مدونة الدكتور خالد منتصر
وصلتنى رسالة مهمة كاشفة من الصديق جراح العيون د. حاتم أيمن توفيق، يقول فيها: فى حوار مع بعض الأطباء الشبان حول مذبحة الكنيسة فوجئت بطبيب شاب ملتح سلفى يدين الحادث بشدة ويؤكد أن هؤلاء القتلة ليسوا بمسلمين، لم أتمالك نفسى من الفرحة فى أن الكارثة ربما كانت لها بعض الجوانب الإيجابية فى تصحيح الفكر، لكنه تابع بقوله: هذا الحادث تقصير أمنى فظيع من الأجهزة الأمنية، قمت بالرد عليه تلقائياً: «بل قل يا أخى الكريم إن التقصير ليس أمنياً فقط بقدر ما هو تقصير للقائمين على أمور الدين فى وطننا العزيز طيلة مائة عام فى تصحيح مفاهيم مغلوطة عن الجهاد وقبول الآخر وتغيير ما يراه المتطرف منا منكراً بمجهود فردى بحت وبدون الالتفات لأى قوانين أو قواعد منظمة للحياة كأننا نعيش فى عصور ما قبل التاريخ»، وتابعت بقولى: تخيل يا د. فلان أن الكاتب الكبير إبراهيم عيسى عرض عدة فيديوهات فى حلقة الاثنين الماضى عن أئمة ومشايخ ونجوم للدعوة يُجمعون على أن المسيحيين كفار، فوجئت به يقول: «آه.. طبعاً كفار، ودى محتاجة كلام، لكن مفيش داعى يعنى اننا نقتلهم!!!»، سألته: والشيعة؟ رد بكل ثقة «كفار»، واليهود؟ رد تلقائياً: «كفار».. ثم سألته: والمسلم الذى ينكر كفر المسيحيين؟ فرد بمنتهى الحماسة: «كافر أيضاً لأنه ينكر كلام الله»، وأضاف تلميذى الكريم الطبيب الشاب بدون حتى أن أسأله: «ومن ينكر البخارى أيضاً كافر وعلى ضلال»، فوجئت أن طبيباً آخر كان يستمع للحديث يرد عليه منفعلاً: كيف تقول هذا الكلام يا فلان والإمام ابن تيمية يقول كذا وكذا، وفنّد هذا الطبيب (المعتدل) أفكار الطبيب السلفى، معتمداً على أفكار إمام التكفير ابن تيمية رحمه الله!!، و هذه كارثة أكبر لأنه على ما يبدو أنه بسبب التدهور الكارثى الذى نعيش فيه تحول ابن تيمية فجأة إلى صاحب منهج وسطى لدينا نحن المسلمين المعتدلين ولهذا تفهّمت لماذا يفاخر بعض (المعتدلين) منا تدليلاً على استنارتنا وسماحتنا الدينية ببعض الأمثلة التى أعتبرها شخصياً مستفزة وإقصائية، فعلى سبيل المثال هناك من يفاخر بأنه كان له صديق مسيحى فى سنة أولى حضانة، ومنا من يفخر بأنه يقول صباح الخير لجاره المسيحى… إلخ، يبدو فى الحقيقة أن داخل كل منا ابن تيمية وابن عبدالوهاب وحسن البنا «ظغنون» لا يظهر إلا وقت الشدة.. عاتبنى طبيب ثالث (وهو ليبرالى منحرف يسلم على النساء باليد) على أننى أشاهد هذا الإبراهيم عيسى الذى لا يسعى إلا لهدم دين الله وأن مشايخ السلفية الذين هاجمهم عيسى مستشهداً بفيديوهاتهم هم لا يبتغون إلا مرضاة الله ونشر الدين الصحيح، إلا أنه وافقنى على أن «فيه حاجة غلط فى الفكر الدينى المعاصر»، وتابع بقوله: «لكننا يجب أن نواجه الفكر بالفكر، وإن إصلاح الأفكار الدينية يجب أن يكون من داخل الصندوق» على حد قوله، تساءلت وأنا فى طريق عودتى إلى المنزل: وماذا فعلنا نحن المعتدلين فيمن حاول أن يصلح الفكر من داخل الصندوق؟ البحيرى سجناه.. ناعوت قمنا بنفيها خارج البلاد.. صبحى منصور أهدرنا دمه.. نجيب محفوظ قمنا بطعنه.. فرج فودة ذبحناه بل دافعنا عن قاتله فى المحكمة.. طه حسين فصلناه، و الإمام العلامة العبقرى المجدد محمد عبده دفنا أفكاره مثل النفايات النووية بعد وفاته مباشرة مع أنه كان من قلب الصندوق، يا عزيزى هؤلاء الأطباء الشباب وأنا وأنت والمجتمع كله لسنا جناة بل قل ضحية قرن كامل من التنكيس الفكرى وردم العقول أزعم أنه بدأ بعد وفاة الإمام محمد عبده مباشرة وليس فى السبعينات كما يتوهم البعض.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر