حاوره – نبيل عبد الأمير الربيعي
سجل الشيوعيون العراقيون، وأصدقائهم، منذ اليوم الأول لتأسيس حزبهم في آذار عام 1934 العديد من المواقف البطولية المشهودة، في صراعهم ضد الأنظمة الدكتاتورية والرجعية، دفاعا عن مصالح العمال والكادحين والفلاحين وجماهير الشعب، بالرغم من البطش والإرهاب الذي رافق مسيرة الحزب على امتداد أكثر من ثمانين عاما ، وارتقى بعضهم من الاحداث إلى مستوي الأسطورة ومنها محاولات الهروب لأكثر من مرة ولأكثر من سجن سواء كان سجن نقره السلمان او سجن بعقوبة عام 1956 وعمليات الهروب الجماعي من منطقة بدرة وجصان ،و سجن الفضيلية في بغداد ، و سجن الكوت عام 1956 , كذلك في شباط الأسود عام 1963، وسجن الحلة عام 1967 , الذي استمر العمل والحفر فيه لمدة (58) يوماً ، وهي أحداث لم يطلع عليها جيل الشباب الثوري المنضوي فى صفوف الحزب إلا الجزء اليسير، الغرض من هذا الحوار لتسليط الضوء على صفحة نضالية من صفحات نضال الشيوعيين فى السجون ، هذه الوثيقة المهمة التي يجب أن نزيح عنها الغشاوة ، ونلتقي بمن هم الاهم فى هذآ المجال ممن عايشوا فترة حفر النفق والهروب من السجن للعودة القمة صفوف الحزب والعمل داخله ، ولكسر شوكة النظام الدكتاتوري الذي كان يتبجح بقدرته وقساوته على كسر شوكة المناضلين من خلال حجزهم وراء القضبان ، لأن عمل الرفاق هذا أصبح جرس إنذار لتنامي المد الشيوعي وقدرته على العمل في الزمن الصعب .
من هذآ ننطلق لكتابة وتوثيق تاريخ ومناضلي الحزب سيما أن كثيراً من صناعه لا زالوا علي قيد الحياة ، ولإماطة اللثام عن أسرار مهمة خشية ضياعها بعد أن ضاعت الكثير من الحقائق عن التاريخ المجيد للشيوعيين العراقيين بسبب الظروف التي مر بها الرفاق والحزب ، يؤكد الرفيق والباحث محمد علي محيي الدين ” أن تاريخ والحزب أمانه فى أعناق جميع الشيوعيين من اقصى اليمين إلى اقصى اليسار وعليهم الكتابة ” ، لتاريخ الحزب العريق الذي تجاوز عمره الثمانون عاماً وهو ما زال شاباً يافعاً يقدم الخير لأبناء بلاد الرافدين ، كان لنا هذا اللقاء مع المناضل حميد غني جعفر الملقب ( جدو) لصغر عمره داخل سجن الحلة وقتذاك ، وأحد المشاركين فى حفر نفق سجن الحلة عام 1967 للهروب نحو طريق الحرية والعودة لصفوف الحزب المناضل من أجل وطن حر وشعب سعيد .
ولد المناضل حميد غني جعفر عام 1943 في البصرة ، عاد والده بالعائلة إلى مدينته الأصلية ومسقط رأسه بغداد – الكاظمية بسبب وفاة الجد (جعفر) ليستقر في بيت أجداده في محلة – أم النومي – والمعروفة – بموسكو – فكانت نشأته وتربيته في الكاظمية ودراسته في مدرسة المفيد الابتدائية في الكاظمية ، كان الأنضمام للحزب الشيوعي العراقي وهو في التاسعة عشر من العمر أي عام 1962 بعد اطلاعه على أدبيات وسياسة الحزب ، ولدوره المهم في حفر نفق سجن الحلة المركزي كان لنا معه لقاء لنتعرف ونطلع على معاناة السجناء السياسيين الشيوعيين وبطولاتهم للتخلص قيد السجن الرهيب ، ولذا أرى انه آن الأوان اليوم لأطلاع الرأي العام والأجيال الجديدة من الشيوعيين العراقيين على إحدى المآثر البطولية للشيوعيين .. وما أكثرها في السجل الطويل والمشرق لحزب فهد وسلام عادل الخالدين أبدا :
• نتمنى أن نعرف بداية العمل , ومتى تم انضمامك لصفوف الحزب الشيوعي العراقي؟
• كان انتمائي للحزب الشيوعي العراقي وأنا في التاسعة عشر من العمر أي عام 1962 وعن طريق الرفيق الراحل – محمد عبد الأمير الدباش – وكان المسؤول الحزبي هو الرفيق الشهيد – جواد أحمد السلطان – شاركت في كل المهمات والفعاليات النضالية التي يكلفنا بها الحزب والتي اتسمت بالنشاط والحيوية في تلك الفترة بحيث يكاد لا يمر يوم دون فعالية نضالية ابتداءً من توزيع بيانات الحزب بصورة علنية , ثم المشاركة في المظاهرات المستمرة للمطالبة بالسلم في كردستان ، ويشرفني إني لم أتخلف عن أية مهمة أو فعالية نضالية حتى كان انقلاب الثامن من شباط الفاشي الدموي وشاركت مع رفاقي في المقاومة الباسلة للانقلاب الأسود ، وبتوجيه من الحزب كنت قد شاركت بإذاعة بيانات الحزب – يوم الإنقلاب – من جامع الأمير بعد كسر باب المسجد واستخدام جهاز المايكرفون لإذاعة البيانات والنداءات الحماسية الداعية لمقاومة الانقلاب ، كان معي الرفيق سامي احمد السلطان وأخيه الرفيق حسن والرفيق الراحل عبد الوهاب المنذري ، ثم وبتوجيه من الحزب اتجهت إلى مركز شرطة الكاظمية وشاركت مع الرفيق الشهيد سعيد متروك ورسول محمد أمين والرفيق الراحل محمد أمين الأسدي ، وبعد عملية احتلال المركز تم اعتقال كافة الشرطة ورجال الأمن بعد تجريدهم من السلاح ثم كسرنا مشجب السلاح لتوزيعه على رفاقنا المقاومين ومن بينهم الشاعر مظفر النواب وحمدي أيوب والملازم الشهيد خزعل السعدي وغيرهم كثيرون .
• متى تم الاعتقال بعد سيطرة الانقلابين على السلطة؟
• اعتقلت في اليوم الأول للانقلاب مع الرفيق المنذري أي – 8 – 2-1963 – وحكمت بالأشغال الشاقة المؤبدة ثم أرسلت مع رفاق الكاظمية إلى سجن نقرة السلمان ، ثم نقلت إلى سجن الحلة المركزي أواسط العام 1966 بعد أن قضيت ما يقارب الثلاث سنوات في سجن نقرة السلمان , ومن هناك اختارتني المنظمة التي يقودها الراحل حسين سلطان إلى مهمة حفر نفق سجن الحلة وتمت عملية الهروب في ليلة الذكرى الخمسين لثورة أكتوبر الاشتراكية أي ليلة – 6 – 7 – تشرين ثاني 1967.
• هل كانت هنالك محاولة هروب آخرى قبل محاولة الهروب من سجن الحلة عام 1967؟
• كنت معتقل فى مركز شرطة الكاظمية أواسط حزيران من عام 1963 وردتني رسالة من الرفيق المرحوم فائق جواد الخياط يستفسر فيها عن عدد الرفاق الشيوعيين المعتقلين ويتساءل عن إمكانية الهروب للمشاركة معنا ولم يذكر تفاصيل أخرى سوى التأكيد على ان تكون العملية قبل – 1 – 7 – 1963، وغمرتني الفرحه الكبرى بان رفاقنا يواصلون نضالهم بهمة وشجاعة منقطعة النظير ويتحدون الطغيان الفاشي، وتدارست الرساله مع عدد من الرفاق الجيدين الصامدين واتفقنا علي انة توجد إمكانية للهروب ، إذ أن هناك داخل ساحة الموقف – الهول – ممر ضيق وفي نهايته باب صغير من الخشب وهو مقفل من الداخل ولا توجد حراسة عليه ، ويطل الباب على شارع فرعي بجانب المركز – من جهة اليسار – وساحة الموقف مخصصة للموقوفين العاديين وكذالك الممر الضيق هو الآخر ينزل فيه العاديون أيضا وليس لنا بهم من صلة ، وتلك هي المشكلة التي واجهتنا لكن ولحسن الحظ كان لأحد رفاقنا علاقة صداقة مع أحد هؤلاء النزلاء العاديون، وكان هذا الموقوف – العادي – شقيق لأحد رفاقنا – خارج المعتقل – والمدعو – علي قديفجي – وهو ينزل في الممر قرب الباب المذكور وقد اتفق معه – رفيقنا مهدي السيد نور – على توفير المستلزمات المطلوبة وكانت بسيطة (منشار صغير ودرنفيس وقالب صابون رقي) لغرض وضع الصابون على المنشار عند قطع القفل – كي لا يظهر صوت – واتفقنا على تنفيذ العملية في الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، حيث يخلد الجميع الى النوم ، وفي الموعد المحدد من تلك الليلة وكانت أواخر حزيران ، تسلل الرفاق كل من (مهدي السيد نور، رشيد عبود متروك، وأنا) الى الممر لمساعدة الصديق – علي قديفجي – في تنفيذ العملية ، وإذا بأحد الموقوفين العاديين النائمين أو هكذا كان يبدو لنا فى ساحة الموقف ينهض من فراشه ويصرخ بأعلى صوته … شرطة … شرطة …الشيوعيين يريدون ينهزمون حتي عدنا وبسرعة البرق الخاطف الى فراشنا , بحيث دخل افراد الشرطة إلى غرفتنا فلم يلاحظوا شيئا , وكان الهدوء والسكون التام يخيم على غرفتنا فوجد الشرطة الجميع في حالة نوم عميق حتى ظنوا بأن هذا الموقوف الذي ناداهم والذي يدعى – مجيد – ويكنى – قنبلة – كان يغط في حلم عميق فلم يصدقوا به حتى صفعه احد افراد الشرطة على وجهه وشتمه ، وهكذا وللأسف الشديد فشلت ولم تسنح لنا المحاولة الفرصه للمشاركة ونيل الشرف العظيم فى حركه حسن سريع بعد أن عرفنا عن انطلاقها فى الأول من تموز 1963، هذه الحركة الثورية كما لم يتسع لنا الوقت لتكرار المحاولة حيث نقلنا إلى الموقف العام في الباب المعظم – وزارة الصحة حالي- . بعد عام ونصف من الاعتقال والتنقل بين مركز شرطة الكاظمية ومركز شرطة الوشاش والموقف العام في باب المعظم ومعتقل خلف السدة ومواجهتنا لأبشع أساليب التعذيب الهمجية التي تفوق التصور ، تم تسويق أبناء الكاظمية الذين يربو عددهم عن المائة مناضل الى المجلس العرفي العسكري الأول في معسكر الوشاش برئاسة محمد نافع احمد بدعوى مقاومة انقلاب الثامن من شباط الأسود عام 1963.
• متى بدأت محاولاتكم الأولى وساعة الصفر للشروع بحفر النفق في سجن الحلة؟
• كان سجن الحلة يحتوي على قلعتين كبيرتين , القديمة وتسمى الوسطى والجديدة ، وضمت القلعتان المئات من المناضلين الوطنيين من شيوعيين وديمقراطيين تقدميين ومن مختلف الطيف العراقي ، وحين وصولي للسجن نسبت إلى القلعة الجديدة وفي الردهة الأولى ، وتم التعارف بيني وبين المنظمة الحزبية في السجن التي يقودها نصيف الحجاج ، وجرى تكليفي بالعمل في لجنة إعداد النشرة الإخبارية اليومية والتي كانت تقرأ صباح كل يوم على السجناء ، وكانت غرفة الإخبار تقع في بناية صغيرة منعزلة تحتوي على خمس غرف صغيرة ، اثنان على جهة اليمين واثنان على جهة اليسار أما الخامسة فكانت في العمق وبابها قبالة ساحة القلعة ، ويبدو إنها كانت مستشفى للسجناء وتم الغائها فيما بعد ، وتم استخدام ثلاثة منها لنزول السجناء وواحدة لإعداد النشرة الإخبارية والأخرى التي في العمق صيدلية لمعالجة السجناء . استقبل سجن الحلة في نيسان من العام 1967 حسين سلطان عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي منقولاً من سجن نقرة السلمان ، وانضم فور وصوله إلى المنظمة الحزبية التي تتكون من (نصيف الحجاج وكمال شاكر ومحمد ملا كريم وحسين ياسين) ورفيقا آخر لا يحضرني اسمه ، وكان الرفاق الثلاثة الأوائل على وشك انتهاء محكوميتهم وما أن مضت فترة وجيزة على مجيء حسين سلطان – أبوعلي – حتى انتهت محكوميات الرفاق الثلاثة وأطلق سراحهم ، ثم تسلم مسؤوليتها فيما بعد الرفيق حسين سلطان وانضم إليهم أيضا الشاعر مظفر النواب وحافظ رسن .
• هل كان للمنظمة الحزبية في سجن الحلة المركزي دور في توجيه الرفاق داخل السجن بالالتزام والتعاون في حفر النفق؟
• كان لدور المنظمة الحزبية في إدارة شؤون السجناء وحياتهم اليومية بكل مفاصلها وخضوع الجميع بلا استثناء لطاعة المنظمة والالتزام بكل توجيهاتها وقراراتها ، بحيث لا يمكن لأي رفيق مهما كانت شخصيته أو درجته الحزبية القيام بأي عمل أو تصرف مهما كان صغيرا دون علم وموافقة المنظمة إدراكاً منهم بأن المنظمة تمثل الحزب وان احترامهم وطاعتهم لها هو احترام وطاعة للحزب الذي وهبوا حياتهم لأجله ، فهم قد تربوا في المدرسة الوطنية الكبرى الحزب الشيوعي العراقي وإيمانا منهم بمبدأ القيادة الجماعية المتجسدة بقيادة الحزب . إذن لا يمكن أن يكون هروب فردياً أو جماعياً دون علم المنظمة الحزبية وموافقتها وهذا يدركه جيدا كل المناضلين في السجون , وعلى هذا فإن عملية هروب كبرى مثل عملية حفر نفق وهروب جماعي من سجن الحلة المركزي عام 1967 ليست إلا من صنع الحزب الشيوعي العراقي تخطيطا وتنفيذا ، وليس من أية جهة أخرى إطلاقا ، كما يزعم البعض في محاولة لإبراز عضلاته على انه المخطط والمنفذ للعملية يسعى لتهميش وإلغاء دور المخطط والمنفذ الحقيقي ، باستغلال الظروف القاهرة والقاسية التي مر بها الحزب حيث ظلت الحقيقة غامضة عن الشارع العراقي وحتى على الكثير من الشيوعيين طيلة هذه الفترة العصيبة من تاريخ الحزب ، بفعل سياسة القمع البوليسي وانعدام حرية الفكر والرأي وحرية الصحافة والنشر إضافة لعدم وجود شبكات الانترنت فقد ظلت الحقيقة حبيسة، وأرى أنه آن الأوان لكشف الحقيقة بأمانة وصدق ، لقطع الطريق على المتقولين والأدعياء ، حفاظا على تاريخ الحزب الناصع المشرق لأنه أمانة بأعناقنا ولن نسمح بالتشويه والتزوير لتاريخ الحزب العريق.
• مَن الرفاق مِنَ صاحب فكرة حفر النفق من سجن الحلة والهروب المركزي؟
• من هنا أرى لزاما عليَّ أن أبين الحقيقة بضمير نقي وبصدق وأمانة الشيوعي المعهودة
, نتحدث عن كيفية بدا العملية ومن هو مصدر الفكرة ، إن فكرة الهروب لابد أن تراود كل مناضل ثوري وهو أمر طبيعي جداً ، وعلى هذا كانت المنظمة الحزبية التي كان يقودها – نصيف الحجاج – تفكر بعملية الهروب الجماعي من موقع – المطبخ – في القلعة القديمة واختارت الشخوص المنفذين للعملية , وبدأت العمل بصنع حاجز خشبي يحجب الرؤيا عن ربية الحراسة فوق السطح – قبالة المطبخ – ، وكان هذآ فى نيسان من العام 1967 قبل مجيء الراحل حسين سلطان منقولا من سجن نقرة السلمان إلى سجن الحلة وذالك في أواسط نيسان من العام ذاته 1967, وبعد إطلاعه على الفكرة ، من قبل المنظمة الحزبية ، وجد فيها مخاطر كبيرة وجدية بفعل موقعها قبالة ربية الحراسة , وقد كان حسين سلطان يحمل مشروعا جديد للهروب الجماعي أيضاً , ولكن من موقع آخر أكثر أمانة وضمانة من الموقع الأول ، وهو غرفة الصيدلية داخل القلعة الجديدة وكان الراحل سلطان قد أخذ فكرة هذآ الموقع من الصيدلية من رفيق كان معة فى سجن نقره السلمان، وكان هذا الرفيق يدعى – سالم – سجيناً في سجن الحلة عام – 1964 .
• من هم المجموعة التي قامت بحفر النفق ، ومن هم المشرفين عليه من سجناء منظمة الحزب؟
• اقتنعت المنظمة الحزبية بمقترح حسين سلطان الذي كان يقودها الرفيق نصيف الحجاج ، وتم الاتفاق على إلغاء فكرة الهروب من الموقع الأول ، والبدء بالعمل من الموقع الثاني وهو الصيدلية في القلعة الجديدة ، وتم اختيار الرفاق المنفذين الأربعة وكنت احدهم , إذ ابلغني حسين سلطان شخصياً بهذه المهمة المشرفة واختار أيضا الملازم فاضل عباس ونحن الاثنين من الكاظمية والاثنان الآخران عقيل عبد الكريم حبش من الناصرية وكمال ملكي من الموصل ، وللأمانة أن اذكر أن عقيل وفاضل كانا قد اختيرا للعمل من الموقع الأول أي المطبخ وعملا فيه فعلا ، والأربعة المذكورين هم فريق التنفيذ ، أما فريق الأشراف كانوا ثلاثه وهم الشاعر مظفر النواب وحافظ رسن وحسين ياسين.
• ما هي واجباتكم داخل السجن، وكيف تم ترتيب وقتك بين الواجب وعمل حفر النفق؟
• كنت أقوم إضافة لعملي في لجنة إعداد النشرة الإخبارية ، كان عملي الآخر فى الكشك لبيع المشروبات الغازية والحليب ، و كنت أقرأ النشرة الإخبارية صباح كل يوم في القاووش رقم واحد الذي كنت نزيل فيه , وكذالك أساعد الرفيق حسين سلطان في قراءة أدبيات الحزب أو البريد الحزبي داخل القاعات والغرف التابعة لمنظمتنا ، ثم كنت أعمل ليلا مع الرفاق المكلفين في حفر النفق.
• متى بدأ عملكم الفعلي بحفر النفق داخل سجن الحلة المركزي؟
• بدأت عملية حفر النفق فى أوائل تموز من العام 1967 , وكان عملنا بشكل يومي وعلى مدى ساعتين فى اليوم بسبب شدة الحر وخلو الهواء من الأوكسجين وضيق التنفس تحت الأرض ، ومن اهم الصعوبات والمعوقات التي واجهتنا هي كيفية تسريب وإخفاء التراب ، وقد استخدمنا أكياس السكر أو الطحين لتكديس التراب فيها حتى امتلاء محيط الغرفة بأكياس التراب ، وكان العمل يجري بشكل منتظم والتزامات صارمة وسرية تامة ، وتفانٍ لأنجاز المهمة.
• هل هنالك اتصال بين منظمة السجن ومنظمة الحلة وقيادة الحزب لتقديم المساعدة على الهروب؟
• كان حسين سلطان علي صلة وثيقة بالتنظيم الحزبي خارج السجن , كانت تلك الصلات والمراسلات بينه وبين قياده الحزب حول هذآ الموضوع ، كانت محلية بابل على علم مسبق بعملية الهروب ، وقد هيأت المستلزمات الكاملة لإنجاحه ، فقد أرسل حسين سلطان صبي للحزب عن طريق أحد الرفاق رسالة يطلب فيها تهيئة المستلزمات اللازمة لإنجاح العملية ، وتهيئة السبل الكفيلة بإخفاء الهاربين ، ولكن حدوث الانشقاق الكبير وخروج جماعة القيادة المركزية عن الحزب ، ادي لحدوث خلافات بين المعتقلين المشاركين بالعملية . عند زياره الرفيقة آبلة الشيخ الى السجن لمواجهة أخيها عزيز الشيخ وطلبت اللقاء بحسين سلطان ، أكدت على أن منظمة الحلة للحزب لا يستطيعون إيواء الهاربين من السجن في المدن بل توجد إمكانية لإيوائهم في الريف ، كما أكدت على إمكانية المساعدة المادية في المواجهة الثانية.
• بأية وسائل تم حفر النفق وكيف بدأتم؟
• تم حفر النفق بأدوات بسيطة وبدائية حصلنا عليها من خلال عملنا في السجن ، منها ملاعق و قلم حديد و فأس صغير .
• كم كان طول النفق ، وهل هنالك من الرفاق من ساعدكم باحتساب مسافة طول النفق عن مكان الخروج ، وانا عرفت ان هنالك كان كراج لنقل المسافرين بجانب السجن وكانت النية بالخروج والهروب منه؟
• كان طول النفق ( 17 )مترا أما الارتفاع ( 70-75 ) سم ، و العمل يجري بشكل منتظم وبالتزامات صارمة وسرية تامة وتفان لانجاز المهمة ، وليس هناك أي تفكير أو نوايا سلبية ، وكانت الروح الرفاقية الشيوعية هي السائدة بيننا , وقد واجهنا مواقف خطيرة كادت تعصف بأحلامنا وآمالنا لكن وحدة الإرادة والتماسك الرفاقي تمكنا من تحقيق الهروب .
• هل توقف العمل في حفر النفق، وهل واجهتكم مشاكل مع الرفاق في السجن؟
• ظلت روحية التعاون السامية هي السائدة بيننا ، حتى أواخر أيلول من عام 1967 حيث أعلن الانشقاق الكبير والخطير في الحزب , والذي قاده عزيز الحاج أو ما يسمى بالقيادة المركزية ، فكانت الكارثة إذ انقسم الحزب وتمزقت وتشتت تنظيماته وأضعفته أمام العدو، وكان لهذا الانقسام والتمزق انعكاساته المباشرة بطبيعة الحال على السجناء السياسيين في جميع السجون العراقية ومنها نحن في سجن الحلة ، في وقت كان فيه العمل في النفق على وشك نهايته ، وقف السجن على قدميه في نقاشات ساخنة حادة من الصباح حتى ساعات متأخرة من الليل , واحتدمت المناقشات وتحولت إلى صراعات ومشاجرات اتسمت بالعنف في كثير من الأحيان , وبفعل تلك المشاحنات والتوترات العصبية توقف العمل في النفق ، وسادت الفوضى العارمة في السجن , وغابت الروح الرفاقية , و إزاء هذه الفوضى العارمة وحالة الانفعالات والتوترات العصبية ، اتخذت المنظمة الحزبية بقيادة حسين سلطان قرارا بإجراء استفتاء عام لكل السجناء , وتحديد موقف كل منهم بحرية وقناعة تامة في أن يكون الرفيق مع الحزب ولجنته المركزية أو مع المنشقين ، وكان قرارالاستفتاء من قيادة المنظمة قد وضع حدا للصراعات والمهاترات ، وعاد الهدوء إلى السجن بعد أن انقسمت المنظمة الحزبية الواحدة إلى منظمتين ، وعلى النحو التالي: منظمة الحزب اللجنة المركزية (حسين سلطان ، لطيف حسن الحمامي، عبد الأمير سعيد، جميل منير – حميد غني جعفر) أما المنظمة التي تمثل القيادة المركزية “المنشقين” فهي (الشاعر مظفر النواب، حسين ياسين، حافظ رسن) وبسبب وقوفي مع الحزب مما أثار غضب واستياء المجموعه ضدي ، حتى بذل حسين ياسين عدة محاولات لإقناعي بالانضمام إليهم فرفضت , ولذلك حاول المنشقون إبعادي عن عملية الهروب بأي طريقة . وبعد عودة الهدوء واستتباب أوضاع السجن ، جرى الاتفاق بين منظمة الحزب والمنشقين على العودة إلى العمل في النفق وانجاز ما تبقى منه وكان المتبقي بحدود ثلاثة أمتار , وكان ذالك في أوائل تشرين الأول عام 1967.
• من خلال صغر مكان العمل فى النفق تتكدس كمية كبيره من التراب ، كيف يتم التخلص منها ، وما هي المشاكل التي واجهتكم أثناء حفر النفق؟
• هنالك عقبات ومعوقات كبيره ومنها هو كيفيه التخلص من التراب المستخرج من النفق , فالغرفة صغيرة لا تستوعب كميات التراب ، لأن الضلع من جهة اليسار فيه فوهة النفق والضلع الثاني هو باب الصيدلية الرئيسي ومنها الدخول والخروج بقي ضلعان فقط احدهما امتلأ بالتراب حتى السقف أما الضلع الآخر من جهة اليمين فقد صنعنا له صندوق كبير من الخشب و الفايبر، وكدسنا فيه التراب وظلت هذه المشكلة تواجهنا فترة حفر النفق ، وطرحت على حافظ رسن الذي كان على اتصال يومي بحسين سلطان ليزوده بتقرير شفهي عن آخر التطورات وما يواجه العاملين بالنفق من معوقات ، وتم التنسيق بينهما والاتفاق على الطلب من إدارة السجن ومن خلال ممثل السجناء على جلب ثلاثة أحمال من التراب لاستعمالها في تحصين سقف كابينة المقهى والمكوى لقرب حلول موسم الشتاء , وكان ذالك لغرض التمويه على إدارة السجن والتخلص من التراب , وقمنا فعلا بجلب التراب أنا وكمال وفاضل إلى المقهى في وضح النهار ، وبعد أن خلد الجميع إلى النوم ، قمنا بنقل التراب من النفق إلى المقهى بترتيب خفارة ليلية فاضل وعقيل ساعة وحسين ياسين وجدو ساعة أخرى ، لكن معضلة التراب ظلت قائمة فقمنا بملء العلب الفارغة من التايد أو الحليب ورميها في حاويات الأوساخ لينقلها المنظفون صباح كل يوم خارج السجن في الأماكن المخصصة للقمامة . وكانت وحدة الإرادة والعمل الجماعي والروح الرفاقية والتفاني ونكران الذات، كفيلة بتذليل كل الصعاب والمعوقات , وكنا نتدارس سبل معالجة تلك المعوقات ونطرحها على حافظ رسن وبدوره ينقلها إلى حسين سلطان ، وكنت أشاهدهما يلتقيان يوميا ويأخذان الساحة ذهاباً وإياباً ليناقشا الأمور ليجدان الحل الملائم لها ، بهذه الروحية المتفانية كان يجري العمل حتى أواخر أيلول من العام 1967 , وبحدوث الانشقاق غابت الروح الرفاقية وتغلبت الأنانية وحب الذات كما أوضحنا، لكن العمل هذه المرة لم يكن بذات الروحية الشيوعية التي كنا قد بدأنا بها قبل الانشقاق فقد تغيرت تماماً وتناسى العاملين للأسف شيوعيتهم وباتت النزعات الأنانية وحب الذات والتعامل بروحية – الند للند – وتعرضت للكثير من الضغوطات والمضايقات بهدف إبعادي عن عمل حفر النفق , وتضجرت من ذلك حتى أخبرت الرفيق حسين سلطان مسؤول المنظمة بالأمر ، فأشار علي بضرورة التحلي بالصبر وأني في مهمة حزبية ويجب مواصلة العمل سيما وأنه أوشك على نهايته ، والتزمت برأي حسين سلطان و واصلت العمل ، لقد كانت قيادة أبو علي للمنظمة تتسم بالضبط الحديدي والدقة في تنفيذ لكل مهمات الحزب وتوجيهاته , وكان يحظى بتقدير واحترام كل السجناء.
• هل تم تفتيش قاعات السجن من إدارة السجن كروتين دوري ، أم بسبب علاقاتكم الطيبة مع إدارة السجن كانت تبتعد عن أهمية التفتيش للقاعات؟
• ذات يوم شديد الحرارة فوجئنا بزيارة مدير السجون العامة ، وبعد لقاء لجنة التنظيم معه ، وطرح مطالب السجناء إليه , رفض تلك المطالب وقام بجولة يستطلع فيها أوضاع السجن ، و بصحبه مدير السجن والمأمور وعدد من الحراس ، وعلى غير العادة المتبعة لم يرافقه ممثل السجناء ، و ابتدأ جولته من القلعة الوسطى ثم جاء إلى القلعة الجديدة واتجه إلى الممر الذي تقع فيه غرفة النفق ، وكنا نراقب بقلق شديد ما سيحدث خشية أن يطلب فتح باب الصيدلية فتقع الكارثة وتضيع كل الجهود وتتبدد الآمال في الالتحاق بالحزب ، كانت لحظات من الفزع والخوف ، وما إن لمست يداه القفل على الباب ، حتى كدت اصرخ , لكني تماسكت وكان بجانبي فاضل الذي كان بصراحة أكثر تماسكاً مني ، وسأل المدير مرافقيه عن الغرفة، فأجابه احدهم إنها غرفة تواليت مهجورة فرفع المدير يديه عن القفل وعاد من حيث أتى فكانت فرحة لا توصف غمرت الجميع وكأننا كنا في حالة اشتباك مع العدو وتحقق لنا نصرا عظيما ، ومن فرط فرحتي ناديت السجناء المتواجدين في الساحة وقلت : تعالوا اشربوا الشاي على حسابي، ولم يدرك السجناء سر فرحتي .
• هل تستطيع أن تحدد بالضبط الفترة التي استغرق فيها حفر النفق؟
• انتهى العمل في حفر النفق في نهاية تشرين الأول عام 1967 واستمر العمل لمدة (58) يوماً ، علماً تقديرات السلطة كانت بعد هروبنا واكتشاف آمر النفق بـ(9) أشهر وأن يكون العمل ليل نهار لإتمام الحفر.
• متى تم الانتهاء من حفر النفق ، وكيف تم الاتفاق على الهروب؟
• في نهاية في نهاية تشرين الأول عام 1967 إنتهى العمل فى إكمال و حفر النفق وفى زياره أخي حسين للسجن قبل هروبي بعشرين يوماً طلبت منه أن يجلب لي بعض الحاجيات الضرورية (دشداشة وسترة وحذاء رياضة) مما أثار استغرابه بشكل واضح وقال :
أنت بالبيت متلبس دشداشة … . شلك بيه … ولك شغلة الدشداشة مو خالية ….
فأجبته على الفور: مو الدشداشة أروح من البجامة والحذاء أريده للرياضة الصباحية ….
ولم يكن مقتنعاً بما قلته له ، لكنه قد لبى كل طلباتي ، والحقيقة كانت هذه الطلبات باتفاق مع حسين سلطان ، لأني كنت قد أخبرت أبو علي بأني لا اعرف احياء الحلة ولا شوارعها , ولم أراها من قبل , فأين أتوجه عند الهروب ، فقال لي حسين سلطان :
لا عليك سأكون بانتظارك عند الخروج في باب الكراج لأصطحبك معي إلى الريف ، ولذا كانت الدشداشة والسترة هي المناسبة لوضع الريف ، وفي هذه الفترة كنا قد بلغنا بالعمل في النفق نهاياته ، فقد أصبحنا على مقربة من الكراج الملاصق لسياج السجن الرئيسي ، بعد أن تركنا مقدار طابوقتين أو ثلاثة وهي الفوهة التي تتسع لعبور شخص ، وتوقف العمل لحين ورود إيعاز من الحزب .
• هل كان هنالك تنسيق مع منظمة الحلة لترتيب مستلزمات عملية الهروب؟
• كانت منظمتنا الحزبية على اتصال دائم مع منظمة الحلة – محلية الحلة – وكان من المتفق عليه بين منظمة السجن والمحلية، بأن تقوم المحلية بتهيئة المستلزمات الضرورية لتسهيل عملية الهروب , ومنها تهيئة سيارات من داخل الكراج لنقلنا إلى مكان يختاره الحزب , ولم يكن لنا علم بهذا المكان ، ولكن ووفقاً لما قالته الرفيقة وابلة الشيخ لحسين سلطان من أن الحزب يستطيع إيواء الهاربين في الريف ، ولا يستطيع إيواءهم في المدن ، وعلى أن تكون السيارات بحماية عدد من الرفاق من تنظيم الحلة ، على هذا الأساس توقف العمل ولم يكن هناك أي موعد متفق عليه بين مجموعة العاملين في النفق مع منظمتنا الحزبية , لكن الذي اتضح إن المنشقين قد استغلوا فترة توقف العمل ليواصلوا العمل بمفردهم ومن وراء ظهر منظمتنا ودون علمي كشريك في العملية ، إذ قاموا برفع الطابوقتين أو الثلاث ، وقاموا بتغليف النفق بالبطانيات وبسحب سلك كهربائي إلى داخل النفق للإنارة وهذا ما كنا قد اتفقنا عليه مسبقاً ، واتضح لنا هذا الأمر في هذه الليلة الحاسمة ، وعندما أوشك العمل على نهايته حدثت بعض الإشكالات والألتباسات التي توقف العمل بسببها لفترة شهر ، ثم عدنا لأنجاز العملية وقمنا بتغليف ارض النفق والسقف بالبطانيات كي لا يظهر اثر للتراب في ملابسنا – عند الزحف داخل النفق – والخروج من فوهة النفق إلى مرأب السيارات وكانت عملية الهروب في ليلة تاريخية هي ذكرى اليوبيل الفضي لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى ليلة 6-7 تشرين ثاني عام 1967.
• هل حدث خلاف بين الرفاق السجناء داخل السجن لكيفية الخروج من السجن إلى الحرية؟
• هذه الليلة التي أسميناها “بالحاسمة” لأنها كانت مفاجئة لنا ولمنظمتنا الحزبية التي كانت تتهيأ مع كافة السجناء للاحتفال بالذكرى الخمسون لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى التي اعتاد السجناء السياسيون من شيوعيين وتقدميين الاحتفاء بها وتمجيدها كل عام فهي من التقاليد الثورية ، وفي غمرة الاستعداد للاحتفال بهذه الليلة المجيدة ، لم يدور في خلد أي منا أن يحدث ما حدث في تلك الليلة ، إذ لم يكن هناك أي اتفاق أو موعد محدد مع منظمتنا ، أو بين منظمتنا ومنظمة المنشقين على تنفيذ عملية الهروب ، وكان الجميع بانتظار الإيعاز من الحزب أو محلية الحلة التي كانت تتهيأ لتسهيل عملية الهروب عبر خطة دقيقة ، يمكن من خلالها خروج اكبر عدد من السجناء ، لكن الذي اتضح أن المنشقين كانوا يخططون بمفردهم وحددوا هذه الليلة للهروب لوحدهم من وراء ظهر منظمتنا ، واستخدموا أساليب ملتوية بهدف إبعاد النظر عما يخططون ، إذ جاء صباح يوم 6 / 11 حافظ رسن لحسين سلطان وابلغه بأنهم “المنشقين” سيعقدون اجتماع لهم في القاعة الكبيرة رقم (7) المحاذية لغرفة الصيدلية ، فأجابه أبو علي أنه أمر يخصكم ، وبعد سويعات من صباح ذالك اليوم جاء مظفر النواب ليطلب من أبو علي أيضاً الأسماء المستعارة للرفاق الذين تقرر هروبهم لتثبيتها في هوياتهم على أن يأتي صباح اليوم التالي لاستلامها ، بهذه الأساليب الملتوية حاولوا إبعاد النظر.
• كيف عرفتم بأن المنشقين يحاولون استغلال النفق للهروب بدون علمكم؟
• قبل ساعة من تنفيذهم للعملية ، افتضح أمر المنشقين عن الحزب (القيادة المركزية)، حيث كنت أقف في الكشك لمزاولة عملي لبيع المشروبات الغازية عصر ذلك اليوم السادس من تشرين ثاني ، شاهدت عناصر من المنشقين – من القلعة القديمة – وهم يدخلون القلعة الجديدة ويتجهون إلى القاعة رقم (7) المحاذية لغرفة الصيدلية ، ويحمل كل منهم بيده رزمة أأو تسمى بلهجتنا الدارجة (بقجة) من القماش وكان عددهم بين 12-15 شخصاً وفي مقدمتهم حافظ رسن والشاعر مظفر النواب وحسين ياسين وعقيل حبش وفاضل وأخرون ، كما وشاهدت شخصاً يقف في باب القاعة ، وفجأة انقطع التيار الكهربائي لحظات ، ثم عاد مرة أخرى ، هذه المشاهد الثلاث (البقجة – انقطاع التيار الكهربائي – وقوف شخص في باب القاعة) لفتت نظري وبقيت أراقب هذه الحركات المريبة ، وتبادر إلى ذهني الشك سيما بعد انقطاع التيار الكهربائي ، واتجهت مسرعا إلى حسين سلطان الذي كان هو الآخر ؟ في الساحة يراقب هذا التحرك ، وأخبرته بخطورة الموقف , فقال لي أبو علي محذراً:
(جدو) هل أنت متأكد مما تقول من هذا الكلام الخطير .
فقلت له : نعم , وإلا لماذا قطع التيار الكهربائي يقيناً إنهم سحبوا السلك الكهربائي إلى داخل النفق , والبقجة بأيديهم بالتأكيد يخفون فيها ملابسهم التي يخرجون بها ، ثم قال:
تذكر يا رفيق انك ستكون المسؤول أمام الحزب إذا ظهر خلاف ذالك ,فأجبته على الفور وبقناعة تامة: نعم أنا المسؤول ، فأشار عليَّ أبو علي بحمل شيش من الحديد كان في الكشك استخدمه لكسر الثلج وتوجهت به إلى باب الصيدلية الرئيسي لكسر القفل , أما حسين سلطان (أبو علي) فقد ظل واقفاً في الساحة أمام الممر وإلى جانبه الرفيقين صاحب الحميري وعبد الأمير سعيد لمراقبة الموقف ، وقبل أن أضع الشيش في القفل ، استرق السمع من خلف الباب للتأكد من الحقيقة فسمعت وقع خطوات بطيئة وحذرة وصوت همس يقول :
هل الإنارة جيدة ؟ أيقنت ساعتها أن المنشقين يغدرون بنا وناديت من خلف الباب بصوت منخفض على حسين ياسين قائلا له :
هل هذه هي الأمانة الحزبية التي تربيت عليها ؟ .. الغدر برفاقك , وهنا رفعت القضيب الحديدي (الشيش) لكسر القفل ، وإذا بشخص يحاول أن يجذبني ويأخذ الشيش من يدي و يبدو انه مكلف من المنشقين بحراسة باب الصيدلية ، وتشابكت الأيدي كل منا يحاول جذب اآخر إليه ، وأخيراً انتصرت عليه بجذب الشيش وطرحته أرضا وقبل أن أسدد له الضربة كان الثلاثة “ابو علي وصاحب الحميري وعبد الأمير سعيد” قد جاءوا مسرعين ومنعوني من ضربه إذ كانوا في الساحة يراقبون الموقف ، وعندما شعر حسين ياسين بافتضاح أمرهم ويبدو أنه سمع أصوات مشاجرتنا فناداني بصوت خفيض ومرتعش من خلف الباب قائلا :
جدو جدو … تعال هنا نتفاهم ، فأجبته :
ليس لي تفاهم معكم , التفاهم مع الحزب , وكان جوابي هذا إلى حسين ياسين.
• كيف تم الاتفاق مع المنشقين على ساعة الهروب بعد أن ظهرت المشاكل في المنظمة الحزبية؟
• أوعز حسين سلطان للرفيقين الحميري وسعيد باتخاذ اجراءات احترازية لأن القضية أصبحت مكشوفة أمام السجناء , وطلب منهما الوقوف في باب القلعة ومنع خروج أو دخول أي من السجناء خشية تسريب خبر النفق إلى إدارة السجن ، فتضيع كل الجهود سدى إضافة لما قد يتعرض له السجناء من أذى ، ثم دعاني أبوعلي للذهاب معه إلى القاعة الكبيرة التي يجتمع فيها المنشقون بعد خروجهم من غرفة النفق ، وكان هناك الشاعر مظفر النواب وحافظ رسن وحسين ياسين وآخرون ، كانت الوجوه متجهمة غاضبة ومرتسمة عليها الانفعالات والتوتر العصبي ، وبدأ الكلام أبو علي وبكل هدوء قائلا:
رفاق نحن جميعا مناضلون شيوعيون وإذا انقسم الحزب اليوم , فلابد أن يتوحد غداً وتجارب الحزب غنية بهذا الشأن ، وهنا انبرى مظفر النواب مقاطعا بانفعال وعصبية شديدة قائلا :
لا …. لا …. انتم يمين ورفع يده اليمنى إلى الأعلى , ونحن اليسار ورفع يده اليسرى , ولا يمكن أن نلتقي أبدا , ولا اقصد هنا الإساءة لشاعرنا الكبير الأستاذ النواب فهو صديق عزيز وأكنَّ له كل التقدير والاحترام فأنا على اتصال وتواصل معه ، وقد أكد هذا الرجل إصالته كمناضل ثوري وما زال يحمل هموم شعبه ووطنه ويعيش قسوة الغربة ، والمهم أن أبو علي قد شعر أن لا جدوى من النقاش بمثل هذا الجو من التوتر والانفعال وليس هناك متسع من الوقت في إطالة الحديث بسبب خطورة الموقف إذ أصبح مكشوفا أمام السجناء ، فاستدرك أبو علي قائلا :
المهم الآن إن نتفق على كيفية تنظيم عملية الهروب ، فأجابه النواب:
واحدا منا وواحد منكم ، فأجابه أبو علي :
إذا كان هذا رأيكم فلا باس، ولكن يجب أن لا يكون الأول منكم فاستغرب النواب كلام أبو علي واستدرك قائلا :
من الأول إذن؟ أجابه أبو علي: الأول جدو , مشيرا بيده لي ، فوافق النواب ، لكني في الحقيقة رفضت أن أكون الأول احتراماً وتقديراً لأبو علي كونه أكبر مني سنا ثم أنه عضو لجنة مركزية وحاجة الحزب إليه اكبر فقلت له:
لا … أنت الأول وبعد هذا الحوار الساخن المتوتر ، تم الأتفاق على العشرة الأوائل خمسة منا وخمسة منهم وبالتناوب ، أي واحد منا وواحد منهم ، وبدأنا التهيؤ للأنطلاق، وأعطاني أبو علي مبلغ خمسة دنانير ، وهكذا تم التنفيذ بما اتفق عليه فكان أبو علي قد خرج الأول ثم تبعه النواب ومن بعده (جدو) وهكذا وبعد خروج المجموعة الأولى ، حدث الهرج والمرج والتدافع والتسابق بين السجناء ، حتى علمت إدارة السجن أخيرا من حارس الكراج ، كان الحارس خائف من خروج الأشباح أم الجن من حفرة الكراج ، فصاح بصوت علي شرطي المرور الموجود لتنظيم السير قرب السجن ، وأبلغ شرطي المرور حرس السجن عن عملية الهروب . وبذالك حاول المنشقون الإيحاء للرأي العام والشيوعيين العراقيين بأن هذه العملية البطولية هي من انجاز القيادة المركزية – المنشقين – والواقع فإن الذي ساعد المنشقين في تعزيز هذا الانطباع للشارع العام هو عاملين رئيسيين , الأول .هو أن تنفيذ الهروب تم بعد وقوع الإنشقاق بحوالي الشهرين ، والثاني. أن غالبية الهاربين كانوا من المنشقين ، وأن رفاق الحزب كانوا قلة إذ لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة ، أما كيف ولماذا كان ذالك ، هذا ما يجهله الشارع والشيوعيين العراقيين الذين غابت عنهما الحقيقة تماماً وعلى مدى أربعة عقود من الزمن بسبب سياسات النظام البوليسي القمعي وإنعدام حرية الصحافة والنشر ، وليس هذا بخافٍ عن شعبنا وقواه الوطنية الذين عانى الأمرين من نار ذلك النظام الفاشي الدموي ولن تسنح فرصة مناسبة لكشف هذه الحقيقة ولذا أرى إنه آن الأوان اليوم لإطلاع الرأي العام والأجيال الجديدة من الشيوعيين العراقيين على إحدى المآثر البطولية للشيوعيين , وما أكثرها في السجل الطويل والمشرق لحزب فهد وسلام عادل الخالدين أبدا.
•
• هل اتخذتم الاحتياطات اللازمة بعد الهروب من حمل هويات مزورة لتجاوز السيطرات الأمنية ؟
• بداية تموز من العام 1967 كلفت المنظمة ثلاثة رفاق بمهمة الأشراف على عمل الهويات , ثم تهيئة الإعداد للهويات –المزورة –وسحب الصور للرفاق الذين تقرر هروبهم وهم الشاعر مظفر النواب والمعلم حسين ياسين من أهالي الناصرية وحافظ رسن , لكن الهويات المزورة لم تسلم لأعضاء منظمة الحزب واستفرد بها أعضاء القيادة المركزية .
• هل هربت من السجن مع بقية الرفاق , وبعد خروجك من السجن أين اختفيت , وكيف تم اتصالك بالحزب لغرض العودة للنضال؟
• خرجت الثالث عبرَّ النفق كما كان متفق عليه من خلال الكراج , وتنسمت عبير الحرية التي حرمت منها لسنوات , واتجهت بخطوات هادءه إلى باب الكراج وكان الحارس جالساً في باب الكراج ، ألقيت عليه التحية , فرد التحية بطيبة , ثم وقفت أمام باب الكراج انظر يمينا وشمالا بحثاً عن حسين سلطان (ابو علي ) كما هو متفق عليه فلم أجده ، وانتابني شعور بالقلق والحيرة لأنني لا اعرف من أين اتجه وأي طريق اسلك ، فأنا لم أرى مدينة الحلة من قبل , وبينما أنا بهذا الحال ، وإذا بعربة تجرها الخيول (ربل ) تتجه نحوي , ودون أي كلام قفزت إلى داخل العربة وجلست على أحد مقاعدها حتى ذهل الحوذي من فعل المفاجئة والتفت بوجهه نحوي متسائلا ؟…ها عمي وين تريد …أجبته على الفور :
عمي أريد كراج بغداد , وبعد أن اطمأن قال :
ممنون عمي …وأخذت الخيول تجر العربة وهي تركض خببا باتجاه كراج بغداد وعند الوصول إلى الكراج ، أعطيت الحوذي أجرته وترجلت على عجل ، الآن أنا حر طليق في عالم الحرية الرحب وبدأت أحث الخطى وعيناي تبحث عن أشخاص كانوا قبل لحظات معي بين أربعة جدران ، فلربما قد سبقني إلى هذا المكان أبو علي لكني لم أجده أيضا .
• كيف تمكنت من الانتقال من مدينة الحلة إلى بغداد , ومع مَنّ من الرفاق الهاربين من السجن؟
• كانت السيارات منتشرة وكثيرة ، لكن الركاب قليلون , الأمر الذي يتطلب الأنتظار لوقت طويل ، وهذا ليس في صالحي بهذا الظرف المحرج ، سيما لم يكن معي المال الكافي لاستئجار سيارة لحسابي الخاص ، وبينما أنا بهذه الحيرة والقلق شاهدت مظفر النواب وحسين ياسين وحافظ رسن وفاضل عباس اتجهوا نحوي وهم ينظرون إلى السيارات أيضا ، ثم اتفقنا على استئجار سيارة لحسابنا الخاص , واتفقنا فعلاً مع أحد السواق لنقلنا إلى بغداد الحبيبة , انطلقت السيارة بنا صوب بغداد ، كان مظفر يرتدي الزي العربي العباءة والعقال وتبدو عليه علامات الهيبة والوقار , ونظر مظفر بطرف عينيه الى السائق وبادره بالسؤال
خوية اسمك بالخير ؟
فأجابه السائق: …اسمي حسين ..وانت حجي شسمك ؟
فأجابه مظفر بدون تردد: ….آني اسمي زاير ثويني ، ثم سأل مظفر السائق مرة أخرى:
خوية أبو علي هل هناك سيطرة تفتيش في الطريق ؟ وقبل أن يجيبه السائق ، شعر مظفر كما يبدو بأن سؤاله ملفت للنظر فاستدرك قائلا : …خوية أبو علي …والله عندي هذا خادمك – مشيرا بيده لي لأني أصغرهم سنا – طالب إعدادية وناسي هويته بالبيت …وأحنا مستعجلين وجايين لبغداد لاستلام جنازة ،أجابه السائق وهو ينظر لي : …والله يا زاير ثويني اكو تفتيش بالطريق مو ماكو …بس أنتوا من توصلون السيطرة …أقروا آية الكرسي وإنشا الله كلشي ماكو ، وشكره مظفر على نصيحته .
ومرَّ الوقت ثقيلا وكان الجميع متوجسون إلى حد كبير لأنهم يعلمون إني الوحيد بينهم بلا هوية وهذا مصدر القلق ولذا كانوا يخشون من أي طارئ قد يفاجئنا ، وأخذت المسافة تقصر شيئاً فشيئاً حتى أصبحت بغداد على مرمى البصر منا ، وعند الساعة العاشرة ليلا وصلنا إلى بغداد وتوقفت السيارة في ساحة المتحف “علاوي الحلة ” فاطمأنت نفوسنا وزال الخطر وترجلنا جميعا من السيارة على عجل ، وبينما كنا نهم بالافتراق كل إلى جهته قال لي حسين ياسين :
تجي ويانة فقلت له ؟….لا أشكرك هذا حدنه وياكم ، وأتجه الأربعة إلى الجهة التي حددوها سلفا ، فيما اتجهت أنا إلى وجهة أخرى , شعرت بفرحة عارمة تغمرني وأنا في الطريق إلى الكاظمية من منطقة علاوي الحلة (مقابل سينما بغداد ) وأنا الآن حرّ طليق وعلى موعد مع حبيبتي مدينة الكاظمية ومع الحزب .
• ماذا كان يجول في خاطرك وأنت حرّ طليق في مدينة الكاظمية ؟
• وصلت إلى (باب الدروازة ) فتواردت إلى ذهني صور المقاومة البطولية أبان انقلاب الثامن من شباط الأسود عام 1963 وارتسمت أمامي صور احتلالنا لمركز الشرطة والتظاهرات والنداءات التي وجهناها إلى الجماهير التي هبت لمقاومة الانقلابيين الفاشست ، وسلكت الأزقة الضيقة المظلمة خشية السير في الشوارع الرئيسة ودخلت (عكد الكنجلي ) كما يسميه الكاظميون وهو من الأزقة القديمة المظلمة ، وتذكرت عريف الأمن (جاسم عفتة ) عندما مسكني يوما ها هنا أواخر عام 1962 , وكان الوقت ليلا أيضا ،وكنا قد خرجنا للتو من اجتماع حزبي وكنت احمل معي محضر الاجتماع الذي كان من ورق الرايز الشفاف وملفوف على شكل قطعة حلوى ، سارعت حينها وبسرعة غير ملحوظة من أحد إلى وضع المحضر بين إصبعي السبابة والإبهام ورفعت يدي إلى الأعلى ليفتشني العريف جاسم ، ولم يجد أي شيء عندي فانصرف ومعه شرطي الأمن (محمد جواد حساني )حتى دهش الرفيقان الذين كانا معي وقالا أين أخفيت المحضر يا رفيق ؟ وواصلت السير مسرعا وكانت الساعة الحادية عشر ليلا باتجاه محلة “البحية وأم النومي ” حيث كان يسكن أخي ” جعفر ” لكني لم اعرف بالضبط أين منزله (كونه مستأجرا ) وذهبت إلى بيت عمه “والد زوجته “وسألته عن بيت جعفر النداف ، وخرج أبو جاسم (عم زوجته )وقد غلب عليه النعاس – كما بدا عليه – فضلا عن كونه كريم العين – ولم يعرفني ، وسألني قائلا: شتريد منه بهذا الوقت ؟أجبته على الفور:
أنا نداف وعندي شغل مستعجل وأريد مساعدته غداً في العمل ، واصطحبني الرجل الطيب إلى بيت أخي ، وتحاشيت الكلام معه طيلة مسافة الطريق كي لا ينتبه ويعرفني من خلال صوتي وبعد ذلك ينشر الخبر في المنطقة ويفتضح أمري ، ثم أشار بيده إلى زقاق ضيق يقع بيت أخي ، وهنا بادرته وطلبت منه الرجوع لداره وشكرته على صنيعه ومعروفه لأنه كان نائماً وربما سببت له الإزعاج بعد عودته لبيته ، توجهت أنا صوب الباب وطرقته بهدوء ، وخرج أخي فأصابه الذهول وكأنه غير مصدق لما يرى أدخلني البيت بسرعة وهو ينظر إلى الشارع ليطمئن لخلوه من المارة والفضوليين وبعد نيل قسط من الراحة قلت لأخي جعفر: لحسن الحظ أن أولادك جميعهم نائمون فلا تخبرهم بشيء وعليك أن تأخذني حالا إلى بيت أخي حسين ، لأنه يسكن في مدينة الحرية (الدولعي ) بعيداً عن محلتنا (أم النومي ) فاصطحبني جعفر على دراجته الهوائية إلى الدولعي وكانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل , وعند وصولنا فوجئ الجميع أيضاً واستيقظ أخي حسين ثم طلب من جعفر أن يأتي في الصباح الباكر لينقلني إلى بيت عمي في الوشاش لحين عودة حسين من الدوام حيث كان قد التحق للخدمة العسكرية جندي مكلف بعد إطلاق سراحه من سجن نقرة السلمان ، وفعلا جاء جعفر مبكراً صباح اليوم التالي لينقلني إلى الوشاش وعلى دراجته الهوائية أيضا وهو يحب الحزب لكنه ليس شيوعيا وكان قد شارك في مقاومة انقلاب الثامن من شباط الأسود عام 1963 أما حسين فقد كان رفيقا شيوعيا .
• هل اتصلت بقيادة الحزب للعودة إلى النضال بعد هروبك؟
• في مساء يوم -7-11-1967 وهو اليوم الثاني للهروب كان أخي حسين قد ابلغ الحزب ، وجاء رفيق من الحزب ليلاً إلى الوشاش ونقلني إلى بيت احد الرفاق , وهكذا التحقت إلى صفوف الحزب من جديد لمواصلة النضال المشرف والطويل , كان مكان هذا البيت في الكاظمية وصاحب البيت رفيق معروف ومكشوف في المنطقة ، ولذا فإن الحزب لم يطمأن حتى نقلني في اليوم التالي إلى بيت آخر وفي منطقة أخرى .
• كما سمعت وانا شاب يافع في تلك الفترة عن عملية هروب السجناء الشيوعيين من سجن الحلة , كم كان عدد الرفاق الهاربين , و كيف كان شعورك عند إعلان حكومة عارف عن عملية الهروب ؟
• الإعلان عن عملية النفق والهروب بعد ثلاثة أيام من الهروب ، جاءني الرفيق أبو علاء (الذي كنت مختفيا في بيته ) بجريدة ( الإعلان )الصادرة حينذاك والتي نشرت تصريحا لمدير السجون العام يعلن فيه عن عملية النفق والهروب من سجن الحلة المركزي وتمكن مجموعة من السجناء السياسيين من الهروب من السجن ، وذكر إن عددهم بلغ أربعين سجينا وأكد مدير السجون بأنه تم إلقاء القبض على (14) سجينا منهم داخل مدينة الحلة كما نشرت أسماء الهاربين والواقع كان هذا الرقم (40) مفاجئا بالنسبة لي ، إذ كنت أتوقع أكثر من هذا الرقم بكثير وكان من المؤمل فعلا أن يكون أكثر ، لو لا عملية الغدر التي قام بها المنشقون كما سبق الإشارة ، هذا وقد ذكرت جريدة (الإعلان )أسماء السجناء السياسيين وسنوات محكومياتهم وكما ياتي :
1- جاسم محمد المطير 20 سنة
2- حمادي عبد الله 20 سنة
3- حسين علي مراد 20 سنة
4- حافظ رسن 5سنوات
5 – حسين ياسين 3سنوات
6- عبد العزيز الحامد 20 سنة
7- عبد الجبار علي الجبر 20 سنة
8- عبد اللطيف حسن 20 سنة
9- عبد الامير سعيد 20 سنة
10- حميد غني جعفر 20 سنة
11- عدنان ابراهيم 20 سنة
12- رياض كريم حبش 10 سنوات
13- عادل عباس زبالة 7 سنوات
14 –عبد الجبار مال الله 20 سنة
15- مظفر عبد المجيد النواب 20 سنة
16- ريحان عبد الله 15 سنة
17- نبيل حسين 15 سنة
18- غانم داود الموصلي 5 سنوات
19-عدنان عبد الله سمعو 20- سنة
20-اسعد عبد العاقولي 20- سنة
21- عقيل عبد الكريم حبش 10- سنوات
22- سعدان فهوي 20- سنة
23- سعد الله ملا محمد 12- سنة
24- جياد تركي 20- سنة
25- كمال مدني 11- سنة
26- محمد حسين حمدي 10- سنوات
27- صدام حميد 20- سنة
28- قحطان عارف 27- سنة
92- محمد موسى كاظم 5- سنوات
30- حز علي جاسم خلف 20- سنة
31- بشير الزرعو 20- سنة
32- صلاح حسن شاهين 20- سنة
33- هادي صالح 3- سنوات
34- محفوظ يونس 20- سنة
35- جاسم حذو 15- سنة
36- جواد عبد الله 10- سنوات
37- حسين سلطان 9- سنوات
38- عبد الواحد خلف 20- سنة
39- حازم صابر 1- سنة
40- فاضل عباس 17- سنة
• هل هنالك إضافات أو تعليقات رفيقي العزيز أتمنى ذلك لتكون شاهداً و ليسجلها التاريخ ؟
• من هذا المنطلق لإيضاح وتثبيت الحقيقة , كانت كل كتاباتنا وحواراتنا ليس الظهور بمظهر البطولة وإبراز دوري الشخصي كما يسعى إليه المنشقون لأن دوري قد ذكره كل المشاركين في العملية وفي المقدمة منهم عضو اللجنة المركزية للحزب و مسؤول المنظمة الحزبية الراحل حسين سلطان وهذا لوحده مفخرة أعتز بها ، وكذلك ذكره حتى المنشقون أنفسهم مثل الأستاذ المطير والزميل عقيل حبش وكمال ملكي وآخرون والباحث محمد علي محيي الدين (أبو زاهد) ، وتحدثوا عني قبل أن أتحدث أنا عن نفسي ، إذاً دوري لا يحتاج إلى شهادة ، والمهم هو دور الحزب ومنظمته الحزبية ودور الرفيق حسين سلطان وهذا ما حاول المنشقون إلغاءه وتهميشه وهو ما حفزني لتأكيد دور الحزب وقلت منذ البداية إن البطولة كل البطولة والفخر هي للحزب وحده , و نحن إلا جنود منفذين لمهماته النضالية , إن مسؤولية الحفاظ على تاريخ الحزب من التشويه والتزوير والسرقة ، هو أمانة كبرى بأعناقنا ، وها نحن قد ابلغنا الأمانة أمام الحزب والتاريخ ، وأخيرا تبقى كلمة الفصل الأولى والأخيرة هي لقيادة الحزب الحالية في الدفاع عن تأريخ الحزب المشرق والحفاظ عليه من التشويه والتزوير والسرقة .