مقدمة :
ستقرأون اليوم قصة مختصرة عن طريق العِلم والإبداع والطموح والتقدّم
في الواقع ليس هناك ثمّةَ حاجة لمزيدٍ من الجدل حول فوائد العِلمْ .
فهي لم تَعُدْ أسرار مُبهمة ,إنّما وقائع ملموسة محسوسة في جميع تفاصيل معيشتنا التي تحتاج العِلم وتطبيقاتهِ ومُنتجاتهِ اللامحدودة .
ولا يسع المرء قول الجديد !
إذ لا ماء صالح نشربهُ ,لا طعام صحّي نأكلهُ ,حتى لا هواء نقي نتنفسهُ ,وبالطبع لا دواء نتعالج به بدون العِلم !
أمّا الجهلاء من أعداء العلم ,فرغم أنّهم سُعداء في جهلهم يعمهون .
لكنّهم حتماً أوّل المهرولين الى الأطباء بحثاً عن علاج يشفي أمراضهم .
ولا غرابةَ في ذلك !
حيث المُتعلّم أقلّ إحتياجاً للطبيب بما توّفر لديه من أفكارٍ وقراءات و تجارب علمية حياتية !
الفرقُ بين المُتعلّم والجاهل لا يكمُن فقط في كمية المعلومات التي تنفع في تسيير تفاصيل الحياة .إنّما (وهذا هو الأهّم) في التفكير بطريقة علميّة ,التي سأشرحها لكم في خلاصة هذا المقال !
***
جائزة نوبل هي الجائزة العلمية السنوية الأرقى على هذا الكوكب الأزرق
هذه جائزة تُمثّل أمجاد العِلم والعقل البشري على حدٍّ سواء !
بدأت أوّل مرّة عام 1901 , وتُمنَح للعلماء والباحثين في ثلاثة حقول علميّة هي .. الطب ,الفيزياء ,الكيمياء .
إضافةً الى ثلاثة حقول إنسانية هي .. الإقتصاد ,الأدب ,السلام !
في الواقع أنا من الداعين لإضافة فروع مستقلة مستقبلاً لهذه الجائزة الرفيعة ,كالفلسفة وعلم النفس والإجتماع والآثار وعلوم الكومبيوتر وما شابه ,وهي مُدمجة حالياً ضمن الفروع السابقة !
***
الفريد نوبل صاحب الجائزة (توفي عام 1896 عن 63 عام) هو عالم سويدي وعالمي قلّ مثيله .ومن عائلة علماء مخلصة لطريق العِلم !
كتبتُ عنهُ كثيراً في الأعوام الماضية ,إنّما يكفي اليوم التذكير بأنّهُ حائز على 355 براءة إختراع ,ليست جميعها من بلده السويد ,إنّما بعضها من أمريكا وإنكلترا وفرنسا وروسيا .
أهّم إختراعاته التي قضى فيه جُلّ عمرهِ (وأتمنى إدراك ذلك جيّداً) تتركز حول تطوير إستخدام النتروغليسرين (وهو غير آمن) ,الى الديناميت عام 1867 وهو أكثر أمناً من سابقه .
ثم إخترعَ عام 1875 الجلجلنيت ,وهذه مادة أكثر إستقراراً وقوّة من الديناميت .
ثم إستمرَ في هذا المجال ,حيث في عام 1887 إخترع نوبل البالستايت وهي مادة رائدة من الكوردايت !
وهكذا نرى أنّ همّهُ الأوّل كان السيطرة على المادة المتفجرة المطلوب إستخدامها في حفر الأنفاق والترع وشقّ الطرق خلال الجبال وما شابه ,كي لا تنفلت تلك المتفجرات من عقالها كما في السابق .
(وهو الذي خسرَ أخاه الأصغر في إنفجار مماثل) !
وضمّت وصيتهِ توصية بالجزء الأكبر من أمواله( 30 مليون كرونة في ذلك الوقت) لإنشاء هذه الجائزة العلمية الإنسانية الرفيعة !
السويديّون يقول عن ألفرد نوبل ما يلي :
Alfred Nobel är en av de mest berömda svenskarna genom tiderna.
Han uppfann dynamiten och tog patent på 355 uppfinningar under sin livstid .
Alfred Nobels testamente gav Sverige Nobelpriset.
Idag är det världens mest kända pris.
(ألفرد نوبل هو أحد أشهر السويديين على مرّ العصور !
إخترع الديناميت ,طوّر السيطرة عليه ,ونالَ 355 براءة إختراع خلال حياته .وَصيّته جعلت السويد صاحبة جوائز نوبل ,تلك الأشهر عالمياً) !
***
جوائز عام 2014
(قيمة الجائزة في كلّ فرع 8 مليون كرونة سويدية ,ما يُعادل 1,1 مليون دولار ,تُمنح لفائز موجود على قيد الحياة)
ستجدون الروابط ذات الصلة في نهاية المقال !
أولاً / الطب :
مُنِحت جائزة نوبل للطب ,لثلاثة علماء توّصلوا إلى إكتشاف نظام يُدعى ((نظام تحديد المواقع)) في الدماغ البشري .
وهو أقرب ما يكون إلى نظام تحديد المواقع العالمي ال
GPS أوGlobal Positioning System .
ومُنحت الجائزة للعالم الأمريكي المُقيم في بريطانيا (جون أوكيف) مناصفة مع العالمين النرويجيين إدفارد موزر وزوجته ماي- بريت موزر.
توّصل العلماء الثلاثة إلى إكتشاف الطريقة التي تُمّكن الدماغ البشري من معرفة المكان الذي يتواجد فيه الإنسان .كما يمكن لها التجول من مكان إلى آخر .
ومن شأن تلك النتائج أن تساعد على تحديد السبب وراء عدم مقدرة المصابين بمرض الزهايمر على التعرف على الأماكن المحيطة بهم .
وأشادت الجهة المانحة للجائزة بهذه الاكتشافات الجديدة مؤكدة على أنّها “تمكنت من حل مشكلة كانت تشغل لقرون عقول الفلاسفة والعلماء.”
***
“جي بي إس” داخلي !
كان البروفيسور أوكيف (الأستاذ بكلية لندن الجامعية) قد إكتشفَ الجزء الأول من نظام التموضع الداخلي في الدماغ عام 1971.
وأظهرت نتائج إكتشافه التي أجريت على أحد فئران التجارب في ذلك الحين ,أنّ مجموعة من الخلايا العصبية تنشط في الوقت الذي يكون فيه الفأر في موقع معين داخل الغرفة .ثمّ ينتقل النشاط إلى مجموعة أخرى من الخلايا العصبية بإنتقال الفأر إلى موقع آخر .
ورأى أوكيف أن “خلايا المكان” تلك تعمل على رسم خريطة داخل الدماغ !
في عام 2005 توّصل فريق الباحثين المكون من الزوجين (ماي- بريت وإدفارد مويزر) من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا في تروندهايم
(فوزهم يذكرنا بعمل الزوجين العالمَين بيار كوري وزوجته ماري أو مدام كوري وإقتسامهم جائزة نوبل للفيزياء عام 1903 , ثمّ عادت مدام كوري بعد وفاة زوجها لتفوز عام 1911 بنوبل للكيمياء عن عملها في العناصر المُشعة .ولتصبح أوّل سيّدة تحصد جائزتين وفي فرعين مختلفين .توفيت عام 1934 لإصابتها بفقر الدم الناتج عن تعرضها للإشعاع لأعوام طويلة) !
الزوجان النرويجيان توّصلوا إلى إكتشاف جزء آخر في الدماغ (يحوي خلايا شبكيّة) أشبه ما يكون في عمله بنظام تخطيط ملاحي !
وتشبه تلك “الخلايا الشبكية” في شكلها خطوط الطول ودوائر العرض حيث تساعد الدماغ في تحديد المسافة والموقع الملاحي .
وقالت اللجنة التابعة لمؤسسة نوبل المانحة للجائزة إنّ الجَمع بين الخلايا الشبكية وخلايا المكان من شأنه أن يُنشئ نظام تموضع شامل أشبه ما يكون بنظام جي بي إس داخلي في الدماغ البشرية !
***
ثانياً / الفيزياء
جائزة نوبل في الفيزياء هي ثاني جوائز نوبل التي يتم منحها كلّ عام .
مُنحت الجائزة إلى اليابانيين إيسامو أكاساكي وهيروشي أمانو والأميركي من أصل ياباني شوجي ناكامورا .
وهم مخترعوا الصمام الثنائي الباعث للضوء أو ما يعرف بتقنية “ليد
LED”.
وكوفئ الباحثون الثلاثة على هذا الإختراع الذي يسمح بإقتصادٍ كبير جداً في إستهلاك الطاقة .
وقالت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في بيانها بشأن ذلك :
مع ظهور مصابيح
LED
أصبح لدينا الآن بدائل أطول عُمراً وأكثر كفاءة من مصادر الإضاءة القديمة !
***
ثالثاً / الكيمياء
مُنحت الجائزة لثلاثة باحثين لعملهم في تطوير دقة الميكروسكوب .
حيث إستخدم إريك بيتزيغ وويليام مورنر (أمريكيان) ,وسيتيفن هيل( ألماني) جزيئات متوهجة لزيادة مقدرة الميكروسكوب الضوئي .
اُعلنت أسماء الفائزين في مؤتمر صحفي في السويد .
وبذلك إنضموا لقائمة مرموقة تضم 105 كيميائيا حصلوا على الجائزة منذ عام 1901.
وقالت اللجنة المانحة لنوبل إن الباحثين فازوا بالجائزة لعملهم على
(( تطوير رؤية ميكروسكوبية ذات دقة فائقة)) !
وقال رئيس اللجنة المانحة البروفيسور سفين ليدين ,اُستاذ كيمياء المواد في جامعة لوند :
إنّ عملَ الفائزين جعل بالإمكان دراسة العمليات الجُزيئية أثناء حدوثها !
ويَجدرُ بالذكر أنّ تطوير الميكروسكوبات الضوئية كان قد توّقف بسبب ما قيلَ عن قصوره .حيث كان يُعتقد أنّ دقتها لن تزيد عن نصف طول موجة ضوئية .
لكن العلماء إستخدموا جزيئات متوّهجة للتغلب على هذا القصور .
ممّا سمحَ لهم برؤية الأشياء بدقة ووضوح أكبر بكثير ,ومكّنهم من رؤية نشاط الجزيئات داخل الخلية الحيّة !
وقال البروفيسور هيل (من معهد ماكس بلانك) للكيمياء البايوفيزيائية في ألمانيا :
[لقد شعرتُ بالملل من الموضوع وفكرتُ أنّها فيزياء القرن التاسع عشر . كنت أتساءل عمّا إذا كان يمكن عمل شيء ذي مغزى للميكروسكوب الضوئي .ورأيتُ أنّ حاجز إنكسار الضوء هو المشكلة الهامة الوحيدة التي لم تُبحث .في النهاية أدركتُ أنّه بالتأكيد توجد وسيلة للّعب بالجزيئات ومحاولة تشغيلها وإطفائها ,للسماحِ برؤية الأشياء المُجاورة التي لم يكن بالإمكان رؤيتها في السابق] !
***
رابعاً / الأدب
تقريباً هي الجائزة الوحيدة التي لا يتشارك فيها إثنان ,وتحظى غالباً بأكبر إهتمام شعبي ومعها جائزة السلام !
فاز بها هذا العام الروائي الفرنسي باتريك موديانو (69 عام) !
قالت لجنة نوبل الأكاديمية : إنّ الروائي الفرنسي إستحق الجائزة لتمكنّه من فنّ الذاكرة الذي أنتج أعمالاً تعالج المصائر البشرية العصيّة على الفهم ,وكشفَ العوالم الخفية للاحتلال !
وقال سكرتير اللجنة (بيتر إنغلوند) :
إنّ موديانو كتبَ روايات تُعتبر أصداءاً لبعضها ,تتكرّر فيها مواضيعَ الهويةِ والفقدانِ والأملْ .
وأضاف :
لا في أوساط القراء الناطقين بالإنجليزية تتركز شهرة موديانو ,
إنّما في فرنسا بسبب قلّة كتبهِ المترجمة الى الإنكليزية !
وكانت معظم أعمال موديانو قد تركزت على حقبة الحرب العالمية الثانية وأربعينيات القرن الماضي .
لقد نشر موديانو (بعمر ال 23 ) روايته الأولى
“La Place de l’etoile”
أو (ميدانُ النجمة) عام 1968
وحازَ عنها جائزتي (روجيه نيميه و فينون).
ثمّ جاءت روايته (بولار دي سنتور) وحازَ عنها جائزة الأكاديمية الفرنسية للرواية عام 1972 .
وحازت روايته (شخص مفقود)على جائزة غونكور الفرنسية عام 1978
كما فاز بجائزة الدولة النمساوية للأدب الأجنبي عام 2012 .
يعيش (موديانو) في باريس في شبه عزلة عن الوسط الأدبي وحفلاته ومناسباته الاجتماعية والمهنية الكثيرة ,ومُبتعداً عن المقابلات الصحفية !
ومن المشاهير الذين حصلوا على جائزة نوبل للأدب في السابق
(عددهم وصل لحّد اليوم 111 كاتب وشاعر وأديب وفيلسوف)
الشاعر الهندي طاغور 1913
الأديب والناقد الإيرلندي الساخر برنارد شو 1925
الفيلسوف الإنكليزي برتراند رسل 1950
الأمريكي آرنست همنغواي 1954
الروسي بوريس باسترناك 1958 صاحب رواية دكتور جيفاغو .
لكنّهُ رفض الجائزة (ربّما بضغط من النظام آنذاك) .
ومثله فعل الفرنسي جان بول سارتر عام 1964
الشاعر التشيلي بابلو نيرودا 1971
الكولومبي الأشهر غابريل غارسيا ماركيز 1982
الروائي المصري نجيب محفوظ 1988
الروائي التركي أورهان باموك 2006
بينما حصلت عليها الكاتبة الكندية (أليس مونرو) في العام الماضي .
ولابُدّ لاحظتم أنّه منذ حصول نجيب محفوظ على هذه الجائزة الرفيعة
فإنّ إقتراب موعدها السنوي كان يجلب معهُ ,الإثارة للمثقفين وعشاق الأدب في العالم العربي ,الذين رشحوا لهذا العام الشاعر السوري أدونيس والكاتبة الجزائرية آسيا جبار وبالطبع الأديب المصري د.علاءالأسواني !
***
خامساً / الإقتصاد
نالها هذا العام الاقتصادي الفرنسي ((جان تيرول)) عن تحليله لـ
“قوة أسواق المال وسبل تنظيمها”.
تيرول هو ثاني فرنسي يحصل على نوبل لهذا العام بعد فوز الروائي الفرنسي ((باتريك موديانو)) أيضا بجائزة نوبل للأدب.
وفي بيانها قالت الأكاديمية الملكية السويدية :
[جان تيرول هو أحد أكثر الاقتصاديين تأثيراً في عصرنا ,وأهّم ما قدم هو إيضاح كيفية فهم وتنظيم الصناعات التي تضم عدداً من الشركات القوية]
جدير بالذكر أنّ جائزة نوبل في الاقتصاد بدأ منحها للفائزين عام 1968 وكانت تعرف رسميا بإسم جائزة (البنك المركزي السويدي) في العلوم الاقتصادية .
***
سادساً / السلام :
هذه الوحيدة من بين الجوائز الست التي تعتبر جائزة (سياسيّة) بإمتياز ,وتُمنح في أوسلو عاصمة النرويج !
فاز بها هذا العام (مناصفةً) كلاً من الفتاة الباكستانية (ملالا يوسف زاي)
والناشط في حقوق الأطفال الهندي (كايلاش ساتيارثي) .
أشادت لجنة جائزة نوبل بنضال الفائزين (من أجل حقوق الأطفال) !
تبلغ ملالا من العمر 17 عاما ,وهي بذلك أصغر من حاز على جائزة نوبل سنّاً في التأريخ !
تعرّضت (ملالا) إلى إطلاقِ نار من تنظيم طالبان في أكتوبر 2012
كونها دافعت عن تعليم البنات في بلادها .وهي تعيش الآن في برمنغهام في بريطانيا.
وعنها قال رئيس لجنة نوبل (ثوربجورن جاغلاند), مايلي :
[رغم حداثة سنّها فقد ناضلت ملالا سنوات عدّة من أجل حقوق الأطفال في التعليم وكانت قدوة لهم وللشباب ليحسنّوا أوضاعهم] !
أما ساتيارثي (60 عام) فقد إقتدى بالمهاتما غاندي ,قاد إحتجاجات سلمية ضد إستغلال الأطفال ,تبعهُ الكثير ,وطالبوا بسنّ القوانين اللازمة .
وعندما سمعَ بخبرِ فوزهِ قال إنّه يهدي الجائزة لجميع أطفال العالم .
كان من بين المرشحين لهذه الجائزة للعام الحالي :
[ البابا فرنسيس بابا الفاتيكان ,بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ,إدوارد سنودن موظف المخابرات الأمريكية السابق الذي سرّبَ تفاصيل برنامج بريسم التجسسي الى الصحافة .. وآخرون ] !
***
لقطات من حفل توزيع جوائز نوبل 2014
الساعة الآن الرابعة مساءً ,وحشدٌ من المدعووين (ضيوف الملك ولجنة نوبل) مازالوا يفدون الى قاعة الحفلات الموسيقيّة Konserthuset
التي شُيّدت عام 1926 في وسط ستوكهولم ,ويتم فيها توزيع جوائز نوبل على الفائزين (ماعدا جائزة السلام حيث يُحتفل بها في أوسلو عاصمة النرويج ,الساعة الواحدة بعد الظهر) .
هنا تُلقى كلمات الترحيب (من لجنة نوبل) بالفائزين مع شرح وجيز لإنجازهم الذي نالوا بسببه الجائزة ,وتأثيره على مستقبل البشرية .
ثمّ يُسلّم الملك غوستاف السادس عشر الجائزة لكلّ فائز منهم .
غناء أوبرالي وعزف الفرقة السمفونيّة الملكيّة السويدية يتخلّل الأحداث .
وقد أبدعت اليوم أوبراليّة سويدية فائقة القدرة والجمال !
فساتين الملكة سليفيا وبناتها الأميرات فيكتوريا (وليّة العهد) ,والجميلة مادلينا ,خاصة لهذا اليوم بالذات ومتميّزة كالعادة .
إنّما أحدى المصوّرات لاحظت أنّ حليّة الأميرة فيكتوريا هي ذاتها حليّة والدتها التي إستعملتها عام 1976 في أوّل حفل نوبل تحضره ,ووضعت صورة للمقارنة !
بعد حوالي ساعة سينتقل جميع المشاركين في الحفل الى مبنى إدارة بلدية ستوكهولم
Stadhuset
هناك يُقام حفل عشاء نوبل الشهير الذي لا يُعلن عادةً عن محتويات الوجبة حتى لحظتها !
كلّ فائز يرافقهُ (كالعادة) أمير أو أميرة من العائلة المالكة !
أشدّ مايجلب نظر المرء جمال هؤلاء الندلاء السويديين من كلا الجنسين .
وشدّة أناقة الحضور والقاعة وكلّ شيء !
***
الخلاصة :
بماذا ينفعنا الحديث عن جائزة نوبل الرفيعة وحفلها المَهيب ؟
عندي أنّ الكتابة عنها ليس فقط غذاء للروح ومَبعث للأمل .
إذ من المعلوم أنّ الجوائز عموماً مع الشهرة والإحترام العالمي للمُبدع ,
تقع في قمّة (هرم ماسلو) للحاجات البشرية ,المكوّن من خمس طبقات , ضمن حاجات تحقيق الذات !
وبالطبع لا جائزة في هذا العالم تُضاهي جائزة نوبل بشهرتها وأهميّتها .
ورغم قيمتها المادية الجيّدة ,فإنّها لا تُقارن بقيمتها المعنوية ,التي تتفاقم سنويّاً من خلال العلماء وإختراعاتهم ,الاُدباء وروائعهم ,وثقة عموم الناس بتلك الجائزة الرفيعة !
وبالمناسبة فقد بيعت إحدى ميداليات نوبل مؤخراً في دار مزادات كريستي فبلغ ثمنها مايقرب خمسة ملايين دولار .
وتلك الميدالية تعود للعالم الأمريكي في الطب (جيمس واتسون 86 عام) الذي حصل عليها عام 1962 لإكتشافه تركيب الحمض النووي .
وقد باعها (وهذه أوّل مرة تحصل أن يبيع أحد العلماء وهو على قيد الحياة ميداليته) ,كونه تعرّض لظلم تأريخي بطرده من الجمعية العلمية عام 2007 بسبب تصريحاته التي وُصِفَت حينها أنّها (عنصريّة) !
عندما أشار الى أنّ أحد أسباب الفوارق في الذكاء البشري هو العِرق .
وأنّ من حقّ المرأة أن تُجهِض نفسها في حالة علمت أنّ جنينها سيكون مثليّ الجنس .
وقال واتسون أنّهُ سيتبرّع بجزء مهم من مبلغ الميدالية لجمعيات خيرية وللبحث العلمي !
***
مقالي السنوي الأهمّ هو هذا الذي يخّص جائزة نوبل !
لأنّهُ في محاولة (وإنْ خجولة) ,للمساهمة في نهضة شعوبنا البائسة ,
فقد أخذتُ على عاتقي تشجيع القراءة العلميّة ,مقابل القراءة الصفراء لكتب التراث المُزوّر في أحسن الأوصاف !
والحديث عن جوائز نوبل يدخل ضمن هذا الطريق العلمي الذي نبتغيه !
لأنّهُ بماذا إنتفعنا من كتب الدين والشريعة والتفسير والأصول والشروح والبطولات والإنتصارات الدونكيشوتيّة ؟
الترمذي النسائي القرطبي البغوي إبن كثير سنن أبي داود وموطأ مالك ؟
هذه مُؤلفات تقودنا لطريق واحد لاغير ,هو طريق الغيبيات والحقائق المُطلقة .إنّه طريق مُظلم كئيب شديد الضيق والسواد !
ولايجد تُجّار الدين من دفاعٍ واضح عن طريقهم هذا ,سوى الحديث عن العدالة والأخلاق والروح في أفضل الأحوال .
فأيُّ (عدالةٍ) تلك التي قادتنا الى مصيرنا الأسود مع دواعش اليوم ؟
ويا للعجب ! لماذا يتخيّلون أنّ (الأخلاق) لا تُكتسب ولا تَصلُح إلاّ من خلال الكتب الدينية ؟ بينما اُستغلت المعابد منذُ الأزل لأنواع السلوك الجنسي الشاذ ,والقصص في هذا المجال تملأ الفضاء !
حتى (الروح) التي يقولون أنّها همّهم الأوّل ,لم يَقُم عليها دليل علمي واحد الى يومنا !
بينما على العكس من هذا ,هناك طريقاً آخر .
إنظروا إليه واضح المعالم مُشرق الأنوار واسع الاُفق ,إنّهُ طريق العِلم والعقل والمنطق !
لا يقين دائم ,لا حقائق مطلقة (إنّما نسبيّة) ,لا لحظة فاصلة تُغيّر مسار الكون كقيام الساعة ,(ربّما ماعدا لحظة الإنفجار العظيم Big Bang
التي لم يكشف العِلم سرّها الى اليوم) .
الطريقة العلمية (التي وعدتكم بشرحها) تجري كالتالي :
ملاحظة ومراقبة وتجربة وقياس وتسجيل للوقائع والأحداث على الأرض بتفاصيلها المُمّلة ,خطوةٌ بعد اُخرى !
بحيث (العالِم) يُقيم وزناً لكل صغيرة وكبيرة ولكل شاردة و واردة .
حتى يصل العلماء الى كتابة ثمّةَ فرضيات .
وهذهِ تتحوّل عندما تثبت صحّتها بالتجربة والبرهان الى نظريات .
ثمّ تغدو تدريجياً مع الزمن ,مباديء مقبولة للغالبية .
وأخيراً بعد كلّ هذا الطريق الطويل تصبح حقيقة علمية .
مع ذلك تبقى (حقيقة) قابلة للدحض والنقض ,لو إستجّد ما يستدعي ذلك !
وفي هذا المجال يقول الكاتب المتخصص في أفلام الخيال العلمي (ريتشارد هولنغام) ما يلي :
[ الفشل ليس خياراً,عبارة أصبحت بالتأكيد تمثّل الفلسفة الأساسيّة لمهمة أبوللو 13 ومحاولتها الناجحة في نهاية المطاف لإعادة الطاقم إلى الأرض بسلام .مع ذلك كانت العبارة الأكثر نفعاً في تطوير رحلات الفضاء البشرية هي العكس: الفشل خيار !]
معناها العِلم والعلماء لايخشون الفشل .
بينما الأديان ورجالها ,لايقبلون أدنى نقاش وجدل !
***
الفارق المهم الذي يجعل أغلب العامة تستوحش طريق العِلم وتميلُ الى طريق التديّن ,يتلّخص أولاً في سهولته من ناحية القراءة والتعلّم والتثّقف (ويا لتُعس هذا التثقف !)
والثقة المُطلقة في حديث رجال الدين (مقابل الشكّ الذي يُخامر العلماء) .
كذلك شدّة العذاب والتخويف والتهديد والوعيد الذي يشهره رجال الدين في وجوه الناس ,مستعينين غالباً بسلطة الحُكام المستبدين .
لكن متى سمعتم عالِماً حقيقيّاً يُهدّد إنساناً ,إن لم يؤمن بمبدأ التطوّر والإنتقاء الطبيعي لداروين ,أو قوانين الحركة لنيوتن ,أوالنظرية النسبية لآينشتاين ,فسوف يُجلد ويُعذّب أو يُنفى من الأرض ؟
عموماً فإنّ النفوس الكبيرة /
Great Spirits
,تنتج عن سعة الإطلاع والقراءة العلمية وتقبّل الآخر ,وهذه هي ثقافة العمل والعلم !
بينما العقول المُنحطّة
/Mediocre Minds
,تنتج عن أصحاب الحقيقة المطلقة ,النقل من دون العقل ,رفض الآخر وتكفيره ,وهذه هي ثقافة الكسل والنوم في العسل !
فأيّ الطُرق أوثق ,أصلح ,أسلم لكم ولمستقبل أجيالكم ؟
عندي ..هنا يكمن إختيارنا الأهمّ في هذهِ الحياة !
***
الروابط :
أولاً / الطب
http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/2014/10/14
ثانياً / الفيزياء
http://www.alarabiya.net/ar/last-page
ثالثاً / الكيمياء
http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/2014/10/14
رابعاً / الأدب
http://www.bbc.co.uk/arabic/artandculture/2014
خامساً / الإقتصاد
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2014/10/141013_nobel_economy_2014
سادساً / السلام
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2014/10/141010_nobel_peace_prize_malala
سابعاً / رابط بيع ميدالية نوبل مؤخراً
http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/2014/12/141205_dna_nobel_prize
***
تحياتي لكم
رعد الحافظ
10 ديسمبر 2014
جائزة نوبل هي الجائزة العلمية السنوية الأرقى على هذا الكوكب الأزرق
هذه جائزة تُمثّل أمجاد العِلم والعقل البشري على حدٍّ سواء ! ؟؟؟
ليس الى هذا الحد يا أستاذ رعد
جائزة نوبل جائزه أمريكيه مسيسه تمنحها السويد منذ أصبحت مستعمره أمريكيه
الإستعمار الثقافي أخطر انواع الإستعمار .. أرجو أن لا ينجر إليه مثقفينا
من يدري فهي مصيبة .. ومن لا يدري فالمصيبة أعظم
مرحباً بالدكتورة ميسون البيّاتي وشكراً لمرورك الكريم
للأسف فإنّ مقالي السنوي أعلاه فشلَ فشلاً ذريعاً في تحريك المياه الراكدة في العقول المؤدلجة
أنتِ على حقّ في كلّ مفاهيمكِ من الإستعمار الثقافي الى المستعمرة الأمريكية الى المؤامرة الكونية على العرب والمسلمين
ولا أدري لماذا إستثنيتِ الشيوعيين من تلك المؤامرة الأمميّة !
لا أقول سوى المفردة المصرية الجميلة
أحيييييييييييييييييييييييه !!!