بقلم: المحامي عبد المجيد محمد
Abl.majeed.m@gmail.com
في الاحد الموافق لـ ١١ فبراير تناقلت وكالات الانباء ووسائل الاعلام الخبر الصادم حول رحيل السيدة عاصمة جهانغير وفورا بعد انتشار هذا الخبر تدفق سيل من التقديرات المشهودة من جانب الشخصيات السياسية والحقوقية لهذه الناشطة المتقدة والتي لا تعرف الكلل ولا الملل في مجال حقوق الانسان. هي استحقت بكل جدارة هذا السيل من هذه التقديرات.
امرأة شجاعة في الكفاح من أجل تحقيق المثل السامية لحقوق الإنسان وما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقياته وبروتوكولاته الإضافية والمكملة وذلك لإرساء حقوق الإنسان بدلا من الظلم وعدم المساواة.
إن فقدان السيدة جهانغير كان أمرا مؤثرا ومؤسفا للغاية بالنسبة لجميع أصدقاء و المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في مجال حقوق الإنسان، وجميع الذين كرسوا حياتهم للدفاع عن المثل العليا لحقوق الانسان.
ذكرت رويترز حول فقدان السيدة جهانغير: بطلة حقوق الإنسان الباكستانية، عاصمة جهانغير توفيت. مناضلة في مجال حقوق الإنسان، ناشطة متقدة، لا تعرف الخوف في التعامل مع السلطة، انسانة ذكر اسمها مرادف لحقوق الانسان.
وعلى الرغم أن السيدة جهانغير قد تم ذكر اسمها تحت عنوان بطلة حقوق الانسان الباكساتنية ولكنها هذا الامر في الواقع لا يتعلق فقط بالباكستان وشعبها هناك بل يتعلق ويرتبط بكل العالم وان انخراط السيدة جهانغير في النشاطات الخاصة بمختلف المجموعات والهيئات الدولية الراعية لحقوق الانسان تثبت هذا الادعاء.
وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيوغوتيريس، بالسيدة عاصمة جهانغير، المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان في الباكستان، وبشجاعتها في السعي إلى تحقيق العدالة والمساواة العالمية. وأعرب السيد غوترز عن أسفه العميق وقال: “لقد فقد العالم وجها إنسانيا كبيرا”.
كما أشاد رئيس الوزراء الباكستاني بالسيدة جهانغير و”بمساهمتها الكبيرة في دعم وارساء سيادة القانون والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان”.
وكانت السيدة جهانغير أحد مؤسسي وأمينة اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان، حيث كانت تعمل في منصب الأمين العام، وفي وقت لاحق كرئيس لمجلس إدارة اللجنة.
كما كانت أيضا عضوة في مجلس أمناء مجموعة حل الأزمات الدولية، وهي منظمة غير حكومية تركز على مسألة منع اتساع الأزمات الدولية وحلها.
وفي الفترة من 2004 إلى 2010، كانت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الأديان والمعتقدات. وكانت أيضا عضوة في مجموعة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق وكانت حاضرة في فريق التحقيق في مجال انتهاكات حقوق الإنسان في سرلانكا.
وقد انتقلت إلى جنيف في عام 1986 وأصبحت مساعدا لنائب رئيس الدفاع عن الأطفال الدوليين ثم عادت إلى الباكستان في عام 1988.
وقد أمضت السيدة عاصمة جهانغير حياتها المهنية في مجال حقوق الإنسان، ولا سيما حقوق المرأة، وحقوق الأقليات الدينية، وحقوق الأطفال، وبفضل أنشطتها الواسعة في مجال حقوق الإنسان، حصلت على العديد من الجوائز الدولية في مجال حقوق الإنسان، منها:
“في عام ٢٠١٠ منحت جائزة الحرية
(فريدوم Freedom Award)
وهلال الامتياز
(Hilal-e-Imtiaz)
و سيتارا امتياز
(Sitara-e-Imtiaz)
وفي عام ٢٠١٤ حصلت على جائزة رايت لافلي هود
(Right Livelihood Award) “
عاصمة جهانغير حلت محل أحمد شهيد في سبتمبر 2016 كمقررة خاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران. وطالبت بزيارة إلى إيران لدراسة حالة حقوق الإنسان فيها. ولكن لم تتم الموافقة أبدا على هذه الرحلة وهذه الزيارة. وذكر النظام الإيراني في بيان أنه لا يعترف بشئ اسمه المبعوث الخاص المعني بحقوق الإنسان في بإيران ويعتبره عدوا للنظام الإيراني.
وبطبيعة الحال، فإن اعتماد مثل هذا الموقف من قبل نظام معروف بانتهاك حقوق الإنسان بشكل منهجي ومدان لـ 64 مرة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ويملك اعلى معدل اعدام في العالم مقارنة لعدد السكان هو أمر طبيعي جدا، وليس من المستغرب أبدا.
في تشرين الأول / أكتوبر من العام الماضي، قدمت السيدة جهانغير تقريرا شاملا الى الجمعية العامة للأمم المتحدة عن حالة حقوق الإنسان في إيران وعمليات الإعدام واسعة النطاق التي تمت خلال فترة رئاسة الملا حسن روحاني والانتهاكات المتزايدة لحقوق الناشطين في مجال حقوق الإنسان والصحفيين والأقليات الدينية وانتهاك الحقوق الأساسية للمرأة.
وفي مؤتمر صحفي عقد في نيويورك في مقر الأمم المتحدة بشأن مذبحة ثلاثين ألف سجين سياسي في صيف عام 1988، دعت السيدة جهانغير السلطات الإيرانية إلى إجراء تحقيقات شفافة ورسمية بشأن المجزرة التي قتل فيها آلاف الشبان والنساء والرجال وتم تصفيتهم في وقت قصير.
وبعد أسبوعين تقريبا من الاحتجاجات الواسعة في مختلف المدن الإيرانية في أوائل يناير/ كانون الثاني، أكدت السيدة عاصمة جهانغير يوم الخميس 11 يناير/ كانون الثاني أنه “لا يوجد أي نظام في العالم يمكن أن يستمر إلى الأبد، في ظل هذا الظلم والاضطهاد والتعدي الذي يمارسه”.
وفي مقابلة لها مع (إذاعة فردا)، دعت إلى نشر أسماء جميع المحتجزين خلال التظاهرات الواسعة في إيران.
وفي معرض حديثها أشارت إلى البيان الذي أصدره مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، هذا البيان الذي دعا السلطات الإيرانية إلى إجراء تحقيق نزيه ومستقل على خلفية الأشخاص الذين ماتوا في السجن.
تجدر الاشارة الى انه تم إلقاء القبض على 8 الاف شخص خلال التظاهرات الضخمة التي جرت في يناير فى 142 مدينة ايرانية. وذكرت التقارير ان حوالى 12 سجينا قد قتلوا اثناء التعذيب. ولكن النظام الإيراني فيما يتعلق بعدد من هؤلاء المعتقلين ينكر ذاك ويدعي أنهم قد انتحروا.
وكتبت السيدة مريم رجوي بخصوص فقدان السيدة عاصمة جهانغير على حسابها على التويتر:
رحيل السيدة عاصمة جهانغير المقررة الخاصة المعنية بحقوق الانسان في ايران، ثلمة كبيرة في عالم المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم. وتبقى ذاكرتها في الأذهان ماثلة بسجلها الرائع للدفاع عن حقوق الإنسان وبتقاريرها الشجاعة بشأن جرائم النظام الإيراني.