كان الرجل الوطني الشجاع، #رياض_الترك، أولَ من أطلق على #حافظ_الأسد، في سنة 2000، لقب “#الديكتاتور”، قالها علناً، جهاراً، في اتصال هاتفي مع قناة الجزيرة. وعلى إثرها، أعاده الوريثُ القاصر بشار الأسد إلى السجن، ليصبح سجنُه أطولَ من سجن الزعيم الأفريقي، نيلسون مانديلا، بقليل، وأشدَّ منه قسوةً وضراوةً، بكثير.
وكان الشاعر الظريف، لقمان ديركي، أولَ مَنْ انتبه إلى أن المعلق الرياضي، #عدنان_بوظو، يحشر اسم حافظ الأسد في أية #مباراة لكرة القدم، ولو كان الفريقان المتباريان هما خان شيخون وأبو حردوب، فيقول، بين كل هجمتين فاشلتين، أو شوطتين عشوائيتين، أو فاولين بدائيين، إن حافظ الأسد هو الراعي الأولُ للرياضة والرياضيين في هذا القطر العربي، الصامد في وجه الصهيونية والإمبريالية والمؤامرات الرجعية، وهو الذي قال في أحد خطاباته التاريخية: إني أرى في الرياضة حياة.
وأما في المباريات الدولية، فكان الهدف (الجووول) الذي يحرزه أيُّ لاعبٍ من المنتخب الوطني السوري، الذي قلما يُحرز أهدافاً، يجعل عدنان بوظو يصيح بالمقلوب: جووول، جووول لسورية الأسد. وما ينفكّ يصيح الأسد، الأسد، الأسد، حتى يُخَيَّلُ للمتفرجين أن حافظ الأسد هو الذي أجرى الحركةَ الأكرُوباتية التي تُسمى “دبل كيك”، وسجل الهدف الرائع في مرمى خصوم سورية، قلبِ العروبة النابض.
بعد حوادث الإخوان المسلمين، وحزب الطليعة الإسلامي، والتي ابتدأتْ بمجزرة مدرسة المدفعية 1979، وقُضي عليها تماماً بمجازر أحياء حماه وسجن تدمر 1982، بدأت الطغمةُ الحاكمة في سورية بترفيع شخصية حافظ الأسد، تدريجياً، من مرتبة “قائد المسيرة” إلى مرتبة “القائد المُلْهَم”. ومن هنا، وبحجة هذا الإلهام، بدأت في سورية و(لبنان المُسْتَعْمَرة) مرحلةٌ جديدة مما يُعرف في أدبيات السياسة باسم “عبادة الفرد”، فعدا عن المسيرات الجماهيرية العفوية التي يُخرَجُ الناس من بيوتهم بالقوة للمشاركة فيها، والهتاف بحياة الأسد المغوار، كان هناك مفهوم اسمه عطاءات القائد، وتوجيهات القائد، حتى أصبح مشاهدو نشرات الأخبار السورية يعتقدون أن سورية قبل الأسد لم يكن فيها ثروة وطنية، ولا ناتج قومي، وإنما هناك قائد له جيب كبير يمدّ يده إليه كل دقيقة، ويأخذ كمشةً من المال و(يعطيها) للشعب المسكين، وأن المسؤولين السوريين يجلسون في مكاتبهم، منذ الصباح إلى حين أن تأتيهم توجيهات القائد، فيعملون بها، إذ لم يكن هناك خبر محلي يبدأ بغير عبارة: بتوجيه من السيد الرئيس حافظ الأسد، أصدر فلان الفلاني قراراً يقضي بكذا وكيت…
في أواسط الثمانينيات، بدأ شبان وبنات من الحزب القومي السوري تنفيذ عملياتٍ انتحاريةٍ في جنوب لبنان، ضد أهدافٍ عسكريةٍ إسرائيلية، وكنا نُفاجأ بأن الواحد من هؤلاء الانتحاريين يقول، في تسجيل الفيديو، قبل العملية: أهدي شهادتي هذه للسيد الرئيس حافظ الأسد. ومن يومها، درجت في سورية، ضمن مشروع عبادة الفرد، عادة الإهداء للقائد، فالشاعر الذي يحصل على المرتبة الثالثة في المسابقة الشعرية التي تجريها رابطة الشبيبة في بلدة “ضَهْر الكرّ”، يقف أمام الكاميرا التلفزيونية. ويقول: أهدي هذه الجائزة للقائد حافظ الأسد، وكذلك الحال بالنسبة للفلاح الذي يجيد زراعة البقدونس، وطالب الضابط الذي يحصل على المرتبة الأولى في اختبارات الكلية الحربية، والفريق الذي يفوز بالمسابقات التثقيفية ضمن برنامج حماة الديار الذي يذاع من إذاعة صوت الشعب، حتى إن أحد الظرفاء روى لي حكايةً دوّنتها في كتابي “قصص وحكايات وطرائف من عصر الديكتاتورية في سورية”، ملخصُها أن ملاكماً سورياً رُشح للمشاركة في مونديال سيول 1988، فذهب إلى هناك، بتوجيهٍ من راعي الرياضة والرياضيين، وفي أول مشاركة له، أول “راوند”، لَكَمَهُ خصمُه، الملاكم الكولومبي، لكمتين أصعب من فراق الوالدين، فنزل مغشياً عليه، وعندما استيقظ وجد الكاميرا التلفزيونية أمامه، فقال:
– أهدي هذا “الراوند” للسيد الرئيس المناضل حافظ الأسد.