د. عماد جاد : جريدة التحرير
بات حديث الاستقواء سلاح الجماعة فى مواجهة النشطاء السياسيين من المصريين المسيحيين، فإذا ما كان الشخص المستهدف من قِبل الجماعة مسيحيا، هنا تشهر الجماعة فى وجهه فزاعة الاستقواء، تقول له أنت تستقوى بالخارج، بالغرب، أنت تحث على التدخل الأجنبى الغربى فى مصر، أنت قلت إن الأقباط مضطهدون.
يجرى ذلك دون أن تدرك الجماعة عن خصمها أى معلومة سوى أنه مصرى مسيحى، يتصورون أن المصرى المسيحى صيد سهل لهم، يعتقدون أن مجرد توجيه سلاح الاستقواء له، والتلويح له بانتمائه الدينى كفيل بردعه وتراجعه عن معارضته للسيد مرسى وجماعته. والحقيقة أن حديث الاستقواء من قِبل الجماعة لم تعد له قيمة تذكر بعد أن تأكد بالدليل القاطع عشرات المرات أن رجال الجماعة يكذبون مثلما يتنفسون.
هنا نقول إن الأقباط المصريين ليس لديهم قطعة أرض فى مكان آخر على وجه البسيطة أغلى ولا أقدس من الأراضى المصرية، ينتمون إلى هذه الأرض، يحبون الوطن ويعشقون ترابه، يرتبطون بوطنهم، رابطة المواطنة هى الأساس، وإذا كان المرشد السابق للجماعة مهدى عاكف قال «طظ» فى مصر، فإن المصريين الحق يعشقون تراب بلدهم، قال عاكف إنه لا يمانع من أن يتولى ماليزى حكم مصر، ونحن نقول له لا نقبل أن يتولى غير مصرى حكم مصر.
نحن نتحدث عن الوطن والمواطنة، وسبق للبابا شنودة أن قال «إن مصر وطن يعيش فينا لا مجرد وطن نعيش فيه». وإذا عدنا إلى حديث الاستقواء فسوف نجد أن تيار الإسلام السياسى بصفة عامة وجماعة الإخوان المسلمين بصفة خاصة هم أصحاب نظرية الاستقواء، تحدثوا عن ضرورة نصرة الإخوان فى أى مكان، التوجه للجهاد إلى جانب الإخوان، شاركهم الأمريكان فى ضرورة نصرة الإخوان فى أفغانستان، طالبوا بفتح الباب للجهاد فى أفغانستان، واشترك كل من الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، والمصرى أنور السادات والباكستانى ضياء الحق معًا، كما أسهم رئيس المخابرات السعودية فى تشكيل تنظيم المجاهدين للذهاب إلى أفغانستان للقتال إلى جانب الأفغان ضد القوات السوفييتية. بعد ذلك تعالت الأصوات لنصرة الإخوان فى البوسنة، ووجدنا دعوات التطوع للقتال إلى جانب أهل البوسنة، ومن بعدها كوسوفو ثم الشيشان، استندت كل هذه الدعوات إلى نصر الإخوان من منطلق الرابطة الدينية. والسؤال هنا: أليس الحديث عن نصرة غير المصريين على أساس الدين يعد استقواء؟ الاستقواء هو أن تدعو إلى العمل المشترك والتعاون على أساس الرابطة الدينية، على نحو يعبر الحدود ولا يتوقف أمام رابطة المواطنة ولا يعترف بحدود وطنية ولا سيادة. والاستقواء أيضا هو الاستعانة بقوى غير مصرية من أجل فرض السيطرة والتمكن مقابل تحقيق مصالح هذه الأطراف غير المصرية، ولو على حساب مصالح الوطن، الاستقواء على الوطن وعلى المواطنين هو إبرام الصفقات مع الإدارة الأمريكية من أجل الفوز بانتخابات مثيرة للجدل قد تنطوى على عكس النتائج، مقابل التعهد لواشنطن برعاية مصالحها فى المنطقة بداية من الإقرار بمعاهدة السلام مع إسرائيل وصولا إلى تعهدات بتطبيق خطة إقليمية لتبادل الأراضى، يجرى من خلالها حل القضية الفلسطينية على حساب الأراضى المصرية، خطة تبدأ بإرساء مبدأ تبادل الأراضى مع السودان الشقيق عبر منحه حلايب وشلاتين أولا ثم يرد الأشقاء فى السودان بمنح مصر قطعة من الأرض. هنا يتم إرساء مبدأ تبادل الأراضى، وهو المبدأ اللازم لتطبيق الخطة الأمريكية الإسرائيلية المشتركة التى وضعها الجنرال الإسرائيلى، جيورا إيلاند، مستشار الأمن القومى لرئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق آرييل شارن، قطعة من أرض الوطن، من أرض الفيروز، لتوسيع قطاع غزة وجعله الوطن الفلسطينى البديل، فإسرائيل تريد ضم معظم الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، تريد إنهاء قصة الصراع العربى الإسرائيلى وإغلاق الملف نهائيا، فجاءت قصة تبادل الأراضى بين مصر، فلسطين، إسرائيل، الأردن، تدفع مصر الثمن الرئيسى قطعة من أرضها، وفى المقابل تحصل على تعويض مالى قدره سبعين مليار دولار تحل من خلاله مشكلاتها الاقتصادية. تقوم الجماعة لتنفيذ المخطط مقابل دعم أمريكى مطلق لتمكن الجماعة من السيطرة على السلطة والحصول على تعويض مالى لتمويل مشروع النهضة التى قالوا إنها إرادة شعب، ثم تحولت إلى مشروع لبيع قطعة من أرض الوطن.