لنستطلع حقوق المرأة العربية والتي لا زال الغالبية ممن سيطر عليهم فكر مجتمعهم المبني على عقد الرجال الفحول وعلى موروث وعرف اجتماعي ساد ولا يزال منذ آلاف السنين , فلا زالوا هؤلاء يتحدثون عن حقوقها المعدومة لها والكثيرة نسبة لهم , وذلك لنقصان عقلها ودينها كما توهموا وتحّججوا بالقرآن وبآياته بعد أن يفسر كلٍ منهم تلك الآيات ويرّقّعها أحيانا كما تحلو له مصلحته , مستغلا تلك الثغرات الكثيرة التي بها تكون قابلة لعدة تفسيرات , والنتيجة هي واحدة وستصب باتجاه تهميش دور المرأة والهيمنة عليها .
من ضمن الحقوق المهضومة التي لا تزال تؤرق المرأة المسلمة نسبة لما يملكه الرجل من حقوق جعلته صاحب اليد العليا والقرار والسيادة هو حقها في الطلاق أمام حق الرجل في تعدد الزوجات التي يعتبره البعض حقاً للمرأة وخياراً أضافياً لها في حالة رغبتها بالبقاء مع زوجها والحفاظ على بيتها , رغم أن البيت سيهدم لا محال وسيتضرر الأبناء في كلتا الحالتين ولكنها ستكون مرغمة لانعدام البديل لديها , أما عن هدم البيوت وتضرر الابناء فيكمن في نزوات الرجل فقط واستهتاره بالحقوق التي أعطيت له أو أغتصبها على مر القرون .
البعض أعتبر الرجل هو المتضرر الوحيد من هذا الطلاق كون واجب الأنفاق يقع على عاتقه وكذلك دفع المهور وغيرها , متناسين بأن المرأة لو لم تكن تعمل خارج البيت فهي تعمل داخله وطبيعة عملها مُرهقا لنفسها ولجسدها معاً , وبلا أي ثمن , أي ان عملها يقابل عمل الرجل خارج البيت والفرق بينهما هو أنه يتقاضى أجره الذي يتفضل به على زوجته .
كذلك هناك الكثير من النساء يعملنّ خارج البيت وينفقنّ حالهنّ حال أزواجهنّ والبعض منهنّ يتحملنّ نفقات البيت بمفردهنّ بأنفاقهنّ على الأبناء وحتى على الزوج أحيانا , واللواتي لا يأخذنّ من المهور سوى الحبر على الورق , نظراً للوضع الاقتصادي المتردي , وبالرغم من هذا لا يزال الزوج قوامٌ عليها دون أن ينفق!!.
هذا الحق , كما أسموه , أعطي للمرأة في حالة رغبتها بالطلاق من زوجها بعد أن أنفقت سنيناً من عمرها وجهدها في العمل خارج البيت وداخله , وعليها ان تتخلى عن كل هذا لأجل رغبة الزوج بالزواج من امرأة غيرها في أي وقت يشاء دون أي أحساس منه ولا اعتبار لسنين زوجته ولجهودها التي ضاعت معه , وخصوصاً إن اغلب حالات الطلاق هذه تكون لأسباب رغبة الزوج في الزواج من أخرى لمجرد أنه يمتلك ذلك الحق ولم يجد رادعا له .
فلو قارنا هنا ما بين الفارق بالحقوق في طلب المرأة في التفريق أمام حقه بالزواج في أي وقت يشاء , لا يمكننا ان نعتبره حقاً بل هو سلباً لحقها ولسنين من عمرها التي ستذهب أدراج الرياح , وأحيانا كثيرة يُسلب أولادها منها وليكون مصيرها وحيدة وإلى الشارع خالية اليدين , وهو يتمتع بزواجه .
فأي حق هذا بعد أن صار هدرا لحقوقها تحت أسم الشرع والقانون الذي شجعه لزيادة نزواته من خلال فسح المجال له وتشجيعه على الزواج من أربعة , وبعد أن أباح لنفسه الاستهتار بزوجته الأولى واستخدام هذا الحق في أحيانا كثيرة كسلاح ليهدد به زوجته فيما لو اختلفت معه أو أنها لم تنفّذ له طلباته أو إنها تمادت قليلاً في طاعته أو تخاذلت معه لو دعاها يوماً لفراش الزوجية , فسيسحق كرامتها ويسحق سنين عمرها وفق القوانين الاجتماعية السائدة , ويقوم فوراً باستبدالها إن كان يمتلك الثمن لذلك , وهكذا إلى أربع زوجات وربما أكثر في حالة شعوره بالملل من الأربعة أيضا وهذا الملل لا يعيب الرجل ولا يدينه بل هو حقاً مشروعاً له دون المرأة أكيد , فلو أصاب أحداهنّ العطب وصارت تشتكي من علل جسدية أو حتى بروداً لا يملي فحولته وأصابته الحيرة في أختيار واحدة منهنّ فما عليه سوى أن يعمل القرعة فيما بينهنّ ليُخرج أحداهنّ من جنته بعد أن انتهت رغبته منها , وإلى الشارع فوراً لمن يكون حظها عاثراً وليعاشر من يشاء وليطلّق من يشاء , بالإضافة إلى لعنة الملائكة التي ستلاحقها .
فأعلن الرجل فساده وشرّعه دون أن يخجل منه ودون أن يتوقف ليفكر بهذا الحق بحجة ان الله أباح له تصرفه هذا !!. هذا الحق شجّعه في أن يتمادى في فساده بعد أن أفسد روحه بإعطائه الحق في أن يتنقل من امرأة لأخرى .
ما جاء هنا من قوانين سادت منذ آلاف السنين ولا زالت سائدة أصبحت لا تتناسب مع تطور الحياة بعد أن خرجت المرأة للعمل حالها حال الزوج الذي أجحف حقوقها , والحلول لا تكمن في تضييق سبل الطلاق للتقليل منها والبقاء على الكثير من الأسر في حالة خراب داخلي وصلح خارجي دون التفكير بأسباب هذا الخراب , بل توزيع الحقوق لمن يستحقها بعد وعي المرأة والرجل بحقوقهما المتساوية على اساس الأنسانية فقط وليس على اساس الجنس .
إبداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا …. بهم نهزم التخلف وننصر الإنسانية