سيارة ميرسيدس سوداء لا تشبه السيارات الأخرى، وقفت أمام كاميليا، وهي تعد نقودها لتدفع ثمن الجارنك. خرج من السيارة عدد من الأوباش، حاولوا غصبها على الذهاب في «مشوار» مع قائدهم زير النساء، أحد أقرباء حافظ الأسد.
ولكن ابو مصطفى، الذى رأى المشهد من محله الصغير لبيع الغاز، انتبه فوراً، وخرج على «المرافقة» الخسيسة تلك، حاملاً بيده أداة معدنية طويلة، وصرخ أبو مصطفى بوجه حثالة ذلك المسؤول (الذي كان في بدايات تاريخه الإجرامي في وقتها)، هربت السيارة بسرعة البرق بمن فيها.
بعد أذان صلاة العصر، وقبل ان يقفل محله المتواضع ليعود الى داره في حي المهاجرين الفقير، عادت السيارة نفسها لترغم أبو مصطفى على الذهاب في مشوارها، لتقوده الى مصير لا يزال حتى هذه اللحظة مجهولاً. أدركنا كلنا، والدرس كان لمدينتنا، أن شهامته ونخوته وشجاعته وقعت باهظة الثمن عليه وعلى عائلته، وعلى كاميليا وأهلها وصديقاتها. فقد اختفى الرجل، وخُتم محله بالشمع الأحمر، وأُخرجت الفتاة المتفوقة بالرياضيات من المدرسة، وفي ظرف أسابيع هاجرت مع أهلها الى كندا، وتزوجت من أول من طلبها. كان زوجها مهندساً مهاجراً أيضاً، ترك سوريا وراءه لأن المشاريع الهندسية كانت قد بدأت توزع على حسابات سريالية، تتناسب مع حجم موالاة المهندس للنظام، لا لمهارته التقنية او مفهومه لفن العمارة واحتياجات المواطن السكنية المتغيرة. عرفت بعد سنين طويلة، ان هذه الفتاة التي كانت تحب دمشق وربيعها الأبدي مثلنا كلنا، أصرت ان تزيد على اسم جوزيف، ابنها البكر، اسم أبو مصطفى، خلال لحظة التعميد في كنيسة من الكنائس الكندية، لكي تشهر ولاءها لذكرى ذلك الدمشقي المسلم الذي اختفى أثره من على وجه الأرض حين دافع عن شرفها، ولم يختف يوماً من ذاكرتنا الجماعية.
هاجر عن سوريا خيرة أدمغتها، وأصبحوا من أنجح الأطباء والعلماء والباحثين والمهندسين والعاملين في مجالات الكمبيوتر والفن والموسيقى والغناء والشعر والتمثيل والسينما والكتابة والصحافة والفن الفوتوغرافي في العالم، وأصحاب مطاعم ومعامل تنتج الحلويات وكل ما بقي لنا من ذاكرة المائدة السورية العامرة. والجاليات السورية المهاجرة، يهودية كانت أم مسيحية أم مسلمة، لم تنس جذورها، ولن تنسى مسؤوليتها، في إعادة إعمار وطننا حين تزول عنه هذه الفترة الوجيزة من تاريخنا الطويل. سيتكاتف كل سوري حر ليبني وطناً يليق بحضارة هي ملك كل سكان الارض، لا مزرعة لآل الأسد والمخلوف وشاليش ونجيب وغيرهم، وأعوانهم من المماليك السنة والشيعة، الذين اغتصبوا نساءنا ودمروا بيوتنا وبتروا أعضاء أطفالنا، ولكنهم لم يهزموا الحلم المستقبلي القادم.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :