حدثني ذات مرة صديق عاشق عن مأساته في الحب, والتي جعلت منه إنسان مختلف لا يمت بصلة إلى ذلك الإنسان المحب, كان يعشق فتاة حد السكر, وجد فيها كل ما يحلم به, شاركته الأحلام ورسما معا مستقبل حياتهما, كانت الصباحات جميلة لأنها معه, ويجمعهما الوعد والعهد بالبقاء معا, كان يعد العدة كي يتقدم لخطبتها, ليكلل الحب الكبير بالزواج, والارتباط المقدس بمن عشق, لكنها فاجئته بطلبها تأجيل الموضوع, بعد فترة انقطعت أخبارها عنه, لم تذهب لوظيفتها, كاد أن يجن من التفكير, موبايلها مغلق, أربعة أيام وهي غير موجود, نهاية المطاف جاءته تخبره بأنها قد خطبها موظف كبير في وزارة الخارجية, وعليه أن ينساها ويتمنى لها الخير, أن كان يحبها.
وكم حدثني صديقي عن مقدار الصدمة التي حصلت له, كأن صاعقة وقعت عليه, او أن قطار قد دهسه, لم يصدق ملاكه البريء يفضل الدولارات على الحب؟ هل يعقل أن ما كان بينهما مجرد وهم!
حدث هذا قبل عام, وألان يخبرني انه تعافى من جرح الخيانة, لكنه تحول الى وحش يريد أن يفترس كل النساء, فما عاد يثق بالنساء.
عاتبته لأنه هو سبب الألم الذي وقع به, فلو كان يفحص ويتأكد من حب حبيبته, لما صدمه المستقبل, أمام أول اختبار حقيقي لحبهم, وما يعيشه اليوم كردة فعل هو أيضا خطأ أخر يرتكبه بحق الأخريات, فالأمر لا يعالج بالانتقام من جنس النساء جميعا, بل عليه أن يحسن الاختيار في قادم الأيام, ويستمر بالعيش.
حديث تغير القيم وانقلاب المفاهيم, هو الحديث السائد اليوم, فالمجتمع تحول نحو مجتمع الغابة, أي أن قيم المكر والخداع والمصلحة هي السائدة, نعم الأمر ليس حكرا على النساء, بل من الرجال هو اكبر, لكن الحديث هنا مخصص عن النساء, وسيكون للكلام بقية.
●علاقات جامعية تثير الشكوك
في الغالب تحول الحب في الجامعات الى ممارسات جنسية, مجرد شهوات ومواعيد للخطيئة, مبتعدين عن فكرة الحب السامية, التي تجعل من الإنسان يحترم الحبيبة وهي تحترم ثقة أهلها وتصون نفسها, ويكون تفكير الحبيبين في بناء أسرة, وتكوين بيت وذرية صالحة, الهوس بالجنس مع غياب الأنظمة التي تضبط حياة الجامعات, جعل الأمور تنحرف عن مسارها كثيرا, وكل من يأتي للوزارة يهمل الجانب الأخلاقي والتنظيمي, ويحصر اهتمامه فقط بالقشور, حتى انه أخيرا بدا فكر الإلحاد ينتشر بين الطلاب, في ظل غياب الادارات الفاعلة والأبوية الصالحة.
فمن تعيش هكذا أجواء ويكون الحب عندها نزوات وشهوات, وانعتاق من كل قيد, وتكون حبيبة للكثيرين, من الصعب لاحقا الوثوق بها, ولا يمكن مسامحتها عن ماضي حياتها الجامعي المثير للشكوك, أي أن الجامعات تعبث بما بنته العوائل طوال سنوات, فيكون ثمار المستقبل فاسدا.
● الحب في بيئة العمل علاقات غريبة
وفي عالم الوظيفة, تتنازل بعض النسوة عن قيمهن مقابل المنصب, او القرب من صاحب المنصب, فتذل وتضيع شرفها, مقابل منصب زائل وقرب وهمي, ويصبح الحب عندهن نسبي, فالحبيب له الحب والشوق, والمسئول يتم أرضائه للوصول للمكاسب, فهو عمل وليس حبا, جدلية تتقبلها فئة من النساء ممن غرقن بالعلاقات والخطايا.
منظومة غريبة من الأفكار, لكنها في تمدد داخل جسد المجتمع, لتصبح شيء شائع, نتيجة ضغط العولمة والطفرات التكنولوجية, مع عدم وجود بناء شخصي رصين, فتكون المرأة في الأغلب مستسلمة لعاصفة القيم المصدر لنا, عبر وسائل الاتصال, والنتيجة سلوكيات شاذة في مجتمعنا, ورويدا رويدا تصبح هي القاعدة وما خالفها هو الشذوذ!
عندها لا يمكن للرجل المتزن أن يثق بمن هي من هذا الصنف, من نساء المؤسسات الحكومية, التي تحمل هذا الفكر الشاذ عن الطبيعة, والتي تبيح لنفسها الخطيئة! تحت عنوان أعمال لتحقيق مكاسب.
● مأساة الثقة المفرطة في الحب
بعض قصص الحب كقصة صديقي, تنتهي بمأساة للرجل عندما يثق بشكل مفرط ومن دون أرضية صالحة للثقة, فتقوم الفتاة بهجر حبيبها, فور أن يتقدم لخطبتها رجل يحمل مؤهلات مالية اكبر, مما يعني أن ما كان بينهما لم يكن حبا, بل هو مجرد “تصبيرة”! حيث تبحث المرأة دوما عن رجل يهتم بها.
وبعدها تكون دوافع الهجر تحت عنوان “الدولار”, أي أن الحب عن بعض النسوة كالمزاد, يقف عند من يدفع اكثر, ويكون ضحية هذا الحب, فقط العاشق الولهان, الذي كان يرى في حبيبته العاشقة المتيمة به, فإذا به يكتشف كم كان ساذجا وتم التلاعب بمشاعره.
هنا ننبه الى أهمية التعقل حتى في الحب, ومراجعة النفس بشكل دائم, وتأسيس الثقة على أساس منطقي, بفعل التجربة والعشرة, وليس على أساس العاطفة فقط.
● الثمرة
على العشاق أن لا ينساقون فقط وراء عواطفهم, بل عليهم أن يختبروا من يعشقون, , قبل أن تزرع الثقة, فالثقة وليدة التجارب, فلا تعطى من دون مقابل, فافحص ودقق وتيقن, فالمسالة مهمة لديمومة الحب واستمرار القصة, وكي لا تعاني من جرح الهجر والمفاجئات غير السارة.