب عليهم…!!؟
كان لا بد من هذه المقدمة لكي أدخل بالموضوع حول التقارير التى تواترت في الصحافة الغربية, وآخرها ايضاً بجريدة “معاريف” الإسرائيلية, ومفادها أنه على ضوء الخلافات المشحونة بين ترامب وإدارة وكالة المخابرات الأميركية “سي آي إيه”, وكان آخرها استقالة مايكل فلين مستشاره للأمن القومي, بأن الأخيرة ستنشر عنه فضائح علاقته بروسيا والتي ترقى إلى جريمة الخيانة الوطنية, والتي ستضطره الى الاستقالة, كما حدث للرئيس نيكسون مع فضيحة التنصت ” ووترغيت”, وحسب الدستور الأميركي فإن نائبه ” مايك بنس” سيصبح الرئيس بشكل اوتوماتيكي.
كاتب هذه السطور يختلف مع رأي جريدة “معاريف” ويستبعد حدوث مثل هذا السيناريو, وأحد هذه الأسباب هو ما قلناه بالمقدمة بأن القوميين الأميركيين, والذين طفح الكيل معهم, لن يصدقوا اي كلمة تقال ضده, والأكثر من هذا, سيعتبرون أي تهمة ضده إنما هي مؤامرة قذرة, مماثلة لكذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق, وسيعلنون الحرب المسلحة ضد البيت الأبيض, … ولذلك فان السي اي ايه ستعد للمليون قبل ان تفكر بالقيام بمثل هذا العمل, حتى ولوكان هناك بعض التهم عن علاقته بروسيا يمكن ان ينظر اليها كنوع من الخيانة!! فالسياسة هي فن الممكن والاستقرار بالحكم افضل من الذهاب للمجهول, والذي يمكن ان يؤدي الى كوارث اقتصادية لا احد يعرف عقباها, وخاصة بأن أميركا بلد ديمقراطي وحكم ترامب سيمتد لفترة اربع سنبن فقط, وستجري بعدها انتخابات وسيتم استبداله بسلاسة كالمعتاد, فهو ليس رئيسا عربيا حكمه للابد يورثه لأبنائه مثل عائلة الأسد الإجرامية في سوريا.
والسيناريو الذي يعتبره الكاتب الأقرب للحدوث هو ان يكون هناك تفاهماَ سرياَ مع ترامب, على أن يكون هو الرئيس البروتوكولي وهو الذي يقوم بالتواقيع وهو الذي يظهر بالواجهة, ويمارس هوايته مع مؤيديه على تويتر,.. ولكن من وراء الستارة سيدير نائبه ” بنس” الملفات الحساسة التي تتعلق بالأمن القومي, وستكون السي اي ايه مسؤولة أمامه بشكل مباشر بدل ترامب, .. وكاتب المقال من خلال قراءته لما بين سطور طريقة عمل البيت الأبيض الغريبة منذ قدوم ترمب والتي لم نعهدها من قبل, يعتقد بأن هذا هو السيناريو الذي يعمل به منذ الآن ..