السفير بسام العمادي : كلنا شركاء
اصبح من المؤكد بالدليل القاطع بان نظام بشار انشأ بعد غزو العراق عام ٢٠٠٣ عددا من المجموعات الانتحارية وارسلها للعراق للقيام بتفجيرات تؤدي الى زعزعة الوضع وارباك القوات الامريكية هناك، وبالتالي منعها من تنفيذ هجوم وشيك على سورية كان مخططا له لانهاء التظام الدكتاتوري فيها. وقد نجح النظام في ذلك نجاحا لم يكن يتوقعه، اذ اصبح يتحكم بالوضع الامني في العراق ويتمتع بتأثير كبير عليه من خلال تلك المجموعات التي تأتمر بامره فيحركها متى شاء ويوقفها متى شاء حسبما تتطلب حاجاته ومخططاته، وكلنا يذكر كيف هدد المالكي باللجوء للامم المتحدة لايقاف مايقوم به نظام بشار ضد امن العراق.
في بداية الثورة في آذار ٢٠١١ اصدر بشار مرسوم العفو المعروف الذي اطلق بموجبه سراح ٦٣ الف مجرم من السجون السورية، وتبعه بمرسوم آخر اطلق بموجبه ماتبقى في السجون من مجرمين لم يشملهم المرسوم الذي سبقه. وكان الهدف من هذين المرسومين خلق حالة من الفوضى والاجرام في سورية لتحويل الانظار عن حقيقة الثورة واتهام الثوار بالاجرام والارهاب، خاصة بعد ان انشأ مجموعات مقاتلة (كما فعل في الحالة العراقية) تدين له بالولاء وتدعي انها من الجيش الحر وترتدي ثوب الاسلام، وعاثت فسادا وقتلا واجراما في البلاد باسم الاسلام والتطرف، وقد تم القبض على البعض منها (والحديث هنا ليس عن جبهة التصرة بل عن مجموعات اخرى اصبحت معروفة).
ان مانراه اليوم من بعض المجموعات المسلحة لايخرج عن هذا الاطار وبخاصة عمليات خطف الاجانب والصحفيين التي تجذب انظار المجتمع الدولي، وايضا الاعمال المتطرفة التي تهدف الى عزل الثوار عن حاضنتهم الشعبية بل وضعها في عداء شديد معهم. وقد لايدرك ذلك حتى بعض المنتمين الى تلك الجماعات، بل ان اكثرهم لايعلم أن قادتهم هم في الحقيقة عملاء للنظام، وانهم يخدمونه ويسيؤون للثورة والوطن من حيث لايعلمون. (قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا) الكهف ١٠٣ و ١٠٤ ) .
وبذلك نجح التظام تماما في مخططه اذ انتقل اهتمام المجتمع الدولي من المجازر التي يرتكبها النظام بحق الشعب والوطن الى المجموعات المتطرفة والقاعدة، ووضع بشار المجتمع الدولي امام خيارين :
اما نظامه واما التطرف والارهاب في سورية.
ويالطبع فان الأولوية لدى المجتمع الدولي هي محاربة القاعدة ومايسمى بالتطرف الاسلامي – دون الخوض في تفسير معنى وماهية التطرف.
وقد ساعد النظام في نجاحه ماكينته الاعلامية القوية وعملاؤه المندسين في التنظيمات المعارضة المدنية والسياسية والعسكرية، وغياب الخبرة العملية والسياسية والرؤية الواضحة لمن شغلوا المراكز القيادية في المجلس الوطني ومن بعده الإئتلاف، واقصاؤهم لمن تتوفر لديهم الخبرة والامكانيات للقيام بالاعباء والمسؤوليات السياسية والعسكرية الكبيرة التي تتطلبها الثورة ولمواجهة مخططات النظام الشيطانية، ممن لايدينون لهم او لجماعاتهم بالولاء المطلق، او ممن يشعرون بأنهم يهددون مواقعهم ومناصبهم الوهمية، وبدلا من ذلك ضموا الى صفوف الائتلاف أشخاصا لاعلاقة لهم لا بالسياسة ولا بالثورة ولا بالثوار ليضمنوا تصويتهم لهم، بدلا من ضم من يمكن ان يشكلوا اضافة نوعية يحتاجون لها.
ان مانشهده من قصور سياسي، والمتمثل في الفشل في اقناع دول العالم الفاعلة بحقيقة الثورة والثوار وعدالة قضيتهم تتحمل مسؤوليته قيادة المعارضة السياسية التي نصبت نفسها بدعم من دول معينة واغلقت الباب على امكانية قيام قيادة سياسية قادرة على الفعل الحقيقي وتحقيق انجازات سياسية تحتاجها الثورة في الداخل، خاصة بعد التدخل الايراني والروسي والمليشياوي من العراق ولبنان وغيرهما.
ولن يتغير هذا الوضع ما لم تكن هناك ارادة حقيقية ونية صافية وخطط محكمة للتصدي لما يقوم به النظام وعملاؤه من مثل هذه الاعمال، واقناع المجتمع الدولي بالمصلحة الحقيقة في الخلاص من نظام بشار، ولن يتم ذلك الا اذا قام الائتلاف – الذي يبدو انه بدأ بالعمل بشكل مختلف عما رأيناه خلال العامين المنصرمين، ونأمل ان يكون هذا تحولا حقيقيا في ادائه – بالاستعانة بالامكانيات العسكرية والامنية والسياسية الكثيرة التي يتمتع بها الكثير من المخلصين ممن تتوفر لديهم الخبرات وخاصة المنشقينن ممن عملوا في الحكومة وممن قرر القائمون على المجلس الوطني والائتلاف اقصاءهم بدعوى ان هؤلاء كانوا يعملون مع النظام – مع ان معظم هؤلاء كانوا موظفين في الدولة وليس لدى النظام، بل ان النظام حاربهم لانهم لم يدينوا له بالولاء.
ولم يعد بالامكان في ظل تدخلات حلفاء النظام السافرة، وتصاعد تحطيم الوطن وارتكاب المجازر غير المسبوقة بحق الشعب السوري من المدنيين العزل الاستمرار في الممارسات السابقة بل يجب تحمل المسؤولية والعمل بإخلاص لانقاذ ماتبقى من الشعب والوطن مما يخطط له النظام وأعوانه.