عقدة الحلّ السياسي للأزمة السورية: حكومة قبل تنحّي الأسد أم بعده؟
اميل خوري: النهار اللبنانية
هل يمكن القول أن الحل السياسي للأزمة السورية دخل في سباق مع الحل العسكري بين الجيش السوري النظامي والجيش الحر، وان محاولة الموفد الأممي الأخضر الابرهيمي اذا لم تنجح فإنها ستكون الأخيرة، وبعد ذلك قد تتعرض سوريا لمزيد من الخراب والدمار ولحرب أهلية قد تنتهي بالتقسيم، وهذا ما وصفه الابرهيمي بأنه “جهنم”؟
في معلومات لمصادر ديبلوماسية ان حل الأزمة السورية لم يكن مرتبطاً بالاتفاق على مرحلة ما بعد الأسد فحسب، بل بمصير الاسد نفسه. فروسيا لا تزال تحاول اقناعه حفظاً لماء وجهه بان يتخلى عن السلطة فور الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة لأنها تخشى اذا تنحى قبل التوصل الى هذا الاتفاق أن تفقد روسيا الورقة الضاغطة والمانعة لتشكيل الحكومة على النحو الذي تريده الولايات المتحدة الاميركية ودول أوروبية وعربية.
لذلك تمسك روسيا ببقاء الرئيس الاسد في السلطة مدعية ان لا تأثير لها عليه في انتظار الاتفاق على البديل من النظام والحكم، خصوصاً أنها تخشى ان يستولي الاسلاميون المتشددون على السلطة كما حصل في أكثر من دولة عربية لم يستقر الوضع فيها حتى الآن، ولا يكون لقوى الاعتدال دور يؤثر في مجرى الأمور.
وفي المعلومات أيضاً أن الولايات المتحدة الأميركية تشارك روسيا في هذا التخوف لكنها تختلف معها في تحديد القوى السياسية الأساسية في سوريا والتي ينبغي تمثيلها في الحكومة الانتقالية.
فروسيا تريد تشكيلها وفقاً لنموذج اليمين أي اشراك ممثلين لحزب البعث وابقاء عدد من الضباط التابعين للقيادة السورية الحالية في هيكلية الجيش كي لا يتكرر ما حصل في العراق.
لكن المعارضة السورية على اختلافها ترفض الدخول في بحث اي حل سياسي قبل أن يكون الرئيس الأسد قد تخلى عن السلطة لأن بقاءه فيها قد يعرقل التوصل الى حل، وقد يستغل تقدم الاسلاميين المتشددين على الارض ليؤخر رحيله سعياً الى حمل الولايات المتحدة الاميركية على اعادة النظر في موقفها بحيث تلتقي مع الموقف الروسي القائل بالاتفاق اولاً على تشكيل الحكومة الانتقالية قبل تنحي الأسد من أجل قطع الطريق على وصول الاسلاميين الى السلطة.
ويراهن الرئيس الأسد من جهة أخرى على احتمال حصول خلاف بين الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك على احتمال حصول خلاف بين المعارضين أنفسهم على تشكيل الحكومة الانتقالية سواء لجهة الحصص او الحقائب، آملاً في أن يؤدي هذا الخلاف الى اطالة عمر بقائه في السطلة ربما حتى موعد انهاء ولايته سنة 2014.
الى ذلك، فان الموضوع الأساسي الذي يدور حوله الخلاف هو: هل يبدأ البحث في الحل السياسي في ظل وجود الرئيس الأسد في السلطة ام بعيد تنحيه، وما هي الآلية التي توقف الاقتتال الدائر عند التوصل الى اتفاق على الحل في حال ظهر أن فصيلاً من فصائل المعارضة المسلحة غير قابل به؟ وتردد ان هذه المخاوف تحمل الولايات المتحدة الاستعجال في تشكيل الحكومة الانتقالية بحيث يكون بقاء الأسد في السلطة عامل ضغط على المعارضين كي يتفقوا شرطاً للتخلص منه، اذ ان استمرار خلافهم على تشكيل الحكومة الانتقالية بصلاحيات كاملة يعجل في رحيل الأسد الذي بات وضعه مرتبطاً بالتوصل الى هذا الاتفاق.
ورشح ان البحث بين الولايات المتحدة وروسيا يدور على تشكيل الحكومة الانتقالية حتى اذا اتفقا على ذلك فان في استطاعتهما فرض هذا الاتفاق على كل الافرقاء وحمل الرئيس الاسد على التنحي واختيار المكان الذي يريد الانتقال اليه، ومن دون ذلك يصبح حل الأزمة السورية مرتبطاً بالتطورات الميدانية على الأرض وبمن هو قادر على الحسم ومتى؟