ثمة حرب دائرة بين إثيوبيا والكاميرون. ليست قبلية، ولا طبعا حدودية كباقي الأفارقة، ولا رياضية.. فأهل الكاميرون لكرة القدم والإثيوبيون لسباق المائة متر، وما فوق. لن تصدق ما هو سبب الحرب: ألكسندر بوشكين، شكسبير روسيا، وسرفانتس اللغة الروسية.
ما العلاقة بين «معلم» الأدباء الروس، ودولة في القرن الأفريقي وأخرى في غرب أفريقيا؟ أعمق مما قد يخطر لك. كلتاهما تدعي أصوله. وطالما فاخر بوشكين بدمائه الأفريقية الحارة، لكنه لم يحدد تماما من أين جاء جدّ جدّه، الذي تبناه القيصر وجعله جنرالا في الجيش لشدة ذكائه. لكن الخبراء الروس اتفقوا في تلك المرحلة على أن الرجل ولد في إثيوبيا. وأفرح ذلك الإثيوبيين أيما فرح واعتزاز، ولو أن المسألة تتعلق فقط بجد الجد.
لكن بما أن بوشكين أسطورة لا يكف الروس عن البحث في جذورها، فقد توصل صف جديد من العلماء إلى أن بوشكين، الجد، ولد في لوغون – برني، الواقعة اليوم في بلاد تدعى الكاميرون. يا ساتر!.. دارت رحى الحرب ومثل كل حروب أفريقيا – أعدك – لن تتوقف. ولأن أكاديميا أفريقيا يدعى ديندونيه غتافكو أيد وجهة نظر الكاميرونيين، فقد هاجمته زمرة من الشبان الإثيوبيين في شارع موسكو وحاولوا خنقه.
عندما يصل مستكشف إلى قطب متجمد ما، أو غابة ما، يسارع إلى رفع علم بلاده تأكيدا للملكية. هكذا فعل الإثيوبيون والكاميرونيون. ارتفعت تماثيل بوشكين في عواصم البلدين، وتحت كل واحد منها لوحة تؤكد أن جد جد الشاعر ذهب إلى روسيا من هنا.
كم من أبناء البلدين قرأ الشاعر الروائي الناشر ومؤلف الأوبريتات، الذي قتل عن 37 عاما في مبارزة من أجل شرف امرأته؟ التخمين ليس صعبا. لكن من السهل استثمار الاسم في تجارة أخرى، كما فعل الروس. فلم يبق شيء إلا ووُضع اسم بوشكين عليه: سجائر، قناديل، أحذية، ساعات، سكريات، أقلام، دفاتر، محابر، سكاكين، مزهريات، فناجين، مراوح هوائية، عطور، وألعاب تسلية من نوع «مبارزة بوشكين».
أحبه الشيوعيون، وأحبه المحافظون، وأقيم له أجمل متحف في بطرسبرغ. وحاول كل فريق أن يدعي نسبه الفكري أو السلالي. وحاول جنابك أن تقرأه، سوف تعرف لماذا. لأنه كان شاعرا رائعا أو ساحرا في الشعر.