فجأة كشف «حزب الله» عن إطلاق مقاتل له كان أسيرا لدى «جبهة النصرة» مقابل إطلاقه سراح عنصرين للجبهة كانا موقوفين لدى الحزب. هكذا، ومن دون مقدمات، هلل إعلام الحزب لـ«نصر إلهي» جديد؛ فكل ما يقدم عليه (بحسب إعلامه) هو الانتقال من نصر إلى آخر.
لكن رغم الهالة الاحتفالية بما يُفترض أنه إنجاز، تعثر إعلام الحزب وذاك الناطق باسم الممانعة بنسختها اللبنانية في توصيف الجهة الخاطفة التي كانت تأسر المقاتل المحرر؛ فتارة هم «مسلحون»، وطورا هم «جيش حر»، وأحيانا هم «نصرة». بدا هذا الارتباك في تحديد الجهة التي تفاوض معها جزءا من ارتباك أكبر يقترن بكل ما يفعله «حزب الله» في سوريا، وهو غالبا ما تُوضع له عناوين مبهمة.
بدا الخطاب التبريري للمبادلة مع جهة حرم الحزب على الحكومة اللبنانية التفاوض معها خطوة متناقضة تستخف مرة جديدة بالدولة أو بما بقي منها. فـ«حزب الله» قفز فوق شروطه وتقريعه لتفاوض الحكومة اللبنانية مع «النصرة» بغية إطلاق الجنود المختطفين لدى الجماعة. وها هو قد فاوضها وعقد صفقة معها لا نعرف وقائعها، وأطلق عنصرا له واحتفل به على مرأى ومسمع أهالي الجنود المختطفين.
ما تفاصيل تلك المفاوضات التي أجراها «حزب الله» مع «النصرة»؟! ولماذا أطلق القضاء اللبناني في الأيام التي سبقت هذه العملية سراح أشخاص يُعتقد أنهم مرتبطون بالجهات التي أسرت الجنود اللبنانيين؛ فهل كان لذلك صلة؟! وكيف لم يعد تحرير الجنود «إسقاطا للبلد» على ما كان قاله نائب الحزب محمد رعد، حين انتقد فتح باب المفاوضات بين الدولة و«النصرة»؟ ولماذا مقايضة الحكومة لجنود بمساجين أمر انهزامي ممنوع، كما قال الأمين العام للحزب، فيما المبادلة التي أقدم عليها الحزب مسموح بها.. ما الفرق بين الحالتين..؟!
أسئلة كثيرة تشي بكم تمكن «حزب الله» من تطويع الحكومة لتغطية قتاله في سوريا، فها هي الحكومة اللبنانية تتعثر مرة عاشرة في هذه المسألة، فتسلم بأن إطلاق مقاتل للحزب خطف داخل الأراضي السورية يتقدم على تحرير جنود دافعوا عن الحدود اللبنانية وعن لبنانيين. ليس بالإمكان عدم المقارنة بين الصفقات الجارية، فقد فرض «حزب الله» أجندته، وعجزت الحكومة عن أداء أي دور سوى تأمين الغطاء له. وفيما كان إعلام الحزب يحتفي بالمقاتل العائد، كان أهالي الجنود يغرقون في مشاعر التخبط إزاء مصير أبنائهم الذين تبين لهم أنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
هنا ينكشف كم أن لبنان خارج حسابات الحزب. وما محاولات القول إنه من غير الواقعي ربط مسألة الجنود بمقاتل الحزب، كون الجهات مختلفة، وكون الدولة هي من يتولى المفاوضة بشأن الجنود، سوى خبث خالص.
فكيف بات «حزب الله» خارج الدولة وهو مالك قرارها ومسيّره..؟!
يشبه التلاعب هذا تلك الصور الكثيرة التي تملأ طرقات الضاحية والجنوب وبعض البقاع، لشبان قتلوا في معارك الحزب في سوريا. صورهم ونعواتهم تقول لنا إنهم ماتوا «شهداء».
لا نعرف أين ولماذا وكيف..؟!
تكتُّم الحزب على دوره في سوريا يطرح على لبنان مزيدا من التحديات والمخاطر، ذلك أن حزبا لبنانيا يقاتل هناك لا يعرف اللبنانيون حجم مشاركته وحجم خسائره وطبيعة مهمته.. على اللبنانيين أن يحصدوا النتائج من دون أن يستشاروا في المهمة.. نعم، دفع اللبنانيون نتائج ذلك من أمنهم وأرواحهم كما يدفع السوريون.. وها هم جنود الجيش اللبناني المختطفون لدى التنظيمين الإرهابيين جزء من الثمن الذي دفعناه وندفعه. مع إضافة أن لـ«حزب الله» الحق في أن يفاوض في إطلاق مقاتليه، ولا تملك الحكومة الحق في التفاوض لإطلاق جنودها.
diana@asharqalawsat.com
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** فوز عون وسلام … صفعة أخرى لمحور المتعة والكبتاغون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل جحيم كاليفورنيا … عقاب رباني وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- ** فوز عون وسلام … صفعة أخرى لمحور المتعة والكبتاغون **
أحدث التعليقات
- تنثن on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- Hdsh b on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟
١: أقول كل المباديء تنتحر عندما تجوع البطون ، كما تنتحر كل المبادئ عندما تتعفن الضمائر والعقول ؟
٢: ساذج من يصدق رجل دين يمتهن السياسة ، وساذج أكثر من يصدق طاغية يدعي أنه أمير المؤمنين ؟
٣:بكل أسف هذا ديدن غالبية رجال الدين المسلمين (فالحقيقة الاسلامية كذبة كما الحرب خدعة ) فهل من شجعان يقرونها ، بكل تأكيد نعم فهنالك اليوم كثيرين ، فزمن القطيع قد ولى كما ولى زمن الضحك على العقول والذقون بأسم ألله والدين بفضل العم كوكل والمسلمين المتنورين ، سلام ؟