جواباً لسؤال جرئ الحلقة 407 الأخ رشيد

mohamedbarziفي وقت متأخر من الليل ، كنت أتفقّد بريدي الالكتروني فكان مما وجدت به مقاطع فيديو ، ومنها مقطع لمسلسل بعنوان سؤال جرئ رقم ( 407 ) فدفعني الفضول بعد قراءة عنوانه لمتابعته .
كان عنوان الحلقة يدور حول قوله تعالى ( إن الله لايهدي القوم الكافرين ) ( الظالمين ) ( الفاسقين ) وكانت بمثابة ردّ على الشيخ عدنان ابراهيم في تعليقه على مناظرة تمّت بين المدعو ( الأخ رشيد ) والشيخ طاهر المصري ، تحت عنوان ( هل القرآن الكريم كلام الله ) وكأن رشيد يريد أن يثأر بذلك من المرحوم أحمد ديدات في إحراجه للقس سواجارت عندما تحداه في مناظرة أن يثبت أن الإنجيل الذي بين ايديهم هو كلام الله ؟ ثم يجزم الاخ رشيد بأن القرآن الكريم لايمكن أن يكون كلام الله،
لأسبابه الكثيرة ومنها : الأخطاء اللغوية ، الأخطاء العلمية ، اللغة البشرية ، ثم ذكر أسباباً هي أقل من أن تذكر .
وكان ردّ الشيخ عدنان ابراهيم على ذلك ردّاً باهتاً ومتلكئاً ومتعثراً في كثير من الأحيان وخلال خطبتين للجمعة أطال فيهما الكلام ، وكان تركيزه على أنه تلقّى رسالة استغاثة واستصراخ من أحد الأخوة المحبين ؟ وأحال الى رزمة من الشبهات التي يثيرها أحدهم في وجه كتاب الله ليثبت بشرية القرآن ، ثم ينتقد بالإشارة الشيخ المصري على عدم قدرته على المناقشة لضعف حجته ، وكان الأولى به أن يقدّم غيره لينوب عنه في هذه المهمة ، ومن ثم ليقع عدنان ابراهيم نفسه بالمطب الذي وقع به غيره والذي عابه عليه ؟ لقد فشل هو أيضاً في الدفاع عن الفكرة التي تصدى لها ، والتي استجاروه واستصرخوه لأجل نصرتها ولم يسعفه تنقّله خلال الخطبة واستعماله لكل المقامات الصوتية عبر الموجات الطويلة والقصيرة ، وذلك بعدما قرّر بأن :
– الهداية نوعان : هداية عامة ، وهداية خاصة .
والهداية العامة تنقسم الى قسمين ١- هداية عامة تكوينية ٢-هداية عامة تشريعية وَحْيَانِية نسبة للوحي ؟ والهداية الخاصة لا يحظى بها إلّا الذين تضوؤوا بأضواء الهداية العامة ، ثم يتعرّض لموضوع الجبر والاختيار وأن ذلك متعلق بالهداية العامة ، ثم يقول جواباً على سؤال : لماذا لم يهدي الله هؤلاء بالهداية العامة ؟ وهنا ينزلق عدنان ابراهيم الى خطأ جسيم في قوله : نقول يافيلسوفنا هو لايفعل هذا حتى ( لا يسلبهم اختيارهم ) هل أنت موافق على هذا ؟
وأنتقل هنا الى الاخ رشيد ، والذي حاول هو الآخر استعراض كل مخزونه الثقافي واللغوي والعلمي والفلسفي أمام مرآته الخادعة ، لتغريه بالتمادي في اسئلته التي يتخبط بها ، ويغرق فيهاويبحث عن منقذ من ذلك ، فلا ير إلًا تكرار ما اجتزأه من آيات القرآن الكريم ، ثم يتساءل بذكا مصطنع : لماذا يخلق الله الناس ولا يهديهم ثم يدخلهم الى جهنم ؟ وحسب نزاهته الإصطناعية كان يجب عليه أن يردف ذلك بسؤال موازي : ولماذا خلق الله الناس وهداهم ثم أثابهم على هدايته لهم وأدخلهم الجنة ؟
وكان على الاخ رشيد أن يقرأ الآية كاملة عير مجتزأة وهي قوله تعالى ( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )
وحسب الآية يارشيد فالهداية قسمين ١- هداية دلالة : وهي التي تدل على الطريق الحق الواجب اتباعه امتثالاً لأمر الله عز وجل بذلك ، وتجنّب عذاب جهنم . ٢- هداية المعونة ، وهذه المعونة لا تأتي إلّا بعد الإمتثال والقبول والرضى بالهداية العامة ، عندها يكون الانسان أهلاً لهداية المعونة ، وذلك قوله تعالى( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ) ومثال ذلك من حياتنا هو : عندما يسأل غريباً صاحب محل عن مكان ما ، فيدله صاحب المحل على المكان ، فيشكره الغريب على ذلك وتقديراً لشكر هذا الغريب يخرج صاحب المحل من محله ويسير خطوات مع الغريب ثم يشير له الى المكان ، ويقول له : هذا هو المكان الذي تبتغيه تحديداً ، أمّا معنى قوله تعالى ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) فيعني بذلك هداية المعونة ، وليس هداية الدلالة ؟ لأن هداية الدلالة هي لكل الناس ، وهي في قوله تعالى ( أمّا ثمود – فهديناهم – واستحبوا العمى على الهدى ) والهداية هنا لدلالة كل الناس على الطريق المستقيم الحق الواجب اتباعه ، وهنا أعطى الله سبحانه وتعالى الإنسان حرية الإختيار في قوله تعالى ( قد تبيّن الرشد من الغي فمن شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر وما ربك بظلام للعبيد ) لأن مسؤولية الإنسان هنا اختياره ، وبذلك يكون هو من حكم على نفسه من خلال اختياره ، وهو الذي يقرّر إن كان بإمكانه تحمّل ماينتج عن اختياره من تبعات !
وعليه فمن قبل الهداية أعطاه المعونة ، أما عدم هداية القوم الظالمين فكان بسبب ظلمهم لأنفسهم بعدم قبولهم للهداية الدلالية ، وذلك قوله تعالى ( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )
ثم ينتقل الاخ رشيد الى قوله تعالى ( ألم تر أنّا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزّهم أزّاً فلا تعجل عليهم إنّما نعدّ لهم عدّاً ) والشياطين هم العصاة من الجن ، والجن الذين هم مقابل الإنس ، يقول الله سبحانه وتعالى عنهم ( وأنّا منّا الصالحون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قددا )
إن ارسال الشياطين لذلك هي مهمة ابتلاء الانسان في قوله تعالى ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون ) ولكن لاحاجة للشيطان أن يضيع وقته بالجلوس في الطريق الأعوج ؟ لأن ذلك الطريق لا يحتاج اليه ، ولذلك أكثر ماتجد الشياطين في الطريق المستقيم ليتصيّدوا رواده منه ، لقد خاطب ابليس رب العالمين ، ففي قوله تعالى ( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلّا عبادك منهم المخلصين ) لقد أقسم ابليس بعزة الله، وهذا يعني إغواء الناس ليس بفلهوية ابليس وعبقريته ؟ إنما بعزة الله عن خلقه ، وتركه لهم الخيار بالإيمان وعدم الإيمان ، وهذا هو المنفذ الذي سوف يستخدمه ابليس لتحقيق غوايته للناس ، ومعركة ابليس مع الانسان ، وذلك قوله تعالى ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) لم يترك ابليس جهة إلا أتى الانسان منها ، ولكنه هنا لم يتطرق ابليس الى جهتين عن علم منه وليس عن جهل ؟ ففي قوله تعالى ( إلًا عبادك منهم المخلصين ) فإذا أراد الله أن يستخلص لنفسه عباداً ، فلا يمكن للشيطان أن يقترب منهم ، نعم …ولذلك لم يأتهم من ( فوقهم ) ولا من ( تحتهم ) هاتان الجهتان محجورتان عليه ؟ لأن الفوق هي جهة نظر المسلم الى ربه ، للدعاء وطلبه للمعونة منه ، أما تحت فهي الجهة التي ينظر اليها العبد في حالة سجوده لله .
ولكن ماسر اغواء الشياطين للكافرين رغم كفرهم ؟ لأن الكافر ورغم كفره ، قد يعود لفطرته التي فطره الله عليها ، قد تأتيه ساعة صفاء بينه وبين نفسه ، ويتأمّل في خلق الله ونعمه ، وقد يصحو ضميره وتصحو روحه ويستيقظ عقله ، هنا ….يكون له الشيطان بالمرصاد ، لينشط شهواته ، أو ينسيه مايفكر فيه ، وقصة الوليد بن المغيرة ليست بعيدة عن هذا المضمار .
وأزّ الشيطان هو النخز بقوة مزعجة ، وهو الهز والدفع ، وعبر القرآن الكريم عن الأز بالنزغ والوسوسة كما في قوله تعالى ( وإمّا ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) وقد يأتي الأز بمعنى الطائف في قوله تعالى ( إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون )
وأخيراً يا أخ رشيد : ماذا لو ظهر لك ولكن بعد فوات الأوان ، أن ذلك الكلام الذي هو القرآن الكريم هو كلام الله ؟ وما هو موقفك من قول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى )

About محمد برازي

الدكتور محمد برازي باحث في العلوم الاسلامية والقانونية من دمشق ، مجاز من كلية الشريعة بجامعة دمشق ، دكتوراة في عقد الصيانة وتكييفه الفقهي والقانوني ، مقيم في ستوكهولم .
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

3 Responses to جواباً لسؤال جرئ الحلقة 407 الأخ رشيد

  1. صخر says:

    إلى السيدين محمد برازي وعبد القادر خطاب
    كثيرون مع فكرة أن القرآآآن ليس كتابا من عند الله وإنما من بشر وعلى الأغلب كتابا من عند محمد البشر كما قال هو عن نفسه “” وما أنا إلا بشر مثلي ومثلكم “””، والبراهين كثيرة جدا
    يا ريت تتصلوا مع الأخ رشيد وتنظما مقابلة حيٌة لنسمع رأيكما وردٌه على آرائكما
    طه حسين تحدٌى وقال أستطيع عمل قرآآنا أفضل من هذا
    وعلى موقع الناقد نرى اللأستاذ بسام درويش عامل آيات خالية من أي أغلاط نحوية مع مضمون جميل جدا
    موقع الناقد
    annaqed .com

  2. عابر says:

    اولا الدكتور لم يزد عن نصف خطبة في الرد على موضوع الهداية وهو ليس ردا مختصرا بل مسهب لطلابالعلم ولمن يحب ان يفهم
    وسبحان الله انك لم تزد على ما قاله شيئا سوى انك غيرت المصطلحات فسمية العامة هدايةالدلالة و سميت الخاصة هداية المعونة. رغم ان الخاصة نشتمل على اكثر من مجرد المعونة. لكن رغم ذلك لم تعترف بقوة الرد ناهيك انك لم تجب على اهم نقطة من كلام رشيد وهي ضيق الصدر وانشراحه.

  3. ناصر says:

    اذا كان القرآن كلام الله المكتوب في اللوح المحفوظ الموجه لعامة الناس في زمن لم يكن فيه جامعات ولا شهادات ولا لقب دكتور فهل هو بحاجة للبشر لكي يزيلوا عنه الأبهام ويبرروا عدم وقوعه في خظأ ويحاولوا تزيينه وتأويله وتفسيره وإيجاد مخرج حتى لا يتم احراج كاتبه , المفروض انه كلام بين واضح لا يوجد فيه طلاسم , وعندما يعجز الدكتور البرازي عن توضيح فكرته بعد سرد مطول يضع الله في مرتبة صاحب بقالة في الحارة , لا يخفى على القاريء العادي المحايد وجود ثغرة في الاية المشار اليها ما كانت لولا انها من عند بشر .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.