كامل النجار
على مدى ستة أشهر أو يزيد، وصلتني عدة إيميلات من بعض القراء يسأل كلٌ منهم سؤالاً يحاول بواسطته إثبات وجود إله في السماء وأن هذا الإله أرسل محمداً لينقل إلى البشر متطلبات ذلك الإله. وقد أجبت على بعضهم إجابة مختصرة. وقبل حوالي أسبوعين وصلني إيميل من قاريء يُدعى محمد أهل جمع فيه كل الأسئلة السابقة، والتي تنتشر بكثرة في المواقع الإسلامية، وجعل عنوان الإيميل “أشياء لم ولن تخطر ببالك”. يقول محمد أهل:
(قرأت بالآونة الاخيرة مقالاتك , لا شك انك انسان ذكي وعالم .. ولكن أريد ان اخبرك بشيء لا اظن انه قد خطر على بالك ..سافترض جدلا ان رايك صحيح في امور العدل وان الاله ناقد نفسه في اشياء مثل لماذا لم يبين نفسه علانية ولماذا ارسل الرسل ولماذا خلق السماء والارض في 6 ايام مع انو قادر ان يفعلها في لحطة كما ورد في اية كن فيكون وهكذا .. لكن ماذا ان كان كلامك صحيح في ان هاذا يتنافى مع المثالية ولكن افرض ان هنالك فعلا اله وفعل كل هذا ! ولا تسالني لماذا طبعا , فعله لشيء في نفسه مثلا لا نعلمه .. وهو يريد ان يعاقب كل من لم يصدق رسله ومن لا يقدس كلامه الغير مثالي مثلا !!ماذا ستفعل حينها ؟؟؟) انتهى.
يتضح من هذا السؤال أن السائل يعرف أن هذا الإله المفترض يفعل أشياء لا يقرها العقل السليم ويقول أشياء تناقض بعضها، ويعذب الناس بدون مبرر مقبول، ومع ذلك يؤمن هذا السائل بهذا الإله خوفاً من العواقب إذا ثبت أن هذا الإله فعلاً موجود. فإئمانه هذا بدافع الخوف فقط وليس بالاقتناع بما يقول هذا الإله، ولذلك يسألني ماذا سوف أفعل إذا ثبت وجود هذا الإله. وأنا من جانبي لا أؤمن بهذا الإله وسوف أقول له يوم القيامة، كما قال الفيلسوف الإنكليزي بيرتراند رسل عندما سألوه نفس السؤال: (سأقول للإله إنك منحتني عقلاً أفكر به ولكنك لم تمنحني ما يكفي من الأدلة على وجودك، فلم يقتنع عقلي بك). فالعقل الحر لا يمكن أن يفكر تحت تأثير الخوف، أو كما قال الفيلسوف الهولندي باروخ سبنوزا: (ليس للحرية الفلسفية حدود، فاما ان نفكر بكل حرية، واما الا نفكر ابدا). أما كون هذا الإله يفعل أشياء غير منطقية لسبب يعرفه هو، دون أن يبين لنا السبب، فهذا المنطق يتعارض مع العدالة الطبيعية
natural justice
التي يعرفها الإنسان بغريزته. وكما تقول الحكمة الشعبية (إذا عُرف السبب بطل العجب). فلو أخبرنا هذا الإله بالأسباب التي جعلته يتخذ تلك القرارات غير المنطقية أو لماذا يعذب بعض المذنبين ويعفو عن بعض، لبطل تعجبنا من قراراته التي تبدو لنا متحيزة.
يستمر السيد محمد أهل فيقول ((تانيا عندي استفسار بموضوع الاعجاز العلمي في القرءان .. ( سالتها خمسين الف مرة ولم يجبني احد ) .. لو وجدت تفسيرا لما ساقول فعلا ستحدث دوامة عظيمة في نفسي ان اقتنعت بنقدك طبعا .. اولا/ اية ” مرج البحرين لا يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ” .. قرأت ردك على السائل بانه قانون فيزيائي معروف .. ولكن كيف علم محمد قبل 14 قرن بهذا القانون ! وهو من سكان الصحراء ! وهو كان أمياً ! اساسا كيف كتب كل هذا الكلام وهو امي ؟))
أولاً: الآية تقول (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان)، والآية فيها تناقض واضح إذ أن كلمة – مرج – تعني خلط، ومنها جاءت كلمة – المروج – وهي الحقول الواسعة الخضراء التي لا ترى بينها فواصل، فتبين وكأنها حقل واحد. فعندما يقول مرج البحرين يلتقيان، فهذا يعني أنهما يختلطان بدون فواصل. ثم يقول لنا: بينهما برزخ فلا يبغيان. فكيف يخلطهما حتى يصبحا كالمروج، ثم يكون بينهما برزخ أي حاجز؟ والقانون الفيزيائي الذي تحدثتُ عنه في مقال سابق، هو اختلاط الماء العذب من الأنهار مع ماء البحر المالح. في بداية مصب النهر يمكن أن تقرف ماءً عذباً من البحر، ولكن بعد حوالي مائتي متر من المصب فسوف يكون الاختلاط قد اكتمل، ولن تستطيع أن تجد ماءً عذباً في البحر عند تلك النقطة. وأفضل مثال لهذه العملية يمكنك أن تراه في صور نهر النيل في الخرطوم عندما يلتقي النيل الأزرق القادم من جبال الحبشة محملاً بكميات كبيرة من الطمي، ويلتقي بالنيل الأبيض القادم من بحيرة فكتوريا والمنساب عبر أراضي مسطحة لا تمده بالطمي، فيظهر لونه مختلفاً عن النيل الأزرق الآتي من الجبال محملاً بالطمي، وعندما يتلقيان يمكنك أن ترى الماء الأزرق يسير جنباً إلى جنب مع الماء الأبيض، ثم يختلط النهران ويصبح نهر النيل بلون واحد. فمحمد لم يكن بحاجة لفهم القانون الفيزيائي إذ أن الظاهرة واضحة للعيان وقد عرفها كل من عاش في مناطق مصبات الأنهار في البحار. كل ما في الأمر أم محمداً نقل لنا الصورة في كلام مسجوع.
ثم يستمر السيد محمد فيقول ((قال الله (وَالشَّمْسُ تَجْرِيْ لِمُسْتَقَرٍّ لَهَاْ ذَلِكَ تَقْدِيْرٌ الْعَزِيْزِ الْعَلِيْمِ ) يس : 38
و قد أثبت العلم الحديث أن الشمس تسير بسرعة 43200 ميل في الساعة و بما أن المسافة بيننا و بين الشمس 92مليون ميل فإننا نراها ثابتة لا تتحرك و قد دهش بروفيسور أمريكي لدى سماعه تلك الآية القرآنية و قال إني لأجد صعوبة بالغة في تصور ذلك العلم القرآني الذي توصل إلى مثل هذه الحقائق العلمية التي لم نتمكن منها إلا منذ عهد قريب)) انتهى .
كلما حاول الإسلاميون إثبات الإعجاز العلمي للقرآن كلما أدخلوا أنفسهم وقرآنهم في مطبات هم في غنًى عنها. محمد كان يصف الظاهرة المرئية للناس منذ الأزل، وهي أن الشمس تبين لهم أنها تسير من الشرق إلى الغرب ثم تختفي حتى اليوم التالي، ولذلك قال لهم (والشمس تجري لمستقر لها) والمستقر هو مكان الراحة والاستجمام. وعندما سال المعاصرون محمداً عن المستقر قال لهم إنها تذهب وتسجد تحت العرش حتى يأذن لها ربها بالشروق في اليوم التالي. فمحمد لم يكن يعلم شيئاً عن دوران مجرة درب التبان وأن الشمس واحدة من مليارات النجوم التي تفوقها حجماً والتي تدور حول مركز المجرة، وإلا لما قال لنا إن الله خلق الأرض في يومين ودبر أقواتها في يومين ثم خلق السماء بكل نجومها وكواكبها وممجراتها في يومين فقط. إي مهندس هذا الذي يخلق كوكباً واحداً في أربعة أيام ثم يخلق بلايين النجوم والمجرات في يومين؟
ومن أساليب خداع الإعجازيين قولهم (ولقد أثبت العلم الحديث). شبه الجملة هذه لا تخدم أي غرض. العلم الحديث غير ثابت وكل نظرية لها مؤيدوها ومعارضوها، وكلٌ يقدم أدلته. وحتى يكون النقاش ذا فائدة، فعلى الإسلاميين أن يذكروا لنا اسم العالم ومكان نشر نظريته، والصفحة المذكورة بها، وتاريخ النشر، حتى نتمكن من مراجعة الموضوع بأنفسنا. أما قولهم – قد أثبت العلم الحديث – فهو أسوأ أنواع الخداع والكذب على الناس. ثم أن هذا البروفسور الأمريكي غير المعروف بالاسم، إذا كان قد اقتنع بهذا الحشو، لماذا لم يسلم ويعلن إسلامه للناس، أم أن البترودولار يتحدث باسمه؟
أما بخصوص جريان الشمس، فهى تتحرك مع جميع نجوم وكواكب مجرة درب التبان
Milky Way
حول مركز المجرة، وتسير الشمس بسرعة 220 كيلومتراً في الثانية، مما يجعل سرعتها 792000 كيلومتراً في الساعة، وليس 43200 – كما أثبت العلم الحديث- أو كما جاء في قول السائل. والشمس لا تستقر عندما تكمل دورتها حول مركز المجرة كل 250 مليون سنة. فالشمس لا مستقر لها بعكس ما يقول محمد. فلو كان القرآن من عند الله، لماذا لم يذكر لنا جريان الأرض حول نفسها أو حول الشمس ولو مرة واحدة بينما ذكر جريان القمر الذي يدور حول الأرض، وجريان الشمس الذي يستغرق ملايين السنين. فالواضح أن محمداً كان يصف الظواهر التي يراها الإنسان بالعين المجردة، أو أن ربه كان يجهل أن الأرض تدور حول نفسها مرة كل 24 ساعة وتدور حول الشمس في 365 يوماً.
ثم ينتقل السيد محمد أهل إلى موضوع آخر، فيقول ((قال الله ( وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقَاً حَرَجَاً كَأَنَّمَاْ يَصَّعَّدُ فِيْ السَّمَاْءِ ) الأنعام : 125. و الآن عندما تركب طائرة و تطير بك و تصعد في السماء بماذا تشعر؟ ألا تشعر بضيق في الصدر؟ فبرأيك من الذي أخبر محمداً صلى الله عليه و سلم بذلك قبل 1400 سنة؟ هل كان يملك مركبة فضائية خاصة به استطاع من خلالها أن يعرف هذه الظاهرة الفيزيائية؟ أم أنه وحي من الله تعالى؟؟؟)) انتهى.
لا أدري إذا كان السيد محمد قد سافر بالطائرة أم لا، ولكني عندما أسافر بها لا أشعر بأي ضيق في صدري لأن الهواء في الطائرة مضغوط لدرجة تجعله قريباً من ضغط الهواء عند سطح البحر. أما إذا صعدت إلى 30000 قدم بدون طائرة حديثة فسوف تموت في أقل من ثانية، ليس فقط لأن الأوكسجين معدوم على هذا الارتفاع، ولكن كذلك لأن درجة حرارة الطقس تهبط إلى ما تحت الصفر بعشرات الدرجات ويتجمد جسم الإنسان. وعندما جاء محمد بهذه الآية المذكورة أعلاه وسأله معاصروه عنها، شرحها لهم، ونقل من جاء بعدهم هذا الشرح. يقول ابن المبارك عن ابن جريج (ضيقاً حرجاً، رجلٌ بلا إله إلا الله حتى يستطيع أن يدخل قلبه الإئمان كأنما يُصعّد في السماء من شدة ذلك) نقلاً عن تفسير ابن كثير. ويقول النحاس: (معنى هذه الآية أن الكافر من ضيق صدره كأنما يريد أن يصعد إلى السماء وهو لا يقدر على ذلك، فكأنه يستدعي ذلك، وقيل المعنى كاد قلبه يصعد إلى السماء نبؤاً عن الإسلام). ففهم محمد والمعاصرين له لهذه الآية هو أن من لا يعتنق الإسلام يكون خلاصه يوم القيامة مستحيلاً كمن يريد أن يصعد إلى السماء. فليس هناك أي علاقة لهذه الآية بضغط الهواء أو قلة الأوكسجين عندما نرتفع في الفضاء.فضيق الصدر هنا ضيق معنوي فقط.
ويستمر السيد محمد فيقول (((قال الله ( وَ الْجِبَاْلَ أَوْتَاْدَاً ) النبأ : 7 و قال الله ( وَ أَلْقى فِيْ الأَرْضِ رَوَاْسِيَ أَنْ تَمِيْدَ بِكُمْ ( لقمان :10 بما أن قشرة الأرض و ما عليها من جبال و هضاب و صحاري تقوم فوق الأعماق السائلة و الرخوة المتحركة المعروفة باسم (طبقة السيما) فإن القشرة الأرضية و ما عليها ستميد و تتحرك باستمرار و سينجم عن حركتها تشققات و زلازل هائلة تدمر كل شيء .. و لكن شيئاً من هذا لم يحدث.. فما السبب ؟ لقد تبين منذ عهد قريب أن ثلثي أي جبل مغروس في أعماق الأرض و في (طبقة السيما) و ثلثه فقط بارز فوق سطح الأرض لذا فقد شبه الله تعالى الجبال بالأوتاد التي تمسك الخيمة بالأرض كما في الآية السابقة ، و قد أُلقِيَت هذه الآيات في مؤتمر الشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض عام 1979 و قد ذهل البروفيسور الأمريكي (بالمر) و العالم الجيولوجي الياباني (سياردو) و قالا ليس من المعقول بشكل من الأشكال أن يكون هذا كلام بشر و خاصة أنه قيل قبل 1400 سنة لأننا لم نتوصل إلى هذه الحقائق العلمية إلا بعد دراسات مستفيضة مستعينين بتكنولوجيا القرن العشرين التي لم تكن موجودة في عصر ساد فيه الجهل و التخلف كافة أنحاء الأرض) كما حضر النقاش العالم فرانك بريس مستشار الرئيس الأمريكي (كارتر) و المتخصص في علوم الجيولوجيا و البحار و قال مندهشاً لا يمكن لمحمد أن يلم بهذه المعلومات و لا بد أن الذي لقنه إياها هو خالق هذا الكون ، العليم بأسراره و قوانينه و تصميماته) قال الله ( وَ تَرَى الْجِبَاْلَ تَحْسَبُهَاْ جَاْمِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَاْبِ صُنْعَ اللهِ الَّذِيْ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) النمل : 88 كلنا يعلم أن الجبال ثابتات في مكانها ، و لكننا لو ارتفعنا عن الأرض بعيداً عن جاذبيتها و غلافها الجوي فإننا سنرى الأرض تدور بسرعة هائلة (100ميل في الساعة) و عندها سنرى الجبال و كأنها تسير سير السحاب أي أن حركتها ليست ذاتية بل مرتبطة بحركة الأرض تماماً كالسحاب الذي لا يتحرك بنفسه بل تدفعه الرياح ، و هذا دليل على حركة الأرض ،فمن أخبر محمداً صلى الله عليه و سلم بهذا ؟ أليس الله ؟؟ وايضا هذه توافق النظرية النسبية لآينشتااين ) !!انتهى
بالنسبة للسؤال الأول وهو أن الله جعل الجبال أوتاداً حتى لا تميد الأرض بنا، فالمعروف أن محمداً عاش في منطقة مكة الجبلية وتعجب، كما تعجب غيره من الناس من علو الجبال ومهمتها. وقد سأل الأعراب محمداً عن كيفية تكوين الجبال، فكان رده (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً) (طه 105). و نجد أن القرآن المكي ذكر كلمة “الجبال” 24 مرة، وكلمة “رواسي” تسع مرات، وكلمة ” جبل” ثلاث مرات، وكلمة “الجبل” مرتين”. وجميع هذه الآيات في سور مكية ماعدا آية واحدة في سورة مدنية وهي سورة الرعد. وهذا يُثبت أن القرآن من تأليف محمد لأنه عندما انتقل إلى المدينة التي تعوزها الجبال، لم يتحدث عن الجبال إلا في الآية الثالثة من سورة الرعد. وإذا كانت الجبال ثابتة وهي أوتاد لتمنع الأرض من الميد، فكيف يقول عنها (ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزة) (الكهف 47) وكذلك (يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا) (الطور 9-10). فإذاً الجبال ثابتة وسوف يسيّرها الله يوم القيامة، ومع ذلك يقول لنا (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب). وإذا كانت تمر مر السحاب، كيف تكون أوتاداً؟
أما تشبيه السيد محمد لقشرة الأرض التي تطفو على طبقة السيما التي تتحرك وبالتالي نتوقع أن تتشقق قشرة الأرض، فتشبيه غير دقيق. فإذا أخذنا بيضة الدجاجة فإن قشرتها بداخلها سوائل تتحرك كلما حركنا البيضة، والبيضة لا تتشقق إلا عندما يكتمل نمو الجنين بداخلها، والجنين نفسه يكسر ويشقق القشرة.، ووقتها لا يكون هناك أي سائل بالبيضة. أما الأرض فإن قشرتها تطفو فوق مادة منصهرة تحت ضغط عالٍ جداً بسبب التفاعلات الكيموفزيائية التي تحدث بها وينجم عنها أرتفاع شديد في درجة الحرارة وفي الضغط، وعندما يصل الضغط لدرجة معينة تتحرك أجزاء من طبقة الأرض وتنزلق تحت بعضها البعض عند مناطق معروفه اسمها
fault lines
تجري تحت القارات، كما حدث في اليابان منذ أسابيع. وقد استغربت عندما قال السيد محمد أهل (و سينجم عن حركتها تشققات و زلازل هائلة تدمر كل شيء .. و لكن شيئاً من هذا لم يحدث.. فما السبب ؟) ألا يتفرج السيد محمد على صور وأخبار الزلازل التي تحدث في اليابان وتركيا وإيران وإندونيسيا باستمرار؟
يقول السائل (لقد تبين منذ عهد قريب أن ثلثي أي جبل مغروس في أعماق الأرض و في (طبقة السيما) و ثلثه فقط بارز فوق سطح الأرض لذا فقد شبه الله تعالى الجبال بالأوتاد التي تمسك الخيمة بالأرض) انتهى. وهذا كذلك قولٌ مغلوط. الجزء المختفي من الجبل يعتمد طوله على سمك قشرة الأرض التي تختلف من منطقة إلى أخري، ففي قاع المحيطات قد يكون سمك القشرة 8 كيلومترات، بينما في اليابسة قد يصل إلى 40 كيلومتراً. فإذا أخذنا جبال الهملايا، وهي أعلى جبال في العالم إذ تبلغ قمة افرست 7962 متراً من سطح الأرض، يكون الجزء المخفي، وهو ثلثان، 15924 متراً، أي أن قاعدة الجبل تكون مستقرة على القشرة الأرضية على بعد عدة كيلومترات فوق المادة المنصهرة
the mantle
. ولو كان ثلثا الجبل تحت الأرض منغمسة في السيما، أي ال
mantle
، لذاب الجبل لأن درجة حرارة السيما قد تصل عدة آلاف درجة مئوية لأن ال
mantle
أو ما سميته السيما هو عبارة عن طبقة من الصخور الذائبة بمفعول الحرارة الشديدة.
والقرآن يقول إن الله ألقى في الأرض جبالاً (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم) (النحل 15). والإلقاء يكون من الأعلى إلى الأسفل. ونفهم من هذا أن الله ألقى الجبال من السماء إلى الأرض يوم خلق الأرض قبل أربعة بلايين من السنين. ولكننا نعلم علم اليقين أن جبال الهملايا تكونت قبل 40-50 مليون سنة فقط، عندما اصطدمت قشرة الأرض الهندية
Indian tectonic plate
التي كانت تسير بسرعة 15 متراً في العام بقشرة الأرض الأسيويروبية ونتج عن الاصطدام ارتفاع قشرة الأرض من قاع المحيط لتكون جبال الهملايا، والدليل على ذلك أن تحليل الأرض في قمة الجبل أثبت أنه يتكون من حجر رملي من قاع المحيط
marine limestone
. وأغلب الجبال نتجت عن انفجار قشرة الأرض نتيجةً للضغط العالي. فالله لم يُلق على الأرض جبالاً وإنما خرجت الجبال من جوف الأرض.
أما كون الله أنزل الجبال لتكون كالأوتاد حتى لا تميد بنا الأرض، فقول رجل بدوي لا يعرف غير الخيام والأوتاد. محمد كان يعتقد، كما اعتقد بطليموس قبله، أن الأرض مسطحة ولذلك احتاجت أوتاداً لمنعها من أن تميد، أي تنقلب بنا كما ينقلب الطبق. فلو كان الأمر كذلك لماذا لم تنقلب الأرض من قبل أربعة بلايين من السنين عندما لم تكن جبال الهملايا موجودة؟ ونحن الآن نعرف أن الأرض كروية وبالتالي لن تميد حتى لو نسفنا جميع الجبال من سطح الأرض. فتشبيه الجبال بالأوتاد قد يكون مناسباً لشخص عاش في القرن السابع الميلادي، لكنه حتماً تشبيه بدوي بسيط لا يمت للحقيقة بصلة، ناهيك عن الإعجاز العلمي.
يقول السيد محمد (قد أُلقِيَت هذه الآيات – يقصد آية الجبال أوتادا – في مؤتمر الشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض عام 1979 و قد ذهل البروفيسور الأمريكي (بالمر) و العالم الجيولوجي الياباني (سياردو) و قالا ليس من المعقول بشكل من الأشكال أن يكون هذا كلام بشر و خاصة أنه قيل قبل 1400 سنة لأننا لم نتوصل إلى هذه الحقائق العلمية إلا بعد دراسات مستفيضة مستعينين بتكنولوجيا القرن العشرين التي لم تكن موجودة في عصر ساد فيه الجهل و التخلف كافة أنحاء الأرض) كما حضر النقاش العالم (فرانك بريس) مستشار الرئيس الأمريكي (كارتر) و المتخصص في علوم الجيولوجيا و البحار و قال مندهشاً لا يمكن لمحمد أن يلم بهذه المعلومات و لا بد أن الذي لقنه إياها هو خالق هذا الكون ، العليم بأسراره و قوانينه و تصميماته) انتهى.
لقد ذكرت في مقال سابق في موقع الحوار المتمدن أن الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني، رئيس لجنة الإعجاز العلمي في القرآن، والتي تمولها مملكة الوهابية، قد دفع مبالغاً طائلةً من المال لبعض العلماء الأمريكيين الذين يعبدون الدولار، وأعطاهم آيات معينة مترجمة إلى اللغة الإنكليزية، وطلب منهم الذهاب إلى الرياض مع زوجاتهم وتكفل الزنداني بدفع تذاكر الدرجة الأولى على الطائرات، وبالغرف الفخمة في أحسن الفنادق، ليقولوا ما ذكره السيد محمد. وبعد مرور عشر سنوات تمكن صحفي أمريكي من التحدث إلى هؤلاء العلماء، وقد أجمع كلهم على أنهم خُدعوا ولم يكونوا يعرفون القصد من الزيارة. والدليل على ذلك أنه لم يسلم منهم ولا عالم واحد رغم الكلام المحفوظ الذي رددوه في قاعات الجامعات السعودية. فالعالم الذي يقتنع بمثل هذا الكلام لابد له أن يعلن إسلامه أو يكون منافقاً.
يقول السيد محمد (قال الله ( وَ تَرَى الْجِبَاْلَ تَحْسَبُهَاْ جَاْمِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَاْبِ صُنْعَ اللهِ الَّذِيْ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) النمل : 88 كلنا يعلم أن الجبال ثابتات في مكانها ، و لكننا لو ارتفعنا عن الأرض بعيداً عن جاذبيتها و غلافها الجوي فإننا سنرى الأرض تدور بسرعة هائلة (100ميل في الساعة) و عندها سنرى الجبال و كأنها تسير سير السحاب أي أن حركتها ليست ذاتية بل مرتبطة بحركة الأرض تماماً كالسحاب الذي لا يتحرك بنفسه بل تدفعه الرياح ، و هذا دليل على حركة الأرض ،فمن أخبر محمداً صلى الله عليه و سلم بهذا ؟ أليس الله ؟؟ وايضا هذه توافق النظرية النسبية لآينشتااين ) !!انتهى
أولاً: القرآن جاء لعرب بدو أميين على لسان نبي أمي، فكيف يخاطبهم الله بهذا المنطق ويطلب منهم أن يتخيلوا أنهم ارتفعوا فوق جاذبية الأرض ونظروا إلى الجبال من ذلك العلو. وحتى لو صعدوا فعلياً ونظروا إلى الجبال فلن يروا غير نقاط سوداء على سطح كرة أرضية بحجم القمر أو أقل حجماً. وسوف لن يروا دوران الأرض لأن مراكبهم الفضائية تدور في غلاف الأرض وبسرعة دوران الأرض وبالتالي لا يرون دوران الأرض. ولو ارتفعوا فوق الغلاف الجوي فإنهم لن يروا الأرض إلا نقطة صغيرة سوداء وبالتالي لن يروا الجبال. فما هذا المنطق المعوج؟ أما محاولة استعمال هذه الآية لإثبات أن الأرض تدور أو تسير، فهي محاولة بائسة، بل أكثر بؤساً من الشيوخ الذين أتوا بها. القرآن ذكر جريان الشمس والقمر والأفلاك في كثير من الآيات، ولكنه لم يذكر دوران الأرض أو أنها تجري لمستقر لها، ولا مرة واحدة. هل كان هذا سهواً من الله أم جهل بما يحدث؟ وأعتقد أن إدخال النظرية النسبية لأنيشتاين في هذه المحاولة البائسة ما هو إلا إثبات على ضمور عقول شيوخ الإعجاز العلمي الذين يتشبثون بالأسماء العلمية المشهورة للإيحاء للقاريء أن الشيوخ يفهمون العلم الحديث، وماهم بفاهميه.
وأخيراً يقول السيد محمد أهل ((قال الله ( كُلَّمَاْ نَضَجَتْ جُلُوْدُهُمْ بَدَّلْنَاْهُمْ جُلُوْدَاً غَيْرَهَاْ لِيَذُوْقُواْ الْعَذَاْبَ ) النساء : 56 و قد أثبت العلم الحديث أن الجسيمات الحسية المختصة بالألم و الحرارة تكون موجودة في طبقة الجلد وحدها، و مع أن الجلد سيحترق مع ما تحته من العضلات و غيرها إلا أن القرآن لم يذكرها لأن الشعور بالألم تختص به طبقة الجلد وحدها. فمن أخبر محمداً بهذه المعلومة الطبية؟ أليس الله ؟؟)) انتهى
شيوخ الدين لا يستطيعون حتى نقل المعلومات الطبية الصحيحة إلى قرائهم الإسلاميين، فقولهم إن الجسميات الحسية المختصة بالألم لا توجد إلا في الجلد، قول خاطيء مائة بالمائة. هل شاهدت يا سيد محمد لاعب كرة انكسرت رجله في الميدان؟ هل رأيت الألم في وجه اللاعب الذي انكسر عظم رجله؟ هل رأيت أمرأةً في ساعات وضع جنينها والألم يعتصر أحشاءها؟ الجسيمات الحسية للألم موجودة في أشياء كثيرة أخرى غير الجلد، منها الغشاء الذي يلتف حول العظام
periosteum
، والغشاء الذي يحيط بالإمعاء في البطن
peritoneum
، والغشاء الذي يغلّف الأضلاع داخل الصدر
pleura
. وأعضاء كثيرة أخرى. الدماغ هو العضو الوحيد بالجسم الذي يخلو من هذه الجسيمات الحسية. فالذي أخبر محمد بمعلوماته كان رجلاً جاهلاً مثله. فالذي يحاول أن يستعمل العلم لإثبات الإعجاز العلمي للقرآن عليه أن يكون ملماً بالعلم أولاً، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. كامل النجار (مفكر حر)؟