حوار بيني.. وبين القمص زكريا بطرس!!..
نجم عبد الكريم
ما دفع بي لنشر هذا المقال هو أن القمص زكريا بطرس الذي حاورته عام 1994، قد نشر هذا الحوار في مواقع عدة، بل ضمنه كُتيب صغير وزعه على مريدي كنيسته.. ومن هذه المواقع
www. Father zakaria.com.
وكنت إذا ما صادفت هذا الحوار الذي ارتبط باسمي أصد عنه باعتباره شيئاً من الماضي، لكنني وجدت نفسي أعيد صياغته بما يتناسب والنشر، لأنه احتوى على مضمون يرد على أولئك الذين يوجهون لي اتهامات ما أنزل الله بها من سلطان..
وقد تم تفريغ هذا الحوار من موقع الأب زكريا بطرس الذي كتب له مقدمة قال فيها:
(الواقع أنه كان حديثا شيقاً ممتعاً، تميز بعدم التحيز أو التشنج أو التجريح، بل ساده روح المحبة والود والتفاهم، وأفضى للوقوف على أرض مشتركة على قدر ما سمح به الحديث.
وإني أتشرف بتقديم هذا الحديث مكتوبا ليتمكن الكثيرون ممن لم تتح لهم فرصة الاستماع إليه وقت إذاعته أو في أشرطة التسجيل. راجيا أن يكون سببا في تضييق شقة الخلاف بين المسلمين والمسيحيين، وأن يتأكد إخواننا المسلمون من أننا نؤمن بالله الواحد الذي لا شريك له، ولا نؤمن بثلاثة آلهة كما يظن البعض، حسبما يتضح من هذا الحوار).
القمص زكريا بطرس
* * *
• نجم:-
القمص زكريا بطرس هو خريج كلية الآداب، جامعة الإسكندرية عام 1957 قسم التاريخ والآثار. تمت رسامتة كاهناً بدرجة قس على كنيسة مار جرجس بمحافظة المنوفية ورقى لدرجة قمص في العام التالي.
تنقل في أكثر من محافظة في كنائس مصر.
في عام 1969 عين كاهناً لأشهر كنائس القاهرة في مصر الجديدة وكان يحاضر يومي الثلاثاء والخميس من كل أسبوع. كانت محاضراته لها الصفة الجماهيرية حيث كان يحضرها أكثر من خمسة آلاف نفس من معظم المسيحيين في القاهرة ظل بها حتى عام 1978 ثم صدر قرار نقله إلى استراليا لرعاية الجالية المتزايدة في مدينة ملبورن، حيث مكث هناك عدة سنوات، ثم نقل بعد ذلك إلى بريطانيا حيث يشغل حالياً منصب راعى كنيسة برايتون ورئيس لجنة الكنيسة.
يعد القمص زكريا بطرس من أشهر المحاضرين والمؤلفين للكتب الدينية في مصر والشرق الأوسط حيث تداولت كتبه التي زاد عددها عن الخمسة عشر كتاباً، ترجم بعضها إلى أكثر من 13 لغة. أهم الكتب المنشورة له:
1ـ الله واحد في ثالوث.
2ـ حتمية الفداء.
3ـ حقيقة صلب المسيح.
4ـ المسيح ابن الله.
5ـ البدء مع المسيح.
6ـ الخلوة الروحية.
7ـ تاريخ انشقاق الكنيسة.
8ـ التقليد الكنسي.
9ـ الخلاص في مفهوم الأباء.
10ـ الرد على بدعة الخلاص في لحظة.
وغيرها من المؤلفات التي لم تنشر.
سيداتي وسادتي باسمكم أرحب بالأب القمص زكريا بطرس.
نجم:- أهلاً وسهلاً.
القمص:- أهلاً بك.
نجم:- نحن نأسف لأننا قطعنا عليك التعبد في برايتون ولكن الضرورة لها أحكام حيث أن عدداً من المستمعين في مدينة لندن، وأنا أعلم أنها لا تظهر عندكم في برايتون، يريدون الاستفادة مما حباكم الله من علم.
القمص:- شكراً لمحبتكم ومحبة المستمعين.
نجم:- أمامنا اليوم ثلاث مسميات لحدث واحد وهي:
1ـ الجمعة الحزينة.
2ـ الجمعة العظيمة.
3ـ عيد الفصح.
فما معنى ذلك؟
القمص: الجمعة الحزينة: أطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى الآلام والأحزان التي عاناها السيد المسيح في هذا اليوم.. وتسمى أيضاً بالجمعة العظيمة لأنها أعظم أيام التاريخ حيث تم فيها الفداء والخلاص للبشرية.
أما عيد الفصح فكلمة “فصح” معناها “عبور “وهى كلمة عبرية، ويقصد بذلك عبور الملاك المهلك عن أن يقتل الأبكار وذلك من أجل علامة الدم التي وضعت على الأبواب، فعـبر الملاك المهلك ولم يهلك أحدا من الأبكـار. كان هذا رمزاَ إلى أن صلب السيد المسيح صار لنا فصحا، أي أن الملاك المهلك يمر علينا ولا يهلكنا. فالواقع إن غضب الله هو معلن من السماء على جميع فجور الناس وآثامهم، وأما من يحتمي في الفداء فهو يتمتع بالخلاص. لذلك دعي عيد الفصح أو عيد الخلاص.
نجم: الذي يبدو أن العلاقة بينك وبين “سيبوبه” كما أرى أنك متمكن من اللغة العربية!!..
القمص:- شكراً.
نجم:- أطمع في أن أطرح عليك سؤالا يرتبط بالمناسبة التي نمر بها وهي الاحتفال بالجمعة العظيمة. قلتم أن الجمعة الحزينة دعيت هكذا لأن المسيح عليه السلام قد افتدى خطيئة البشر بنفسه. أنا أريد أن أطرح السؤال من منطلق الاستيعاب والفهم لهذه القضية.
القمص:- مرحباً بك.
نجم:- لأن المناقشات الدينية أحياناً يعتريها سوء الفهم إذا خرجت عن الموضوعية.!!.. وأنا إنسان مسلم درجت على مفهوم معين. ولكنكم تقولون المسيح عليه السلام امتص خطية البشر. أريد أن أقف أمامها وأطرح عليكم هذا السؤال: أبونا أدم وأمنا حواء ارتكبوا الزلة أو ارتكبوا الخطيئة وعلى نسلهم أن يدفعوا الثمن!.. فأرسل الأنبياء ولم يغتفر لهم!.. بالتالي وقعت الطوفانات ووقعت الحرائق وحدثت مواجهات إلى أن أراد الله أن يمتص هذه الخطيئة!.. وحدث مزج بين اللاهوت والناسوت فجعل الله من نفسه ابنا له!.. وهذا في المفهوم المسيحي وهو السيد المسيح عليه السلام الذي تمثل للبشر ابن إنسان.
وطبعاً نحن المسلمين نرى أن الله جل وتبارك (كمال مطلق)، والكمال المطلق لا يحتاج لشيء. بينما الإنسان يحتاج الأكل والشرب والغرائز. والله جل وتبارك ليس بحاجة لهذه الأمور، فبما أنه أراد للبشر أن يخلق إنساناً مثلهم وهو متمثل في روح ابنه، نحن نؤمن في روح الله كما أن محمدا حبيب الله، كما أن إبراهيم خليل الله، ولكن مفهومناً لروح الله يختلف عن مفهومكم.
فكأن الله جل وتبارك وهو المحبة لم يرض أن يفتدى الخطيئة الإنسانية إلا بان يقبض روح ابنه وبالتالي يسامح البشرية!. أما ترى أن هذه تتنافي مع كلمة “الله محبة”؟
القمص:- إني أفهم وأعي قصدكم واستفساركم.
نجم:- وأنا والله اطرح هذا السؤال بنية حسنة.
القمص:- (ضاحكا) وأنا أستقبله بنية أحسن.
نجم: – شكراً.
القمص:- في الواقع إن الموضوع يتلخص في قضية معينة، فدعني أتحدث عن تلك القضية بصفة مجملة حتى نستطيع أن ندرك المقاصد السامية التي وراءها.. إن الله قد خلق الإنسان على أبدع صورة وأحسن مثال.
نجم:- نعم “وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم”.
القمص:- (يستكمل الحديث) جاء هذا في سورة التين هكذا: “وأيضاً قلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين” ومن هنا دخلت الخطية إلى الإنسان “فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد (يضعان) عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى”.
وفي الكتاب المقدس أيضاً نفس المعنى كما جاء في سفر التكوين “خلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه وأوصى الرب الإله آدم قائلاً من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً أما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت، فقالت الحية (الشيطان) للمرأة لن تموتا بل الله عالم يوم تأكلان منها تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر، فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر”.
ثم أن الخطية لم تقتصر على آدم وحواء فحسب لكنها امتدت إلى نسلهما ولهذا يقول القرآن ” اهبطا منها بعضكم لبعض عدو ” (أي اخرجا من الجنة وسوف تكون بين نسلكم وبعضه عداوة).
نجم:- (مقاطعا) بعدها انطلقت كلمات الاعتذار فعفي عنه.
القمص:- هنا ينبغي أن نلاحظ شيئا مهما جدا، ألا وهو أن صفات الله عز وجل هي صفات مطلقة: فصفة القداسة ويتبعها العدل هي صفة مطلقة، وكذلك صفة المحبة وتتبعها الرحمة هي الأخرى صفة مطلقة في الله.
نجم:- (معلقا) الله محبة!!.
القمص:- وكذلك العدل هو أيضا صفة مطلقة في الله.
نجم:- والكمال مطلق!!.
القمص:- (مستكملا حديثه) إذن إن غفر الله للإنسان لمجرد توبته فذلك يتعارض مع مطالب عدل الله لأن التوبة تعالج المستقبل لكنها لا تعالج أثار الماضي. فماذا عن الماضي؟
فالواقع إن عدل الله لابد أن يقتص من الخطأ الذي يرتكب في الماضي والحاضر والمستقبل. ونحن نعلم أن قصاص أو عقوبة الخطية هي الموت. فإن اقتص الله بحسب عدله من الإنسان وأماته فأين إذن رحمته ومحبته؟؟! إذاً لابد من وجود معادلة حكيمة للتوفيق بين رحمة الله وعدله، ومن هنا جاء مبدأ الفداء.
نجم:- (مقاطعا) أين الربط بينهما؟ أنا سؤالي واضح أنه عندما ارتكبت الخطيئة التي اتفقنا عليها من القرآن ومن الإنجيل، واستمر إلى القرن الذي صلب فيه السيد المسيح عليه السلام، حدثت في قرون طويلة مآسي كثيرة الطوفان أو الغرق الذي تعرضت له الأرض أيام سيدنا نوح، وما تعرض له سيدنا إبراهيم، وما تعرض له سيدنا إسحق وسيدنا إسماعيل، وما تعرض له من تيه سيدنا موسى، وما حل باليهود وانشقاق البحر، كل هذه إلى أن نصل في النهاية وبعدها تجسد اللاهوت والناسوت في السيد المسيح وحدث ما حدث له لكي يمتص هذه الخطية، ثم عفى الله عن البشرية حتى من الذنوب السابقة على ميلاد السيد المسيح!!. هذا هو سؤالي.
القمص:- (محتجا) دعني أكمل شرحي، فأنا لم اعترضك وأنت تلقي سؤالك، فأستسمحك أن لا تعترضني وأنا أقول إجابتي. عندما أنتهي من الإجابة، لك أن تسأل كما شئت.
نجم:- تفضل.
القمص:- إن مبدأ الفداء موجود في كل الكتب الدينية، والفداء هو تنفيذ العقوبة في شخص آخر يقوم بالفدية كما هو واضح في سورة الصافات 101ـ 107 “فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبي افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما (أي سلما أمرهما لله) و تلّه (أي ألقاه على الأرض) للجبين (على وجهه) وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء (الاختبار) المبين (الواضح) وفديناه بذبح عظيم”. إذن مبدأ الفداء موجود، فعوض أن يذبح ابنه استبدل بالكبش. ويقول الأمام النسفي تعليقاً على ذلك “إن الفداء هو تخليص من الذبح ببدل وليس هذا بنسخ للحكم بل ذلك الحكم كان ثابتاً على طريق الفداء” (تفسير النسفي الجزء الرابع ص 21). إذن مبدأ الفداء موجود في الكتب الدينية وتوجد أيضا آية جميلة في القرآن.
في سورة المائدة يقول “كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”.
إذن عندما تقتل نفس طاهرة برئية (أي نفس المسيح)، فكأنما قتل الناس جميعا، هذا هو الفداء. ومن أحياها من الموت (بقيامته من الأموات) فكأنما أحيا الناس جميعا، وهذه هي القيامة الجديدة مع المسيح. إذن مبدأ الفداء مبدأ إلهي عظيم وهو التوفيق بالحكمة الإلهية بين الرحمة المطلقة والعدل المطلق، وإلا صارت أحكام الله تلغى بواسطة مجرد كلمة. ولكن لا بد أن يفهم الإنسان أن غفران الخطية إنما هو أمر ليس بالسهولة التي يتصورها كأن يتوب ـ مجرد التوبة أو الأعمال الصالحة التي يعملهاـ تغفر له الخطايا. لأن ذلك يتصادم مع عدل الله، ولهذا كان مبدأ الفداء في فكر الله وحكمته التي بها فدي الله البشرية إذ أخذ الحكم الذي كان محكوما به عليه ونفذه في نفسه هو بدافع المحبة الفائقة.
تسألني أيضا وتقول كيف تؤخذ نفس طاهرة وتمتص غضب الله ويقتل؟ ما ذنبه؟ وكيف يكون هذا موافقا لحب الله؟
دعني أقول لك هاتين الآيتين من القرآن:-
(1) في سورة البقرة آية60 “كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق”.
(2) وفي سورة البقرة آية 86 “أ فكلما جاءكم رسول بما لا تهوي أنفسكم استكبرتم ففريقاٌ كذبتم وفريقاٌ تقتلون”.
فهنا نفوس نبيين تقتل بغير الحق. هل في ذلك ظلم؟ إذن كون المسيح يتقدم بحب ليتحمل هذا الموت فهذا لا يتعارض مع محبة الله بل إنها المحبة المضحية الباذلة تلك التي تتحمل فدية الإنسان بدافع الحب لأجل الغفران. هذا هو المبدأ الذي نحن نؤمن به، وتؤمن به المسيحية في قضية الفداء والغفران.
نجم:- جميل، جميل، جميل … ولكن أضيف إليه سؤالا.
القمص:- تفضل.
نجم:- هل امتصاص الخطية قد تم لبني الإنسان فوق هذا الكوكب على ما ارتكبوه من خطايا قبل الفداء أم بعد الفداء؟
القمص:- كان الفداء لخطية البشرية الأم. وخطية البشرية الأم هي الانفصال عن الله. فيوم أن خلق الله الإنسان خلقة ليكون معه يحيا في محبته ويتمتع بسلامه وبكل ما خلقه له بطهارة وبر. ولكن الإنسان انفصل عن الله بسبب الخطية وأراد أن يكون هو شيئا عظيما وأراد أن يصير مثل الله. هذا الانفصال هو الخطية الأم، ونسميه موت روحي. وفي عودة الإنسان إلي الله هو العلاج، وأما الخطايا الأخرى فسوف يسهل علاجها، لأن الإنسان الذي يتحد بالنعمة الإلهية ويعيش في حضرة الله القدسية إنما تشبع نفسه بالله، ويقول الكتاب (النفس الشبعانة تدوس العسل) فلو كانت الخطية شهداً لداسها بأقدامه. إذن الفداء هو علاج للخطية الأم أي الانفصال عن الله. فكل من يقترب من الصليب يعود إلى حضن الله. فالصليب إذا ينقل الفداء إلى عامة الناس ولجميع الناس فهو يشمل البشرية جمعاء، وليس أناسا معينين أو جنساً بذاته لكن الحب الإلهي هو للجميع.
نجم:- أشعر أنه ما تمت الإجابة كاملة على سؤالي. الخطية التي ارتكبت فسرتموها بالانفصال عن الله وبالتالي فإن الفداء هو يقرب بين الإنسان وبين ربه. ولكن هناك من الخطايا التي تتحكم في غرائز البشر هؤلاء الذين امتصت خطاياهم، والمسيح في عملية الفداء التي قام بها إنما قد امتص الخطية من الأرض للسابقين واللاحقين. أليس في ذلك ما يجعل الإنسان يتراخى عن واجباته ما دامت الذنوب قد غفرت له وبالتالي يرتكب الخطيئة؟.
القمص:- لي تعليقان على كلامك. التعليق الأول كلمة (أمتص الخطايا) سمعتها تتكرر كثيرا من سيادتك. ولكني أقول إن الامتصاص شيء مختلف عن وفاء العدل الإلهي والفداء. فكلمة أمتص ليست الكلمة الدقيقة التي تستخدم في هذا المجال، سامحني.
نجم:- معذرة إذا كنت قد أخطأت.
القمص:- عفوا. أما التعليق الثاني وهو كون المسيح قد مات عن خطايا البشر، فهل هذا يكون تصريحا للإنسان بأن يرتكب المعاصي بضمير مستريح؟ حاشا وألف كلا. لماذا؟ لأن الاقتراب إلى الصليب ليس هو من قبيل المعادلات الحسابية (1+1=2 أو 1-1=0)
لكن العمل الإلهي هو بدافع الحب وفي دائرة الحب. إذن الإنسان الذي يحب الله ووجد علاجه فيما فعله الله وفي خطة الله إنما يحب الله من أعماق قلبه، إذ يقول الكتاب المقدس عندنا ” نحن نحبه لأنه أحبنا أولاً ” هذا هو الحب المتبادل. وكيف للإنسان الذي يحب الله أن يفعل الشر الذي هو ضد قداسة الله وضد محبة الله.الإنسان الذي يحب الله يحيا في القداسة ليرضى الله في حياته ويكمل طريقة في مخافة الله، والكتاب المقدس عندنا يقول: “راس الحكمة مخافة الله”. إذن الإنسان الذي يرى في الصليب علاجاً للخطية الأم يراه أيضاً علاجاً للخطية الفعلية التي يتعرض إليها الإنسان كل يوم وهنا نجد الحب مقياسا والحب أيضا دافع، والمحبة الإلهية في القلب ومحبة الإنسان لله رباط الحب يمنع الإنسان عن أن يخطئ إلى الله فان كنت أنا أحبك – وهو بالفعل أنني أحبك – إذن فإني أترفع عن أن أخطئ إليك أو أخطئ بحقك.
نجم:- لكن أيضاً أعود إلى السؤال. في الأدبيات الدينية تعلمنا أن أكرمكم عند الله أتقاكم، والتقى هنا هو ذاك الإنسان الذي يكون تقياً في مسلكه وفي تعامله مع الآخرين وفي عبادته وبالتالي على قدر ما يحرث ويزرع في هذه الدنيا يحصد في الآخرة، الدنيا مزرعة الآخرة. يعنى محمد عليه الصلاة والسلام كان يقول ” والله لو سرقت فاطمة لقطعت يدها.”. يعني يحث الناس على أن يكونوا أتقياء شرفاء إيجابيين في حياتهم لان هذا هو السبيل الوحيد من أجل أن يكونوا جديرين بالحياة الآخرة.
القمص:- أقول لك أن الكتاب المقدس أيضاً عندنا يحث على حياة الفضيلة وحياة السلوك المدقق كما يقول (اسلكوا بتدقيق).
نجم:- (مقاطعاً) عفواً أرجع إلى سؤالي. يعني هناك لدينا نحن المسلمين أنه ليست هناك مغفرة عن خطأ يرتكب إلا بعمل الإنسان نفسه. الإنسان المسيحي الذي ضحى المسيح عليه السلام بنفسه من أجل أن يزرع له السعادة أصبح يشعر بالأمان لأنه لو مات فإن ذنوبه مغتفرة مهما أوتي من الذنوب بالحياة.وأنت تعرف أن الغرائز تتحكم في الإنسان مهما أحب الله. وأنا لو سألتني شخصياً إني أرتكب الخطيئة وأروح للكنيسة وأعترف في شباك مقفل وبالتالي تمتص خطيئتي، إن الخطية سوف تظل موجودة مهما اعترفت لا يغفر لهذه الخطيئة إلا المستوجبات التي يمليها الشرع عليّ. وهي في النهاية لصالح الإنسان، فأنا أقول الحوافز الحقيقية للإنسان هي أن يشعر أن عليه من الواجبات الإيجابية في هذه الدنيا حتى يتحصل على نتائجها في الآخرة. ما أبغض إلى نفسي أن يكون مثلا … فيه كثير من الناس يظنون أنهم chosen أنهم شعب الله المختار وبالتالي يرتكبون الخطايا ويقتلون ويفسقون ويغتصبون أراض الناس!!…..
القمص:- دعني أوضح لك كل شيء من وجهة نظر المسيحية. إن مجرد التوبة أو العمل الصالح لا يكفر عن الخطية، ولكن التكفير هو بالفداء فقط، هذه قضية في غاية الأهمية، أما السلوك المقدس والتوبة فذلك أمر حتمي. فبخصوص السلوك التقي المقدس يقول السيد المسيح (إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون)، وفي التوبة إقرار جاد على السلوك المقدس وعدم استباحة الخطية.
أما موضوع التكفير عن الخطايا فذلك لا يمكن أن يتم بالأعمال الصالحة ذلك لأن أجرة أو عقوبة الخطية هي موت كما يقرر الكتاب المقدس، فنحن نحض على الحياة المقدسة والأعمال الصالحة لإرضاء الله وليس للتكفير عن الخطية.
بقي إذن السؤال الهام وهو: كيف يكفر الإنسان عن خطيئته؟
الإجابة: 1ـ كما قلنا منذ قليل أن عقوبة الخطية هي الموت.
2ـ والموت لا يكفر عنه بالأعمال، إذ أن الموت لا يكفر عنه إلا بفداء، فالإنسان الخاطئ يحتاج إلى من يموت فداء عنه ليرفع عنه حكم الموت ويعطيه حياة، وبعد ذلك يستطيع أن يحيا حياة مقدسة من جديد في البر والتقوى وقداسة الحق. ولكن لابد من علاج لعقوبة الخطية الأولى، وهي عقوبة الإنسان بالموت الأبدي في نار جهنم، فهذا أيضاً ما يقوله القرآن عن النفس التي تخطئ أن عذابها في الجحيم كما جاء في سورة الجن: “ومن يعصي الله ورسوله فله نار جهنم خالدين فيها أبداً”، وأيضا في سورة البقرة: “من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار”.
نجم:- والقسم – عنده جل وتبارك – بالعصر (لعله يقصد أن يقول عندما أقسم الله بالعصر أي الدهر أو الزمان في سورة العصر إذ قال:) والعصر. إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ….
القمص: (يستكمل حديثه) إذن أعمال الإنسان لا تكفر عن خطاياه لأنها لا تستطيع أن توفي الدين الذي عليه، الدين أكبر من أن توفيه الأعمال البشرية، والكتاب عندنا يقول: (إن أعمال الإنسان مهما كانت فهي كخرقة الطامث) ويقول أيضاً: (إن فعلتم كل البر فقولوا إننا عبيد بطالون لأننا ما فعلنا إلا ما أمرنا به) إذن أعمال الإنسان أو البر الذاتي لا يوفي حق العقوبة، لهذا كان لا بد من الفادي الذي يعفي من حق العقوبة، ولهذا السبب يوجد عندكم عيد الأضحى واسمه عيد الضحية والفداء.
نجم:- (موضحاً) إن طقوس الحج عائدة إلى السيدة هاجر وسيدنا إسماعيل، وبناء الكعبة للنبي إبراهيم عليه السلام ولإسماعيل عليه السلام، تكاد تكون الطقوس كلها تعود إلى ذلك التاريخ، ولكن الإسلام أمرنا بها لأن إبراهيم كان مسلماً.
القمص:- لابد أن نعي قضية الفداء، وإن كنا لا نعي قضية الفداء فإيماننا يكون باطلاً. هذه وجهة نظر المسيحية كما نعرفها وكما نتكلم عنها. إذن فالموضوع يرتكز على قضية أساسية هي قضية عقوبة الخطية وهي الموت والمصير المحتوم في النار الأبدية فلابد أن تعالج بالفداء. ثم بعد ذلك يكمل الإنسان طريقه بالسلوك المقدس الطاهر النقي والأعمال الصالحة في توبة خالصة يومية إلى الله لإرضائه والسلوك معه في حب متبادل.
نجم:- دعني أبونا القمص زكريا بطرس أن أعترف لك أنني عندما التقيت بالأب شنوده في لوس أنجلوس شعرت لو أن كل المسيحيين يفكرون بعقلية هذا الرجل لما كانت تلك الفروق بين أبناء الديانات المختلفة والآن أكرر هذا علي سعة صدرك وعلي ما أعطاك الله من العلم والمجادلة النبيلة الشريفة.
بقي عندي دقائق ويكون الأخوة المستمعون يشاركون معنا بالتهنئة بهذه المناسبة المقدسة لدى نفوس المسيحيين، وفي الوقت نفسه إذا كانت هناك تساؤلات ترقى بالإنسان عن التعصب وتتساءل لكي تحصل على الإجابة لأننا لسنا في حلبة صراع وإنما نريد أن نتحاور بأخوة وبمحبة وبحضارة لنتفاهم لنتقارب، لنحب بعضنا.
أقول للسادة المستمعين ممن يرغبون يتوجهون بالسؤال إلى القمص زكريا بطرس فنحن على استعداد لتلقي مكالماتهم.. وسأطرح عليه هذا السؤال إلى أن تأتي المكالمات..
لكم كتاب اسمه (حقيقة صلب المسيح) هل لك أن تحدثنا عن هذا الأمر؟.. لأن المسلمين لهم وجهة نظر!!.. واختلف الشراح في هذه القضية!!.. ونريد أن نسمعها منك.
القمص:- في كتابي عن صلب المسيح تناولت خلقة الإنسان في أحسن تقويم من القرآن ومن الإنجيل. تعرف جيداً إنني من هواة الفكر الواحد، أي اتحادنا في الفكر والقلب والمشاعر، وجلاء (بمعنى إزالة أي سوء فهم) بعض المشاكل التي نتهم بها نحن المسيحيين. وقد قصدت في هذا الكتاب وغيره من الكتب التي نشرتها أن أضيق المسافة بين فكرنا المسيحي وبين الفكر الإسلامي.
نجم:- وأكاد أن ألحظ هذا في مفرداتك.
القمص:- شكراً. (مكملا حديثه) الكتاب يتكلم عن خلقة الإنسان على أحسن صورة وتقويم، ثم كيف دخلت الخطية إلى آدم وحواء وعقوبة هذه الخطية، ثم صفتي العدل والرحمة في الله عز وجل، ثم قضية الفداء توضيحاً للمعاني المتفق عليها والأرض المشتركة فيما بيننا. هذه هي محتويات كتاب حقيقة صلب المسيح وحتمية الفداء.
نجم:- نسمع بعض السادة المستمعين ثم نواصل الحوار.
المستمع (رقم 1): دكتور نجم نشكرك قبل كل شيء على هذا اليوم اللي ذكرت العيد وذكرتنا فيه.. أنت ما تقدر تغير شيئاً من وجهة نظر المسيحيين.
نجم: أنا ما طلبت تغيير وجهة النظر، نحن كنا نتساءل. وليس من وظيفتي أن أغير وجهة نظر أي أحد نحن نطرح التساؤلات ليجيب عليها القمص زكريا بطرس.
المستمع رقم 1: لا تنتقد الكنيسة عندما تقول أن المسيحي إذا ارتكب خطيئة يذهب ليعترف بها في الكنيسة. فطلب المغفرة عن الخطايا أمر موجود في كل الأديان، فالمسلمون يذهبون إلى مكة ويقومون برجم الشيطان بالحجر واستغفار الله على الخطأ.
نجم: يعني كلنا نسعى … إنما الاستغفار الأسبوعي!!.. يعني كل أسبوع … تعمل الخطأ وتروح تعترف… أنا شخصياً كإنسان مراقب للأحداث … معناه أرتكب المعاصي، وأعتدي على البشر، وآكل حقوق الناس!!.. ثم أذهب ثاني يوم الى الكنيسة وأعترف، قم تُغتفر خطاياي!!… أنا ضد هذا الرأي.
المستمع رقم 1:- إذا كنت تعملها مرة في السنة أو مرة في العشرة سنين أو مرة كل أسبوع هو نفس الشيء. فأنت تؤمن بشيء أنه سوف تغفر خطاياك نتيجة لعمل تعمله!!.
نجم:- إذا كان كل مرة تغفر خطاياي إذاً سيصبح الخطأ عندي مبدأ عام، إذ أنا عارف أنه سيغفر لي بعد أيام!!.. لكن المهم الذي أسعى إليه في حواري مع أبونا إننا نريد أن نتحث عن انسان في هذه الحياة يقوم بعمل لا يعتدي ولا يسمح للاعتداء عليه، وإنسان صالح ونقى وشريف ويفعل الإيجابيات في دنياه ليحصد الثواب في آخرته.
المستمع رقم 1:- هذه هي مبادئ كل إنسان، وكل الأديان تدعو إليها.. إن مبدأ غفران الخطايا في الكنيسة هو مبدأ موجود في كل دين. أنت طبعاً ما تقدر تغيره إلى وجهة نظرك وهو ما يقدر يغيرك … أنا أسلك كمؤمن بكل الأشياء.. أقدر كل شيء تؤمن به… ونجيب عليه بدون خلاف.
نجم:- (موجها حديثه إلى القمص زكريا بطرس ويلخص ما قاله المستمع):- أخونا المستمع قال في حواري معك: إنني لن أستطيع أن أغير من قناعاتك ولا أنت تغير من قناعاتي. أيضا أقول مرة أخرى أننا لسنا في صراع إنما نتفاهم ونقترب عبر الحوار، إلا إذا كان عند حضرتك أي تعليق.
القمص:- لي تعليق صغير علي حضرتك، تقول في الاعتراف أن الواحد يخطئ ويروح للكنيسة يعترف كأنها استباحة. والواقع إن مبدأ الاستباحة هذا ليس موجودا عندنا، وأريد أن أصححه لكم.
نجم:- ليس موجوداً عندكم كأقباط فقط أم عند المذاهب المسيحية كلها؟!..
القمص:- في المبدأ المسيحي لا يوجد مثل هذا الأمر الاستباحي.
نجم:- إذاً عندما أشاهد انساناً يدخل الى غرفة صغيرة ويلتقي بقسيس لا يراه، ويعترف له بأفعاله، ثم يخرج من هذه الغرفة ويشعر أن ذنوبه جميعاً قد غُفرت له!!… ماذا تسمي هذا؟
القمص:- دعني أشرح لك هذا الموضوع. بكل تأكيد طبعاً لأنك لم تعش الحياة المسيحية فلا تستطيع أن تعرفها جيداً، لن تستطيع أن تدركها تماما.
نجم:- أكيد، وأتمنى أن أسمعها منك…
القمص:- (يستكمل حديثه) يقينا أنت تحتاج أن تعرفها. فالاعتراف عندنا هو ندامة وتوبة على الخطايا التي فعلها الانسان، فالمعترف لا يقوم بالاعتراف في استباحة واستهتار على أنه يعتاد عملية الخطأ والاعتراف، ولكن هناك نقطة هامة أحب أن أوضحها لك بخصوص الاعتراف، وهي أن الإنسان عندما يتوب فإنه يتخذ موقفا أو اتجاه Attitude هذا الموقف هو أنه يعزم بكامل نيته على أن يحيا لله وأن يبغض الخطية ويترك الشيطان. إذن هناك موقف جاد. ولكن الإنسان لضعفه وليس لاستباحة يتواجه مع العالم، ويتواجه مع الخطية ومع الشيطان، ومع هذه الصراعات. فربما يخطئ عن ضعف أو جهل أو دون أن يشعر، فعن هذه الأخطاء يأتي الإنسان ليعترف بأنه أخطأ إلى قدسية الله عن ضعف وليس عن استباحة لأنه قد اتخذ قراراً حاسماً منذ بداية الطريق وقد حدد موقفه من الخطية Attitude بأن يبغضها ولا يريد أن يسلك في طريقها فيما بعد، فاعترافه لا يكون عن استباحة أو استهتار بل عن ندامة حقيقية ورغبة صادقة لتصحيح مسيرته مع الله.
نجم:- (مقاطعا) لكن عفواً إن كلمة أخطأ إلى قدسية الله … نحن لا نعتقد إن هناك من يستطيع أن يخطئ إلى الله… نحن نقول “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها” [معنى هذه الآية القرآنية في نظر المفسرين المسلمين هو: أن الله خلق النفس وكشف لها الخطأ والصواب، فالإنسان الذي يطهرها ينجح، وأما الذي يفسدها فيفشل] وهو يسيء إلى نفسه ولن يستطيع أن يسيء إلى الله لأن الله غني عن العباد.
القمص:- (مستكملا حديثه) … يا عزيزي إن الخطأ مثلث الأطراف: فهو:
1ـ خطأ ضد النفس وهذا النوع من الخطأ لا خلاف عليه
2ـ وخطأ إلى من أسأت إليه وهذا أيضا لا خلاف عليه.
3ـ ثم أنه خطأ ضد الله الذي وضع الأحكام المقدسة.
هذا النوع الأخير من جوانب الخطأ هو ما نختلف عليه الآن ولكن دعني أوضح لك الأمر، هب أن إنساناً ارتكب جريمة سرقة، وجاء الشخص المسروق إلى البوليس ليبحث له عن المسروقات فعندما وجدت المسروقات قال الشخص المسروق للسارق: “قد عفوت عنك وسامحتك، اذهب بسلام” هل النيابة تترك حقها، أقصد حق المجتمع، كلا، بل لابد أن توقع به العقاب لأنه ارتكب خطأ ضد المجتمع.
نجم:- نعم إن ما تفضلت به قد ورد في قصة البؤساء لفكتور هوجو.
القمص:- (مكملا حديثه) ما أريد أقوله أن هناك خطأ في حق المجتمع الذي نحيا فيه، والوطن الذي نعيش فيه. الوطن يتطلب منا الأمانة والطهارة والتضحية والمحبة والبذل، ولكن هذا السارق أجرم ليس في حق الإنسان المسروق فحسب، ولم يجرم في حق نفسه فحسب بارتكابه عاراً يسيء إلى سمعته، ولكنه أجرم أيضاً في حق المجتمع والوطن الذي يعيش فيه.
نجم:- هذا صحيح …
القمص:- (مستطردا) فعلى هذا القياس مع الفارق الكبير نقول أن المخطئ يرتكب خطأ في حق نفسه ويرتكب خطأ في حق من أساء إليه ويرتكب خطأ في حق المبادئ الإلهية التي وضعت لسلام الإنسان.
نجم:- كلام سليم … كلام سليم.
القمص: (يكمل حديثه) إذن إذا أخطأ إنسان عن ضعف وليس عن استباحة يأتي هذا الإنسان ويعترف تائباً ونادما لأنه كان قد اتخذ موقفا مع الله وضد الشر ولكن سلوكه (Conduct) أو (Behaviour) قد يتعثر، ومن أجل هذا يأتي ليجدد عهداً أن يبدأ في إخلاص مع الله. وليأخذ أيضا الإرشاد كيف يسلك بالتدقيق ويبتعد عن الشر.
نجم:- بالنصيحة والموعظة الحسنة …
القمص:- (مستكملا حديثه) أما حكاية الغرفة الصغيرة فذلك ليس عاماً في كل الكنائس المسيحية ولكنه يستخدم فقط بالكنيسة الكاثوليكية… أما عندنا نحن الأرثوذكس فنعتبر الاعتراف تلمذة روحية، هو بنوة لأبوة حانية وضعها الله في قلوبنا كمرشدين، هو علاقة شخصية في محبة طاهرة من خلال الله لكي نقود الإنسان على الطريق حتى يصل إلى الميناء سالماً. ففي الاعتراف إرشاد، وفيه علاج، وفيه رمي للأحمال، وفيه يجد إنساناً يشاركه ضيقاته وآلامه ومعاناته، إنسان يقف إلى جواره في جهاده المقدس ضد الخطية والشيطان. إذن الاعتراف أعم من كونه غرفةً لإلقاء الخطايا باستباحة ليرتكب غيرها!!..
نجم:- جميل …جميل … بارك الله فيك على هذه المعلومات القيمة.. نسمع أحد المستمعين. أهلا .
المستمع (رقم 2): أنا أريد أن أتكلم مع القمص زكريا بطرس.
نجم:- هو من الناحية الفنية القمص زكريا بطرس يتكلم من برايتون وما أستطيع أن أجعلك تتكلم معه مباشرة، فأنت تطرح عليَّ السؤال وأنا أنقله إليه، تفضل سؤالك؟
المستمع رقم 2: أنا عراقي انحدر من أصول أرثوذكسية سريانية، وإن كنت اليوم أنتمي في الفكر لغير ذلك، وأوجه سؤالي: اليوم نحن العرب النصارى ونصارى الشرق أما آن الأوان أن نقول عندما نقرأ القرآن بعدما قرأنا الإنجيل أن نقول ما ردده المسيح وعلمه ابن الإنسان “لتكن مشيئتك”؟
نجم:- ممكن تفصح اكثر أخي الكريم؟
المستمع رقم 2: يعني عندما يخاطبنا الله سبحانه وتعالى يعلمنا في الصلاة أن الصلاة المسيحية هي أن تقول لله “لتكن مشيئتك”. أما آن الأوان لمسيحيي الشرق خاصة الذين هم قادرين على قراءة القرآن وفي أيديهم، أما آن لهم أن يقولوا كذلك “لتكن مشيئتك”، ويستخرجوا ما يماثلها من القرآن؟!..
نجم:- أخي الكريم خليني أكون واضح معك، قد يأتي من يقول انك لست مسيحياً ولربما تكون مسلماً وتطرح هذا السؤال؟!…
المستمع رقم 2: لا. لا. لا. أنا عندي من الثوابت …
نجم:- إذاً أنت تريد من المسيحيين أن يرددوا قول المسيح “لتكن مشيئتك”.. تريدهم أن ينقلبوا إلى مسلمين؟!…
المستمع رقم 2:- ولم لا!!.
نجم:- (موجها الكلام للقمص زكريا بطرس) الأخ المستمع يقول: إلى متى نبقى على ما نحن عليه نردد أقول السيد المسيح من الاناجيل ولا نردد أقوال القرآن ونحن عرب؟!.. تفضل أبونا زكريا.
القمص:- كلمة لتكن مشيئتك ليس فيها هذا المعنى الذي يذهب إليه على الإطلاق. ولكن دعوة الناس لاعتناق دين المتحدث أعتقد إنها تحتاج إلى مجال آخر غير مجال إذاعتنا.
نجم:- معك حق!!..
القمص:- (مكملا حديثه) فإذا أراد أن يدعو أحداً فله حوار آخر. فليشرف، ولنتقابل، ولنتحدث معاً عن ما هو مكتوب في الكتاب المقدس. فإنه مكتوب في الكتاب المقدس: “مستعدين لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة…”
نجم:- دعوة كريمة.
القمص:- وإني مستعد بقلب كبير وصدر رحب لتقبل أية مناقشة في هذه المواضيع.
نجم:- بارك الله فيك – للمستمع – شكرا أخي الكريم…لنستمع لمكالمة أخرى..
المستمعة (رقم 3):- آلو مساء الخير دكتور نجم لو سمحت تسأل أبونا …، وأولا تقول له كل سنة وهو طيب وكل المسيحيين طيبين.. أنا عندي صديقة مصرية من كم يوم كنا نتكلم وقالت باسم الصليب. ولما سألتها: ليه بتقولي باسم الصليب؟.. يعني لو قلتي باسم المسيح ممكن أفهم، لكن لو قلتي باسم الصليب …!! ليه بتقولي باسم الصليب؟ فما عرفتش تجاوبني.
نجم:- (ينقل السؤال للقمص زكريا ويضيف) وأيضاً أنتم في حواركم معي قلتم لو اقتربتم من الصليب. فما تفسير هذا؟
القمص:- الصليب عندنا هو قوة تجلي محبة الله. وعندما نقول الصليب لا نعني الخشبة بالتأكيد، وإنما نعني المصلوب، وفكرة الفداء، وقوة الفداء. وعندما نستنجد بالصليب لا ننادي خشبة الصليب بل المسيح المصلوب على الصليب. أنت تعرف جيداً في اللغة العربية ضروب البلاغة، التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز المرسل بكل علاقاته.
نجم:- نعم فعبد القاهر الجرجاني قد توسع في كل ما ذكرت يا أبونا!!..
القمص:- فعندما أقول لك أريد أن أشرب بُناً لا أعني به البُن في حد ذاته بل القهوة التي تصنع من البُن، لأن البُن لا يشرب، ولكني أذكر لك الأصل الذي تصنع منه القهوة. وعلى هذا القياس عندما أقول باسم الصليب لا أعنى الخشبة، ولكنني أعنى المصلوب، أعني الفداء وقوة الله التي تجلت بالحب على الصليب. فعندما أستنجد بالصليب أو أذكر اسم الصليب إنما أذكر الحب الإلهي متجلياً في حادثة معينة وهي مذبحة الصليب. أعني شخص المصلوب.
نجم:- نسمع مكالمة أخرى.
مستمع (رقم 4):- عندي تعليق للضيف بطرس إنه يؤمن بالنصرانية طبعاً.
نجم:- أتسأل إن كان يؤمن بالنصرانية؟!! عجباً!!.. إذا كان هو قمص ورجل دين وراعي كنيسة وله مؤلفات في المسيحية!!.
مستمع رقم 4:- بس يجب أن لا يستشهد بالآيات القرآنية.
نجم:- لماذا لا يستشهد بالقرآن؟.
مستمع رقم 4:- لأن الاستشهاد في غير محله.
نجم:- لماذا؟.
مستمع رقم 4:- عندما استشهد بقضية الذبح وقضية سيدنا إبراهيم وفديناه بذبح عظيم بعدين واصلها بأن الله افتدى البشر.
نجم:- لا. هو أراد أن يؤكد على أن فكرة الفداء…
مستمع رقم 4:- (مقاطعا) إن هذا لا يجوز، فهذه حادثة تختلف تماماً عن ما يريد أن يصل إليه.
نجم:- منذا الذي يحدد.. لا يجوز.. و يجوز؟!…
مستمع رقم 4:- أنا أحدد!!.. بما أني أنا مسلم عندما أدعو إلى الإسلام لا أستشهد بالاشتراكية ولا بالديمقراطية.
نجم:- عفواً يمكن هذا لضيق الأفق. فالانسان يستشهد بكل شيء مشروع من أجل تعزيز قضيته!!…
مستمع رقم 4:- معناه أنت لا تؤمن بشيء محدد، أنت تؤمن بأشياء مختلفة.
نجم:- لا عفواً. أنت لن تستطيع أن تحجر على رأي إنسان أن يستشهد بأي شيء ما دام يريد أن يؤكد على حقيقة.
مستمع رقم 4:- إذا حدث جدال أو نقاش فهنالك قواعد أساسية لا يستشهد بها، فمثلاً لا يستشهد بكتاب الحب على قاعدة فيزيائية.
نجم:- عفواً القضايا العلمية شيء … والرجل عندما يستشهد بالقرآن لتأكيد حقيقة معينة فله كل الحق. أنا أعرف شخصية مصرية وهو المحامي مكرم عبيد، أحد مؤسسي حزب الوفد كان يحفظ القرآن و يردد آياته!..
مستمع رقم 4:- حفظه، لا يغني عنه من الحق شيئاً.
نجم:- أخي من قال إن القرآن حكراً عليك. هو ليس من ممتلكاتك الخاصة فمن حق اليهودي والمسيحي وغيره أن يقرأ القرآن ويجادل به.
مستمع رقم 4:- نحن نجادله بالتي هي أحسن!!..
نجم:- أخي الكريم لماذا تذهب إلى قضية ليست في صلب الموضوع، أنت تقول إن أبونا لا يجوز له أن يستشهد بالقرآن!!…
مستمع رقم 4:- يستشهد ولكن عندما يريد أن يستشهد فليستشهد في محل الآية.
نجم:- هو أراد أن يبرز أن الفداء موجود على امتداد التاريخ القرآني، وبالتالي هذا يدل على إن القرآن كتاب سماوي، والكتاب السماوي قد احتوى على كل ما له من شأن منذ خلق آدم إلى أن بُعث سيدنا محمد.
مستمع رقم 4:- يا دكتور نجم هذا استشهاد في غير محله. قلت لك مثالاً: عندما أريد أن أستشهد بالفيزياء ….
نجم:- (مقاطعا) الفيزياء شيء والحب شيء يا أخي.
مستمع رقم 4:- أنا تقريباً بجيب للأمثلة بس، عندما أريد أن استشهد بمثال عن الإسلام يجب أن أحضر شيئاً من الإسلام. ولا أستطيع أن أحضر شيئاً من اليهودية.
نجم:- إنه يستشهد في قضية هو يبحث فيها. أخي الكريم أنت مسلم، أبو حامد الغزالي لما أراد أن يهاجم الفلسفة قرأ الفلسفة وكتب كتابه “تهافت الفلاسفة” وأنحى باللائمة على الفلسفة والفلاسفة. فلما رد عليه ابن رشد في “تهافت التهافت” أيضا رد عليه بمنطق، فأنت لكي تنقد شيئاً لابد أن تلم به. فكثير من المسلمين يهاجمون الديموقراطية ويهاجمون مؤسس علم النفس سغموند فرويد وكذلك يهاجمون الاشتراكية، والنظريات الاقتصادية بل والكثير من العلوم الانسانية، وهم لم يقرأوا شيئاً عنها!!..
مستمع رقم 4:- أنا لا أهاجم، لقد أمرنا أن نجادل بالتي هي أحسن…
نجم:- إذا لماذا تحجر على القمص زكريا بطرس أن يستشهد بالقرآن في قضية هو يبحث فيها.
مستمع رقم 4:- لأن الاستشهاد في غير محله. بس هي قضية استشهاد في غير محله.
نجم:- على كل حال أنا اطرح الأمر على أبونا. تفضل هل عندك سؤال؟.
مستمع رقم 4:- إن أراد هو أن يناقشني بالعقل أناقشه بالعقل.
نجم:- يا أخي أنا وأنت أبناء عقيدة واحدة ولكنني أخالفك في الرأي فيما تفضلت به. وإنك لا تستطيع أن تحجر على استشهاد الإنسان، حتى لو استشهد بالقرآن!!…
مستمع رقم 4:- لا أحجر، فليقرأ القرآن ويتمتع، علماً بأنه شرعاً لا يجوز….
نجم:- (بانفعال شديد) من قال شرعاً لا يجوز؟ هل تستطيع أن تمنع يهودي من قراءة القرآن؟!!.
مستمع رقم 4:- لا يمسه إلا المطهرون. إنها آية واضحة في القرآن لا نريد أن نتطرق لهذا الموضوع يا دكتور نجم.
نجم:- نسأل أبونا في الموضوع ونشوف وجهة نظره..
القمص:- أنا أكتفي بردك المقنع على الاخ المتصل.
نجم:-.. مكالمة أخرى.. آلو… نعم أهلا أختي..
مستمعة رقم (5):- ألوه.. مساء الخير، عندي تعليق عن الفداء والتوبة. هل هذا الأمر يتعلق بتصرف الإنسان؟، وبعدين يتعلق ببعض القوانين الموضوعة من قبل الله سبحانه وتعالى …. يقول الله سبحانه وتعالى: “ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”. فهنا العبادة هي عبادة الله أن لا تشرك بالله. فعندنا نقطتين: نقطة أساسية و نقطة ثانوية. الأساسية هي عبادة الله الواحد الأحد. والنقطة الثانوية هي تعتمد على تصرفات الإنسان من ناحية الأخلاق وغيره وما تتعلق بالفداء والتوبة …
نجم:- أين السؤال؟
مستمعة رقم 5:- سؤالي لأبونا هو أنه يطبق بعض الكتاب، وتنطبق عليه الآية “يؤمن ببعض الكتاب ولا يؤمن بوعد الحق”. فأنا أحب أن أسال: هل هو يؤمن بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم أم لا؟.
نجم:- من البديهي لو كان يؤمن بالرسول محمد لأعلن عن إسلامه وما أصبح قمصاً مسيحياً وداعية من دعاة المسيحية وألف فيها 15كتابا.
مستمعة رقم 5:- إذاً لماذا يستشهد بالقران الكريم؟.
نجم:- هو طبعاً يستشهد بالقرآن لكي يحاجج المسلمين إذا أرادوا أن يناقشوه. ومع ذلك سوف أطرح عليه السؤال: أخت كريمة تسال سؤالا يا أبونا زكريا تقول إذا كنت تؤمن بالقرآن وتستشهد به فهل معنى ذلك أنك تؤمن بنبوة محمد (ص)؟.
القمص:- كان ردك فيه الكفاية. وإني كما قلت تماما عندما أريد أن أفهم قضية من القضايا فلا بد أن أقرأ كل ما كتب عنها في كل الكتب المتاحة.
نجم:- إذن أنت بالنسبة لك القرآن ليس ككتاب سماوي مقدس، إنما لأنه بين أيدينا نؤمن به فأنت تستشهد به لترد علينا، وليس لإيمانك بأنه كتاب مقدس؟!..
القمص:- إني أستشهد بالقرآن لنصل إلى ارض مشتركة لأن هذا هو ما يؤمن به من يناقشني من المسلمين.
نجم:- عفواً كيف يعني نصل إلى أرضية مشترك؟!..
القمص:- (مستطردا) أستشهد بما تؤمنون أنتم به في كتابكم، وما أؤمن أنا به في كتابي، ولا نريد أن ندخل في الجدل الذي يولد عداوة لأن الكتاب المقدس يقول: أما المباحثات الغبية فاجتنبها.
مستمعة رقم 5:- إذا ليس من حقه أن يستشهد بالقران الكريم.
نجم:- أختي الكريمة هو يقول الآتي: بما إننا نحن نؤمن بالقرآن ككتاب مقدس أنزل من السماء وهذه قناعتنا التي لا يشاركنا فيها، ولكن لكي يصل معنا إلى أرضية مشتركة في التفاهم على اعتبارنا نعيش في كوكب واحد ومن الممكن أن نلتقي مع بعض، لذلك هو يحفظه، وبالتالي يردد بعض آياته ويناقش فيها ويجادل ليس إيماناً به، بقدر ما هو وسيلة من وسائل الإقناع للوصول إلى أرضية مشتركة كما يقول أبونا!!..
مستمعة رقم 5:- اسمح لي إذاً، في الفداء إن رب العالمين ما راح يفدي أبدا ولا يتوب عنا إذا ما راح يؤمن بالله وأن لا يشرك بالله وحده ولازم يؤمن بالنبي الأمي محمد.
نجم:- أبونا السيدة تقول: مادمت لا تؤمن بالله و.. و..
القمص:- (مقاطعا) إني أؤمن بالله…
نجم:- ولكن من خلال إيمانك بالدين المسيحي فقط؟!…
مستمعة رقم 5:- معنى ذلك أنه يُشرك بالله؟!..
نجم:- أبونا: المستمعة تقول أنك تشرك بالله؟.
القمص:- أنا لا أشرك بالله بل إني أؤمن بالله الواحد، القرآن نفسه شهد لنا بأننا نحن المسيحيين نؤمن بإله واحد.
نجم:- الوحدانية التي تفضلت بها، ألا تتعارض مع التثليث؟!..
القمص:- أبداً..
نجم:- ممكن تفسر لنا هذه النقطة؟!..
القمص:- نحن نؤمن بالله الواحد الكائن بذاته، الناطق بكلمته، الحي بروحه، وإذا سمحت لي أن استخدم آيات القرآن التي تؤمنين بها أقول إن القرآن شهد لنا بالتوحيد، ففي سورة العنكبوت آيه 46 “ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد”. وفي سورة المائدة أيضا آية 82 “ولتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وإنهم لا يستكبرون”. إذن كما يقول القرآن إن أشد الناس عداوة للمسلمين هم المشركين، وأن أقربهم مودة للمسلمين هم النصارى. إذاً فالنصارى ليسوا بمشركين بشهادة القرآن.
أما قولنا عن الله الواحد أنه كائن بذاته، ناطق بكلمته، حي بروحه، فهناك آية قرآنية أيضاً تشهد بذلك وهى في سورة النساء 171 “وإنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه” فهنا يوضح القرآن أن الله موجود كذات أو كائن، وأن له كلمة (فالهاء في كلمته ضمير مفرد غائب مذكر يعود على الله، إذن فالله له كلمة) وأيضا توضح الآية القرآنية أن الله له روح (فالهاء في روح منه ضمير مفرد غائب مذكر يعود على الله، إذن فالله له روح). من هذا ندرك أن القرآن يؤكد أن الله جل شأنه هو [ذات]، له [كلمة]، وله [روح]. وهذا ما نؤمن به نحن المسيحيين. فإننا لا نقول أكثر من هذا في الله الواحد الذي نؤمن به، أي أننا لا نؤمن بثلاثة آلهة ولسنا نشرك بالله، ولكننا نؤمن بالله الواحد الأحد الذي لا شريك له.
نجم:- على كل حال، من هذا الحوار الودي والمنطلق الودي أقول: لكم دينكم ولى ديني.. نسمع هذه المكالمة.
مستمع رقم (6):- ألو… مساء الخير يا دكتور نجم عندي سؤال بسيط.
نجم:- وعندي دقيقتين، فإن أمكن طرحه بسرعة.
مستمع رقم 6:- سؤالي إن كنا نحن المسلمين أقرب إلى النصارى من اليهود لأننا نؤمن بعيسى عليه السلام ونؤمن بأنه نبي وما إلى ذلك، الملاحظة الآن على الساحة السياسية إن هناك تقارباً يهودياً مسيحياً ضد المسلمين.؟!. يعني مثلاً تم اعترف الفاتيكان بدولة إسرائيل؟!
القمص:- أقول لك أن التقارب الملحوظ أو المدعى بين اليهود والنصارى في مواجهة المسلمين فهذا ليس صحيحاً. المسيحيون يحبون حتى الأعداء لأن ذلك وصية قالها السيد المسيح “أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم واحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم…” فالمسيحية تحب الجميع جدا!!.ً.. كون أن الفاتكان يبرئ اليهود من دم المسيح، فهو لم يبرئ يهود القرن الأول. والدارس المدقق لهذه الوثيقة يفهم أنها تبرئة لليهود في العصر الحاضر من دم آبائهم الذين صلبوا المسيح في القرن الأول.
نجم:- نعم لأنه يعني ما ذنب هؤلاء إن كان أولئك قد ارتكبوا الجريمة؟!..
القمص:- لأنه مكتوب في الكتاب المقدس أنهم يقولون لو كنا في زمان آبائنا ما ارتكبنا أخطاءهم.
نجم:- (متهكماً) ونحن علينا أن نتحمل إذاً أخطاء هتلر ومن ناصبوا اليهود العداء من قبله، وندفع ثمنها نحن كالعرب مسلمين ومسيحيين، ندفع ثمن خطيئة هتلر الذي ظلم اليهود، وبالتالي يدخل أحدهم الى الحرم الإبراهيمي ويرش المصلين برشاشه، ويجندل جثث المصلين!!.. فهذا أمر عادي؟!.. على كل حال.. أبونا نشكرك على هذه الأمسية وأتمنى أن نلتقي في لندن.
القمص:- إن شاء الله.
نجم:- أشكرك جدا.
القمص:- إني أشكرك كثيراً على سعة صدرك وعلى اطلاعك الكبير وعلى محبتك وإلى اللقاء.
* * *
• ثم يختتم القمص زكريا بطرس هذا الحوار بكلمة ذيَّل بها ما نشره فيه حيث قال:
(إنني أتوجه بالشكر الى مدير إذاعة كل العرب الدكتور نجم عبد الكريم الذي أجرى هذا الحوار بكل محبة وذكاء وأدب وموضوعية. وأيضا أتوجه بالشكر إلي جميع المستمعين والمشاركين في الحوار لإثراء المناقشة بعرض الرأي والإصغاء إلى الرأي الآخر، وإذ ننشر هذا الحوار الصريح القيم أرجو أن يكون بالفعل أرضية مشتركة نتقابل فيها ويتعرف كل منا على أبعاد عقيدة الطرف الآخر.
المصدر ايلاف