جـمـيـل صـدقي الـزّهـاوي (1863 ـ 1936) وحـقـوق الـمـرأة
الـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصري
درس الـزّهـاوي عـلى يـدي أبـيـه وعـلى عـلـمـاء بـغـداد. و بـدأ الـتّـدريـس في 1885 ، وكـان في الـثّـانـيـة والـعـشـريـن مـن عـمـره ، ودخـل في مـجـلـس الـمـعـارف في 1887، ثـمّ صارمـديـراً لـمـطـبـعـة الـولايـة ومـحـرراً في جـريـدة الـزّوراء في 1890 ، وفي 1892 عـيّـن في مـحـكمة الإسـتـئـنـاف.
سـافـر إلى الآسـتـانـة (إسـطـنـبـول ) في 1896 وتـعـرّف عـلى الأفـكـار الـحـديـثـة ، وصارأســتـاذاً لـلـفـلـسـفـة الإســلامـيـة فـيـهـا بـعـد صـدور دســتـور 1908. وبـعـد أن عـاد إلى بـغـداد عـيّـن أســتـاذاً في مـدرسـة الـحـقـوق .
وفي آب 1910 نـشـر مـقـال ” الـمـرأة والـدّفـاع عـنـهـا ” (1) في جـريـدة ” الـمـؤيـد” الـقـاهـريـة ، والّـذي يـؤكّـد فـيـه عـلى ضـرورة تـحـريـر الـمـرأة ويـديـن مـعـامـلـة الـرّجـل الـقـاسـيـة لـهـا وتـعـدد الـزّوجـات ، كـمـا يـسـتـنـكـر حـرمـان الـمـرأة مـن حـقـوقـهـا الـمـدنـيـة ، ويـدعـو الـمـحـاكـم الـشّـرعـيـة إلى إعـطـائـهـا نـفـس حـقـوق الـرّجـل.
وعـنـدمـا وصـلـت الـجـريـدة وفـيـهـا الـمـقـال إلى بـغـداد هـاج الـنّـاس ومـاجـوا واتـهـمـوا الـزّهـاوي بـالـمـروق عـلى الـديّـن والـزّنـدقـة والـكـفـر والإلـحـاد وإفـسـاد قـرائـه ، ويـقـال إنّـهـم هـددوه بـالـقـتـل إن لـم يـغـيـر مـوقـفـه ويـعـتـرف بـذنـبـه ويـعـدهـم بـأن لا يـعـود إلـيـهـا مـرّة ثـانـيـة. وأمـام الـحـمـلـة الـعـنـيـفـة الّـتي شـنـت ضّـده ، فـضّـل والي بـغـداد نـاظـم بـاشـا تـحـاشي الإضـطـرابـات وأمـر بـطـرد الـزّهـاوي مـن وظـيـفـتـه في مـدرسـة الـحـقـوق .
وخـاف الـزّهـاوي مـن عـواقـب الأمـور وفـضّـل الـسّـلامـة فـبـقي في داره يـنـتـظـر أن تـهـدأ الـعـاصـفـة . ولـم يـمـض عـام حـتّى نـسـي الـنّـاس أمـر الـمـقـال .
وفي 1912 ، تـقـدّم الـزّهـاوي لانـتـخـابـات “مـجـلـس الـمـبـعـوثـان” وحـصـل عـلى مـقـعـد في الـمـجـلـس، ثـمّ انـتـخـب مـرّة ثـانـيـة في 1917.
وبـعـد تـأسـيـس الـمـمـلـكـة الـعـراقـيـة ، دخـل في مـجـلـس الأعـيـان ( 1925 ــ 1929).
وقـد صـدر ديـوان الـزّهـاوي في 1924 في الـقـاهـرة ( الـمـطـبـعـة الـعـربـيـة ) (2) ، ونـجـد فـيـه كـثـيـراً مـن الـقـصـائـد في الـدّفـاع عـن حـقـوق الـمـرأة وحـثّـهـا عـلى الـسـفـور ، مـثـل أبـيـاتـه الـشّـهـيـرة :
أسـفـري فـالـحـجـاب يـا ابـنـة فـهـرٍ هـو داءٌ في الإجـتـمـاع وخـيـم
كـلّ شـئ إلى الـتّـجـدد مـاضٍ فـلـمـاذا يـقـرّ هـذا الـقـديـم
أسـفـري فـالـسّـفـورلـلـنّـاس صـبـح زاهـر و الـحـجـاب لـيـل بـهـيـم
لا يـقي عـفّـة الـفـتـاةِ حـجـابٌ بـل يـقـيـهـا تـثـقـيـفـهـا والـعـلـوم
و :
مـزّقي يـا ابـنـة الـعـراق الـحـجـابـا أسـفري فـالـحـيـاة تـبـغي انـقـلابـا
مـزّقـيـه واحـرقـيـة بـلا ريـث فـقـد كـان حـارسـاً كـذّابـا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ” الـمـرأة والـدّفـاع عـنـهـا ، صـوت إصـلاحي مـن الـعـراق ” ، جـريـدة الـمـؤيـد ، 7 أغـسـطـس 1910.
(2) صدر الـكـلـم الـمـنـظـوم في بـيـروت ، الـمـطـبـعـة الأهـلـيـة 1909 ( 190 صـفـحـة) ، و ديـوان الـزّهـاوي في الـقـاهـرة ،الـمـطـبـعـة الـعـربـيـة 1924 (412 ص.)، كـمـا صدرت ربـاعـيـات الـزّهـاوي ج.3، بـيـروت د.ن. 1924 (202 ص.) في نـفس الـعـام ، الـمـجـمـل مـمـا أرى ، مـصر، الـمـطـبـعـة الـعـربـيـة 1924 (78 ص.)، الـثّـمـالـة ، بـغـداد مـطـبـعـة الـتّـفـيـض 1939 ( 71 ص.) و نـشــر مـلـفـات عـلـمـيـة و أدبـيـة : الـجـاذبـيـة وتـعـلـيـلـهـا ، بـغـداد ، مـطـبـعـة الآداب 1910 ” الـظّـواهـرالـطّبـيـعـيـة والـفـلـكـيـة ” “الـخـيـل وســبـاتـهـا “
” الـدّفـع الـعـام ” ، ” الـفـجـر الـصّـادق ” ،” اني ” ، أبـطـال الـلانـهـايـة ، بـغـداد ، مكـتـبـة الـمـثـنى 1947 ( 47 ص.)
© حـقـوق الـنّـشـر مـحـفـوظـة لـلـدّكـتـور صـبـاح الـنّـاصري.