أستهلال :
التأريخ يكتبه رجال السلطة / وعاظ السلاطين ، وهو يعكس الجانب المضئ من حكمهم ، من سياسة وحروب وفتوحات وحالة مجتمعية وسيرة رجال حكم تلك الحقبة و.. ، ومعاوية بن أبي سفيان موضوع المقال هو أحد رجال سلطة تلك الحقبة ، أستعرضت بعضا من جوانبه المظلمة ، ولكن هذا لا يعني عدم وجود جوانب أخرى مشرقة له ، لأجله أقتضى التنويه .
المقدمة :
معاوية بن أبي سفيان 608 – 680 م / هو ( معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . وأمّه: هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف العبشمية القرشية. يلتقي نسبه بنسب الرسول محمد في عبد مناف . وهو أحد أصحاب الرسول محمد وأحد كتّاب الوحي. ولد بمكة وتعلم الكتابة والحساب ، وأسلم قبل فتح مكة .. / نقل بتصرف من الويكيبديا ) ، هو سادس الخلفاء في الإسلام ، ومؤسس الدولة الأموية في الشام ، والخليفة الأموي الأول ، مدة حكمه 661 – 680 م ، انتهت خلافته عام 60 هجرية بوفاته ، عن 78 عاما ، هذه الشخصية تعتبر من أهم الشخصيات السياسية الخلافية والمثيرة للجدل في التأريخ الأسلامي !! .
وحتى نبين دور معاوية في التأريخ السياسي لتلك الحقبة ، لابد لنا أن نستعرض أهم المراحل في حياته قبل أسلامه ، وسيرته في حقبة الرسول ، ومن ثم دوره بعد نهاية الدعوة المحمدية ، وسأبين جانبا من دور يزيد بن معاوية / أبنه ، في الأحداث ، لأستكمال هيئة المقال الكلية ، ثم سأسرد قراءتي الشخصية للمقال .
النص :
1 . الأتي بعض الأضاءات حول شخصية معاوية / في زمن الدعوة المحمدية :- أولا – كانت بداية ظهور أسمه من خلال درجه في رهط المؤلفة قلوبهم ، وأرى هذا هو الظهور الأهم من حيث المنفعة الشخصية المادية ، ولما يتمتع به من تأثير وقوة ومكانة ومنزلة في قريش ، و ” المؤلفة قلوبهم ” ، هي جماعة مؤثرة قبل قوة عرى الدعوى المحمدية ، والتي ألغاها الخليفة عمر بن الخطاب ، ويعتبر ( معاوية وابوه ابو سفيان بن حرب من اشهر المؤلفة قلوبهم في التاريخ الاسلامي ، اظهرا العداء لمحمد و لدينه ، لكن ابو سفيان اظهر ايمانه رياء لمحمد بعد ان اشترى محمد ولاءه بالمال و التهديد بالسيف ، نقل من موقعwww.ssrcaw.org )
، وقد جاء في موقع / أهل القرأن بخصوص المؤلفة قلوبهم ، أيضا ( في قوله تعالى ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم”../ التوبة :60 ” ، الشيوخ قالوا ، أنهم المسلمين الجدد لترغيبهم في الإسلام أو من يُرجى إسلامهم من الكفار أو اتقاء شرهم وتجنيب الدعوة خطرهم ولو كانوا من الأغنياء .. ) ، ثانيا – وكذلك أتت منزلته ، من حديث الرسول حول أمان وأهمية دخول بيته ، حيث قال الرسول : ( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن / رواه مسلم ) ، بالأضافة الى كل ذلك ، ثالثا – هناك أهمية خاصة للمعارك التي خاضها معاوية بن أبي سفيان / قبل أسلامه ، ضد الرسول والتي هي ليست موضوع المقال ! .
2 . بعد أنتهاء حقبة الرسول محمد ودعوته ، أسرد فيما يلي بعض الأضاءات حول دور معاوية في الأحداث :- أولا – معركة الجمل 36 هجرية ، ويذكر محمد باقر المحمودي في” نهج السعادة ” ، ما يلي ( أن لمعاوية الدور الأهم في تشجيع أهل الجمل على مقاتلة علي بن أبي طالب رغبةً في الملك والجاه وينقل رسالة معاوية التي خاطب بها الزبير بن العوام قائلا : فإني قد بايعت لك أهل الشام فأجابوا واستوسقوا كما يستوسق الجلب ، فدونك الكوفة والبصرة ، لا يسبقك إليها ابن أبي طالب ، فإنه لا شي بعد هذين المصريين ، وقد بايعت لطلحة بن عبيد الله من بعدك ، فأظهرا الطلب بدم عثمان ، واعدوا الناس إلى ذلك ، وليكن منكما الجد والتشمير ، أظفركما الله وخذل مناوئكما ) . ثانيا – وكذلك دوره في معركة صفين سنة 37 هجرية / رفع المصاحف ( بعد أن فشلت محاولات عزل معاوية من قبل علي من خلال الكتب التي بعثت إليه ، عزم علي على الجهاد ومقابلة معاوية ، فدعى الإمام علي أصحابه من المهاجرين والأنصار ثم خطب بالناس خطبة الجهاد ، وفي المعركة ، عندما أخذ النصر يرفرف على معسكر الإمام علي حتى التجأ الطرف الآخر وبإشارة من عمرو بن العاص إلى رفع المصاحف فانخدع بعض العسكر عن استمرار المعركة بهذه الحيلة ، وأدّت هذه الخديعة إلى قضية التحكيم بينهما وانتهت المعركة من دون نتيجة .. / نقل بتصرف من ويكي شيعة ) ، ثالثا – ودوره في قتل الحسن بن علي بن أبي طالب بالسم ، ( كانت وفاة الحسن ، في سنة 49 هـ وكان مريضاً أربعين يوماً ، وكان سنه سبعاً وأربعين سنة ، دس إليه معاوية سماً على يد جعدة بنت الأشعث زوجة الحسن وقال لها : إن قتلتيه بالسم فلك مائة ألف وأزوجك يزيد ابني . فلما مات وفى لها بالمال ولم يزوجها من يزيد وقال : أخشى أن تصنعي بابني ما صنعت بابن رسول الله / شرح النهج:16/11) . 3 . أما دور بعض الخلفاء الأمويين / الذين أستخلفوا بعد معاوية ، فكان الأفظع تأريخيا ، وفيما يلي بعض الأضاءات بخصوصهم :- أولا – قتل الحسين بن علي بن أبي طالب – معركة الطف ، في عهد يزيد بن معاوية ، ونحر رأسه ، فقد جاء موقع / منتديات غرفة الغدير ، ما يلي ( قتل الحسين 61 هجرية .. ناجى الحسين ربه بكل مشاعر قلبه ، ثم جاء إليه الخولي بن يزيد الاصبحي ليحتز رأسه فأرعد وضعف ، فقال له سنان بن انس : فت الله في عضديك وابان يديك ، ثم نزل إلى الحسين فذبحه واحتز رأسه . وفي رواية ان الذي احتز رأسه شمر بن ذي الجوشن … وانتهت الواقعة بحرق خيام الحسين واقتياد نسائه وأطفاله اسارى إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة ومن ثم إلى يزيد بن معاوية في الشام .. ) . ثانيا – ضربت الكعبة في بداية العهد الأموي مرتين ، فقد جاء في موقع / منتدى الكفيل ، ما يلي ( ضرب الكعبة بالمنجنيق : ضرب الأمويون الكعبة بالمنجنيق مرتين واحرقوها خلال حكمهم الجائر ، وذلك في زمن يزيد بن معاوية بقيادة الحصين بن النمير ، عام 64 هجرية ، ومن ثم في زمن عبد الملك بن مروان بقيادة الحجّاج بن يوسف الثقفي ، عام 73هجرية ) .
القراءة :
1 . معاوية ، رجل بالرغم من انه من صحابة الرسول ، ومن كتاب الوحي ولكن شخصيته مثيرة للجدل ، داهية وبارع منتهز للفرص جرئ ، وقد جاء في موقع / صيد الفوائد بحقه التالي ( لعل الصحابي معاوية بن أبي سفيان يعد من أكثر الشخصيات الإسلامية التي دار حولها الجدل في التاريخ ، فقد اختلفت فيه المواقف وقامت حول تقييم شخصيته معارك فكرية طاحنة ، وزاغ فيه طرفان : طرف غلا في حبه والانتصار له ، وطرف غلا في بغضه وكرهه والتحذير منه ، بل وصل إلى الحكم عليه بالكفر والنفاق !! . ) ، ومعاوية منذ بداياته كان من المستفيدين من الأسلام / سهم المؤلفة قلوبهم ، وأثناء خلافة عمر بن الخطاب ، تمادى في طمعه ، فكشف عمر دوره في السرقة واللصوصية ، ( راجع محاضرة للداعية السعودي عائض القرني على اليوتيوب ، يتكلم عن لصوصية معاوية بن أبي سفيان https://www.youtube.com/watch ) .
2 . أسس معاوية لشخصه ولعائلته ولأقربائه ومن ثم لقومه دورا محوريا في التأريخ السلطوي ، حتى أرى أن الخلافة الأموية ، التي وضع بذرتها ، أوجدت حكما وسلطة وخلافة ، ذا طابعا دنيويا صرفا ، فهو أسس للدين الأموي القائم على الحكم القهري ، وهو أول من أوجد التداول الوراثي للسلطة . وكان أبعد ما يكون عن الرسول ومن صحبته !! ، لأنه أول من فتك بأهل الرسول ، فهو قاتل أبن عمه علي بن أبي طالب ، ثم قتل حفيده الحسن بالسم ، ثم أبنه يزيد قتل حفيد الرسول الحسين ، وهكذا توالى الفتك بأل الرسول ، لذا بعض المصادر حكمت بكفره / معاوية ، فقد جاء في موقع / المعرفة : ( من دلائل كفر معاوية وعدم إيمانه وجواز لعنه ، فهي كثيرة ، ومن سيرته وسلوكه ضد الإسلام والمسلمين منها قوله تعالى : ” وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً ” ، فقد ذكر العلامة الثعلبي ، والحافظ العلامة جلال الدين السيوطي في الدر المنثور ، والفخر الرازي في تفسيره الكبير ، نقلوا في ذيل الآية الشريفة روايات بطرق شتى ، والمعنى واحد وهو أن الرسول رأى في عالم الرؤيا بني أمية ينزون على منبره نزو القرود ، فساءه ذلك ، فنزلت الآية ، فبنوا أمية هم الشجرة الملعونة في القرآن والمزيدة بالطغيان . ) . 3 . بعض المصادر ، ألحقت الألحاد والزندقة بولد معاوية / يزيد بن معاوية ( 680 – 683م ) – ثاني الخلفاء الأمويين ، فقد جاء في موقع / الأشعاع الأسلامي ، أنقله بتصرف : ( فاستنكف المسلمون أن يدخلوا تحت طاعة رجل لا يؤمن بالله و لا بالرسول ، و يحمل عقيدة الإلحاد و الزندقة ، كما صرّح بذلك يوم قال :
لَعِبَتْ هاشمُ بالملك فلا *** خَبَر جاء و لا وحي نزلْ ) أما في حادثة مبايعة يزيد / حين رفضت ” المدينة ” مبايعته ، فقد جاء في الموقع التالي – نقل بتصرف https://www.facebook.com/Atheists ( هاجم جيش يزيد المدينة ، أهل المدينة ، ثم انهزموا فيما سمى بموقعة ( الحرة ) عام 683م فأصدر قائد الجيش أوامره باستباحة المدينة ثلاثة أيام قيل أنه قتل فيها أربعة آلاف و خمسمائة ، وأنه قد فضت فيها بكارة ألف بكر ، و قد كان ذلك كله بأمر يزيد إلى قائد جيشه ” مسلم بن عقبة ” ، الذي أمر ب : ادع القوم ثلاثا فأن أجابوك و إلّا فقاتلهم ، فإذا ظهرت عليها فأبحها ثلاثاً ، فكل ما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند ، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس .. ) . فمن خلال هذه المفاصل لا أرى أي دعوة ولا عقيدة ولا أي قدر لصاحب الدعوة ولا لأهل بيته !! ، أنما كان هناك سلطة وقوة وحكم ، وكان هناك جهود حثيثة لبناء البيت الأموي .
4 . ولكن الخليفة عمر بن عبد العزيز ( 61هـ\681م – 101هـ\720م ) ، يعتبر الأستثناء أمويا وقد عدَّ كثير من العلماء عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله من مجددي هذا الدين ، عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ الرَسُولِ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا ) / رواه أبو داود ( 4291 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
الخاتمة : لم يكترث معاوية في سيرته ، لا لمكانة الرسول ولا للعقيدة الأسلامية في بنائه المؤسس لحلمه الأموي للحكم والسلطة ، كما رأينا بما ورد في أعلاه من أحداث ، فلمعاوية غاية أراد نيلها ، وحقق هدفه مطبقا عمليا المبدأ الميكافيللي ” الغاية تبرر الوسيلة ” ، فهو أفضل وأحكم وأدق من طبق هذه المقولة ، ولم يكترث في سيرته وسيرة الأمويين عامة ، بمن يكون المقتول ، وبيد من سيقتل ، وكيف سيقتل ، وبأي طريق شنعاء كانت ! فهو مبرمج سلطويا ، ومؤمن بأن عهد وحقبة الرسول محمد أنقضت ، وأنقضت رسالته معا ، وما تبقى هو كيفية الوصول للسلطة والبقاء فيها وتأسيس ركائز دولته ، وكيفية حياكة المؤامرات والخدع من أجل النصر ، كما رأينا في حدث ” رفع المصاحف ” في معركة صفين 37 هجرية ، السلطة والحكم عند معاوية بن سفيان ، هي الدين والدنيا !! .